بناء المجتمع في دولة اميرالمؤمنين عليه السلام –
الحلقة الثامنة
السيد عبد الستار الجابري
عوامل نجاح الاطروحة المبنى والاشراف والتطبيق
كل اطروحة اذا اريد لها النجاح لابد من توافر عناصر ثلاث، الاطروحة الموضوعية التي تتلائم مع طبيعة الموضوع الذي يراد في مورده، الاشراف من قبل اشخاص لديهم احاطة حقيقة تامة بكل تفاصيل الاطروحة على تطبيق تلك الاطروحة وبيانها، تطبيق تلك المباني من قبل الجهة المخاطبة بتلك الاطروحة.
وفي موردنا الاطروحة هي بناء الفرد والمجتمع من خلال العقيدة الحقة والتشريعات التي من شانها ان تنهض بالفرد وترتقي بالمجتمع والقيم الاخلاقية الحميدة التي توسع في دائرة التطبيق وتكون معززة للجانب التشريعي ومساهمة معه في تحقيق الغايات التي ترمي اليها الاطروحة.
والاطروحة الاسلامية تم بيانها في حياة النبي (صلى الله عليه واله) من خلال الايات الكريمة والنصوص الشريفة والسيرة المطهرة للنبي (صلى الله عليه واله)، وجهة الاشراف التي لها الاحاطة التامة بمباني الاطروحة الاسلامية متمثلة بالنبي (صلى الله عليه واله) والمخاطب هو المجتمع المسلم الذي يفترض فيه ان يقوم بتطبيق تلك المباني العظيمة تحت اشراف النبي (صلى الله عليه واله).
ولما كانت حياة الانسان محدودة والنبي (صلى الله عليه واله) ليس بدعا من بني الانسان، فلذا كان من الضروري ان تكون هناك جهة مشرفة تقوم بدور النبي (صلى الله عليه واله) بعد رحيله عن الدنيا وان تكون لها احاطة بالاطروحة الاسلامية في ابعادها العقائدية والتشريعية والاخلاقية بمستوى الاحاطة التي لرسول الله (صلى الله عليه واله) ليضمن بذلك استمرار المسيرة التكاملية للمسلمين افرادا ومجتمعا.
وحيث ان الاحاطة التامة بالمباني الاسلامية امر خفي اذ لا يسع اكتشاف من تحققت عنده هذه الحالة الكمالية بعد النبي (صلى الله عليه واله) فلذا كان من الضروري ان يبين النبي (صلى الله عليه واله) للامة الاسلامية من تحققت لديه الكمالات الروحية والاحاطة العلمية وبلغ من الكمال اقصى مراتبه ليكون هو الامين على الاشراف في تطبيق المباني الاسلامية الصحيحة، وتحديد ذلك الشخص او تلك المجموعة ليس امراً ترفياً ثانوياً بل هو امر في غاية الاهمية فالنبي (صلى الله عليه واله) بلغ الاطروحة الالهية واشرف على تطبيقها ولابد من ديمومة الاشراف لان الامة لم تصل الى مستوى النضج الكافي الذي يؤهلها للنهوض بمسؤولية تطبيق الاطروحة الالهية،
ولذا صدح القران الكريم في بعض اياته الشريفة في تحديد من له اهلية الاشراف على التبطيق فقال (انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) وقال عز اسمه (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) وانزل فيهم سورة الانسان وجعل الله تعالى اجر الرسالة مودتهم (قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى)، وصدح النبي (صلى الله عليه واله) في مواطن متعددة حتى تواترت عنه النصوص (اني مخلف فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) و(من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) وغير ذلك من النصوص الكثيرة التي تشير اشاره بينه انها في مقام تحديد الامناء على تطبيق الاطروحة الالهية بعد النبي (صلى الله عليه واله).