الرئيسية / شخصيات اسلامية / الجهاد في سبيل الله من دروس واقعة كربلاء

الجهاد في سبيل الله من دروس واقعة كربلاء

من المعطيات، والأهداف، والحوافز، والدروس، والرسالة الإسلامية لواقعة عاشوراء هي الجهاد، الذي هو مظهر قدرة وعزّة الأمّة الإسلامية وإعلاء كلمة الحق ، ومظهر الإيمان بالله وبالآخرة عند المسلمين، والأمّة التي تتقاعس عن الجهاد في سبيل أهدافها المقدّسة وتطلّعاتها النبيلة والشريفة ، تلبس ثوب الذلّ والمسكنة والخنوع وضياع الحقوق, وأيضا فان الأمة التي تترك الجهاد يسلط عليها الظلمة والفاسدين وتتحكم في مقدرات الأمة الساكت عن المطالبة بالحقوق .

إذن الجهاد من أركان الدين، وقادة الدين أولى الناس به، وبدعوة المسلمين إليه إذا استلزم الأمر ذلك. وقد يكون الجهاد تارة ضد الأجانب المعتدين المستعمرين والكفّار المهاجمين أو يكون ضد المنافقين والأعداء الداخليين الذين يتمردون على الحكومة الشرعية تارة أخرى، أو قد يكون ضد الظلمة، وأهل البدع، والمحرّفين، والمروّجين للباطل، والمعطّلين لحدود الله، والعابثين بأمن المجتمع الإسلامي، وغاصبي الحكم الإلهي المشروع من أصحابه الحقيقيين.

عاش الإمام الحسين (عليه السلام) في عهد تأهّب فيه الأمويون لهدم الإسلام ومحو الشريعة، والقضاء على دين الله بكل وسيلة ، وكان جهاده سبباً في إحياء الدين وبعث روح جديدة في نفوس المسلمين فاستند (عليه السلام) إلى قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله)::
( من رأى سلطاناً جائراً مُستحّلاً لحرام الله، ناكثا عهده، مخالفاً لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قولٍ كان حقّاً على الله أن يُدخله مُدخله)……
فرأى (عليه السلام) أنّ هذا الشروط تنطبق على الأمويين فقال:
(الاّ إنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله. وأنا أحقّ ممّن غيّر)،
ورأى نفسه أولى منهم بالحكم، فأمر الناس بالامتثال لأمر مندوبه مسلم بن عقيل (عليه السلام )، إلى أن ينتهي هو إلى الكوفة …( الكامل لابن الأثير 280:3، حياة الإمام الحسين 3: 80)، وكانت من جملة الدوافع الأخرى التي جعلت الحسين (عليه السلام ) يسارع إلى الجهاد، هو عدم السكوت أمام السلطة الجائرة، والتصدّي للأهواء والبدع، والسخط على قتل الأبرياء، وهتك الأعراض، ومنع الحقوق عن أصحابها. وجاء في الكتب التي بعثها بعد دخوله مكة إلى أهالي البصرة والكوفة أنّ بني أميّة قد أماتوا السنّة وأحيوا البدعة. ثم أنه دعاهم لطاعته لمحاربة الباطل، وهدايتهم إلى طريق الرشاد والصلاح والحياة الحرة الكريمة .

جاء في وصيته لمحمد بن الحنفيّة- وذلك عند خروجه من المدينة-:
(أنّ خروجه لأجل طلب الإصلاح في أمّة جدّه، وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر):
ضمن كلمته المشهورة:
(وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي ……)..
(مقتل الخوارزمي 1: 188)، ودعا في خطبته التي ألقاها في مكّة- بعد بيانه لحسن الشهادة وشوقه للقاء أسلافه من الشهداء – الناس إلى:
( من كان باذلاً فينا مُهجته موطِّناً على لقاء الله نفسه فَلْيرحَل معنا).
.(اللهوف: 3)

كان جهاد الحسين بن علي (عليه السلام) لأجل أحياء الدين، ومن يخرج لهذه الغاية الإلهية لا يبالي سواء قَتَل أم قُتِل.
الجهاد والشهادة وإعلاء كلمة الحق من شيم الأحرار الذين يبذلون ويضحّون، فتكون النتيجة توعية الناس وإحقاق الحقّ،
وهذا هو منهج التجارة مع الله الذي اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم،مبشّراً إيّاهم بأنَّ لهم الجنّة، سواء قَتَلوا أم قُتِلوا(إشارة إلى الاية الكريمة من سورة التوبة:
{أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم…}).
( التوبة / 111 ),,,

هذه هي ثقافة إحدى الحسنيين التي ألهمنا الله إيّاها القرآن. فسيّد الشهداء كان مجاهداً في سبيل الله، وكذلك أنصاره أيضاً يعتبر عملهم أداءً للواجب الإسلامي والتكليف الإلهي ضد البدع، والانحرافات، ومحو حقائق الدين، بالرغم من جميع محاولات الأعداء لوصف جهادهم بصفة التمرّد، واتهام المجاهدين في سبيل الله بصفة الخوارج.
لهذا السبب أكدت زيارات الإمام الحسين والأنصار(عليهم السلام ) على تكرار كلمة الجهاد ووصفت أبا عبد الله (عليه السلام ) بأمثال المعاني التالية: (الزاهد، الذائد، المجاهد، جاهد فيك المنافقين والكفّار، وجاهدت في سبيل الله، وجاهدت الملحدين،

وجاهدت عدوّك، وجاهدت في الله حق جهاده)..(مفاتيح الجنان).
ووردت بحقّ شهداء كربلاء(عليه السلام ) الكلمات والمعبرة التالية: (نصحتم لله وجاهدتم في سبيله، أشهد أنّكم جاهدتم في سبيل الله، والذّابّون عن توحيد الله)، وجاءت في الزيارات كلّ هذه الأعمال والصفات المنسوبة إلى سيّد الشهداء مسبوقة بعبارة (أشهد أنّك… )لأجل إفشال دعايات الأعداء، وشهادة من الزائر على أنّهم كانوا مجاهدين في سبيل الله، وأنّ موقفهم كان جهاداً مقدّساً ضد الباطل.

لقد أصبح عاشوراء مدرسة يستلهم منها المجاهدون معاني الجهاد على مدى التاريخ، وأضحت دماء الحسين بن علي وشهداء كربلاء (عليهم السلام ) سبباً لحماس كل الأحرار في العالم لرفع راية الحق في سماء الدنيا

شاهد أيضاً

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني45

32)وهذا كله على تقدير تحقق الإساءة إليك من الغير ، وإلا فعلى تقدير أنك ظالم ...