“إن كل الأقنعة التي تحاول هذه السلطة أن تلبسها لتخفي معايبها لم تعد مجدية، لأنه لم يبقى شيء مخفي، فالجميع يعرف أن الإرهاب صناعة سعودية بامتياز وإن كل وسائل الإعلام لا تستطيع أن تخفي هذه الحقيقة”.
هذا ما قاله الكاتب ‘جورج آلن’ في مقالة له بصحيفة ‘الاندبندنت’ البريطانية الأحد الماضي، مؤكدا أن ما أصدره الملك عبد الله من قانون لمكافحة الإرهاب والمعاقبة عليه، هي حركة إعلامية استباقية قبل زيارة ‘أوباما’ للمملكة، لإيصال رسالة مفادها “نحن نلتزم بالحدود الحمراء التي رسمتموها لنا”.
وحتى نكون أكثر تحديدا، فالرسالة التي يتحدث عنها ‘جورج آلن’، جائت بمثابة عربون ولاء وطاعة من الأمير ‘محمد بن نايف’ وزير الداخلية، وهو الرجل الذي عينته الإدارة الأمريكية مسؤولا عن جهاز المخابرات بدل ‘بندر بن سلطان’، ومسؤولا أيضا عن الملف السوري، بسبب نجاحه المزعوم بحملته ضد أنشطة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مقابل أن تدعمه إدارة ‘أوباما’، في حال نجاحه في مهمته الجديدة، ليتولى العرش في مملكة الرمال والزيت والحقد، بعد رحيل العاهل الحالي ‘عبد الله’ (أبو متعب)، الذي يبدو أن تدهور حالته الصحية قد يؤدي إلى إلغاء زيارة الرئيس ‘أوباما’ المرتقبة إلى السعودية في متم هذا الشهر، وفق مصادر سعودية مقربة من دوائر القرار بالرياض.
وللإشارة، فقد تم هذا التكليف الأمريكي للأمير السعودي ‘محمد بن نايف’، من دون إستشارة مجلس الشوري السعودي الذي يفترض أنه هو من يتولى الفصل في قضية الخلافة، وذلك خلال الزيارة التي قام بها إلى واشنطن في الفترة من 11 ـ 13 شباط/فبراير الماضي، ولقاؤه برؤساء الأجهزة الأمنية، وأعضاء من اللوبي المسيحي الصهيوني، وتتويج الزيارة بلقاء الرئيس الأميركي ‘أوباما، ما اعتبر من قبل المراقبين، بمثابة إعادة تموضع في معادلة السلطة داخل المملكة، حصل بموجبها ‘محمد بن نايف’ على بطاقة عبور إلى العرش، مشروطة بتنفيذ خطة “احتواء تداعيات الحرب السورية”.
هذه الإنعطافة الأمريكية المفاجأة تجاه الأمير ‘نايف’ أغضبت الأمير ‘متعب’ ولي العهد، والذي يطمح بحكم المنصب والأحقية إلى أن يتولى شؤون المملكة بعد رحيل والده، فقرّر أن يسافر إلى عدد من الدول كفرنسا وباكستان والهند واليابان والصين، وعقد إتفاقية قيل أنها “إستراتيجية” مع فرنسا ثم مع الصين بعدها في مجالات عدة، وهذه الزيارات تعني بوضوح أن السعودية اليوم أمام بدائل متاحة، في حال استمر النأي الأميركي، الأمر الذي إعتبرته الإدارة الأمريكية رسالة تصعيدية وصلت فحواها. وهذا ليس بالموقف الجديدن فقد سبق للأمير ‘بندر’ أن تقيأ غضبه على الإدارة الأمريكية في العلن، بسبب تراجعها عن الضرية العسكرية لسورية وإتفاقها المبدئي في الملف النووي الإيراني الذي رأت فيه السعودية خطرا جسيما يهدد دورها ونفوذها في المنطقة، فقال في تصريح إعلامي، أن للسعودية خيارات لتحالفات أخرى قوية، تحميها من المخاطر المُتربّصة بها.
ويؤكد متابعون للشأن السعودي، أن الصراع المستتر الدائر على الخلافة بين ‘متعب’ و ‘نايف’ هو الذي عجّل بظهور قانون مكافحة الإرهاب الجديد، الذي يحمل بصمة الأمير ‘نايف’، ويراد منه ضرب عصفورين بحجر:
الأول، حماية المملكة من إرتدادات الإرهاب القادم من العراق وسورية واليمن، كما أكدت عديد التقارير الإستخبارية الغربية والعربية، وسبق أن حذر الرئيس الأسد والرئيس المالكي كما الرئيس بوتين، من إرتداد الإرهاب الوهابي على كامل دول المنطقة.
وها هو خطر الإرهاب أمسى داهما بإعلان أمير “داعش” عزم تنظيمه القيام بعمليات “إستشهادية” على الأراضي السعودية، انتقاماً من النظام السعودي على إدراجه عدداً من المنظمات من بينها “الإخوان”، على قوائم الإرهاب. وهددت “داعش” بنقل العمليات إلى قلب العاصمة السعودية ‘الرياض’، مُتّهمة النظام السعودي بمحاربة الإسلام والمجاهدين.
الثاني، محاربة المعارضة وكل من تُخوّل له نفسه الخروج عن طاعة ‘ولي الأمر’، وخاصة الجماعات الإسلامية السلفية ومنها جماعة الإخوان المسلمين التي تربّت في حضن الوهابية وتغذّت من فكرها المتطرّف ثم إنقلبت عليها، ولعل عراب الإرهاب الدولي ‘أيمن الظواهري’ المصري الإخواني والتكفيري الوهابي، يمثل النموذج البارز لتحالف الشر الإخواني مع الإجرام الوهابي.
وكانت جماعة الإخوان هي أول جماعة تلجأ للعنف والإرهاب لإحداث التغيير السياسي في مصر، وهي الجماعة التي لها مؤيدوها من كبار الساسة وصناع القرار في البيت الأبيض، ولها إنتشار لا يستهان به في منطقة الخليج بما في ذلك السعودية، ولا زالت أمميتهم تحلم بأن يحكم الإسلام السياسي الإخواني العالم العربي بما في ذلك شبه الجزيرة العربية لما لها من رمزية دينية مقدسة في الوعي الجمعي للأمة.
وما يؤكد هذا الطرح الذي يكشف الخلفية الحقيقية التي تتستّر وراء قانون الإرهاب، هو ما قاله ‘دوايت بشير’، نائب مدير شؤون السياسات والأبحاث لدى اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية، وهي هيئة فيدرالية مكونة من ممثلين عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تسهم في صنع السياسات الأمريكية، حيث قال: “من المؤسف أن البيان السعودي المتعلق بمكافة الإرهاب، يمزج بين رغبة الحكومة المستمرة في الحد من الحرية الدينية وحرية التعبير وبين جهودها لمكافحة التطرف والإرهاب”. مضيفا في حديث لـ CNN الأحد الماضي: أن “البيان يعزز المخاوف الموجودة منذ زمن طويل بأن السعودية لن توفر جهدا في سحق المعارضين ومعاقبة الآراء المخالفة حتى وإن كانت تلك الآراء محمية ضمن حقوق الإنسان المقرة عالميا”. وهي إشارة واضحة لجماعة الإخوان المسلمين، التي رفضت الإدارة الأمريكية قرار السعودية، وقبلها مصر، بإدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية.
السعودية فهمت أن أمريكا غاضبة من تمردها على سياساتها في المنطقة حين دعمت ثورة العسكر ضد الإخوان في مصر، فضربت بذلك قلب المشروع الأمريكي في مقتل. وأمريكا غاضبة أيضا من فشل السعودية في سورية، وتداعيات هذا الفشل بإنتشار الإرهاب في المنطقة والعالم، وغاضبة من التحالفات المشبوهة التي تحاول الرياض إقامتها لخلق نوع من التوازن الأمني على المستوى الإقليمي مع إيران، بدل التفاوض مع طهران والدخول في إتفاقيات أمنية وشراكة إقتصادية تعود بالنفع على شعوب المنطقة. وغاضبة من الوضع القائم في البحرين وفشل السعودية في إيجاد حل يعيد الأمن والهدوء للمشيخة، لأن إستمرار الإحتجاجات قد يتطور إلى ما لا تحمد عقباه، وهو الأمر الذي جعل وزارة الحرب الأمريكية تعد خطة مستعجلة لإخلاء قاعدة البحرين العسكرية لجهة أخرى في حال سائت الأحوال وإنفجرت المنطقة. وغاضبة أخيرا من إستحالة إقدام النظام السعودي الثيوقراطي الرجعي على إصلاحات ديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان، التي أصبحت تنتقد على مستوى العالم، ما يمس بسمعة أمريكا ويكشف تناقضها الفاضح وتعاملها بمكيالين مع الأنظمة التي لا تحترم شعوبها، وعلى رأسها السعودية بامتياز.
وبسبب عدم ثقة الرياض في أمريكا، وخوفها مما يكون قد حُضّر لها في ليل بلا قمر في دهاليز البيت الأسود بواشنطن، تسعى الرياض لإقامة مجلس تعاون جديد تحت مسمى “مجلس التعاون الإستراتيجي”، يضم مصر والسعودية واﻻمارات والبحرين واﻻردن والمغرب، لمواجهة ما يقال من أنها “مخططات إخوانية لهدم الخليج”. بمعنى، أن هذا التحالف الإستراتيجي الجديد، سيكون دوره محصورا في مواجهة إنتفاضات الشعوب وعلى رأسها الإضطرابات المحتملة في السعودية لوئدها في مهدها، وخلق نوع من توازن الرعب مع إيران. ومعلوم أن “إسرائيل” تعتبر عضوا فاعلا في هذا التحالف، لكن في السر، وقد كان لافتا زيارة وفد سياسي وأمني مصري رفيع أمس لتل أبيب، وإتفاقه مع المسؤولين الصهاينة على محاربة الإرهاب، ودليل نجاح هذا الإجتماع، هو طلب إسرائيل من الرئيس ‘أوباما’ الإسراع بتزويد مصر بطائرات ‘هيلكوبتر’ لمحاربة الإرهاب.
وهناك تسريبات تتحدث اليوم عن أول خطوة في بناء منظومة دفاعية مصرية في الخليج على شطل قاعدة عسكرية قد تكون في الإمارات التي وعدت بضخ مبلغ 5 مليار دولار لدعم إقتصاد مصر المتداعي. هذا التوجه الجديد، أكد صحته دبلوماسي عربي لوكالة الأناضول الأربعاء، حيث نقلت عنه قوله: “أن مسؤول سعودي كشف لمسؤولين مصريين عن هذا التوجه، وذلك خلال اجتماع طارئ عقد مساء الأربعاء، في مقر الجامعة العربية بالقاهرة على مستوى مندوبي الدول الأعضاء”.
لكن أمريكا غير مقتنعة وغير معنية بالعربدة السعودية التي قد تخدم مصالح آل سعود، لكنها حتما لا تتماشى مع سياسة ومصالح أمريكا التي يهمها أكثر المضي قدما في الإتفاق مع إيران القوية.. لذلك أعدت واشنطن للسعودية مشروعا آخر سيغير وجه المنطقة، لأن الرئيس ‘أوباما’ غير مستعد للذهاب إلى السعودية ليظهر بمظهر الفاشل الذي يتمسك بأداة فاشلة تحولت إلى وصمة عار في جبينه، كما أن السعودية غير مستعدة للتفاوض مع إيران وتقاسم النفود معها في المنطقة.
البيـت الأبيـض يحضـر لتقسيـم السعوديـة
لم تعد السعودية حليفا مهما وموثوقا بالنسبة للأمريكيين، وإدارة أوباما لا تعتبر السعودية أكثر من بنك لدعم إقتاصدها وبعض مشاريعها الخبيثة في المنطقة. ومن الواضح اليوم، أن العلاقة الأمريكية السعودية لم تعد بنفس المتانة التي كانت عليها طوال السبعين سنة من عمر التحالف القائم على (النفط مقابل ضمان العرش) الذي يعني حرفيا “لكم الحكم ولنا القرار”.. وهكذا كان، الإدارة الأمريكية تطلب فتستجاب، تأمر فتطاع، تطالب بتنفيد سياسات معينة قد لا تصب في مصلحة قضايا الأمة العربية والإسلامية، فيتم لها ذلك كما تشاء وتريد.
لكن منذ سنتين تقريبا، دخلت العلاقات الأمريكية السعودية منعطفا حادا، بل يمكن القول أنها تمر اليوم بأسوء فتراتها على الإطلاق، فلا السعودية أصبحت تثق بالولايات المتحدة بعد أن سلمت حكم العراق إلى الغالبية الشيعية التابعة لإيران وانسحبت، ثم جائت بالربيع العربي الذي أشاع ثقافة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فتخلت بموجبه عن أدواتها في تونس (زين الدين بن علي) ومصر (محمد حسني مبارك) واليمن (علي عبد الله صالح) لفائدة حكم جماعة الإخوان المسلمين للعالم العربي من المغرب إلى سورية، حيث تكون تركيا هي “الباب العالي” للإمبراطورية الإخوانية الجديدة في خدمة الماسونية والصهيونية العالمية في المنطقة.. ولا أمريكا أصبحت مقتنعة بجدوى دور ووظيفة السعودية في المنطقة، بعد أن فشلت في حربها الإرهابية المتواصلة ضد العراق، ولم تنجح بمشروع المصالحة في جلب الأمن و الإستقرار لليمن، ولم تنجح في معاركها العبثية الإجرامية في إسقاط الأسد، ودخلت في خلاف حاد مع قطر بسبب دعم هذه الإخيرة للإخوان في مصر وسورية تنفيذا لأوامر أمريكية سامية، ما أفشل مشروع الإتحاد الخليجي وإنتهى اليوم بتفجير مجلس التعاون الخليجي من الداخل بسبب تحالف سلطنة عمان مع طهران، وقرار قطر الإرتماء في حضن إيران على أن تخضع لمطلب الرياض بإغلاق قناة ‘الجزيرة’ التي حولتها من قبيلة صغيرة مغمورة إلى إمبراطورية إعلامية ومالية تلعب أدوارا إقليمية أكبر من حجم مصر والسعودية ودول العالم العربي مجتمعة.
صحيح أن أمراء آل سعودي غاضبون بشدة، من التصرفات الأمريكية التي لا تهتم إلا بالمصالح ولا تعرف للوفاء من معنى، خصوصا بعد تسرب مشروع مخطط تقسيم السعودية إلى دويلات للإعلام، وهو المشروع الخطير الذي أعده اليهودي ‘برنار لويس’ لتقسيم العالم العربي، ويروج له الصهيوني ‘هنري ليفي’ فيلسوف الثورات العربية من مدخل “الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان”، ويقضي بتقسيم العالم العربي الى 53 مشيخة طائفية وعرقية ومذهبية، خدمة لأمن وإستقرار وهيمنة وإزدهار “إسرائيل” في المنطقة.
لكن مشكلة آل سعود، وإن كنت تراهم جميعا إلا أن قلوبهم شتى، وبالتالي فهم في صراع خفي على السلطة والثروة، ولا يملكون الإرادة السياسية القوية والقرار المستقل للوقوف ضد أمريكا وإفشال مشروعها لتقسيم السعودية. لأن السعودية بالنهاية ليست وطنا، بل مجرد مزرعة، من ينجح في نيل رضى الإدارة الأمريكية يظفر بها.
وبهذا المعنى يقول متابعون لزيارة الأمير ‘محمد بن نايف’ الأخيرة إلى أمريكا، أنه إذا كان ثمة هدف غير معلن في زيارة ‘محمد بن نايف’ لواشنطن، فهو بحسب لسان حاله: “خسرنا الحرب في سوريا فساعدونا حتى لا نخسر دولتنا السعودية”.
لكن ما يعرفه الأمير ‘نايف’ هو أن إدارة أوباما سبق وأن رفضت قبل بضعة أشهر التوقيع على إتفاقية أمنية جديدة مع الرياض تتعهد بموجبها واشنطن بضمان عرش آل سعود مقابل النفط وأشياء أخرى.. حينها فهم الجميع أن السعودية لم تعد دولة إستراتيجية بالنسبة لأمريكا، بل تحولت إلى عبء ثقيل عليها بمعية إسرائيل التي فقدت هي أيضا دورها الوظيفي العسكري والأمني بعد حرب تموز 2006.
التخوف السعودي له ما يبرره، خصوصا بعد الإنتكاسات المتتابعة التي منيت بها الرياض نتيجة دخول آل سعود في معارك عسكرية غير مباشرة في (سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن)، ومعارك سياسية معلنة مع (تركيا، وقطر، وسلطنة عمان، والسودان). ففقدت السعودية دورها ونفوذها وإحترامها في المنطقة إلى الأبد.
وحسب ‘دنيس روس’ المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي، فإن أمريكا وصلت إلى قناعة مؤداها، أن “السعودية لها عَدُوَّانِ رئيسيَّانِ في المنطقة هما: الاخوان المسلمون وإيران”، في حين أن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط تقوم على التحالف مع إيران ومنح الحكم في العالم العربي للإخوان، لخلق نوع من التوازن الإستراتيجي بين الإسلام السني والإسلام الشيعي الذي على أساسه سيتم إعادة ترتيب خريطة المنطقة.
بعد الهزيمة المذلة التي تلقتها أمريكا في سورية بسبب فشل السعودية في تحقيق ما إلتزمت به، لا حديث اليوم في اجنحة واروقة البيت الابيض إلا عن إنهاء الدور السعودي في المنطقة بعد أن لم يعد لوظيفة هذه الأدات من مردود نافع.
وفي هذا الصدد، وضع ‘دينيس روس’ المستشار في ‘معهد واشنطن’ و مهندس غزو العراق، بمعية المؤرخ الأميركي ‘دافيد فرومكين’ مهندس احتلال افغانستان، والباحثان الأمريكيان ‘كينيث بولاك’ و ‘دانييل بايمان’، اللذان يعتبران من كبار المنظرين الإستراتيجيين في بناء سيناريوهات المستقبل.. هؤلاء جميعآ أنجزوا دراسه مستفيضة خلصوا في نتيجتها إلى ضرورة تقسيم مملكة “آل سعود” الوهابية الى دويلات عرقيه ومذهبية، وأن هذه الفترة الحرجة من عمر المملكة الهشة والفاشلة، هي الفترة الأنسب لتحقيق ذلك.
ويبدو أن هناك العديد من أعضاء الكونجرس الأمريكي بالإضافة المخططين الاستراتيجيان الصهيونيان برنارد لويس ونوح فيلدمان يؤيدون مشروع التقسيم.
هذا الأمر يوحي بأن الإدارة الأمريكية ستفتعل إضطرابات في السعودية بعد موت الملك لإعادة رسم خارطة منطقة الخليج من جديد. لكن هذا يعني أيضا، أن سورية كما مصر سيضلان مستهدفان بالتقسيم، لأن غاية أمريكا اليوم هو إعادة إحياء مشروع إمبراطورية الإخوان، وفي هذا تعتبر قطر لاعب رئيس في الترتيبات المقبلة، وهذا ما يفسر حنق السعودية على الدوحة الذي وصل حد تهديد المشيخة بفرض عزلة برية وجوية عليها ومحاصرتها حتى إسقاط نظامها في حال لم تغير من سياساتها، وتدخل في الحضيرة السعودية، وتكف عن دعم الإخوان في مصر والإرهاب في الخليج والحوثيين في اليمن، وتغلق قناة ‘الجزيرة’. ولعل زيارة ‘أوباما’ للمنطقة، إن تمت، ستحسم هذا الخلاف، ونشهر الورقة الحمراء في وجه السعودية كي لا تتخذ خطوة خاطئة بغتجاه قطر.
وفي الخلاصة، نستطيع القول على ضوء ما سلف من معلومات ومعطيات، أن الطغمة المجرمة الوهابية المتعفنة الجاثمة على رأس السلطة في السعودية، تمر اليوم بفترة عصيبه من عمر مملكة الشر، بعد أن أدركت أنها خسرت عروبتها ودينها وكل رهانتها المدمرة للأمة، وسقطت كل أوهامها البليدة على الأرض السورية المقدسة، فحلت بها لعنة الله ولعنة سورية والعراق واليمن وليبيا، ولعنة الشعوب العربية المظلومة على إمتداد جغرافية الوطن العربي.
كيف لا والعالم أجمع يشهد اليوم أن السعودية هي التي وقفت ضد الصرب في يوغوسلافيا، وهي التي وراء أحداث 11 سبتمبر في أمريكا، وهي التي دعمت الحركات الإسلامية المتطرفة في الصومال والفوضى التي تشهدها الصومال هي صناعة سعودية. وكذلك للسعودية دور كبير في بورما حيث يعاني المسلمون من اضطهاد متزايد بسبب التدخلات السعودية وأخيراً وليس آخراً ما تشهده سوريا والعراق من عمليات إرهابية وقتل للأبرياء العزل.
هذا ما يؤكده الكاتب ‘جورج آلن’ بصريح العبارة في مقالته المشار إليها أعلاه، والتي نشرتها صحيفة ‘الإندبندت’ البريطانية الأحد الماضي. فيقول على سبيل الختم: “هذا يذكرنا بما فعل أجداد آل سعود في القرن التاسع عشر عندما غزوا العراق وحاصروا كربلاء والنجف وبدأوا بقتل الأبرياء وبقر بطون النساء الحوامل، هي نفسها الأحداث تتكرر مع وجود طغمة مجرمة سلفية متعفنة على رأس السلطة في السعودية”.
ويدعم سيناريو تقسيم السعودية أيضا، ما ذكرته صحيفة “الغارديان” البريطانية يوم 14-03-2014 من أن: “جميع صانعي الخرائط ‘الأنغلوسكونيين’ يتفقون فيما يخص السعودية بأنه يجب ألاّ تبقى موحدة”، موضحة أن فكرة “دمقرطة” الشرق الأوسط قد ترسخت بثبات في رؤوس الاستراتيجيين الأميركيين، وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تنأى بنفسها عن السعوديين” اليوم، والزمن يمارس لعبته ضد البيت السعودي.
وبحسب “الغارديان”، فإن “انتقال الربيع العربي إلى السعودية قادم وهو بسبب أفعال القمع التي تنفذها السلطات وتفشي الفساد والاعتقالات الجماعية”. وما سيسرع في النفجار المرتقب هو فشلها الذريع في إحداث التغيير المطلوب في سورية للحد من تمدد إيران وعزلها عن المنطقة العربية، وبالتالين إنهار حلف السعودية بأن تصبح دولة غقليمية كبرى، وأمريكا لا تحب المهزومين، ولا تتحالف مع الضعفاء، وتنتقم من الفاشلين.
بدورها، قالت مجلة “فانيتي فير” الأميركية ومعهد واشنطن للدراسات الإستراتيجية الأسبوع الماضي، إن كلا من المستشار في “معهد واشنطن” المنظر السياسي ‘دينيس روس’ والمؤرخ الأميركي ‘دافيد فرومكين’ والباحثان الأميركيان ‘كينيث بولاك’ و ‘دانييل بايمان’ تحدثوا عن “وجوب تقسيم السعودية”. وهو الأمر الذي تتجه إدارة ‘أوباما’ لتنفيذه في الأيام والأسابيع القليلة القادمة.. ربما بعد زيارة ‘أوباما’ المرتقبة للسعودية آخر الشهر الجاري.