الشيعة وفلسطين – عبد الستار الجابري
الموقف الشيعي الرسمي من طوفان الاقصى
الحلقة الحادية والعشرون
– العراق والقضية الفلسطينية
بلاد مابين النهرين من الطوفان الى الحرب العالمية الاولى
شاعت ديانة الشرك في مختلف مناطق المعمورة بعد فترة طويلة من الطوفان حتى بعث الله تعالى ابراهيم (عليه السلام) داعياً الى وحدانية الله عز وجل وبدأ جيل التوحيد بالظهور كمجتمع في وسط مجتمع الشرك، ومضت على ذلك عدة قرون حتى اقام اليهود مملكتهم في بلاد الشام وكانت تحدهم من الغرب مملكة الفراعنة في مصر وفي الشرق مملكة بلاد الرافدين، وتشاء الاقدار ان ينقسم اليهود الى مملكتين عاصمة احداهما يهودا وعاصمة الاخرى الناصرة، وتتصارع تلك المملكتان اليهوديتان وترتبط بحلف احداهما بالمصريين والاخرى بالبابليين، وتتطور الاحداث فيقرر نبوخذ نصر الملك البابلي الزحف الى العاصمة الحليفة لمصر والقضاء عليها ثم يعيد الكرة على العاصمة الاخرى ليتحقق السبي البابلي الكامل ويقاد اليهود اسارى الى مملكة بابل وينتشرون هناك في مختلف بقاع تلك المملكة المترامية الاطراف حتى ينتصر الملك كوروش الفارسي على البابليين وينهي دولتهم ويسمح لليهود بالعودة الى بلادهم، فيعود البعض الى بلاد الشام ويبقى الاكثر لينتشروا في بلاد فارس والرافدين مضافاً الى بلاد الشام ومصر. وبسقوط المملكة البابلية تنتهي قصة استقلال بلاد الرافدين وتبقى تحت هيمنة الامبراطورية الفارسية حتى فتحها العرب في الغزو العربي للعالم بعد رحيل النبي (صلى الله عليه واله). وفي خلال تلك الفترة الزمنية انتقلت بعض قبائل اليمن الى العراق وكانت تعتنق الديانة النصرانية وهم الذين عرفوا بالمناذرة كما سكنت قبيلة يمانية اخرى بلاد الشام وهم الغساسنة وكانوا يعتنقون الديانة النصرانية ايضا، وكانت عاصمة المناذرة في الحيرة وهي منطقة تتبع اليوم مركز محافظة النجف الاشرف وتعرف بقضاء المناذرة واسمها المتعارف بين الناس ابو صخير وهكذا وبمرور الزمن انتهى عصر الوثنية في العراق واصبح البلد يخضع لديانة التوحيد من خلال نصرانية العرب ومجوسية الفرس.
وبقي العراق على هذا الحال حتى سقطت الامبراطورية الفارسية واصبحت بلاد السواد تتبع حكم الدولة الجديدة التي عاصمتها المدينة المنورة، ولم يمر الوقت طويلاً حتى مصرت البصرة سنة 14ه ثم تلاها تمصير الكوفة سنة 17ه لتكونا مركز انطلاق الجيوش نحو الشرق وتمكنت القبائل العربية النازحة من اليمن ونجد وتهامة الى العراق من فتح مناطق شاسعة من العالم حتى تمكنوا من فتح خراسان التي تمتد الى افغانستان اليوم وارمينيا واذربيجان ووصلوا الى تخوم بلاد الروم – تركيا الحالية – واصبحت تلك الفتوحات من الاسباب المهمة لتنامي الثروة في الامصار الحديثة النشوء، والتي ما لبث ان اصبحت مراكز علمية مهمة في البلاد، فكانت المدينة المنورة والبصرة والكوفة من المراكز المهمة التي تشد اليها الرحال لتلقي العلم وفي الكوفة ظهرت العديد من الاتجاهات الفكرية والسياسية فالكوفة كانت علوية الهوى انتشر فيها التشيع بالاضافة الى مذهب اهل الرأي – مذهب ابي حنيفة – وفيها ظهرت حركة الخوارج وكانت مصدر قلق دائم للدولة الاموية وكان اول من نقل مركز الخلافة اليها امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ثم اصبحت الكوفة عاصمة للدولة العباسية قبل ان يتحول المنصور الى بغداد بعد ان شعر ان الكوفة تشكل خطراً كبيراً على كرسي حكمه، وفي البصرة ثاني امصار بلاد السواد واولها انشاء كانت الحركة الفكرية على اوجها فكانت ساحة الحركة الفكرية للشيعة ولاتباع بني امية ومحدثيهم مثل سفيان الثوري وفيها ظهرت حركة الاعتزال التي يعد الحسن بن يسار البصري احد باذري بذورها والتي تأسست رسمياً على يد واصل بن عطاء البصري، وفيها ظهرت حركة اخوان الصفا الفلسفية مضافاً الى حركة الاعتزال التي ظهرت في البصرة ثم انتقل تأثيرها الى بغداد، وعلى الصعيد السياسي كان العراق بمصريه البصرة والكوفة ذو تأثير كبير على مجريات الاحداث السياسية فالبصرة والكوفة ومصر قاد ابناؤها اول تظاهرة مطالبة بالاصلاحات السياسية والاجتماعية والادارية والتي انتهت بمقتل عثمان بن عفان وبيعة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) وعلى ارض العراق جرت حربين ضروسين قادهما التحالف القرشي – الاموي ضد امير المؤمنين (عليه السلام) وهما حرب الجمل وحرب صفين، والتي رسمت الشخصية العراقية منذ ذلك التاريخ، حيث لم يتحول العراق الى بلد موال للسلطة بل بقي على مر الدهور علوي الهوى لذا ذاق شعبه الامرين في ايام بني امية وبني العباس، ففي العراق انطلقت ثورة الامام الحسين (عليه السلام) ضد يزيد وثورة التوابين ضد بني امية وثورة المختار ضد الامويين والزبيريين وثورة زيد بن علي (عليهما السلام) ضد الامويين، وثورة الكوفة بقيادة ابن الاشعث ضد الحجاج وثورة يوسف بن عمر الثقفي احد عمال الامويين ضد بني امية، ومن البصرة انطلقت ثورة ابراهيم احمر العينين ضد بني العباس والتي كادت ان تسقط العرش العباسي، ثم ثورة ابي السرايا وبعدها ثورة الزنج، ومن ميسان تحرك بنو اسد لاقامة امارتهم في الحلة والتي امتدت من جنوب الموصل الى هجر – الاحساء – وامارة بني حمدان في الموصل وحلب والتي سطرت اعظم الانتصارات ضد الصليبيين على مدى قرن من الزمان وفي بغداد ازدهرت الحركة الفكرية في ظل الدولة البويهية بعد عقود قرون عجاف تسبب بها الاتراك والسلاجقة وحتى سقوط بغداد على يد المغول ثم عودة الحرية الفكرية في عهد الدولة الجلائرية والتي كان لعلماء الحلة الدور البارز فيها.
ثم اصبحت ارض الرافدين ساحة للصراع بين الصفويين والعثمانيين، ثم احكم العثمانيون قبضتهم على العراق حتى سقوط الدولة العثمانية على يد الانجليز في الحرب العالمية الاولى.
إقرأ المزيد ..
قائد الثورة: جبهة الاستكبار بلا شك ضد الانتخابات الإيرانية/على الجميع المشاركة في الانتخابات