الأسئلة الكبيرة التي تُطرح: هل أراد الأسد تمرير رسالة وأخطأ (الهدف) عن عمد، أم أنه بالفعل قد فشل في اعتراض الطائرات؟ وأيضاً، هل أن سوريا قد تعمدت إخطاء الهدف إلى هذه الدرجة، أو أنه ليس في مقدورها حماية سمائها في مواجهة الطائرات الإسرائيلية؟
وسائل الإعلام السورية “احتفلت” صباح يوم (الثلاثاء) بالعناوين الرئيسية التي صدرت عن مكتب الرئيس السوري بشار الأسد حول إسقاط طائرة حربية وطائرة استطلاع إسرائيليتين. والرئيس، الذي يسيطر على وسائل الإعلام السورية، بدأ في الصباح بحرب نفسية.
فالأسد يعرف أن كل العالم يتابع طيلة الساعات الأربع والعشرين الماضية، عن كثب، ما يجري على أرضه وقرر أن يبعث برسالة واضحة تقول: أنا لا زلت هنا ولا توجد لدي النية للذهاب إلى أي مكان. وقذيفة الهاون التي سقطت يوم أمس بالقرب من جبل أفيطال (تل أبو الندى) كانت على ما يبدو جزءاً من القتال الدائر في سوريا مع المعارضين. والجيش الإسرائيلي واصل سياسة عدم ضبط النفس على انتهاك السيادة وقام هذه الليلة بمهاجمة مواقع في سوريا تابعة لجيش الأسد الذي يرى فيه صاحب السيادة والمسؤول عما يجري على أراضيه.
هذه هي المرة الرابعة خلال الأيام العشرة الأخيرة التي تسقط فيها قذيفة هاون في الأراضي الإسرائيلية ويقوم الجيش الإسرائيلي بشن هجمات، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها عيون العالم مشدودة إلى سوريا. والأسد ليس على استعداد أن يُنظر إليه على أنه ضعيف أو على أنه شخص يبتلع الرد من ذراع قيادة المنطقة الشمالية ويسكت. هذه المرة انتظر السوريون سلاح الجو، وعندما وصلت الطائرات قاموا بإطلاق صاروخي أرض – جو، وسارعوا فوراً إلى القول للعالم بأنهم أسقطوا طائرة حربية وطائرة بدون طيار. إلا أن عملية إحصاء سريعة في هنغارات سلاح الجو تُظهر أنه لم ينقص فيها ولو برغي واحد، وبكل تأكيد لم تنقص أية طائرة. إلا أن الأسد نجح، عن طريق ذلك، في جر إسرائيل إلى حرب نفسية.
إن إسرائيل التي امتنعت عن التطرق إلى التقارير الأجنبية، اختارت هذه المرة أن تشذ عن عادتها وأصدر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بيانات توضيحية بهدف الرد على النظام في سوريا على تسريباته الخاطئة. والأسئلة الكبيرة التي تُطرح هنا هي: هل أراد الأسد تمرير رسالة وأخطأ (الهدف) عن عمد، أم أنه بالفعل قد فشل في اعتراض الطائرات؟
وأيضاً، هل أن سوريا قد تعمدت إخطاء الهدف إلى هذه الدرجة، أو أنه ليس في مقدورها حماية سمائها في مواجهة الطائرات الإسرائيلية؟ ومهما يكن من أمر فإنه يبدو أن الأسد اختار عبر سلوكه هذا أن ينقل رسالة إلى قيادة المنطقة الشمالية مفادها: أنا هنا، ولا توجد لدي أية نية للذهاب من هنا قريباً. وبهذا بالذات ينهي الأسد جولة المفاوضات الأولى في العصر الحديث بين إسرائيل وسوريا. هذه المرة مر الصاوخان من جانب (الطائرات)، ومن يعلم ما الذي سيحدث في المرة القادمة؟