الأذان بين الأصالة والتحريف / الصفحات: ٣٨١ – ٤٠٠
المدينة / مصر (سنة ٤٠٠ هـ)
جاء في (النجوم الزاهرة): أنّ الحاكم بأمر الله العبيدي أرسل إلى مدينة الرسول إلى دار جعفر الصادق مَن فتحها وأخذ منها ما كان فيها من مصحف وسرير والآت. وكان الذي فتحها ختكين العضدي الداعي، وحمل معه رسوم الأشراف، وعاد إلى مصر بما وجد في الدار. وخرج معه من شيوخ العلوية جماعة، فلمّا وصلوا إلى الحاكم أطلق لهم نفقات قليلة وردّ عليهم السرير وأخذ الباقي، وقال: أنا أحقّ به، فانصرفوا داعين عليه، وشاع فعله في الأمور التي خرق العادات فيها ودعي عليه في أعقاب الصلوات، وظوهر بذلك فأشفق فخاف، وأمر بعمارة دار العلم وفرشها، ونقل إليها الكتب العظيمة وأسكنها من شيوخ السنّة شيخين يُعرف أحدهما بأبي بكر الأنطاكي، وخلع عليهما وقرّبهما ورسم لهما بحضور مجلسه وملازمته، وجمع الفقهاء والمحدثين إليها وأمر أن يقرأَ بها فضائل الصحابة، ورفع عنهم الاعتراض في ذلك، وأطلق صلاة التراويح والضحى، وغيَّر الأذان وجعل مكان ” حيّ على خير العمل ” ” الصلاة خير من النوم “، وركب بنفسه إلى جامع عمرو بن العاص وصلّى فيه الضحى، وأظهر الميل إلى مذهب مالك والقول به.. وأقام على ذلك ثلاث سنين، وفعل ما لم يفعله أحد.
ثمّ بدا له بعد ذلك فقتل الفقيه أبا بكر الانطاكي والشيخ الآخر وخَلقاً كثيراً من
بغداد (سنة٤٤١ ـ ٤٤٢ هـ)
ذكر ابن الأثير في حوادث هذه السنة:… وفيها مُنع أهل الكرخ من النَّوح، وفعل ما جرت عادتهم بفعله يوم عاشوراء، فلم يقبلوا وفعلوا ذلك، فجرى بينهم وبين السنيّة فتنة عظيمة قُتل فيها وجرح كثير من الناس، ولم ينفصل الشرّ بينهم حتّى عبر الأتراك وضربوا خيامهم عندهم فكفّوا حينئذ.
ثمّ شرع أهل الكرخ في بناء سور على الكرخ، فلمّا رآهم السنيّة من القلاّئين ومن يجري مجراهم شرعوا في بناء سور على سوق القلاّئين، وأخرج الطائفتان في العمارة مالاً جليلاً، وجرت بينهما فتن كثيرة، وبطلت الأسواق وزاد الشر حتّى انتقل كثير من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي فأقاموا به.
وتقدّم الخليفة إلى أبي محمّد بن النسوي بالعبور وإصلاح الحال وكفّ الشر، فسمع أهل الجانب الغربي ذلك فاجتمع السنة والشيعة على المنع منه، وأذّنوا في القلاّئين وغيرها بـ ” حيّ على خير العمل ” وأذّنوا في الكرخ بـ ” الصلاة خير من النوم ” وأظهروا الترحّم على الصحابة، فبطل عبوره(٣).
٣- الكامل في التاريخ ٨: ٥٣.
وفي (النجوم الزاهرة):… فيها كان من العجائب أنّه وقع الصلح بين أهل السنّة والرافضة وصارت كلمتهم واحدة، وسبب ذلك: أن أبا محمّد النسوي ولي شرطة بغداد وكان فاتكاً، فاتّفقوا على أنّه متى رحل إليهم قَتَلوه، واجتمعوا وتحالفوا، وأُذّن بباب البصرة ” حيّ على خير العمل “، وقرئ في الكرخ فضائل الصحابة، ومضى أهل السنة والشيعة إلى مقابر قريش، فعدّ ذلك من العجائب، فإنّ الفتنة كانت قائمة والدماء تُسكب والملوك والخلفاء يعجزون عن ردّهم حتّى ولي هذا الشرطة، فتصالحوا على هذا الأمر اليسير(٣).
٣- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ٥: ٤٩.
بغداد (سنة ٤٤٣ هـ)
قال ابن الأثير في (الكامل):… في هذه السنة في صفر تجدّدت الفتنة ببغداد بين السنّة والشيعة وعظمت أضعاف ما كانت قديماً، فكان الاتفاق الذي ذكرناه في السنة الماضية غير مأمون الانتقاض لما في الصدور من الإحن، وكان سبب هذه الفتنة أن أهل الكرخ شرعوا في عمل باب السمّاكين، وأهل القلاّئين في عمل ما بقي من باب مسعود، ففرغ أهل الكرخ، وعملوا أبراجاً كتبوا عليها بالذهب: ” محمّد وعليّ خير البشر ” ; وأنكر السنيّة ذلك وادّعوا أنّ المكتوب: ” محمّد وعليّ خير البشر، فمن رضي فقد شكر، ومن أبى فقد كفر ” ; وأنكر أهلُ الكرخ الزيادةَ وقالوا: ما تجاوزنا ما جرت به عادتنا فيما نكتبه على مساجدنا، فأرسل الخليفة القائم بأمر الله أبا تمّام نقيب العبّاسيّين، ونقيب العلويّين وهو عدنان بن الرضي، لكشف الحال وإنهائه، فكتبا بتصديق قول الكرخيّين، فأمر حينئذ الخليفة ونوّاب الرحيم بكفّ القتال، فلم يقبلوا. وانتدب ابن المذهب القاضي، والزهيريّ، وغيرهما من الحنابلة أصحاب عبدالصمد بحمل العامّة على الإغراق في الفتنة، فأمسك نوّابُ الملك الرحيم عن كفّهم غيظاً من رئيس الرؤساء لميله إلى الحنابلة، ومنع هؤلاء السُّنّة من حمل الماء من دجلة إلى الكرخ، وكان نهر عيسى قد انفتح بثقُهُ، فعظم الأمر عليهم، وانتدب جماعة منهم وقصدوا دجلة وحملوا الماء وجعلوه في الظروف، وصبّوا عليه ماء الورد، ونادوا: الماء للسبيل ; فأغروا بهم السُّنّة.
وتشدّد رئيس الرؤساء على الشيعة، فمحوا: ” خير البشر “، وكتبوا: ” عليهما السلام “، فقالت السُّنّة: لا نرضى إلاّ أن يُقلع الآجرّ الذي عليه ” محمّد وعليّ ” وأن
فلمّا كان الغد كثر الجمع، فقصدوا المشهد، وأحرقوا جميع الترب والآراج، واحترق ضريح موسى، وضريح ابن ابنه محمّد بن عليّ الجواد، والقُبّتان الساج اللتان عليهما، واحترق ما يقابلهما ويجاورهما من قبور ملوك بني بُوَيْه، مُعزّ الدولة، وجلال الدولة، ومن قبور الوزراء والرؤساء، وقبر جعفر بن أبي جعفر المنصور، وقبر الأمين محمّد بن الرشيد، وقبر أمّه زبيدة، وجرى من الأمر الفظيع ما لم يجرِ في الدنيا مثله.
فلمّا كان الغد خامس الشهر عادوا وحفروا قبر موسى بن جعفر ومحمّد بن عليّ لينقلوهما إلى مقبرة أحمد بن حنبل، فحال الهدم بينهم وبين معرفة القبر، فجاء الحفر إلى جانبه.
وسمع أبو تمّام نقيب العبّاسيّين وغيره من الهاشميّين السنيّة الخبرَ، فجاؤوا ومنعوا عن ذلك، وقصد أهل الكرخ إلى خان الفقهاء الحنفيّين فنهبوه، وقتلوا مدرّس الحنفيّة أبا سعد السَّرَخْسيّ، وأحرقوا الخان ودور الفقهاء. وتعدّت الفتنة إلى الجانب الشرقيّ، فاقتتل أهل باب الطاق وسوق بَجّ، والأساكفة، وغيرهم.
بغداد (سنة ٤٤٤ ـ ٤٤٥ هـ)
ذكر ابن الأثير عدّة حوادث في هذه السنة، وقال: ” وفيها عُمل محضرٌ ببغداد يتضمّن القدح في نسب العلويّين أصحاب مصر، وأنّهم كاذبون في ادّعائهم النسبَ إلى عليّ (عليه السلام)، وعَزَوهم فيه إلى الدَّيصانيّة من المجوس، والقدّاحيّة من اليهود، وكتب فيه العلويّون، والعبّاسيّون، والفقهاء، والقضاة، والشهود، وعُمل به عدّة نسخ، وسُيِّر في البلاد، وشُيّع بين الحاضر والباد….
وفيها حدثت فتنة بين السُّنة والشيعة ببغداد، وامتنع الضبط، وانتشر العيّارون وتسلّطوا، وجَبَوا الأسواق، وأخذوا ما كان يأخذه أرباب الأعمال، وكان مقدّمهم الطِّقطِقيّ والزَّيْبق، وأعاد الشيعة الأذان بـ ” حيّ على خير العمل “، وكتبوا على
في هذه السنة، في المحرّم، زادت الفتنة بين أهل الكرخ وغيرهم من السُّنّة، وكان ابتداؤها أواخر سنة أربع وأربعين [ وأربعمائة ].
فلمّا كان الآن عظم الشرّ، واطّرحت المراقبة للسلطان، واختلط بالفريقَيْن طوائف من الأتراك، فلمّا اشتدّ الأمر اجتمع القوّاد واتفقوا على الركوب إلى المحالّ وإقامة السياسة بأهل الشرّ والفساد، وأخذوا من الكرخ إنساناً علويّاً وقتلوه، فثار نساؤه، ونَشَرنَ شعورهنّ واستَغَثنَ، فتَبعهنّ العامّة من أهل الكرخ، وجرى بينهم وبين القوّاد ـ ومَن معهم من العامّة ـ قتال شديد، وطَرَح الأتراك النار في أسواق الكرخ، فاحترق كثير منها، وألحقتها بالأرض، وانتقل كثير من الكرخ إلى غيرها من المحالّ.
وندم القوّاد على ما فعلوه، وأنكر الإمام القائم بأمر الله ذلك، وصلح الحال، وعاد الناس إلى الكرخ، بعد أن استقرّت القاعدة بالديوان بكفّ الأتراك أيديهم عنهم(٢).
وفي (تاريخ أبي الفداء):… وفي هذه السنة (ت ٤٤٤ هـ) كانت الفتنة ببغداد بين السنة والشيعة، واعادت الشيعة الأذان ” بحيّ على خير العمل “، وكتبوا على مساجدهم: ” محمّد وعليّ خير البشر “(٣).
٣- تاريخ أبي الفداء ٢: ١٧٢، البداية والنهاية ١٢: ٦٨، العبر في خبر من غبر ٣: ٢٠٥، تاريخ الإسلام للذهبي ٣٠: ٩.
بغداد (سنة ٤٤٨ هـ)
ذكر ابن الأثير في حوادث هذه السنة:… وفيها أمر الخليفة بأن يؤذّن بالكرخ والمشهد وغيرها: ” الصلاة خير من النوم “، وأن يتركوا: ” حيّ على خير العمل ” ففعلوا ما أمرهم به خوف السلطنة وقوتها(١).
وقال ابن الجوزي في (المنتظم):… وفي هذه السنة أقيم الأذان في المشهد بمقابر قريش ومشهد العتيقة ومساجد الكرخ بـ ” الصلاة خير من النوم “، وأزيل ما كانوا يستعملونه في الأذان من ” حيّ على خير العمل ” وقلع جميع ما كان على أبواب الدور والدروب من ” محمّد وعليّ خير البشر “.
ودخل إلى الكرخ منشدو أهل السنة من باب البصرة فأنشدوا الاشعار في مدح الصحابة، وتقدم رئيس الرؤساء إلى ابن النسوي بقتل أبي عبدالله بن الجلاب شيخ البزّازين بباب الطاق، لِما كان يتظاهر به من الغلو في الرفض، فقُتل وصلب على باب دكانه، وهرب أبو جعفر الطوسي ونُهبت داره، وتزايد الغلاء فبيع الكرّ الحنطة بمائة وثمانين ديناراً(٢).
وفي (البداية والنهاية):… وفيها ألزم الروافض بترك الأذان بـ ” حيّ على خير العمل ” وأمروا أن ينادي مؤذنهم في أذان الصبح وبعد حيّ على الفلاح، “الصلاة خير من النوم ” مرتين، وأزيل ما كان على أبواب المساجد ومساجدهم من كتابة: ” محمّد وعليّ خير البشر “، ودخل المنشدون…. ينشدون بالقصائد التي فيها مدح الصحابة، وذلك أنّ نوءُ الرافضة اضمحلّ، لأنّ بني بويه كانوا حكاماً
وفي (النجوم الزاهرة): وفيها أقيم الأذان في مشهد موسى بن جعفر ومساجد الكرخ بـ ” الصلاة خير من النوم ” على رغم أنف الشيعة، وأُزيل ما كانوا يقولونه في الأذان من ” حيّ على خير العمل “(٣).
ومما يجب التنبيه عليه أنّ جماعة من السنة ببغداد قد ثاروا في سنة ٤٤٧ هـ وقصدوا دار الخلافة وطلبوا أن يسمح لهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر فأذن لهم وزاد شرهم، ثمّ استأذنوا في نهـب دور البسـاسـيري [ ذي المـيول الشـيعية الذي أجاز الأذان بالحيعلة الثالثـة ] وكان غائـباً في واسـط فأذن لهـم الخليفـة.
وهي تلك السـنة التي وقعت فيها الفتنة بين الشـافعية والحـنابلة ببغداد وأنكرت الحنابلة على الشافعية الجهر بالبسملة والقنوت في الصبح والترجيع بالأذان(٤).
وذكر ابن الأثير بعض حوادث هذه السنة، فقال:… فتبعهم من العامة الجم الغفير وأنكروا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ومنعوا من الترجيع في الأذان،
٣- النجوم الزاهرة ٥: ٥٩.
٤- تاريخ أبي الفداء ٢: ١٧٤.
أما عموم اتباع نهج الخلفاء فكانوا يتبعون عمر بن الخطاب وغيره من الخلفاء فيما شرعوه من الامور التي أشار الامام علي (عليه السلام) اليها سابقاً.
بغداد (سنة ٤٥٠ هـ)
قال ابن الأثير في (الكامل في التاريخ):.. ثمّ إن البساسيري(٢) وصل إلى بغداد يوم الأحد ثامن ذي القعدة ومعه أربعمائة غلام على غاية الضر والفقر، وكان معه أبو الحسن بن عبدالرحيم الوزير، فنزل البساسيري بمشرعة الروايا، ونزل قريش بن بدران وهو في مائتي فارس عند مشرعة باب البصرة، وركب عميد العراق ومعه العسكر والعوام وأقاموا بازاء عسكر البساسيري، وعادوا وخطب البساسيري بجامع المنصور للمستنصر بالله العلوي صاحب مصر، وأمر فأذن
واجتمع خلق من أهل السنة على الخليفة القائم بأمر الله العباسي وقاتلوا معه وفشت الحرب بين الفريقين في السفن أربعة أيّام.
وخطب يوم الجمعة ثالث عشر ذي القعدة ببغداد للمستنصر هذا صاحب الترجمة بجامع المنصور وأذّنوا بحيّ على خير العمل، وعقد الجسر وعبرت عساكر البساسيري إلى الجانب الشرقي(٢).
وذكر ابن الجوزي في المنتظم:… وعاود أهل الكرخ الأذان بـ ” حيّ على خير العمل ” وظهر فيهم السرور الكثير وحملوا راية بيضاء ونصبوها في وسط الكرخ وكتبوا عليها اسم المسـتنصر بالله وأقام بمكانـه والقتالُ يجـري في السـفن بدجلة.
فلما كان يوم الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة دُعي لصاحب مصر في جامع المنصور، وزيد في الأذان ” حيّ على خير العمل ” وشرع البساسيري في إصلاح الجسر(٣).
٣- المنتظم ١٦: ٣٢ حوادث ٤٥٠.
وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي:… ثمّ قدم البساسيري بغداد في سنة خمسين ومعه الرايات المصرية، ووقع القتال بينه وبين الخليفة، ودعي لصاحب مصر المستنصر بجامع المنصور، وزيد في الأذان ” حيّ على خير العمل “، ثمّ خطب له في كلّ الجوامع إلاّ جامع الخليفة، ودام القتال شهراً ثمّ قبض البساسيري على الخليفة في ذي الحجة وسيّره إلى غابة وحبسه بها و…(٣)
٣- تاريخ الخلفاء ١: ٤١٨.
مكة / حلب (سنة ٤٦٢ هـ)
قال ابن خلدون(١) والذهبي(٢) والسيوطي(٣): إنّ محمّد بن أبي هاشم خطب بمكة للقائم بأمر الله وللسلطان ألب أرسلان(٤)، وأسقط خطبة العلوي صاحب مصر وترك ” حيّ على خير العمل ” من الأذان.
وقال ابن الأثير:… وفيها ورد رسول صاحب مكّة محمّد بن أبي هاشم ومعه ولده إلى السلطان ألب أرسلان يخبره بإقامة الخطبة للخليفة القائم بأمر الله وللسلطان بمكة وإسقاط خطبة العلوي صاحب مصر، وترك الأذان بـ ” حيّ على خير العمل “، فأعطاه السلطان ثلاثين ألف دينار وخلعاً نفيسة وأجرى له كلّ سنة عشرة الآف دينار(٥).
ثمّ ذكر في حوادث سنة ٤٦٣ كيفية استيلاء السلطان ألب أرسلان على حلب، إلى أن قال:… وقد وصلها نقيب النقباء أبو الفوارس طِراد بالرسالة القائمية، والخلع، فقال له محمود ; صاحب حلب: أسالك الخروج إلى السلطان واستعفائه لي من الحضور عنده، فخرج نقيب النقباء، وأخبر السلطان بأنّه قد لبس الخِلَعِ القائمية وخطب، فقال: أيّ شيء تساوي خطبتهم وهم يؤذنون «حيّ على خير العمل»؟ ولابد من الحضور ودوس بساطي، فامتنع محمود من ذلك.
فاشتدّ الحصار على البلد، وغلت الأسعار، وعظم القتال وزحف السلطان يوماً وقرب من البلد، فوقع حجر منجنيق في فرسه، فلما عظم الأمر على محمود
٣- تاريخ الخلفاء ١: ٤٢١.
٤- ولي هذا خراسان بعد وفاة والده جغري بك دواد سنة ٤٥٢، وداود كان أخ السلطان طغرلبك السلجوقي المعروف.
٥- الكامل في التاريخ ٨: ١٠٧.
وفي (النجوم الزاهرة)(٣) عن الشيخ شمس الدين بن قزاوغلي في المرآة، قال:… وضاقت يد أبي هاشم محمّد أمير مكّة بانقطاع ما كان يأتيه من مصر، فأخذ قناديل الكعبة وستورها وصفائح الباب والميزاب، وصادر أهل مكّة فهربوا، وكذا فعل أمير المدينة مهنّأ وقَطَعَاً الخطبة للمستنصر [ الفاطمي ] وخطبا لبني العبّاس ـ الخليفة القائم بأمر الله ـ وبعثا إلى السلطان ألب أرسلان السلجوقي حاكم بغداد بذلك، وأنّهما أذّنا بمكة والمدينة الأذان المعتاد وتركا الاذان بـ ” حيّ على خير العمل “، فأرسل ألب أرسلان إلى صاحب مكّة أبي هاشم المذكور بثلاثين ألف دينار، وإلى صاحب المدينة بعشرين ألف دينار، وبلغ الخبر بذلك المستنصر فلم يلتفت إليه لشغله بنفسه ورعيته من عظم الغلاء(٤).
وفي أحداث سنة ٤٦٤ قال: بعث الخليفة القائم بأمر الله الشريف أبا طالب الحسن بن محمّد أخا طرَّاد الزينبي إلى أبي هاشم محمّد أمير مكّة بمال وخلع، وقال له: غيِّر الأذان وأبطل ” حيّ على خير العمل “، فناظره أبو هاشم مناظرة
٣- في أحداث سنة ٤٢٨.
٤- النجوم الزاهرة ٥: ٢٣
الشام (سنة ٤٦٨ هـ)
جاء في (مآثر الإنافة) للقلقشندي:… تغلّب على دمشق اتسز بن ارتق الخوارزمي المعروف بالاقسيس، أحد أمراء السلطان ملكشاه السلجوقي [ ابن ألب ارسلان ] في سنة ٤٦٨ وقطع الخطبة بها للمستنصر الفاطمي وخطب للمقتدي(٣) العباسي، ومنع الأذان بـ ” حيّ على خير العمل ” ولم يخطب بعدها بالشام لأحد من الفاطميين وبقي بها إلى ما بعد خلافة المقتدي(٤).
وفي (الكامل) لابن الأثير:… ودخلها هو [ أي الاقسيس ] وعسكره في ذي القعدة وخطب بها يوم الجمعة لخمس بقين من ذي القعدة للمقتدي بأمر الله الخليفة العباسي، وكان آخر ما خطب فيها للعلويين المصريين، وتغلب على أكثر الشام، ومنع الأذان بـ ” حيّ على خير العمل “، ففرح أهلها فرحاً عظيماً، وظلم أهلها
٣- ولي المقتدي ٤٦٧ بعد وفاة والده القائم بالله، ومما يجب التنبيه عليه أنّ الخطبة للعلويين أعيدت بمكة بعد وفاة القائم بالله وقطع خطبة المقتدي وكانت مدة الخطبة العباسية بمكة أربع سنين وخمسة اشهر، ثمّ أعيدت في ذي الحجة سنة ثمان وستين وأربعمائة (انظر: الكامل في التاريخ ٨: ١٢١).
٤- مآثر الإنافة للقلقشندي ٢: ٥.
وفي تاريخ الخلفاء:… خطب للمقتدي العباسي بدمشق وأبطل الأذان بـ ” حيّ على خير العمل ” وفرح الناس بذلك(٣).
وفي تاريخ ابن خلدون:… وخطب فيها اتسز للمقتدي العباسي في ذي القعدة سنة ثمان وستين، وتغلّب على أكثر الشام، ومنع من الأذان بـ ” حيّ على خير العمل “، ثمّ سار سنة تسع وستين إلى مصر وحاصرها حتّى أشرف على أخذها، ثمّ انهزم من غير قتال، ورجع إلى دمشق وقد انتقضَ عليه أكثر الشام، فشكر لأهل دمشق صونهم لمخلفه وأمواله ورفع عنهم خراج سنة، وبلغه أنّ أهل القدس وثبوا بأصحابه…(٤)
مصر (سنة ٤٧٨ هـ)
ولي المستنصر بالله الفاطمي من سنة (٤٢٨ ـ ٤٨٧ هـ) وهو معد أبو تميم حفيد
٣- تاريخ الخلفاء ١: ٤٢٤.
٤- تاريخ ابن خلدون ٣: ٤٧٣ ـ ٤٧٤.
وفي (المنتظم): وفي شهر ذي القعدة قبض بدر الجمالي ـ أمير مصر ـ على ولده الأكبر وأربعة من الأمراء… ونفى مذكِّري أهل السنة، وحمل الناس أن يكبّروا خمساً على الجنائز، وأن يسدلوا أيمانهم في الصلاة، وأن يتختّموا في الأيمان، وأن يثوّبوا(٢) في صلاة الفجر ” حيّ على خير العمل “، وحبس أقواماً رووا فضائل الصحابة(٣).
مصر (سنة ٥٢٤ هـ)
ولي الحافظ لدين الله الفاطمي (عبدالمجيد حفيد المستنصر بالله) بعد قتل ابن عمه أبي عليّ منصور الآمر بأحكام الله في سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
قال العلاّمة أبو المظفر في مرآة الزمان:… ولما استمر الحافظ في خلافة مصر ضعف أمره مع وزيره أبي عليّ أحمد بن الأفضل أمير الجيوش، وقويت شوكة الوزير المذكور وخطب للمنتظر المهدي، وأسقط من الأذان ” حيّ على خير العمل “، ودعا الوزير المذكور لنفسه على المنابر ” بناصر إمام الحق، هادي العصاة إلى اتّباع الحق، مولى الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم ” فلم يزل حتّى
٣- المنتظم في تاريخ الامم والملوك ١٦: ٢٤٢.
وقال أبو الفداء في تاريخه:… ثمّ دخلت سنة ست وعشرين وخمسمائة، فيها قُتِلَ أبو عليّ بن الأفضل بن بدر الجمالي وزير الحافظ لدين الله العلوي، وكان أبو عليّ المذكور قد حجر على الحافظ وقطع خطبة العلويين وخطب لنفسه خاصة وقطع من الأذان ” حيّ على خير العمل ” فنفرت منه قلوب شيعة العلويين وثار به جماعة من الممالك وهو يلعب الكرة فقتلوه ونهبت داره(٣).
وفي (وفيات الاعيان):… وقبض على الحافظ المذكور واستقل بالأمر وقام به أحسن قيام، وردّ على المصادَرين أموالهم، وأظهر مذهب الإمامية وتمسّك بالائمة الاثني عشر، ورفض الحافظَ وأهلَ بيته، ودعا على المنابر للقائم في آخر الزمان المعروف بالإمام المنتظر على زعمهم وكتب اسمه على السكة، ونهى أن يؤذّن بـ ” حيّ على خير العمل “، وأقام كذلك إلى أن وثب عليه رجل من الخاصّة
٣- تاريخ أبي الفداء ٣: ٦.
وفي (نهاية الأرب في فنون الأدب): قال المؤرخ: لما بويع الحافظ لدين الله ثار الجند الأفضلية وأخرجوا ابن مولاهم أبا عليّ أحمد بن الافضل الملقب بكتيفات، وولّوه أمر الجيوش وذلك في يوم الخميس السادس من ذي القعدة منهـا، فحكم، واعتقل الحـافظ صـبيحة يوم بيعـته، ودعا للإمام المنتظـر وقـوي أمر ابن الأفـضل.
وفي سنة خمس وعشرين رتّب أحمد بن الافضل في الأحكام أربعة قضاة: الشافعية، والمالكية، والإسـماعيلية، والإمامـيّة، يحكم كلّ قاضـي بمقتضـى مذهـبه ويورّث بمقتضاه، فكان قاضي الشافعية الفقيه سلطان، وقاضي المالكية اللبني، وقاضي الاسـماعيلية أبو الفضـل ابن الأزرق، وقاضي الإمامـيّة ابن أبي كامل.
وسار أحمد بن الأفضل سيرة جميلة بالنسبة إلى أيام الآمر، وردّ على الناس بعض مصادراتهم، وأظهر مذهب الإماميّة الاثني عشرية، وأسقط من الأذان