الرئيسية / الاسلام والحياة / مفهوم أدب الأطفال تاريخ أدب الاطفال عند العرب

مفهوم أدب الأطفال تاريخ أدب الاطفال عند العرب

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله

إن الإعتقاد السائد في العالم اليوم هو أن قضية الطفولة تحتل أولوية مطلقة، وذلك ما نراه في دراسات وبرامج المؤسسات المعنية سواء في ذلك الإعلام والتربية والتعليم والصحة والفنون بشتى ألوانها.

وحل مشاكل الطفولة، هو الخطوة الأولى لإصلاح مسار الحياة، والتغلب على تعقيداتها وسلبياتها وهمومها..

وأدب الأطفال يلعب دوراً بارزاً وخطيراً في هذا المجال، وما نقدمه في هذا الكتاب ما هو إلا محاولة متواضعة، في وضع تصور صحيح لمفهوم هذا الأدب، على ضوء تعاليم الإسلام وتجربته الحضارية الفذة.. أو بمعنى آخر (أسلمة) أدب الأطفال، دون إهدار للقيم الجمالية لكل نوع من أنواعه..

والله من وراء القصد.. والسلام.

مفهوم أدب الأطفال

جاء الإسلام بمنهج شامل متكامل للحياة، وكان هذا المنهج الإلهي نظاماً أمثل، من جهة النصوص والتطبيق، وكان نزوله منجماً وتدريحياً، ولم يترك ذلك المنهج شاردة ولا واردة في حياة الفرد والجماعة إلا وتناولها إجمالها أو تفصيلاً.

على هذا الأساس كانت مسئولية المسلم.

وبديهي أن تلك المسئولية تتحدد في نطاق المبادئ الإسلامية والتشريعات والآداب التي يجب أن نترسم خطاها في حياتنا، من هنا كانت مسئولية (الكلمة).. كما كانت مسئولية (الفعل).. بل مسئولية المشاعر والعواطف والأهواء (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به). وهو أمر يقتضي إرادة قوية، ومجابهة لقوى الشر ونزواتها. وقد عرف بعض النقاد الأدب بأنه (فن الكلمة) وعرفه آخرون بأنه هو (المكتوب أو المنطوق من الكلام الجميل) وقالوا أيضاً: (إن العمل الأدبي يتحد مع النفسي)، أو يتمثل في نفوسنا، وفي نشاطنا النفسي..

وأضافوا أيضاً (أن آثار الأدب هي المتعة والمنفعة) (وأنه تعبير عن الحياة وسيلته اللغة)، وإن كان التعبير عن الحياة لا يعني نقلها إلينا كما هي، ولكنه يعبر عنها ويفسرها أو ينقدها، أو ينقل إلينا فهم الأديب للحياة، ووجهة نظره في أية قضية من القضايا، فالأديب يتخذ (موقفاً) فكرياً، ولذا يستطيع التأثير في مجتمعه، ولهذا يرى النقاد ـ بعضهم ـ أن المضمون الاجتماعي للعمل الأدبي، لا يستمد من واقع الحياة في المجتمع، بل من موقف الأديب الفكري من الحياة في هذا المجتمع، والمضمون في ذاته قيمة، وهو قيمة تتولَّد عن موقف الأدب الفكري، من القيم الأخرى السائدة في المجتمع..

وهكذا نرى أن (المذاهب الأدبية) و (المدارس الفنية)، قد اختلفت في التعريف والمفهوم بالنسبة للأدب، كما اختلفت أيضاً حول المؤثرات التي تفعل فعلها فيه، وهذه الآراء والتصورات المتضاربة إنما تبعث أساساً من فلسفات إعتنقها القوم، فجعلتهم يتخذون وجهات شتى تتفق وقناعاتهم الشخصية، ونظمهم السياسية، (فالواقعيون) لا يؤمنون إلا بالحقيقة الواقعة التي يمكن الوصول إليها عن طريق التجربة، وينكرون أي عالم علوي فوق المحسوس، (والرمزيون) ـ على الرغم من معارضتهم لهرطقات العلم المادي الملحد ـ إلا أنهم أغرقوا أنفسهم في متاهات صوفية غامضة، وأولوعوا بالرموز التي تميع الدلالات المحددة، وتلقي بالفرد في غمرة إيحاءات وأجواء غريبة، و (الكلاسيكية) إستندت إلى التجريدات العقلية وحدها، بينما تشبثت (الرومانتيكية) بالعاطفة، وتغنَّت باليأس والألم والعذاب والضياع، وانحرفت (السريالية) إلى الآلية النفسية الصرفة، وأنكرت رقابة العقل، وحاولت الإيغال بعيداً عن الإهتمامات الأخلاقية بل والفنية، وقدم (الوجوديون) مسرحاً رافضاً متمرداً ساخطاً على كل القيم والتقاليد والأعراف والأديان، وتقوقعوا حول ذواتهم يقدمون لها القرابين والصلوات، وهو ضرب من الوثنية الضالة..

والآن، أين نحن كمسلمين من هذا الاضطراب الهائل؟؟ وأين نقف من هذه التيارات والفلسفات؟؟

لقد قلنا في بداية حديثنا هذا أن الأديب المسلم مسئول، وأن مسئوليته تحددها رسالته في الحياة، وتحكمها القيم الإسلامية، والعقيدة المبرأة من الشرك والأوهام، والشرائع المنزلة من الله على عبده ورسوله محمد بن عبد الله(ص) (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد، فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً، ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) (سورة الكهف).

والنتيجة الواضحة:

ـ أن محمداً بشر يوحى إليه.

ـ العمل الصالح هو رسالة المؤمن

ـ العقيدة هي التوحيد

الأدب الإسلامي ـ في ضوء الإسلام ـ يعنى بفن الكلمة، وليس أدل على ذلك من أن المعجزة الكبرى لدينا هي القرآن، وهو إعجاز بلاغي وبياني فوق طاقة أي بشر (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن، لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً).

والأدب الإسلامي، يتعلم من القرآن جمال السرد، وترابط الأفكار، وروعة التعبير لفظاً وجملة وعبارة وتأثيراً، كما يعنى بالبناء الكلي أو الصورة الفنية الممتعة المقنعة المفيدة، دونما شطط أو تضليل، ولا يبذر بذور الحيرة أو الملل أو الغموض في عقل الإنسان ووجدانه ونفسه.

والأدب الإسلامي لا يستمد مضمونه من قيم إجتماعية مريضة، أفرزتها تجارب معتلة، تؤثر فيها النزوات والأحقاد والأهواء، وإنما يستلهم الأدب الإسلامي مضمونه من عقيدة التوحيد، وكنوز الحضارة الإسلامية، وإرثها الإلهي المنزَّه عن الخطأ والهوى..

ولا يعني ذلك تجاهل (التفاعلات) الإجتماعية الصاخبة، وما يسود الحياة من خير وشر، وصالح وطالح، وسقم وصحة، فالأديب المسلم مطالب بتصوير الأزمة، وتحليل أبعادها، والبحث في أسبابها، والنظر إلى مضاعفاتها وآثارها، ووضع التشخيص المناسب للعلة، مع الإيحاء ـ بالاسلوب الفني المباشر وغير المباشر ـ بما يجب أن يتحرك الفرد والمجموع في إتجاهه، دون إهدار للقيم الجمالية والفنية.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...