الأربعون دقيقة التي أطل بها السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي زعيم حركة انصارالله من خلال قناة المسيرة اليمنية التابعة للحركة، كانت صاعقة لدولة العدوان على اليمن وذيولها.
فقد فضحت كل شائعاتهم واراجيفهم وكذبهم، وكشفت سوآتهم امام اتباعهم والعالم بعد 25 يوم من العدوان والقصف الهمجي، ولا ادري هل وعى المساكين المقصوفة عقولهم في مدن الملح انهم أمام جبل شامخ لاينال منه ونبع صاف لامجاجة فيه وبحر هائج لا تقاوم أمواجه قواربهم الخشبية.
أجل.. كل من سمع ذلك الخطاب الايماني المقاوم وتلك النبرة الواثقة يدرك أن لا سلام مع المعتدين ولا تراجع ولا رضوخ، بل ان الأهوال لا تزال في الطريق، وان اصحاب النزوة الصبيانية وقادة الحرب “الخاطفة” عليهم ان يستعدوا لحرب طويلة ستكلفهم غاليا، وان مقدرات الشعوب وقرارها لاتشترى بحفنة ريالات ودراهم.
ومن خطاب السيد الحوثي نفهم ان استراتيجية المقاومين للعدوان السعودي، تقوم على:
1. الامساك بالمزيد من الأرض للحيلولة دون تنفيذ المخطط السعودي ـ الأميركي بتقسيم اليمن الى 6 أقاليم ومن ثم 6 دويلات ضعيفة تكون تابعة للسعودية وأميركا.
2. خلق أكبر قدر من الأجماع الجماهيري والقبلي والذي مكن انصارالله التحول من قوة محلية الى قوة وطنية.
3. تنظيف الجيوب من المرتزقة الذين استطاعت الحركة واللجان الشعبية والجيش اليمني من دحرهم وافشال مخططهم بالسيطرة على عدن واقتطاع الجنوب لتحويله الى قاعدة سعودية أميركية.
4. حصر المعتدين ومرتزقتهم في نفس الزاوية التي حشرت فيها “القاعدة” وهذا بحد ذاته يبين أمرين: الاول، ذكاء وحنكة القيادة الحوثية وحلفائها، والثاني، حجم المأزق الذي تواجهه السعودية وداعمتها أميركا.
5. الأهم من ذلك كله، ان استراتيجية امتصاص الضربة الاولى وتحويلها الى حرب استنزاف للمعتدين أتت أوكلها، وبدأ الاعلام الحربي السعودي الاعتراف ببعض ما يناله، وما خفي وصمت عنه كان أعظم!
هذه الاستراتيجية الميدانية الحوثية، يجري دعمها من الخارج بالخطوات التالية:
1. الضغط من أجل وقف العدوان وتقديم الحلول السياسية والمبادرات لحلحلة الازمة القائمة.
2. العمل من أجل ايصال المساعدات الانسانية والطبية للمنكوبين واهالي المدن والقرى الذين دمر المعتدون جميع مرافق الحياة لديهم، والضغط على التعنت والهمجية السعودية التي تمنع حتى ايصال المساعدات للمدنيين.
3. استراتيجية حافة الهاوية والتي قد تتحول الى صدامات عسكرية محدودة دون اتساع رقعتها لتكون حرب اقليمية، قد يكون ارسال سفن حربية ايرانية الى بحر العرب وبالقرب من باب المندب مؤشرات لذلك.
لقد سقطت السعودية في المستنقع اليمني، ولم تعتبر بتجربة سيدتها أميركا في حروب فيتنام وافغانستان والعراق، رغم الفارق بين قدرات أميركا العسكرية والسياسية والاقتصادية وهشاشة الوضع السعودي الذي عجز عن ضم اقرب حلفائه (باكستان) لحملته العسكرية.. وظهر التخبط والجنون السعودي عندما بدأت السعودية تصعد من خطابها الطائفي وتستعين بالفتاوى المرتزقة وتدعم التكفيريين والقاعديين للتعويض عن فشلها.
ان خطاب السيد عبدالملك الحوثي، يعبر عن مرحلة جديدة من المواجهة، مرحلة بالتأكيد ستكون باهضة الثمن على المعتدين، بعد الجرعة الكبيرة التي تلقاها انصاره وحلفائه بظهوره التلفيزيوني.. مرحلة تصعيد لا يوقفه سوى اعلان السعودية عن فشل عدوانها، وهو ما نستبعده في ظل الاوضاع الراهنة وبسبب التصيد السابق للخطاب السعودي.. وعلى نفسها جنت براقش!