الرئيسية / شخصيات أسلامية / ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام

ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام

ثم سار منه فأرسل إليه عبد الله بن جعفر ابنيه وكتب إليه بالرجوع فلم يمتنع ،
وسار مغذا ( 4 ) لا يلوي على شئ حتى نزل ذات عرق ( 5 ) فتبعه منها رجال ، ثم نزل
الحاجر من بطن الرمة ( 6 ) فبعث قيسا إلى مسلم بكتاب يخبر به أهل الكوفة عن
قدومه ، ثم سار فمر بالثعلبية ( 7 ) فزرود ( 8 ) فبلغه خبر مسلم وهاني وقيس ، ثم سار
فمر بزبالة ( 9 ) فأخبر بعبد الله بن يقطر ، فخطب أصحابه وأعلمهم بما كان من أمر
مسلم وهاني وقيس وعبد الله وأذن لهم بالانصراف فتفرق الناس عنه يمينا وشمالا
إلا من كان من أهل بيته وصفوته .

ثم سار فمر ببطن العقبة فنزل شراف وبات بها ،
فلما أصبح سار فطلعت خيل عليهم فلجأ إلى ذي حسم فإذا هو الحر بن يزيد في
ألف فارس يمانعه عن المسير بأمره وقد بعثه الحصين بن تميم التميمي وكان على
مسلحة الطف التي نظمها ابن زياد من البصرة إلى القادسية ، فصلى بهم الحسين
الظهر ، ثم خطبهم فقال : ” أيها الناس إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم وقدمت علي
رسلكم أن أقدم إلينا فإنه ليس علينا إمام لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق ،
فإن كنتم على ذلك فأعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم ، وإن لم تفعلوا
وكنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم ” ( 1 )
فسكتوا عنه .

 

ثم صلى بهم العصر فخطبهم فقال : ” أيها الناس إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا أن الحق
لأهله يكون أرضى لله عنكم ، ونحن أهل بيت محمد أولى الناس بولاية هذا الأمر من
هؤلاء المدعين ما ليس لهم ، والسائرين فيكم بالجور والعدوان ، فإن أبيتم إلا كراهية
لنا وجهلا بحقنا ، وكان رأيكم غير ما أتتني به كتبكم وقدمت علي به رسلكم
انصرفت عنكم ” .

فقال له الحر : والله ما أدري ما هذه الكتب التي تذكر ، فقال الحسين
لعقبة بن سمعان غلام لزوجته الرباب ابنة امرء القيس : قم فأخرج الخرجين اللذين
فيهما كتبهم . فأتى بهما فنثرت بين يديه ، فقال الحر : إنا لسنا منهم ، وقد أمرنا
بملازمتك وإقدامك الكوفة على عبيد الله بن زياد ، فأبى الحسين وترادا القول في
ذلك ، ثم رضيا بكتابة الحر إلى ابن زياد في الاستيذان بالرجوع إلى مكة ، فأجابه
بالتضييق على الحسين والقدوم به عليه ، فأنى عليه الحسين ( عليه السلام ) فجعل يسير والحر
يمانعه ، ثم عزم على السير في طريق لا يرجع به إلى مكة ولا يذهب به إلى الكوفة
فتياسر والحر يلازمه ( 2 ) .

فنزل وخطب أصحابه فقال : ” أما بعد فإنه قد نزل بنا من
الأمر ما قد ترون ، ألا وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت حذاء
ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون إلى
الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه ؟ ! فليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا
فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما ” ( 1 ) .

فقام أصحابه
وأجابوه بما اقتضى خالص الدين وأوجب محض الإيمان ، فركب وتياسر عن طريق
العذيب ( 2 ) والقادسية ، فمر بقصر بني مقاتل ثم سار ، فأتى إلى الحر أمر من عبيد الله
بالتضييق عليه ، فنزل كربلا يوم الخميس ثاني محرم الحرام من سنة إحدى وستين
وضرب أخبيته هناك ، فأتاه عمر بن سعد بالسيل الجارف من الرجال والخيل حتى
نادى منادي ابن زياد في الكوفة ألا برئت الذمة ممن وجد في الكوفة لم يخرج
لحرب الحسين ( عليه السلام ) ، فرئي رجل غريب فأحضر عند ابن زياد فسأله فقال : إني رجل
من أهل الشام جئت لدين لي في ذمة رجل من أهل العراق . فقال ابن زياد : اقتلوه
ففي قتله تأديب لمن لم يخرج بعد فقتل .

شاهد أيضاً

ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام

الفائدة السادسة عشرة قتلت مع الحسين في يوم الطف امرأة واحدة وهي أم وهب النمرية ...