أوائل المقالات في المذاهب والمختارات / الصفحات: ٢٠١ – ٢٢٠
والمتكلمون بحثوا عنه لإبطال مذاهبهم ولما له من العلاقة بإثبات النفس وإثبات المعاد الجسماني وغيرهما، فذهب أكثرهم إلى أن الأجسام تنحل إلى أجزاء صغار لا يمكن أن تكون لها أجزاء أخر ولا يجوز على شئ منها الانقسام لا بالفعل ولا في التعقل، فالجسم عندهم مركب من أجزاء متناهية بالفعل لا تقبل القسمة بوجه لا قطعا لصغرها ولا كسرا لصلابتها ولا وهما لعجز الوهم عن تمييز طرف منها عن الآخر. ز.
القول ٨٢: إبراهيم بن سيار النظام – ٩٥ / ٦.
نسبوا إلى النظام القول بانقسام كل جزء إلى أجزاء بلا نهاية، وذكروا أنه ألف كتابا سماه (الجزء) وأقام فيه البراهين على إنكار الجزء الذي لا يتجزى. قال الأشعري في (مقالات الاسلاميين): إنه يقول أن لا جزء إلا وله جزء ولا بعض إلا وله بعض وأن الجزء جائز التجزئة أبدا ولا غاية له في باب التجزي. والمتعصبون للنظام من المعتزلة يصححون قوله بأنه إنما أحال جزء لا يقسمه الوهم، وأنه أراد أنه ليس جزء من الجواهر ويقسمه الوهم بنصفين.
القول ٨٣: أم بينها اختلاف – ٩٥ / ٧.
قال العلامة الحلي في (شرح الياقوت) هذه المسألة مما يتوقف عليها مسائل مهمة من المباحث الكلامية. انتهى.
وأكثر العقلاء من الحكماء والمعتزلة والأشعرية ذهبوا إلى تجانسها وأن الجسم هو الجوهر الفرد المتألف أو الجواهر المتألفة وأن التأليف من حيث هو تأليف عرض غير مختلف فالأجسام الحاصلة منها غير مختلفة.
وخالف في ذلك النظام أيضا وقال بتخالفها وإن طبيعة كل جسم بخلاف طبيعة الآخر وذلك بناء على ما نسب إليه من تركب الجسم من أعراض مختلفة، لكن النظام لا يجعل الأجزاء التي يتركب منها الجسم أعراضا بل يحسبها أجساما صغارا لطيفة، وقد ذهب إليه النجار وضرار بن عمرو أيضا، أو لأجل كونها مختلفة في الخواص، فلو كانت متماثلة كان كل منها قابلا لما يقبله الآخر، وقد رد عليه هذا القول سائر المتكلمين وقالوا بأن ذلك إنما يدل على اختلاف أنواعها لا على اختلاف مفهوم الجسم والخلاف إنما هو فيه. ز.
القول ٨٥: في حيز الجواهر والأكوان – ٩٦ / ٤.
الحيز هو المكان وهما مترادفان، وفرق بعضهم بأن الحيز هو ما أحاط بالجسم من أقطاره والمكان ما كان عليه اعتماده، ويشبه أن يكون النزاع لفظيا والمتحيز هو الموجود في الحيز. وهذا المعنى أعني اختصاص الجوهر بالحيز من الخواص اللازمة
القول ٨٦: وما يلزمها من الأعراض – ٩٦ / ٨.
ذهبت الأشاعرة إلى أن الجواهر المتحيزة لا تخلو عن شئ من الأعراض، وحكى أبو الحسن الآمدي عن بعض الدهرية أنهم قالوا: إن الجواهر كانت في الأزل خالية عن جميع أجناس الأعراض وإنما ثبت لها فيما لا يزال.
وأما المعتزلة فقد اختلفوا في ذلك، فذهب الصالحي إلى جواز خلوها عنها فيما لم يزل، وذهب البصريون إلى امتناع تعريها عن الألوان دون غيرها، وذهب البغداديون إلى امتناع تعريها عن الألوان. والإمام الرازي من الأشاعرة وافق المعتزلة في جواز ذلك.
وليس أبو هاشم منفردا بالقول بجواز خلو الأجسام من الطعوم والألوان والروائح كما يظهر من عبارته، بل قد ادعى اتفاق المعتزلة عليه وإن كان الخلاف موجودا بينهم كما أشرنا إليه. وكذلك هو مذهب صاحب (الياقوت) من النوبختيين والمحقق الطوسي في (التجريد) حيث قال بجواز خلوها عن الكيفيات المذوقة والمشمومة والمرئية. ز.
القول ٨٧: في بقاء الجواهر – ٩٦ / ١٤.
العلم ببقاء الجواهر وما يتألف منها من الأجسام يشهد به الضرورة ولا ينازع فيها إلا مكابر، ولكن اختلف النظار في البقاء هل هو معنى قائم بالباقي أم لا؟ فأثبته أبو القاسم البلخي المعروف بالكعبي وجماعة من الأشاعرة، ونفاه آخرون وقالوا إنه معنى اعتباري هو مقارنة الوجود بزمان بعد الزمان الأول.
وأما الفناء فأثبته أبو هاشم وأتباعه معنى أيضا ونفاه الباقون، والمثبتون جعلوه ضدا للجواهر مستدلين بأن الجواهر باقية لذاتها لا يصح عدمها بالذات،
القول ٨٧: ومن سلك سبيلهم في هذا المقام – ٩٧ / ٣.
بعد الاتفاق على صحة فناء العالم وقع الاختلاف في كيفية اعدامه، فالمحققون من المتكلمين ذهبوا إلى استناد ذلك إلى الفاعل المختار – جل شأنه – كما أن الايجاد مستند إليه وممن قال به الباقلاني في أحد قوليه.
وذهب جمع منهم إلى أن الإعدام يكون بانتفاء الشرائط المقتضية للبقاء وإن اختلفوا في ذلك الشرط، فالأشاعرة قالوا: الأعراض شرط في بقاء الجواهر فإذا لم يخلقها الله تعالى انعدمت، والباقلاني يقول في قوله الآخر: إن ذلك الأعراض هي الأكوان، والقائلون بهذا القول من المعتزلة قالوا: إن ذلك العرض هو البقاء، فبعضهم يثبته قائما لا في محل، وبعضهم كالبلخي يثبته قائما بالمحل وهو مختار المصنف أيضا.
وذهب أبو علي الجبائي وابنه إلى أن الإعدام يكون بأن يخلق الله عرضا هو الفناء إذا أوجده عدمت الجواهر، إلا أن أبا علي يرى أن بإزاء كل جوهر فناء خاصا، ويرى أبو هاشم أن فناء واحدا يكفي في انعدام الجواهر بأسرها.
والذي بلغني من قول النوبختيين في هذا الباب عبارة صاحب (الياقوت) حيث صرح بذلك وقال: ولا تنتفى (= الجواهر) إلا بضد. ز.
القول ٨٧: ويحدثها حالا فحالا – ٩٧ / ٤.
اشتهر نسبة هذا القول إلى النظام من أن الأجسام غير باقية آنا ما بل في تجدد مستمر ينعدم جزء ويوجد جزء آخر.
والمتأخرون من المعتزلة تاؤلوا قوله هذا وزعموا أنه كان يقول الأجسام لما كانت
القول ٨٨: هل تحتاج إلى مكان – ٩٧ / ٥.
الجوهر قد مر أنه لا يعقل إلا في حيز ومحاذاة، وسيأتي ذكر الاختلاف في ماهية المكان وحقيقته، فإن فسرناه بالبعد كما فسره به بعض الأوائل لا بد له من مكان، وإن فسرناه بالسطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي كما عليه بعض الحكماء، أو ما يعتمد عليه المتمكن ويثبت عليه على ما اختاره المتكلمون استغنى بعض الأجسام عنه لاستحالة التسلسل. وقول المصنف: (وعلى غنائها عن المكان كافة الموحدين) إشارة إلى هذا إذ هو ينافي القول بحدوث العالم، فإن المكان حينئذ يحتاج إلى مكان آخر ويلزم منه التسلسل المحال. ز.
القول ٨٩: في الأجسام – ٩٧ / ١٠.
ذهب المتكلمون إلى أن الجسم مؤلف من جواهر أفراد كل واحد منها ذو وضع لا يقبل القسمة لا فعلا ولا بالقوة، تتألف على نسبة ما بحيث يحصل له طول وعرض وعمق، ولهذا عرفوا الجسم بأنه الطويل العريض العميق.
واختلفوا في كمية الأجزاء التي تتألف منها الجسم، فقال أكثرهم إنه يحصل من ثمانية جواهر إذ من تألف الجوهرين يحصل الخط، ومن تألف الخطين يحصل السطح، ومن تألف السطحين يحصل الجسم كما فصله المصنف. وذهب بعضهم إلى أنه يتألف من ستة أجزاء وهو أبو الهذيل العلاف قال: إن الجسم يتألف من ثلاثة جواهر على مثله. والقائل بتأليفه من أربعة أجزاء هو الكعبي يقول: إنه يحصل من أجزاء ثلاثة كمثلث فوقها جزء رابع كهيئة المخروط. والقائل بكون الجسم هو المؤلف مطلقا وقد يكون ذلك من جزأين هو أبو الحسن الأشعري، واعترض عليه المصنف بأن التأليف عرض والعرض لا يبقى عنده زمانين مع أن الأجسام باقية موجودة أوقاتا كثيرة كما بينه في البحث السابق.
وللمعتزلة في التأليف وأحكامه بحث طويل مذكور في محله وممن وافقهم في بعض آرائهم شيخنا أبو جعفر الطوسي – قدس سره – ز.
القول ٩٠: في الأعراض – ٩٨ / ٤.
اصطلاحات الناس في معنى العرض مختلفة، فهو عند أهل اللغة عبارة عن كل أمر طارئ ويكون زواله عن قرب، وله عند أهل النظر من الحكماء والمتكلمين تعريفات مختلفة أطالوا القول فيها نقضا وإبراما ليس في التعرض لها كثير فائدة لوضوح المقصود من هذه اللفظة، والذي ذكره المصنف من أجود التعاريف له.
وأما مسألة جواز البقاء على الأعراض، فإن العرض على قسمين: منه قار وهو
القول ٩١: في قلب الأعراض وإعادتها. ٩٨ / ٨.
الذي يظهر لي أن مقصوده من هذا البحث هو انقلاب الأعراض وإعادتها بأن ينقلب العرض من صنف إلى صنف، كأن يصير السواد القائم بالجسم بياضا ثم يعود وينقلب سوادا، وذلك مبني على عدم بقاء العرض آنين كما هو مذهب كثير من المتكلمين.
وقد استدلوا عليه: بأن تشخص العرض الخاص كالسواد مثلا بمحله القائم به، فإن انقلب يصير هوية أخرى وشخصا آخر غير الشخص الأول، لأنه لما كان لمحله مدخلية في تشخصه لا يتصور مفارقته عنه مع بقاء تشخصه المفروض بل يجب انتفاؤه، فالانقلاب لا يحصل إلا مع بقاء الهوية المنقلبة من أحدهما إلى الآخر والمفروض عدم بقاء الهوية فلا انقلاب، فيلزم من تجويزه المحال. ز.
القول ٩٢: في المعدوم – ٩٨ / ١١.
الذي ذكره في تعريف المعدوم هو أحد التعاريف التي عرفها به المتكلمون وذكروا أنها جميعا تشتمل على دور ظاهر.
ومسألة شيئية المعدوم مبتنية على مسألة الحال التي اختلف المتكلمون فيها
ولهذه المسألة ارتباط أيضا بمسألة إعادة المعدوم بعينه على ما هو مذهب الموحدين، وأن الشئ إذا انعدم عدما محضا بحيث لا يبقى له هوية في الخارج أصلا بل يمكن إعادته بعينه مع جميع خصوصياته ومشخصاته التي بها كانت حقيقته أم لا؟
فالمعتزلة القائلون بثبوت الذات أجازوها وقالوا بإمكانه بناء على ثبوت ماهية المعدوم في الحالين وقالوا إنما زالت عنه صفة الوجود لا غير والذات محفوظة في الحالين معا، وجوزه بعض الأشاعرة أيضا لكن لا على هذا المبنى بل بناء على أصلهم وأنه يلزم من العدم انقلاب الحقائق. ز.
القول ٩٤: في الفلك – ٩٩ / ٤.
ما أورده في هذا الفصل مبني على الرأي القديم لأهل النجوم والفلسفة من تحرك الأفلاك ودورانها حول الأرض وكون الأرض في مركز العالم، وقد ثبت خلاف
القول ٩٥: في حركة الفلك – ٩٩ / ٩.
قدماء الفلكيين وأهل الفلسفة كانوا يرون الأفلاك أجساما شفافة مركوزة في ثخنها النجوم والكواكب تدور وتتحرك المرتكزات فيها من الأجرام العلوية بتبعها حركة دورية. ولكن هل لهذه الأفلاك والأجرام في أنفسها حركة أخرى على وفق تلك الحركة المحسوسة أو على خلافها أم لا.
رأى المصنف – قدس سره – أن أجسام الأفلاك التي تشغل أمكنتها وأحيازها مما يمكن أن يكون لها حركات خاصة في أنفسها وليس ذلك بخارج من الامكان ولا مستبعدا عند العقل، لكن الصفحة السفلى من الفلك وهي ما يلاقي الهواء متحركة لما يشاهد من حركتها، وأما ما يلي الصفحة العليا فلا يتصور فيه حركة ولا سكون إذ ليس هناك الشئ لا خلاء ولا ملاء بل هو عدم محض.
وقد عرفت أن هذه الآراء مبنية على مزاعم القدماء وظنونهم ولا توافق مع الآراء العلمية الحاضرة وأن المصنف أوردها على وفق مسلماتهم في ذلك. ز.
القول ٩٧: في الخلاء والملاء – ١٠٠ / ٤.
الخلاء يطلق تارة على اللا شئ المحض وهو بهذا الاعتبار ثابت خارج العالم بلا خلاف، وأخرى على البعد الغير الحال في المادة وهو بهذا المعنى الأخير
وقد صرحوا بذلك في كتب الفلسفة وقالوا: إن الحركة ممتنعة بدون وجود خلاء معللين بأنه لولا ذلك لأمكن حلول جسمين أو أكثر في مكان واحد. وذكروا أيضا في ضمن نقل مقالات لوقيبوس وذيمقراطيس، وهما مؤسسا المذهب الذري المعروف، أنهما قالا: لولا الخلاء لما تمايزت الجواهر، ولما كانت الكثرة وامتنعت الحركة وأن القول بالكثرة والحركة يقتضي حتما القول بوجود الخلاء واعتباره مبدء حقيقيا إلى جانب الملاء. ز.
القول ١٠٠: في الطباع – ١٠١ / ٣.
الطبع والطباع والطبيعة بمعنى واحد. ومن الفلاسفة من عرف الطبيعة بأنه قوة سارية في الأجسام تصل بها إلى كمالها الطبيعي، ولم يستحسنها الشيخ الرئيس ابن سينا في (رسالة الحدود) وعرفها بأنها مبدأ أول بالذات لحركة ما هو ضد سكونه بالذات ولكن الأمر في ذلك سهل بعد وضوح المقصود منها.
والمهم الإشارة إلى الخلاف الواقع في ثبوت الأفعال الطبيعية واستنادها إلى
القول ١٠١: من رؤساء المتكلمين النظام – ١٠٢ / ١١.
قد حكى الجاحظ في كتاب (الحيوان) في سياق حكاية مقالة عن النظام كلاما يشعر بظاهره خلاف ما حكاه عنه المصنف وأن هذه العناصر الأربعة لا تصلح جعلها أصولا للأجسام وعلة لتركبها منها (٢). ولكن تدقيق النظر في ما ذكره يكشف عن عدم مخالفته مع ما نسبه إليه وأنه إنما أورد ذلك إلزاما للدهرية بأقاويلهم وأنه ليس لهذه الطبائع قوة ذاتية من أنفسها كما يزعمون. والذي نسبه إليه ابن الخياط في كتابه أنه كان يرى أن الله تعالى بقدرته ومشيئته يقهرها على الجمع والافتراق وبذلك يحصل التركب بين الأجسام ويتم التأليف بين الاسطقسات، فلا تنافي بين ما نقله عنه الجاحظ وما نسبه إليه المصنف. و (الاسطقس) لفظة يونانية بمعنى الأصل سميت بها العناصر الأربعة باعتبار كونها أصولا ومبادئ للمركبات منها من الحيوان والنبات والمعادن. ز.
القول ١٠٧: وهل فيها متولدات أم لا؟ ١٠٥ / ٦.
الأفعال بحسب صدورها عن فاعليها تنقسم إلى أفعال مخترعات وأفعال مباشرة وأفعال متولدة. فالمخترع هو الذي يحدث لا في محل، والمباشر ما يحدث بسبب القدرة
والقسم الثاني وهو الأفعال المباشرة وهي التي تقع عن القادرين من الناس ابتداء كالضرب للغير الناشئ عن حركات الضارب ونحوه يختص بهم.
وأما القسم الثالث ففيه اختلاف سيجئ إليه الإشارة من المصنف وما اختاره في ذلك قريبا. ز /
القول ١٠٧: لعلكم تذكرون – ١٠٦ / ٤.
سورة الأعراف: ٥٧.
القول ١٠٧: ثم يهيج فتراه مصفرا – ١٠٦ / ٥.
سورة الزمر: ٢١.
القول ١٠٩ – في البدل – ١٠٦ / ١٦.
محصل ذلك أن قول القائل إن الكفر يجوز وجوده في حال الإيمان وعكس ذلك أي جواز وجود الإيمان حال الكفر يؤدي إلى اجتماع الضدين المحال لمضادة الكفر مع الإيمان، فوجود أحد الضدين يحيل وجود الآخر إذ الجواز هو تصحيح وجود الشئ وارتفاع استحالته فيؤدي إلى اجتماع الضدين المعلوم استحالته. وليس كذلك ما إذا قلنا إن الكفر قد كان يجوز أن يكون في وقت الإيمان بدلا منه، وكذا الإيمان قد كان يجوز أن يكون بدلا من الكفر في وقت الإيمان فإنه لا يوجب تضادا ولا محالا. وخلاف المجبرة إنما هو في الصورة الأولى فهم لما جوزوا التكليف بالمحال ويجوزون اجتماع
القول ١١٠: في خلق ما لا عبرة به ولا صلاح فيه – ١٠٧ / ١٢.
خلق ما لا صلاح فيه لأحد من المخلوقين كما ذكره – قدس سره – عبث والله تعالى منزه عن فعل العبث لكن الكلام في تحققه، فإن معارف البشر قاصرة جدا عن درك خفيات المصالح والحكم في مخلوقات الله – جل شأنه – والذي يدركونه منها قليل جدا في مقابل ما لا يدرك منها. وقد أثبت أبحاث العلوم الطبيعية في الحيوان والنبات والجمادات، وغيرها كثيرا من الخواص والآثار والمنافع لا يبقى معه ارتياب في وجود آثار الحكمة ودقائق صنع خالقها الحكيم فيها.
ونحن بعد تدبر ما ظهر لنا من ذلك فيما أدركناه وبعد قيام البرهان على أنه تعالى منزه عن فعل العبث لا يبقى لنا إلا الاعتراف بوجودها في سائر مخلوقاته وإن كانت أفهامنا بسبب نقص مداركنا قاصرة عن إدراكها. ز.
القول ١١٣: في النظر عن صحته – ١١٠ / ١.
غرضه أن ما ذهب إليه في هذه المسألة نتيجة ما أداه إليه نظره العلمي والبحث الذي كشف له الأدلة العلمية عن صحته ونتيجة جمعه في ذلك بين أصول لا يوافقه في بعضها العدلية وفي بعضها القائلون بالارجاء، ولكن لما قام الدليل القاطع عنده على ما صار إليه كما ذكره في الكتاب لم يعبأ بخلاف من يخالفه من أهل العدل والإرجاء، إذ المتبع عنده هو الدليل ولا وحشة في الذهاب إلى حق قامت الحجة عليه، بل يجب أن يحصل الوحشة فيما لا دليل عليه، وهذا هو مقتضى البحث العلمي النزيه الخالص عن شائبة التعصب والجمود.
وقد اقتفى به في ذلك تلميذه الأجل السيد الشريف المرتضى – قدس سره – حيث قد ذكر في بعض مسائله عبارة يقرب من عبارة المصنف، قال: إعلم أنه لا يجب أن يوحش من المذهب فقد الذاهب إليه والعاثر عليه، بل ينبغي ألا يوحش إلا مما لا دلالة يعضده ولا حجة يعتمده. انتهى. وهكذا كان سيرة السلف الصالح من علماء الفريقين قبل عصر الجمود والانحطاط. ز.
القول ١١٦: من حيث لا يحتسب – ١١٢ / ٧.
سورة الطلاق: ٢، ٣.
القول ١١٦: ويجعل لكم أنهارا – ١١٢ / ٩.
سورة نوح: ١٠ – ١٢.
القول ١١٦: ونحشره يوم القيامة أعمى – ١١٢ / ١١.
سورة طه: ١٢٤.
القول ١١٦: ولعذاب الآخرة أخزى – ١١٢ / ١٢.
سورة فصلت: ١٦.
القول ١١٦: وما لهم من الله من واق – ١١٢ / ١٣.
سورة الرعد: ٣٤.
القول ١٢٠ – والله لا يحب الظالمين – ١١٤ / ١٥.
سورة آل عمران: ١٤١.
القول ١٢٠: والشهداء عند ربهم – ١١٤ / ١٥.
سورة الحديد: ١٩.
القول ١٢١: ويوم يقوم الاشهاد – ١١٦ / ١.
سورة المؤمن: ٥١.
القول ١٢١: إن الله قوي عزيز – ١١٦ / ٢.
سورة المجادلة: ٢١.
القول ١٢٤: القول في التقية – ١١٨ / ٨.
قال العلامة الشهرستاني في مجلة (المرشد) ج ٣ ص ٢٥٢، ٢٥٣: المراد من التقية إخفاء أمر ديني لخوف الضرر من إظهاره، والتقية بهذا المعنى شعار كل ضعيف مسلوب الحرية، إلا أن الشيعة قد اشتهرت بالتقية أكثر من غيرها لأنها منيت باستمرار الضغط عليها أكثر من أي أمة أخرى، فكانت مسلوبة الحرية في عهد الدولة الأموية كله، وفي عهد العباسيين على طوله، وفي أكثر أيام الدولة العثمانية، ولأجله استشعروا بشعار التقية أكثر من أي قوم.
إلا إذا كان كفره صوريا ممن يكرهون على إظهار الكفر وقلوبهم مطمئنة بالإيمان، كعمار ابن ياسر الصحابي الذي نزلت الآية فيه، غير أن التقية لها شروط وأحكام أوضحها العلماء في كتبهم الفقهية. انتهى.
انظر رسالة (أجوبة مسائل جار الله) ص ٦٨ – ٧٦ طبع صيدا، بقلم العلامة الكبير والمحقق الخبير السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي – حفظه الله علما للعلم
سالت دموع العين كل مسيل | حزنا لرزء محمد بن عقيل |
السيد الندب الإمام الفاضل الفذ | الهمام الكامل البهلول چ |
القول ١٢٥: في الاسم والمسمى. ١١٩ / ٣.
الخلاف في ذلك بين العدلية من الشيعة والمعتزلة وبين المجبرة وبعض أهل الحديث، فقد نسب القول بكون الاسم هو عين المسمي إلى أحمد بن حنبل وأبي ذرعة وأبي حاتم من المحدثين وكذا إلى ابن فورك من متكلمي الأشاعرة.
أما أحمد بن حنبل ومن ذكرناه فالظاهر أنهم فرعوا ذلك على مقالتهم في قدم كلام الله تعالى وأن اسمه تعالى لو كان غير مسماه لكان مخلوقا ويلزم أن لا يكون له تعالى اسم في الأول [ الأزل ظ ] لأن أسمائه صفات.
وأما ابن فورك فقد حكي عنه أنه قال: (إن كل اسم فهو المسمى بعينه وإنه إذا قال القائل: الله، قوله دال على اسم هو المسمى بعينه)، ونقل عنه ابن حزم أنه كان يقول: إنه ليس لله تعالى إلا اسم واحد، وإن ما ورد في القرآن من قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى) وكذا ما في الخبر (إن لله تسعة وتسعين اسما) فالمراد به التسمية، ففرق هو بين الاسم والتسمية. وقد أطال ابن حزم في الرد عليه، ومذهب المعتزلة و الشيعة هو اتحاد الاسم والتسمية ومغايرتهما للمسمى.
القول ١٣١: في الحكاية والمحكى – ١٢٢ / ٦.
البحث عن هذه المسألة لأجل الخلاف الواقع بين المعتزلة ومن كان يخالفهم من حشوية العامة، الذين كانوا يقولون: إن الألفاظ والحروف والألفاظ المسموعة من القرآن والمتلوة على ألسنة القارئين قديمة، وكان المعتزلة ينكرون عليهم هذا القول ويقولون: إن كلامه تعالى محدث مخلوق أوجده الله في جسم من الأجسام كالشجرة مثلا، أو أنزله وأوحى به إلى أنبيائه على ألسن ملائكته، وإذ كان من أصلهم أن العرض غير باقية زمانين وأن ما وجد من الكلام في محل فهو غير باق، قالوا: إن ما يقرأ من آيات القرآن أو يكتب في المصاحف إنما هو حكايات عن الكلام المنزل.
والأشعري مع إثباته كلاما أزليا قديما يسميه الكلام النفساني، يقول أيضا: إن الألفاظ والعبارات المقروءة والمنزلة على الأنبياء على ألسن الملائكة دلالات على ذلك الكلام الأزلي القديم، فالمدلول عنده قديم والدلالة محدثة. والفرق بين القراءة والمقروء والتلاوة والمتلو كالفرق بين الذكر والمذكور، فالذكر محدث والمذكور قديم. ز.
القول ١٣٢: نأت بخير منها أو مثلها – ١٢٢ / ١٧.
سورة البقرة: ١٠٦.
القول ١٣٢: إلى الحول غير إخراج – ١٢٣ / ٢.
سورة البقرة: ٢٤٠.
القول ١٣٢: أربعة أشهر وعشرا – ١٢٣ / ٤.
سورة البقرة: ٢٣٤.
القول ١٣٢: وأنكروا نسخ ما في القرآن على كل حال – ١٢٣ / ١٠.
نسب هذا القول إلى طائفة شاذة من المعتزلة أبو الحسن الآمدي في كتاب (الأحكام) فقال: اتفق العلماء على جواز نسخ التلاوة دون الحكم وبالعكس ونسخهما معا خلافا لطائفة – شاذة – [ من ] المعتزلة (١).
وأما النافي لوقوع النسخ في الشريعة فقد نسب ذل إلى أبي مسلم الأصبهاني المفسر الشهير مع تجويز ذلك عقلا. قال على ما حكي عنه: ليس في القرآن آية منسوخة، وقد تأول الآيات التي يدعى أنها منسوخة وخرج لكل آية منها محملا على وجه من التخصيص والتأويل. ز.
القول ١٣٣: وجماعة من المتفقهة – ١٢٤ / ٦.
وافق الشيعة في هذا الرأي من فقهاء أهل السنة الإمام محمد بن إدريس الشافعي قال: والناسخ من القرآن الأمر ينزله الله بعد الأمر يخالفه كما حول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وكل منسوخ يكون حقا ما لم ينسخ فإذا نسخ كان الحق في ناسخه و لا ينسخ كتاب الله إلا كتابه وهكذا سنة رسول الله (ص) لا ينسخها إلا سنة رسول الله (ص).
وهكذا قول أحمد بن حنبل، فعن أبي داود السجستاني قال: سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل، عن حديث: (السنة قاضية على الكتاب)؟ قال: لا أجترئ أن أقول فيه ولكن السنة تفسر القرآن ولا ينسخ القرآن إلا القرآن (٢).