4-تضاد الثورة الإسلامية مع النظام السلطوي العالمي
1
يتضارب كيان المعنوية الإلهية المتمركز في إيران مع جميع ضروب الظلم والعدوان والفساد في العالم، لذلك ترى القوى العالمية مصممة على إلغاء هذا الكيان وإجتثاثه عملياً، وإن لم تستطع ذلك تعمد إلى تغيير محتواه.
2
يكمن خلافنا مع العالم أنّنا نريد شعباً يتمتع بالاستقلال الذاتي، لا أن يكون ذيلاً تابعاً للقوى المتجبرة في العالم المعاصر. إنَّ الأمر يشبه سلوك الشقاوات قديماً إذ لا يتحرك أحد في المنطقة إلاّ بإذنهم، وإذا قرّر الإنسان أن يتجنبهم فهم لا يتركونه إلاّ أن يدفع الإتاوة. إما إذا كان مع الإنسان شيئاً ذا قيمة فالويل له من هؤلاء فهُم لا يتركونه حتى يسلبوه ما عنده.
إنّ الوضع العالمي اليوم يشبه هذه الحالة، ولا يقتصر الأمر على الوضع الراهن، بل كان ذلك منذ انبثاق عصر الاستعمار.
الويل للبلد الذي يملك نفطاً.. يملك يورانيوم.. الويل للبلد الذي يملك معدناً مميزاً في الصناعة العالمية.. فمثل هذا البلد ينبغي أن يصير تحت هيمنة هؤلاء!
43-حديث قائد الثورة في لقائه مقاتلي شهداء السابع من تير وأهالي الأسرى والمفقودين والمعلولين. 6/4/1369.
والعلاقة لا تتحرك في إطار التعامل العادل، حتى نقول نحن بلد يملك النفط، وأنتم بحاجة إلى النفط؛ فتعالوا إذن وتعاملوا كمشتري يدفع الثمن إزاء البضاعة التي يحصل عليها.
لو كان الأمر كذلك لما كان هناك صراع، فجميع البلدان النفطية تفرح ببيع نفطها؛ هذا لو كانت المعادلة تتحرك في إطار البيع والشراء. ولكن المسألة تتحرك في أفق آخر، فالاستبداد العالمي المهيمن على أُمور العالم لا يرضى بذلك، وإنما يعد كل شيء ثمين تمتلكونه عائداً إليه؛ ينبغي أن يستفيد منه. لذلك تراه يسعى للنفوذ ولتوسيع تغلغله، ويُعدّ كل ما يحول دون تغلغل هذا النفوذ ويمنعه شيئاً. والإسلام يمنع ذلك ولا يرضى به. وهذا موقف الإسلام ليس اليوم، وإنما أدرك الاستعمار ذلك منذ اليوم الأول لمجيئه، وعرف أن الإسلام سدّ كبير يحول دون مآربه. لذلك تحامل عليه؛ بالعداوة الشديدة والبغضاء. هذه هي المسألة.
ولما كان هؤلاء الأعداء متقدمين على الصعيد العلمي والتكنولوجي، ويستفيدون من وسائل اتصال حديثة، لذلك ترى صوتهم رؤيتهم تملأ أركان الدنيا وتصل لجميع الآذان، أما الكلام الذي يتضاد ورؤيتهم فيتلاشى ويضيع هباءً في الهواء 44.
تعارض الجمهورية الإسلامية نظام الهيمنة الراهن في العالم، طبيعي نحن لا نعارض الترتيبات العرفية السائدة، فلكل ممارسة
44-حديث قائد الثورة في لقاء طياري-نهاجا-في قاعدة الشهيد بابايي الجوية في أصفان، 22/2/1369.
عرفها، ونحن نقبل الأعراف السائدة بين مختلف الشعوب. أما أن تكون الهيمنة في عالم السياسة، والحياة بيد عدد من البلدان الكبيرة والغنية بحيث تتلاعب بمصائر البلدان الأخرى، فهذا الذي نرفضه.
ونرفض أيضاً ما يراد من انحدار الثقافات المنحرفة الفاسدة التي تصدر من المجتمعات الأوروبية والأمريكية نحو المجتمعات الأخرى التي تحظى بثقافاتها الخاصة، بحيث ينبغي لما تراه أوروبا جيداً أن يكون جيداً بمعايير جميع الشعوب، ولو تعارض مع ثقافتها! كما نرفض الحالة التي تسعى أن تُعمّم المعيار الأوروبي بالاتجاه الآخر، إذ يكون كل ما تراه أوروبيا سيئاً ينبغي أن يكون شيئاً لدى بقية الشعوب ولو كان ذلك خلافاً لمعيار ثقافتها، كما هو حاصل الآن في العالم. هذا هو ما نرفضه.
إنَّ الثقافة المهيمنة بنظر الأوروبيين هي ثقافتهم وحسب، حيث ينبغي لهذه الثقافة أن تسود وأن يذعن لها الجميع. فكل ما يراه الأوروبيون حسناً ينبغي للبشرية أن تراه حسناً!
إننا واجهنا هذا “المنطق” ونواجهه.. والإسلام يواجه سلطة الهيمنة هذه في كل مكان يتواجد فيه، ولذلك يعارضون الإسلام.
تقضي الطبيعة السلطوية لنظام الاستكبار العالمي أن يواجَه أي شعب أو نظام لا يذعن لسلطته ولا يقدم له الإتاوة والرشوة. والقضية شبه سلوك اللصوص والشقاوات فإذا ما أعطيتهم الإتاوة والرشوة فتحوا لك الطريق، وإذا امتنعت ضايقوك.`
وبذلك يتضح أن عداء الاستكبار العالمي لنظامنا هو أمر حتمي لا مفر منه. لقد أعلنا ذلك مراراً وهذا جزء مما نعتقد به إنهم لن يتخلوا عن إدامة عنادهم وعدائهم حتى ييأسوا. فما دام هناك أمل، ولهم فينا مطمع، فهناك معارضة.
أمّا إذا يأسوا من ضرب النظام والإضرار به وأحسّوا أنَّ النظام يتسم بالثبات بحيث لا فائدة من عمل شيء، ويأسوا من الحصول على شيء من النظام، فعندئذٍ يرتفع الخطر أو يقل 45.
كانت إيران العزيزة وأرضها الواسعة المليئة بالخيرات، عرضة للقوى الظالمة المرتبطة بأمريكا والغرب قبل انتصار الثورة. فعلى مدى سنوات متمادية نهبوا الأموال.. ظلموا الشعب.. مزقوا نسيج العشائر.. خربوا المدن، وفعلوا كل ما يستطيعونه بالثروات الطبيعية لهذا البلد، الفرق بين عصر عائلة بهلوي أو عصور ملوك القاجار الملعونين. فتارة تسلط الروس على إيران.. وتارة الإنكليز.. وتارة الأمريكان، بحيث كان البلد مستباحاً للأجانب.
كانت الشركات الأجنبية تستأثر بأموال البلد وثرواته، ففي مرحلة برز دور الشركات الإنكليزية، وفي مرحلة أخرى جاء دور الشركات الأمريكية، وقبل ذلك كان دور الروس.. كانوا يستغلون البلد وينتهبون ثرواته كما يريدون.
أما عندما وصل الإسلام إلى الحكم فقد قطع نفوذ الأجانب وحال
45-حديث قائد الثورة في مراسم بيعة العاملين في وزارة الأمن. 30/3/1368.
دون المعتدين الناهبين… لا تستطيع القوى الأجنبية أن تستغل هذا الشعب وتنهب ثرواته.. لقد فقدت القوى السياسية الخارجية سلطتها في هذا البدل وأضحى مصير شعبه بيده يفعل ما يريد.
إن القرار اليوم بيد الشعب وممثلي الشعب؛ يعني مجلس الشورى الإسلامي، وهذه الحكومة الخدومة، ورئيس الجمهورية ذي المواصفات الاستثنائية وبقية المسؤولين.. هؤلاء هم الذين يقرّرون ما يريدون بمنتهى القوة، وهم الذين يعملون على رغم إرادة العدو. وهذا كله ببركة الإسلام. ففي كل مكان يدخل فيه الإسلام تُقطع أيادي الأعداء والمستغلين. ولهذا السبب يعادون الإسلام 46.
46-حديث قائد الثورة في تجمع أهالي جهار محال وبختايري في ملعب شهر كرد. 15/7/1371. 47