نهج الحق وكشف الصدق / الصفحات: ٢٤١ – ٢٦٠
وفي صحيح مسلم: ” أن عليا قال على المنبر: ” سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن كتاب الله عز وجل، فما من آية إلا وأعلم حيث نزلت، بحضيض جبل، أو سهل أرض (٣)، سلوني عن الفتن، فما فتنة إلا وقد علمت كبشها، ومن يقتل فيها ” (٤).
وكان يقول: سلوني عن طرق السماء، فإني أعرف بها من طرق الأرض (٥).
وقال علي (ع): علمني رسول الله صلى الله عليه وآله ألف باب من العلم، في كل باب ألف باب (٦).
وقضاياه العجيبة أكثر من أن تحصى. كقسمة الدراهم على صاحبي الأرغفة (٧).
(٣) تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٣٧، وكنز العمال ج ١ ص ٢٢٨، وحلية الأولياء ج ١ ص ٦٥
(٤) ينابيع المودة ص ٧٣ وشرح نهج البلاغة ج ٢ ص ١٧٨ و ٥٠٨
(٥) مطالب السؤل ص ٢٦، وينابيع المودة ص ٦٦
(٦) ينابيع المودة ص ٧١ و ٧٣ و ٧٦ و ٧٧، عن المناقب، وابن المغازلي، وفتح الملك العلي ١٩
(٧) ذخائر العقبى ص ٨٤ والصواعق المحرقة ص ٧٧.
والأمر بشق الولد نصفين، حتى رجعت المتداعيتان إلى الحق (٣).
والأمر بضرب عنق العبد، حتى رجع إلى الحق.
وحكمه في ذي الرأسين بإيقاظ أحدهما (٤).
واستخراج حكم الخنثى (٥).
وأحكام البغاة. قال الشافعي: عرفنا حكم البغاة من علي (٦).
وغير ذلك من الأحكام الغريبة، التي يستحيل أن يهتدي إليها من سئل
(أي عمر) عن الكلالة والأب فلم يعرفهما، وحكم في الجد بمائة قضية كلها بعضها بعضا (٧).
إخباره بالمغيبات
الثالث: الإخبار بالغيب.
وقد حصل منه في عدة مواطن:
فمنها: أنه قال في خطبة: ” سلوني قبل أن تفقدوني، فوالله لا تسألونني
(٣) كنز العمال ج ٣ ص ١٧٩ والغدير ج ٦ ص ١٧٤، وبحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٥٢
(٤) الارشاد للشيخ المفيد، وبحار الأنوار ج ٤٠ ص ٢٥٧
(٥) نور الأبصار ص ٧١ ومناقب أحمد الخوارزمي ص ٦٠، ومطالب السؤل ص ١٣
(٦) كتاب الأم ج ٤ ص ٢٣٣ في باب: الخلاف في قتال أهل البغي.
(٧) لعل الصحيح: كلها يناقض بعضها بعضا. فراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٢٤٥،
أقول: قال الفضل في المقام: ما ذكره (أي مؤلفنا العلامة) من الأقضية والأحكام التي قضى فيها أمير المؤمنين فهو حق، لا يرتاب فيه، وهذا شأنه، ومشتهر به..
وكان ابنه في ذلك الوقت صغيرا، وهو الذي تولى قتل الحسين (عليه السلام) (١).
وأخبر بقتل ” ذي الثدية ” من الخوارج، وعدم عبور الخوارج النهر، بعد أن قيل له: قد عبروا (٢).
وعن قتل نفسه (٣).
وبقطع يدي جويرية بن مسهر، وصلبه، فوقع في أيام معاوية (٤).
وبصلب ميثم التمار، وطعنه بحربة عاشر عشرة، وأراه النخلة التي يصلب على جذعها، ففعل به ذلك عبيد الله بن زياد عليهما اللعنة (٥).
وبقطع يدي رشيد الهجري، ورجليه، وصلبه، ففعل ذلك به (٦).
وقتل قنبر، فقتله الحجاج (٧).
(٣) لسان الميزان ج ٣ ص ٤٣٩، وأسد الغابة ج ٤ ص ٣٥، ومنتخب كنز العمال ج ٥ ص ٥٩، ومسند أحمد ج ١ ص ١٥٦
(٤) شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٢١٠، ومناقب المرتضوي ص ٢٧٨
(٥) شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٢١٠، ومناقب المرتضوي ص ٢٧٨
(٦) مناقب المرتضوي ص ٢٦٧ وشرح نهج البلاغة ج ١ ص ٢١١
(٧) مناقب المرتضوي ص ٢٥١.
وإياك أن تحملها، ولتحملنها، وتدخل بها من هذا الباب، وأومئ بيده إلى باب الفيل.
فلما كان زمان الحسين عليه السلام، جعل ابن زياد خالد بن عرفطة على مقدمة عمر بن سعد، وحبيب بن جمار حتى دخل من باب الفيل (٢).
وقال للبراء بن عازب: يقتل ابني الحسين وأنت لا تنصره، فقتل الحسين (ع)، فلم ينصره (٣).
ولما اجتاز بكربلا في وقعة صفين بكى، وقال: ” هذا والله مناخ ركابهم، وموضع قتلهم، وأشار إلى ولده الحسين وأصحابه (٤).
وأخبر بعمارة بغداد (٥).
وملك بني عباس، وأحوالهم.
وأخذ المغول الملك منهم (٦).
(٣) شرح النهج ج ٢ ص ٥٠٨ وأرجح المطالب ص ٢٨٢، ومناقب المرتضوي ص ٢٥١
(٤) شرح النهج ج ٢ ص ٥٠٨ وينابيع المودة ص ٢١٦ ودلائل النبوة ص ٥٠٩، وذخائر العقبى ص ٩٧، ونور الأبصار ص ١١٧
(٥) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب، كما في بحار الأنوار ج ٤١ ص ١٢٥
(٦) شرح النهج ج ٢ ص ١٢٥ و ٢٤١، وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٥٨.
والأخبار بذلك كثيرة:
شجاعته عليه السلام
الرابع: في الشجاعة.
وقد أجمع الناس كافة على أن عليا عليه السلام كان أشجع الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله، وتعجب الملائكة من حملاته.
وفضل النبي صلى الله عليه وآله قتله لعمرو بن عبد ود على عباده الثقلين، ونادى جبرائيل: ” لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي “.
وروى الجمهور أن المشركين كانوا إذا أبصروا عليا في الحرب عهد بعضهم بعضا (١).
زهده عليه السلام
الخامس: في الزهد.
لا خلاف في أنه أزهد أهل زمانه، طلق الدنيا ثلاثا، قال قبيصة بن
وروى أخطب خوارزم، عن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ” يا علي، إن الله تعالى زينك بزينة لم يزين العباد بزينة هي أحب إليه منها، زهدك في الدنيا، وبغضها إليك، وحبب إليك الفقراء، فرضيت بهم أتباعا، ورضوا بك إماما، يا علي، طوبى لمن أحبك وصدق عليك، والويل لمن أبغضك، وكذب عليك. أما من أحبك وصدق عليك فإخوانك في دينك، وشركاؤك في جنتك، وأما من أبغضك وكذب عليك، فحقيق على الله: أن يقيمه يوم القيامة مقام الكاذبين ” (٣).
كرمه عليه السلام
السادس: لا خلاف في أنه كان أسخى الناس، جاد بنفسه فأنزل الله في حقه: ” ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ” (٤).
وتصدق بجميع ماله في عدة مرات (٥).
وجاد بقوته ثلاثة أيام (٦).
(٣) كنز العمال ج ٦ ص ١٥٩، وينابيع المودة ص ٢١٨، ومناقب ابن المغازلي ص ١٢١، وشرح النهج ج ٢ ص ٤٢٩، رواه عن حلية الأولياء، ومسند أحمد.
(٤) البقرة: ٢٠٧
(٥) أحكام الأوقاف ص ١٠ (ط القاهرة)، على ما في إحقاق الحق ج ٨ ص ٥٩١
(٦) قدمنا جملة من الروايات الواردة في ذلك، في تفسير سورة: هل أتى، فراجع…
استجابة دعائه، وحسن خلقه، وحلمه
السابع: في استجابة دعائه.
كان رسول الله صلى الله عليه وآله قد استسعد به، وطلب تأمينه على دعائه يوم المباهلة، ولم تحصل هذه المرتبة لأحد من الصحابة (٢).
ودعا على أنس بن مالك، لما استشهد به على قول النبي صلى الله عليه وآله:
” من كنت مولاه فعلي مولاه “، فاعتذر بالنسيان، فقال: اللهم إن كان كاذبا فاضربه ببياض لا تواريه العمامة، فبرص (٣).
ودعا على البراء بالعمى، لأجل نقل أخباره إلى معاوية، فعمي (٤).
وردت عليه الشمس مرتين لما دعا به (٥).
ودعا في زيادة الماء لأهل الكوفة، حتى خافوا الغرق، فنقص حتى ظهرت الحيتان فكلمته، إلا الجري، والمار ما هي، والزمار، فتعجب الناس من ذلك (٦).
وأما حسن الخلق: فبلغ فيه الغاية، حتى نسبه أعداؤه إلى الدعابة (٧).
(٣) معارف ابن قتيبة ص ٢٥١ وذخائر العقبى ص ٩٧، وأسد الغابة ج ٣ ص ٣٢١، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ٣٦١، ج ٤ ص ٣٨٨
(٤) أرجح المطالب ص ٦٨١، ومحمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤل.
(٥) ينابيع المودة ص ١٣٧ والخوارزمي في المناقب.
(٦) مطالب السؤل ص ٤٧، وبحر المناقب ص ٢٢، ومناقب المرتضوي ص ٣٠٩
(٧) شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٨.
فضائله البدنية:
القسم الثاني: من فضائله البدنية.
وينظمها مطلبان:
الأول: في العبادة.
لا خلاف أنه (ع) كان أعبد الناس، ومنه تعلم الناس صلاة الليل، والأدعية المأثورة، والمناجاة في الأوقات الشريفة، والأماكن المقدسة (٢).
وبلغ في العبادة إلى أنه كان يؤخذ النشاب من جسده عند الصلاة، لانقطاع نظره عن غيره تعالى بالكلية (٣).
وكان مولانا زين العابدين عليه السلام يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، ويدعو بصحيفة، ثم يرمي بها كالمتضجر، يقول: ” أنى لي بعبادة علي عليه السلام “؟ (٤).
قال الكاظم عليه السلام: ” إن قوله تعالى: ” تراهم ركعا سجدا، يبتغون فضلا من الله ورضوانا، سيماهم في وجوهم من أثر السجود ” (٥)، نزلت في أمير المؤمنين (٦) وكان يوما في صفين، مشتغلا بالحرب، وهو بين الصفين يراقب
(٣) مناقب المرتضوي ص ٣٦٤
(٤) ينابيع المودة ص ١٥٠، وشرح نهج البلاغة ج ١ ص ٩
(٥) الفتح: ٢٩ (٦) شواهد التنزيل ج ٢ ص ١٨٠.
فقال: نقضوا العهد، وولوا الدبر، فقال: اكفني هؤلاء، فكشفهم عنه، وصاح صائح بالمدينة: قتل رسول صلى الله عليه وآله، فانخلعت القلوب، ونزل جبرائيل قائلا: ” لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي “، وقال للنبي صلى الله عليه وآله: يا رسول الله، لقد عجبت الملائكة من حسن مواساة علي لك بنفسه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما يمنعه من ذلك، وهو مني وأنا منه؟ ورجع بعض الناس لثبات علي (ع)، ورجع عثمان بعد ثلاثة أيام، فقال النبي صلى الله عليه وآله: لقد ذهبت بها عريضا (٢).
وفي غزاة (الخندق) أحدق المشركون بالمدينة، كما قال الله تعالى:
” إذ جاؤوكم من فوقكم، ومن أسفل منكم ” (٣)، ونادى المشركون بالبراز، فلم يخرج سوى علي، وفيه قتل أمير المؤمنين (ع) عمرو بن عبد ود.
قال ربيعة السعدي: أتيت حذيفة بن اليمان، فقلت: يا أبا عبد الله، إنا لنتحدث عن علي ومناقبه، فيقول أهل البصرة: إنكم لتفرطون في
(٢) تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٩٧، وشرح نهج البلاغة ج ٣ ص ٣٨٠ و ٣٩٧، وينابيع المودة ص ٦٤، وابن المغازلي في المناقب.
(٣) الأحزاب: ١٠.
وفي يوم الأحزاب تولى أمير المؤمنين قتل الجماعة (٢).
وفي غزاة ” بني المصطلق ” قتل أمير المؤمنين مالكا وابنه، وسبى جويرية بنت الحارث، فاصطفاها النبي صلى الله عليه وآله (٣).
وفي غزاة ” خيبر ” كان الفتح فيها لأمير المؤمنين عليه السلام، قتل مرحبا، وانهزم الجيش بقتله، أغلقوا باب الحصن، فعالجه أمير المؤمنين عليه السلام، ورمى به، وجعله جسرا على الخندق للمسلمين، وظفروا بالحصن، وأخذوا الغنائم، وكان يقله سبعون رجلا، وقال عليه السلام:
” والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية، بل بقوة ربانية ” (٤).
وفي غزاة ” الفتح ” قتل أمير المؤمنين عليه السلام الحويرث بن نقيذ بن
(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٨٠، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٧٤، ورواه الشيخ المفيد في الارشاد، كما في بحار الأنوار ج ٢٠ ص ٢٨٩.
(٤) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٧، وفي هامشها سيرة زيني دحلان ج ٢ ص ٢٠١، ومسند أحمد ج ٦ ص ٨، وشرح نهج البلاغة ج ١ ص ٤.
وابتلى بجميع الغزوات، وقتال ” الناكثين “، و ” القاسطين “، و ” المارقين ” (٤).
وروى أبو بكر الأنباري في أماليه: أن عليا (ع) جلس إلى عمر في المسجد، وعنده ناس، فلما قام عرض واحد بذكره، ونسبه إلى التيه، والعجب، فقال عمر: ” حق لمثله أن يتيه، والله، لولا سيفه لما قام عمود الإسلام، وهو بعد أقضى الأمة، وذو سبقها، وذو شرفها “،
(٣) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٥، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٩، وتفسير الخازن ج ٢ ص ٢٢٥
(٤) الناكثون هم: أصحاب الجمل: طلحة، والزبير، وعائشة، وأتباعهم. والقاسطون هم:
أصحاب صفين: معاوية وأتباعه: ” (القاسطون: أي الجائرون) والمارقون: أصحاب:
النهروان.
وفي هذه القصة، وحده كفاية في شرف علي وعلو مرتبته بأضعاف كثيرة على من لا يوثق على أدائها، ولم يؤتمن عليها.
وهذه الشجاعة مع خشونة مأكله، فإنه لم يطعم البر ثلاثة أيام، وكان يأكل الشعير بغير إدام، ويختم جريشه لئلا يؤدمه الحسنان عليهما السلام (٣).
وكان كثير الصوم، كثير الصلاة (٤)، مع شدة قوته، حتى قلع باب خيبر، وقد عجز عنه المسلمون (٥)، وفضائله أكثر من أن تحصى.
القسم الثالث في الفضائل الخارجية
(نسبه) وفيه مطالب:
الأول: في نسبه:
(٣) شرح النهج ج ١ ص ٨ و ١٨١، وينابيع المودة ص ١٤٣ إلى ١٤٦، وذخائر العقبى ص ١٠٧، والاتحاف للشبراوي ص ٢٥
(٤) شرح النهج ج ١ ص ٩ وينابيع المودة ص ١٥٠
(٥) تاريخ بغداد ج ١١ ص ٣٢٤ (ط القاهرة)، ولسان الميزان ج ٤ ص ١٩٦ وينابيع المودة ص ٣٨.
أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض “.
ولو كانوا كغيرهم لما قال عمر، لما طلب مصاهرة علي: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ” كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي.
فأما علي فلو أوردنا لأيامه الشريفة، ومقاماته الكريمة، ومناقبه السنية، لأفنينا في ذلك الطوامير الطول، العرق صحيح، والمنشأ كريم، والشأن عظيم، والعمل جسيم، والعلم كثير، والبيان عجيب، واللسان خطيب، والصدر رحيب، وأخلاقه وفق أعراقه، وحديثه يشهد لقديمه (٢).
وقريب من قول الجاحظ ما حققه تفصيلا ابن أبي الحديد عند شرح قوله (ع): ” لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله من هذه الأمة أحد، شرح النهج ج ١ ص ٤٥.
شرف زوجته وأولاده
المطلب الثاني: في زوجته وأولاده.
كانت فاطمة سيدة نساء العالمين زوجته، قال ابن عباس: ” لما زف النبي صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام، كان قدامها، وجبرائيل عن يمينها، وميكائيل عن يسارها، وسبعون ألف ملك من ورائها، يسبحون الله، ويقدسونه حتى طلع الفجر ” (١).
فانظر أيها العاقل: كيف يروي الجمهور هذه الروايات، ويظلمونها، ويأخذون حقها (٢)، ويكسرون ضلعها، ويجهضون ولدها من
كلمة: ” فدك “، وغيرها). أنزل الله تعالى: ” وآت ذا القربى حقه ” الإسراء: ٢٦ فنحل صلى الله عليه وآله فاطمة فدكا، فصارت ملكا خالصا لها بإذن الله، وإعطاء النبي الأعظم ومن جملة مصادر ذلك: شواهد التنزيل ج ١ ص ٣٣٨، وكنز العمال ج ٢ ص ١٥٨، وشرح النهج ج ٤ ص ٧٨ و ١٠٢، والدر المنثور ج ٤ ص ١٧٧، قال: وأخرج البزار، وأبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري، وقال: أخرجه ابن مردويه، عن ابن عباس، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ١ ص ٢٢٨، وتفسير الطبري ج ١٥ ص ٧٢، ومجمع الزوائد ج ٧ ص ٤٩، وميزان الاعتدال ج ٢ ص ٢٢٨، وصححه وفضائل الخمسة ج ٣ ص ١٣٦ ومنها: سهم الرسول من الغنيمة والفيئ. راجع: شرح النهج ج ٤ ص ٨٦، رواه عن كتاب السقيفة لأبي بكر الجواهري، وأحكام القرآن ج ٣ ص ٤٣٠، وتفسير الطبري ج ١٠ ص ٢ و ٣، ومكاتيب الرسول للعلامة الأحمدي ج ٢ ص ٥٣٨ (ط بيروت)، وطبقات ابن سعد ج ٢ ق ٢ ص ٨٦ ومنها: سهم ذوي القربى. راجع: شرح النهج ج ٤ ص ٧٨، عن كتاب السقيفة، وأحكام القرآن ج ٢ ص ٦٠، باب قسمة الخمس و ج ٣ ص ٤٣٠، وتفسير الطبري ج ١٠ ص ١ و ٦، والدر المنثور ج ٣ ص ١٨٥ و ١٨٨
ومنها: صدقات النبي صلى الله عليه وآله، وهي على أقسام:
منها: الأنفال. قال تعالى: ” يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله ولرسوله فاتقوا الله
(الآية) الأنفال: ١
أقول: النفل، على ما صرح به اللغويون والكشاف وغيره من التفاسير: هو الزيادة، وأطلق على الغنيمة بالعناية، إما لأنها زيادة على ما رزقهم الله من الفتح، أو لأن المسلمين فضلوا بها على سائر الأمم الماضية (راجع: القاموس، والنهاية، وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٤٤، والكشاف ج ١ ص ٥٢٣، ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٥٧٣).
فالأنفال: كل نفل من الأموال ليس له مالك مسلم، أو أخذ من كافر، فلا يختص بغنائم دار الحرب كما توهم، بل يشمل الأرض التي تملك من الكفار من غير قتال، والموات من الأرض، ورؤوس الجبال، وما فيها من المواد، وبطون الأودية والآجام، وقطايع الملوك وصفاياهم، وما يغنمه المقاتلون بغير إذن النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام (ع).
ومنها: الفيئ. وهو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، ومن الفيئ أموال مخيريق، وقرى عرينة، وينبع من نواحي المدينة، على أربعة أيام منها. راجع الدر المنثور ج ٦ ص ١٩٢، وتاريخ الكامل ج ٢ ص ١١٢، ١١٩، وأحكام القرآن ج ٣ ص ٤٢٦ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٦٣ و ج ٣ ص ٣٦٣، وفي هامشها زيني دحلان ج ٢ ص ١٠٠ و ٢٤٩، واليعقوبي ج ٢ ص ٤٠، ووفاء الوفاء للسمهودي ج ٢ ص ٣٠٥ و ٣٩٢، وغيرها من الكتب المعتبرة.
روى أخطب خوارزم، بإسناده إلى ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ” (٢).
وعن البراء قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله والحسن على عاتقه، وهو يقول:
وعن أسامة بن زيد، قال: قلت: يا رسول الله، ما هذا الذي أنت مشتمل عليه، فإذا هو حسن وحسين على ركبتيه، فقال: ” هذان ابناي، وابنا بنتي، اللهم إنك تعلم: أني أحبهما فأحبهما، ثلاث مرات ” (٣).
وعن جابر، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله، والحسن والحسين على ظهره، وهو يقول: ” نعم الجمل جملكما، ونعم العدلان أنتما ” (٤).
وروى صاحب كتاب: ” الطلب وغاية السؤال ” الحنبلي، بإسناده إلى ابن عباس، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله، وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم، وعلى فخذه الأيمن الحسين، وهو يقبل هذا تارة وهذا أخرى، إذ هبط جبرائيل، فقال: ” يا محمد إن الله يقرؤك السلام، وهو يقول:
لست أجمعهما لك، فأفد أحدهما بصاحبه، فنظر إلى ولده إبراهيم وبكى، ونظر إلى الحسين وبكى، ثم قال: إن إبراهيم أمه أمة، متى مات لم يحزن غيري، وأم الحسين فاطمة، وأبوه علي، ابن عمي، لحمه من لحمي، ودمه من دمي، ومتى مات حزنت عليه ابنتي، وحزن ابن عمي، وحزنت أنا عليه، وأنا أؤثر حزني على حزنهما، يا جبرائيل، تقبض إبراهيم، فديته بإبراهيم ” قال: فقبض بعد ثلاث، فكان النبي صلى الله عليه وآله إذا رأى الحسين مقبلا، قبله، وضمه إلى صدره، ورشف ثناياه، وقال:
(٣) خصائص النسائي ص ٣٦ وذخائر العقبى ص ١٢٢، والصواعق المحرقة ص ٨٢ والإصابة ج ١ ص ٣٢٨
(٤) ذخائر العقبى ص ١٣٢، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٨٢، وكنز العمال ج ٧ ص ١٠٨.
وفي تفسير الثعلبي، بإسناده قال: مطرنا دما أيام قتل الحسين عليه السلام (٥).
وكان مولانا ” زين العابدين ” علي بن الحسين عليهما السلام أعبد أهل زمانه، وأزهدهم، يحج ماشيا والمحامل تساق معه (٦).
وولده ” الباقر ” سلم عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، قال لجابر: ” أنت تدرك ولدي محمد الباقر، إنه يبقر العلم بقرا، فإذا رأيته، فاقرأه عني السلام ” (٧).
و ” الصادق ” أعلم أهل زمانه، وأزهدهم، وكان يخبر بالغيب،
(٣) ورواه الشبلنجي في نور الأبصار ص ١٣٣، والسيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٣١ والقندوزي في ينابيع المودة ص ٣٥٧
(٤) ورواه الطبري في ذخائر العقبى ص ١٩، وقال: أخرجه أحمد في المناقب، وعلي بن سلطان القاري في مرقاة المفاتيح ص ٦٠٤، كما في فضائل الخمسة ج ٣ ص ٣٢٢
(٥) ورواه الشبراوي في الاتحاف ص ٧٢، والطبري في ذخائر العقبى ص ١٤٥ وابن حجر في الصواعق ص ١١٦
(٦) راجع: الصواعق ص ١١٩، والاتحاف ص ١٣٦، وتهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٠٥ ونور الأبصار ص ١٣٩
(٧) نور الأبصار ص ١٤٣، وينابيع المودة ص ٣٣٣ و ٤٩٥، والصواعق المحرقة ص ١٢٠، ولسان الميزان ج ٥ ص ١٦٨.
وكذا ولده ” الرضا ” (٣).
و ” الجواد ” (٤).
و ” الهادي ” (٥).
و ” العسكري ” (٦).
و ” المهدي ” (٧). فهؤلاء الأئمة الاثني عشر لم يسبقهم سابق، ولم يلحقهم لاحق، اشتهر فضلهم وزهدهم بين المخالف والمؤالف، وأقروا لهم بالعلم، ولم يؤخذ عليهم في شئ البتة، كما أخذ على غيرهم (٨)،
(٣) نور الأبصار ص ١٥١، والصواعق ص ١٢٢، والاتحاف ص ١٥٥، وينابيع المودة ص ٣٨٥، والفصول المهمة ص ٢١٣
(٤) الصواعق ص ١٢٣، والاتحاف بحب الأشراف ص ١٦٨، ونور الأبصار ص ١٦٠ والفصول المهمة ص ٢٤٨، ومطالب السؤل ص ٨٧
(٥) تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٥٦، ونور الأبصار ص ١٦٤، وينابيع المودة ص ٣٨٦، وكفاية الطالب ص ٤٥٨
(٦) نور الأبصار ص ١٦٦ والصواعق ص ١٢٤، وينابيع المودة ص ٣٨٦ والفصول المهمة ص ٢٦٩
(٧) ينابيع المودة ص ٤٢١ إلى ٤٩٦، ونور الأبصار ص ١٦٨، والبيان في أخبار صاحب الزمان لكنجي الشافعي، والاتحاف في حب الأشراف ص ١٧٩، وكنز العمال ج ٧ ص ١٨٧ و ٢١٥، وفيض القدير ج ٦ ص ١٧، وذخائر العقبى ص ١٣٦
(٨) قال الفضل في المقام: ما ذكر من فضائل فاطمة صلوات الله على أبيها وعليها، وعلى سائر آل محمد والسلام، أمر لا ينكر، فإن الانكار على البحر برحمته وعلى البر بسعته، وعلى الشمس بنورها، وعلى الأنوار بظهورها، وعلى السحاب بجودها، وعلى الملك بسجوده، إنكار لا يزيد المنكر إلا الاستهزاء، ومن هو قادر على أن ينكر على جماعة هم أهل السداد.
وخزان معدن النبوة، وحفاظ آداب الفتوة صلوات الله وسلامه عليهم.
محبته وموالاته
المطلب الثالث: في محبته.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله، كما في مسند أحمد بن حنبل، وقد أخذ بيد الحسن والحسين: ” من أحبني، وأحب هذين، وأحب أباهما، وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة ” (١).
وعن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من أحب أن يتمسك بقصبة الياقوت التي خلقها الله، قال لها: كوني فكانت، فليتول علي ابن أبي طالب من بعدي ” (٢).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” لو اجتمع الناس على حب علي لم يخلق الله النار ” (٣).
وقال صلى الله عليه وآله: ” حب علي حسنة، لا يضر معها سيئة، وبغض علي سيئة لا ينفع معها حسنة ” (٤).
وقال رجل لسلمان: ما أشد حبك لعلي؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ” من أحب عليا فقد أحبني، ومن أبغض عليا فقد
(٣) ينابيع المودة ص ٩١ و ١٢٥ و ٢٧ و ٢٥١، بأسانيد متعددة منها: عن عبد الله بن مسعود، وعمر بن الخطاب، والديلمي في فردوس الأخبار.
(٤) كنوز الحقائق ص ٥٣ و ٥٧ و ٦٧ (ط بولاق بمصر)، وينابيع المودة ص ١٩.