الرئيسية / الاسلام والحياة / في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

17

لا تناله الأوهام فتقدره ، ولا تتوهمه الفطن فتصوره ، ولا تدركه الحواس فتحسه ، ولا تلمسه الأيدي فتمسه ، لايتغير بحال ، ولا يتبدل بالأحوال (1) ، لاتبليه الليالي والأيام ، ولا يغيره الضياء والظلام ، ولا يوصف بشيء من الاجزاء، ولا بالجوارح والأعضاء، ولا بعرض من الأعراض ، ولا بالغيرية والابعاض .
ولا يقال له حد(2) ولا نهاية، ولا انقطاع ولا غاية، ولا ان الأشياء تحويه فتقله أوتهويه ، أو ان شيئاً يحمله فيميله أو يعدله، ليس في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج ، يخبر بلا لسان ولهوات ، ويسمع بلا خروق وأدوات ، يقول ولا يلفظ ، ويحفظ ولا يتحفظ ، و يريد ولا يضمر، يحب ويرضى من غير رقة، ويبغض ويغضب من غير مشقة .
يقول لما(3) أراد كونه كن فيكون ، لابصوت يقرع ، ولانداء(4) يسمع ، وإنما كلامه(5) فعل منه أنشأه ومثله ، لم يكن من قبل ذلك كائناً، ولوكان قديما لكان إلهاً ثانيأ لايقال كان بعد أن لم يكن فتجرى عليه الصفات المحدثات ، ولا يكون بينها وبينه فصل [ولا له عليها فضل، فيستوي الصانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدىء والبديع ](6) .
خلق الخلائق على غير(7) مثال خلا من غيره ، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه .
وأنشأ الارض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها على غيرقرار، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم ، وحصنها من الأود والإعوجاج ، ومنعها من التهافت والانفراج ، أرسى أوتادها ، وضرب أسدادها ، واستفاض عيونها ، وخد أوديتها ، فلم يهن ما بناه ، ولا ضعف ماقواه ، هوالظاهرعليها بسلطانه وعظمته ، وهوالباطن لها بعلمه ومعرفته ، والعالي [على](8) كل شيء منها بجلاله وعزته ،لا يعجزه شيء منها يطلبه (9)،
____________
1 – في الأصل ،: من الأحوال ، وما أثبتناه من النهج .
2 – في الأصل : عد، وما أثبتناه من النهج.
3 ـ في النهج : لمن .
4 – في النهج : ولا بنداء.
5 – في النهج زيادة: سبحانه .
6 – أثبتناه من النهج .
7 – في الأصل : خير، وما أثبتناه من النهج.
8 – أثبتناه من النهج .
9 – في النهج : طلبه .
===============
ولا يمتنع عليه فيغلبه ، ولا يفوته السريع منها فيسبقه ، ولا يحتاج إلى ذي مال فيرزقه ، خضعت الأشياء له فذلت (1) مستكينة لعظمته ، لاتستطيع الهرب من سلطانه إلى غيره فتمتنع من نفعه وضره ، ولا كفؤله فيكافئه ، ولانظيرله (2) فيساويه .
هو المفني لها بعد وجودها، حتى يصيرموجودها كمفقودها، وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها، بأعجب من إنشائها واختراعها، وكيف ولو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها، وما كان من مراحها(3) وسائمها، وأصناف أسناخها وأجناسها، ومتبلدة اممهاو اكياسها،على احداث بعوضة ماقدرت على احداثها، ولا عرفت كيف السبيل إلى إيجادها، ولتحيرت عقولها في علم ذلك وتاهت ، وعجزت قواها وتناهت ، ورجعت خاسئة حسيرة، عارفة بأنها مقهورة، مقرة بالعجز عن إنشائها، مذعنة بالضعف عن إفنائها .
وأنه يعود سبحانه بعد فناء الدنيا وحده لاشيء معه ، كما كان قبل ابتدائها، كذلك يكون بعد فنائها، بلاوقت ولا مكان ، ولا حين ولا زمان ، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات ، وزالت السنون والساعات ، فلا شيء الا الواحد القهار، الذي إليه مصير جميع الاُمور .
بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها، ولوقدرت على الامتناع لدام بقاؤها، لم يتكاءده (4) صنع شيء منها [ إذ](5) صنعه ، ولم يؤده منها خلق ما برأه وخلقه ، ولم يكونها لتشديد سلطان ، ولا لخوف من زوال ونقصان ، ولا للاستعانة بها على ند مكاثر، ولا للاحتراز بها من ضد مثاور، ولا للازدياد بها في ملكه ، ولا لمكاثرة شريك في شركه ، ولا لوحشة كانت منه (6) فأراد أن يستأنس إليها .
ثم هو يفنيها بعد تكوينها، لالسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا لراحة واصلة إليه ، ولا لثقل شيء منهاعليه ، لايمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة افنائها ، لكنه
____________
1 – في النهج : وذلت .
2 – ليس في النهج .
3 – في الأصل : مراحمها، وما أثبتناه من النهج .
4 – في وصفه تعالى «لابتكاءده صنع شيء كان » أي لايشق عليه «مجمع البحرين 3 :135».
5 – أثبتناه من النهج .
6 ـ في الأصل : منها، وما أثبتناه من النهج.

شاهد أيضاً

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

21 تفسير سورة الإخلاص (قل هواللّه أحد) معناه أنه غيرمبعض ، ولا مُجَزّأ، ولا موهم ...