يقول الله تعالى في محكم كتابه:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾1.
﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾2
1- سورة آل عمران، الآيتان: 130ـ 131.
2- سورة البقرة، الآية: 275.
إنّ الربا من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب في الشريعة المحمّدية. ومن يتدبّر في الآيات والروايات يجد أنّه قد شدّد القرآن الكريم في تحريم الربا ما لم يُشدِّد في أيّ ذنب من الذنوب “ما خلا تولّي أعداء الله”، وهذا ما يستظهره العلامة الطباطبائيّ في تفسيره.
يقول قدس سره: “.. وأمّا سائر الكبائر فإنّ القرآن وإن أعلن مخالفتها وشدّد القول فيها، فإنّ لحن القول في تحريمها دون ما في هذين الأمرين، حتّى الزنا وشرب الخمر والقمار والظلم وما هو أعظم من ذلك كقتل النفس الّتي حرم الله… فجميع ذلك دون الربا…”3.
وطبعاً عندما تسمع بهذا التشديد والتغليظ بشأن الربا لا بدّ لك أن تتساءل: ما السبب في ذلك؟! لماذا يكون الربا أعظم من الزنا، بل حتّى الزنا بالمَحرم، وأعظم من القتل؟!
نقول لا بُدّ أن تعرف أنّ التشديد في شيء أو الدفع نحو شيء في الشريعة ليس أمراً انتقائياً ومن دون خلفيات واقعية قد تُعلم لدينا وقد لا تكون معروفة. هذه الخلفيات تُسمّى ملاكات الأحكام, فكلّ حكم له مصلحة ينشأ عنها إن كان وجوبياً أو ندبياً استحبابياً، وله مفسدة إن كان تحريمياً أو فيه كراهة.
وعليه فشدّة الحرمة للربا لها خلفيتها الّتي يمكن إدراكها من خلال الروايات أو الاستنباط والتجربة والتحليل الّذي يخضع إلى كلّيّات الشريعة المقدّسة.
3- تفسير الميزان، السيّد الطباطبائي، ج 2، ص 409.
نقول إنّ الكبائر الأخرى كالسرقة والزنا… تلحق بالفرد وقد تتعدّى لأفراد محدّدين إلا أنّ الربا قد تعمّ بلواه فتصل إلى محق الدِّين وطمس الفطرة الإنسانية ويفسد نظام النوع الإنسانيّ ككلّ، وقد يؤدّي إلى الحروب العالمية كما قد ذكر بعض المفكرين. ولنذكر بعض ما يترتّب على الربا ويلازمه من آثار خطيرة على المجتمع الإنساني وعلى الدِّين.