في مدينة العلم والاجتهاد في مدينة المقاومة والجهاد النجف الأشرف، ولد عام 1940م وتربى وسط أسرة مؤمنة ربته على تعاليم الدين الحنيف وعلى حب النبي وآله الأطهار عليهالسلام.
أكمل من دراسته الصف الخامس الابتدائي ثم أضطر للعمل لتهيئة العيش الكريم لأسرته فعمل نجارًا ولم يشغله العمل عن أداء واجبه الرسالي فكان يشارك في العديد من النشاطات الإسلامية التي تقام في مدينة النجف آنذاك…
عند مجيء حزب العفالقة إلى دفة الحكم شمر أزهر عن ساعديه فكان يبين للناس من حوله ان ذلك الحزب أسس لمحاربة الدين لأن مؤسسه ميشيل عفلق( )، ذلك الماسوني الذي كانت تدعمه الدوائر والمؤسسات الصهيونية، جاء بشعارات قومية في زمن انحطاط الأمة فجذبت تلك الشعارات البراقة الكثير من الشباب الذي لم تستطع المؤسسة الدينية استمالته واحتوائه بصورة صحيحة.
لقد عاش شهيدنا في خضم ذلك الصراع وتلك الهجمة الشرسة على الدين وأهله والتي كانت تركّز على صميم ذلك الفكر وقلبه النابض النجف الأشرف فحاولوا أن يسددوا سهامهم على أهم ركائزه وهي المرجعية والتي كانت متمثلة بالسيد محسن الحكيم رحمهالله ثم بعد وفاته اتجهت أنظار الشباب إلى علم شاخص من أعلام مدرسة أهل البيت وقائد رفع لواء الجهاد والمقاومة السيد محمد باقر الصدر الذي أخذ على عاتقه فضح حزب البعث وشعارته وأساليبه الخبيثة، ففي خضم ذلك الصراع بين الحق والباطل كان أزهر يعيش كل تلك الأحداث بتفاصيلها وكان في مدينة النجف عندما تقاطرت وفود البيعة للمرجع محمد باقر الصدر وعند اعتقاله، وما أن تسرب خبر استشهاده رضواناللهعليه حتى دوهم بيت أزهر وتم اعتقاله مع أسرته يوم 15/4/1980م بعد أن هجمت عصابات الأمن البعثي على بيته ولم يسمح لهم حتى بأخذ ما يحتاجونه من مستلزمات ضرورية ثم تم تسفيرهم إلى الجمهورية الإسلامية بتاريخ 19/4/1980م.
أستقر مع أسرته في مدينة قم المقدسة وما هي إلا خمسة أشهر حتى شن صدام المجرم المقبور حربه على الجمهورية الإسلامية فأتيحت لأبيعادل فرصة تأدية الواجب والعمل بوصية مرجعه الشهيد الصدر فبادر إلى الالتحاق بالمجاهدين وشارك في العديد من العمليات الجهادية التي استهدفت قوات صدام وأجهزته القمعية واستمر رافعًا لواء الجهاد ولم يكل من طول المدة ووعورة الدرب بل لم يزده ذلك إلا إصرارًا وعزمًا على الاستمرار حتى النصر أو الشهادة.
التحق بقوات بدر بتاريخ 15/05/1983م ثم بدأ دورة تدريبية مع الدورة الرابعة( ) والتي بدأت بتاريخ 30/10/1983م.
كان أبوعادل من أكبر المتدربين سنًّا في الدورة وأكثرهم نشاطًا وحيوية وكان يؤدي التمارين والتدريبات العسكرية بكل إخلاص وجدية.
وفي أول واجب جهادي مع الدورة الرابعة على مشارف مدينة البصرة شارك أبو عادل في نصب الكمائن والدوريات القتالية وواجبات أخرى منها قيادة إحدى السيارات العسكرية لنقل العتاد والمؤن إلى المجاهدين.
أشترك مع المجاهدين في هور الحويزة ونُسّب إلى فوج الشهيد الصدر وفي تلك الفترة التحق ولداه عادل وعماد فكانوا جميعًا مع مجاهدي بدر وفي خطوط المواجهة.
كما اشترك في واجبات جهادية عديدة كان آخرها العملية الجهادية التي نفذها المجاهدون على مرتفع گردكوه في حاج عمران( ) وهناك وبعد تأدية واجبه الجهادي أصيب برأسه الشريف فوقع شهيدًا على ربى حاج عمران بتاريخ 01/09/1986م ورجعت نفسه المطمئنة إلى ربها راضية مرضية لترافق أرواح النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا( ).
شيّع مع شهداء تلك العمليات ودفن في مقبرة الشهداء بقم المقدسة( ).
لقد أجرت جريدة الشهادة في عددها 214 في 24/ذي القعدة/1407هـ المصادف 21/تموز/1987م لقاءًا مع الحاجة أم عادل بعد استشهاد زوجها وولدها عادل فأجابت عن الأسئلة جوابًا ينم عن وعي المرأة العراقية في المهجر والتي كانت تتحمل الغربة وفراق الأهل والزوج والولد فتكون في موقع الجهاد والمسؤولية. وهكذا جرى الحوار:
جريدة الشهادة: ما هو شعورك وأنت تقدمين شهيدين عزيزين هما زوجك وابنك في سبيل الله؟
الحاجّة أم عادل: بسم الله الرحمن الرحيم
﴿﴾وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴿﴾( ).
أولًا : نحن كعوائل وكشعب ظلمنا وشردنا من ديارنا بغير حق
ثانيًا: نحن أصحاب قضية لأن الجهاد واجب على كل من سلبت أمواله وهتكت حريمه وأهين دينه، وهذه الأشياء الثلاثة منطبقة علينا نحن العراقيين المهجرين ومنذ أن أشعل المجرم صدام فتيل الحرب حتى هب زوجي لنيل شرف الجهاد لأن هذه الجبهة هي جبهة الحسين بن علي عليهالسلام ولقد كان لي الأثر الكبير في تشجيع أبنائي وزوجي للالتحاق بصفوف المجاهدين. ولقد كانوا عند حسن ظني إذ قاتلوا أعداء الله واستشهدوا في سبيل الله وعيونهم قريرة وليس عليهم أي حزن فإنني وبصفتي زوجة شهيد وأم شهيد فخورة بهما وبشهادتهما ولي ولد آخر في الجبهة جرح مع والده الشهيد ثم تماثل للشفاء فشفي والحمد لله.
جريدة الشهادة: بم كان يوصي الشهيد أبوفاطمة؟( ) هل لكم أن تحدثونا عن بعض جوانب حياته؟
الحاجّة أم عادل: وصايا ابني كثيرة؛ منها انه كثيرًا ما كان يحذرنا من الغيبة والتحدث بما يؤذي الناس ويسيء إليهم… إياكم والخروج عن جادة الحق. ويوصي أخوته بإقامة الصلاة وعدم تركها وحب الناس والسير في نهج الحسين عليهالسلام وإطاعة أوامر القيادة الشرعية للإمام الخميني. كما كان يوصي زوجته بالاقتداء بالحوراء زينب عليهالسلام بتحمل المصائب والمحن، وأما من ناحية حياته فلقد كان مؤمنًا صبورًا في جنب الله لايؤذي أحدا ولم يسئ إلى أحد، كان كثير الاستغفار حتى أني كنت أستيقظ في بعض الليالي فأسمع صوت ابني في هدوء الليل يصلي ويطلب من الله المغفرة ولأخوته المؤمنين.
كان يقول لي إننا في الخطوط الأمامية والموت قريب إلينا، فلماذا لانستغل الوقت بالاستغفار والإنابة إليه!
وعندما استشهد والده قال: يجب ان لانتخلف عن اللحاق بهؤلاء الشهداء.
جريدة الشهادة: هل لك كلمة أخيرة بهذه المناسبة؟
الحاجّة أم عادل: أقول إننا شعب قاسى الأمرين على أيدي البعثيين والحاقدين على الإسلام العزيز يجب أن يعاد العز إلينا وأن النصر لايأتي بالدعاء والركون إنما يأتي بالجهاد والتضحية وبذل الدماء لأن دماء الشهداء تعجل بالنصر ورهبة الأعداء فيجب على الشباب حمل السلاح وتوجيهه إلى صدور أعدائنا وحتى نسقط التكليف الشرعي وإننا منتصرون بأذن الله وبقيادة الإمام المفدى العظيم رغم كل الظروف القاسية.
نعم بذلك الفهم للواقع وبتلك الروحية العالية كانت المرأة العراقية في المهجر تقدم زوجها وابنها في سبيل الله والوطن والحاجّة أم عادل كانت مثلًا أعلى قدمت النموذج الأمثل وذكّرت بالقلائل من النساء في صدر الإسلام.
من وصية الشهيد أبيعادل رحمه الله:
الحمد لله رب العالمين والسلام على رسول الله وعلى علي بن أبيطالب وعلى أهل بيتهما الطيبين الطاهرين وعلى ولي العصر الحجة بن الحسن عليهالسلام وعلى نائبه بالحق الإمام الخميني حفظه الله… أقول إلى شعبنا العراقي المظلوم وأسأل من هذا الشعب: هل أنتم الشعب العراقي المعروف أم مات هذا الشعب؟ إذا كنتم أنتم العراقيون الذين أرهبتم الاستكبار البريطاني بالانتفاضات ومقارعة الشرطة وجلاوزة نوري السعيد وكانت صدوركم درعًا للرصاص ولا تهابون الموت وانتفاضاتكم في 17 رجب والانتفاضة في 20 صفر ومهاجمتكم للدباباب ورجال الأمن البعثيين العفالقة ولم ترهبكم طائرات الميگ التي أرسلها صدام لإرهابكم ولكن حدث العكس فأنتم الذين أرهبتموهم وأنت الذين كنتم تسيرون على الأقدام إلى الإمام الحسين عليهالسلام وتقولون: يا ليتنا كنا معكم وذلك بخطابكم للحسين عليهالسلام ولكنكم اليوم تخذلون الحسين في سكوتكم على أعمال العميل الصهيوني صدام ربيب الإنجليز وميشيل عفلق وإن صدام هتك أعراضنا وقتل خيارنا وذبح علماءنا وشبابنا ولم يجعل حرمة لتلك القبب التي يتهافت عليها المسلمون من جميع بقاع العالم وأدخل عصابته من الأمن داخل الحرم وكذلك المساجد ليلًا ونهارًا، فأقول إن الإنسان المؤمن يضحي بنفسه لثلاثة أمور؛ لماله أو عرضه أو دينه، وأن صدامًا قد سلب منا الثلاثة معًا وتلك مقولة الحسين الخالدة ﴿إن لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون المعاد فكونوا أحرارًا في دنياكم﴾، وأن صدامًا قد زاد على هذه الأمور الثلاثة فقد سجن شبابنا وأعدم علماءنا وقتل خيارنا فندائي إلى الشرفاء من أبناء العراق ان يهبوا ويضحوا في سبيل الخلاص من تلك العصابة المجرمة.
سلام عليك أباعادل وسلام على ولديك عادل وعماد سلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيًّا وسلام على تلك الزوجة المجاهدة والأم الصابرة حشرها الله معكم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.