محاسن الفضائل ومكارم الاخلاق , فهم الهداة للبشرية , والدعاة الى الخير حيث اجتباهم اللّه واصطفاهم ليكونوا قدوة واءسوة حسنة , وقد حفلت سيرتهم بالقصص الروائع التي تدل على اءهمية القيم والمثل الرفيعة في حياة الامم .
ولـمـا كـانت سيرتهم المشرقة قد غطت صفحات طويلة مماكتب عنهم ,لذلك فقد شرعت مؤسسة الامام علي (ع ) باصدار سلسلة تتناسب في اءسـلـوب عـرضـها مع مستوى الناشئين باختيار مناسبة معينة من حياتهم وطرحها على شكل قصة تـعـمـيـمـا للفائدة العلمية وتشويقا لابنائنا الكرام في المزيد من المعرفة والعطاء الروحي لتراثنا الاسلامي الخالد .
داعين المولى العلي القدير اءن يوفقنا الى ما فيه خدمة آثار السيرة المطهرة . انه ولي التوفيق . غرة شوال المكرم 1418 هـ حدث لا ينسى يـوم مـر عـلـى اهل مكة لم تشهد له مثيلا… ذلك اليوم الذي بقي خالدا في ضمائر الناس وعقولهم , تـتجسم وقائعه في مخيلة كل فرد منهم على مدى الاعوام .. في ذلك اليوم .. تيقن اهل مكة اءن معجزة قدحصلت ..
فوقف كل واحدمنهم يحاول اءن يجد عندالاخر تفسيرا لدهشته وتعجبه ؟ ((1)) والعنبرتعبق في كل مكان ..؟ قد سمعت بما هو اءعجب من هذا..
قبل ساعة كان عبد المطلب يطوف بالكعبة .. فجاة واذا بالاصنام تتساقط وتتناثر.. والصنم الكبير يسقط على وجهه .
الامـر الـذي جـعل عبدالمطلب يخرج مسرعا من الكعبة وكاءن ما حدث اءمامه اشارة له على وقوع حدث مهم .. حدث مهم .. لا اءدري ؟ بـقـي الـنـاس على هذه الحال .. حتى حضر عبدالمطلب فالتف حوله اءهل مكة مستفسرين في دهشة بالغة .. بينما كان هو فرحا مستبشرا, فبادرهم قائلا:
لقد ولدت آمنة محمدا.
(صلى الله عليه واله وسلم )
فلما راءيت ما حل بالاصنام تلجلج لساني . وحار عقلي .. وخفق فؤادي حتى صرت لا اءستطيع الكلام .. فخرجت مسرعا اءريد باب بني شيبة .. ((2)) وقد راءيت الصفا والمروة يركضان بالنور فرحا.. ولم اءزل مسرعا حتى قربت من منزل آمنة واذا بغمامة بيضاء عمت منزلها.. ولم اءعد اءبصر طريقي من شدة تلك الرائحة الطيبة التي تنبعث من المنزل .
قال اءحدهم : اذن فقد راءيت محمدا..؟ لا.. وقـد سـاءلت آمنة عنه حين دخلت عليها.. فقالت لي : قد حيل بيني وبينه .. وقد سمعت هاتفا يقول لي : لا تخافي على مولودك .. سيرد اليك بعدثلاثة اءيام .
اءقـبـلت نساء مكة على آمنة بنت وهب مهنئت لها ومندهشات من عدم ارسال آمنة في طلبهن في وقت مـخـاضها وولادتها.. فقالت لهن : لشدماعجبت حين دخلت علي اربع نسوة طوال .. تفوح منهن رائحة المسك والعنبر متنقبات .. وباءيديهن اءكواب من البلور الابيض .. فجعلت اءنظراليهن فلم اءعرف واحدة منهن .. تقدمن مني .. وقلن لي : (اشربي يا آمنة من هذا الـشـراب ..) فلما شربت اءضاء في وجهي نور ساطع وضياء لامع ..فساءلتهن متعجبة مما يحدث لي .
فـقلن : اءبشري بسيد الاولين والاخرين محمد بن عبداللّه بن عبدالمطلب (المصطفى )
(صلى الله عليه واله وسلم )
, وانا جئنا لنخدمك فلايهمك اءمرك .
وجـلـست الحوريات حولي .. فهومت عيناي .. وغفوت غفوة فلم انتبه منها حتى وجدت المولود وقد وضع جبينه على الارض ساجدا للّه رافعا سبابته مشيرا بهاالى السماء وهو يردد :
لا اله الا اللّه .
بعد ثلاثة ايام .. دخل عليه جده عبدالمطلب .. فوضعه بين يديه فرحا به مستبشرا وهو يردد قائلا:
الحمد للّه الذي اخرجك بعد ان وعدنا بمقدمك الينا.
صمت برهة .. ثم اردف : بعد اليوم لا ابالي ان اصابني الموت . ثم التفت الى آمنة قائلا: يا آمنة احفظي ولدي هذا, فسوف يكون له شاءن عظيم .
كل هذا الذي حصل جعل اهل مكة يهتمون بمحمد(صلى الله عليه واله وسلم ).. وعلى مر الزمن عرف الناس انه الوحيد الـذي يـتمتع بكافة الخصال الحميدة والتي كان من اهمها الصدق والامانة فاشتهر بينهم بـ: الصادق الامين .
وذات يـوم انـهـالت السيول غزيرة من اءعالي الجبال المحيطة بمكة المكرمة ..مما تسبب في وقوع حـادثـة جـعـلـت اءهـل مكة في حيرة من اءمرهم وهم ينظرون الى تلك السيول التي دخلت الكعبة الشريفة فتصدعت جدرانها,الامر الذي دعاهم الى عقد اجتماع فيما بينهم للتداول في اءمر الكعبة , قال اءحدهم : ما راءيكم اءن نهدم الكعبة ونبنيها من جديد..؟ فكرة جيدة .. ويمكننا اءيضا اءن نزيد في عرضها اءو ارتفاعها. قـالـهـا آخـر واءيـده معظم الحاضرين .. ولكن سرعان ما اءشار اليهم شخص ثالث قائلا: مهلا اءلا تخشون اءن تنزل علينا عقوبة من السماء.. لو شرعنابتهديمها..؟ حقا ولكن ما العمل اذن ؟ قالها معظمهم وقد تسرب الخوف الى قلوبهم .. فاءشفقوا من وضع معاولهم فيها خشية نزول العقوبة . وبينما هم على هذه الحالة .. قال لهم رجل يدعى الوليد بن المغيرة : يا قوم نحن لا نريد الا الاصلاح .