الرئيسية / كلامكم نور / قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: لو كشف الغطاء عنى ما ازددت يقينا

قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: لو كشف الغطاء عنى ما ازددت يقينا

1 – قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: لو كشف الغطاء (1) عنى ما ازددت يقينا (2) اقول: لو حرف شرط، والكشف الابانة، وههنها بمعنى الازالة، والغطاء ما يستر به الشئ، ولازدياد افتعال من الزيادة، واليقين هو الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع. المعنى لو أزيل الحجاب عما يجب الايمان به من المغيبات كأحوال الاخرة مثلا اما بالموت أو بالمكاشفة لم يتطرق الزيادة في يقيني بل هو مستمر في جميع الازمان، ومستقر على ما كان، بلا زيادة ولا نقصان، ويتساوى معاينة المؤمن به ومغايبته.

 

فان قيل: ” ان ” لو ” لانتفاء الثاني بسبب انتفاء الاول فيلزم وقوع الزيادة ؟ قلنا: لن ” لو ” تستعمل لمعان ثلاثة، احدها – وهو الاصل ما ذكر، والثانى – الاستدلال بانتفاء الثاني على انتفاء الاول، ومنه قوله تعالى: لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا، والثالث – كون الجزاء لازم الوجود في جميع الازمنة في قصد المتكلم وهو المراد ههنا وذلك إذا علق الجزاء بنقيض ما يلائمه نحو قولك: لو أهنتني لا كرمتك، ومنه قوله عليه السلام: نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه.
(1) – في الهامش: ” وفى الكلام استعارة مكنية وتخييلية وتبعية حيث شبه الامور المغيبة في خزائن علمة تعالى مضمرا في نفسه بالاشياء القيمية المحفوظة في المنازل الحصينة الرصينة في الرغبة والميلان مثل البيوت التى لها ابواب وستور يحفظ فيها الاموال النفسية وأثبت لها الغطاء الذى هو من لوازم المشبه به واعتبر الاستعارة اولا بين الكشف والازالة اصالة وبين فعلها تبعا منه “.

 

(2) – في الحاشية: ” وفى الرسالة القشيرية وقال الجنيد: اليقين هو استقرار العلم الذى لا ينقلب ولا يحول ولا يتغير في القلب، وقيل: اليقين زوال المعارضات، وقال بعضهم: اليقين هو المكاشفة وقال النووي: اليقين هو المشاهدة، منه “.
[ 4 ]
وههنا سؤال مشهور وهو ان ابراهيم عليه السلام أشار بقوله: ولكن ليطمئن قلبى، الى ان ايمانه يزداد ويتقوى بانضمام المعاينة، والمفهوم من هذا الكلام ان عليا رضى الله عنه لا يتقوى ايمانه بانضمامها وهذا يؤدى الى تفضيل الولى على النبي (1) عليه الصلوة والسلام.

 

والجواب ان عليا رضى الله عنه قاله على وجه المبالغة لاعلى وجه التحقيق يعنى انه بالغ في اتصافه بحقيقة الايمان وكمال الاتقان وجعل ما حصل له من التقوى بتقدير المعاينة بمنزلة غير الحاصل. أو نقول: ان درجات السلوك متفاوتة (2) والمقامات غير منتاهية فلا يبعد ان يكون صدور هذا القول منه رضى الله عنه في زمان صارت الغيوب فيه كالشهود وهو المسمى في لسان اهل التصوف بأنه بالمكاشفة، وبأنه بالمشاهدة وصدور ماقاله عليه الصلوة والسلام ليس كذلك، ويمكن ان يقال: ان ما أثبت صلى الله عليه وسلم هو الطمأنينة والتقوى وما نفاه على رضى الله عنه هو الزيادة وهو أخص من التقوى (3) لان ازدياد العلم انما هو بازدياد المعلوم ولا كذلك تقويه فانه قد يكون بقوة أسبابه وكثرة مقتضياته، ونفى الاخص لا يوجب نفى الاعم فلا يلزم التفضيل.
(1) – هذا السؤال مبنى على افضلية الانبياء على الاوصياء على الاطلاق وليس هذا الاعتقاد بمرضى عند الشيعة ولاسيما متأخريهم فانهم قد أطبقوا على افضلية الائمة الاثنى عشر على الانبياء مطلقا ولا سيما أفضلية امير المؤمنين على عليه السلام فانه قد صار مسلما مفروغا عنه عندهم فالسؤال غير وارد على مبناهم حتى يحتاج الى الجواب

 

(2) – في الهامش: ” كما يقال مشاهدة الابرار بين التجلى والاستتار يعنى ان الخواص لا يدوم لهم التجلى بل هم بين كشف وستر، منه “.

 

(3) – في الحاشية: ” يعنى بحسب التحقيق والوجود لا بحسب الصدق والحمل فانهما متباينان بهذا الاعتبار لان الزيادة والنقصان من قبيل الكم والقوة والضعف من قبيل الكيف، فتأمل، منه “.

شاهد أيضاً

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

على المنبر، وكتب بالخبر إلى الأجناد، وثاب إليه الناس، وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع ...