ترامب.. الرئيس الخامس والأربعون – د. ابراهيم الجعفري
20 نوفمبر,2016
تقاريـــر
1,027 زيارة
ما كان من السهل على كل مواطن أميركي أن يحقق حلمه في نيل الرئاسة في بلده بالسهولة التي منحها الدستور الاميركي، فلقد تخللت طريقها عقبات كثيرة كانت – أي الرئاسة – مستحيلة معها على الملايين من ابناء الشعب لتحقيق هذا الهدف حيث كانت «عقدة اللون» قد استحكمت قروناً من الزمن وعبرت ثلاثةً واربعين رئيساً من جورج واشنطن الى جورج دبليو بوش حتى دشنها باراك أوباما «الرئيس الملون الاول» ..
وكانت هناك «عقدة المال» التي مسكت بقبضتها على الرئاسات السابقة الى الرئيس ما قبل الاخير، كما غطست في «رمال الذكورية» بحيث ترسخت بوجدان الشعب الاميركي ولم تتوفر فرصة الترشيح للمرأة الا مؤخراً علماً أن حق التصويت لها لم يُقر حتى عام 1916 فيما مورس هذا الحق عملياً عام 1924.
هذه العقبة الحضارية تحتاج لتجاوزها الى مزيد من الوقت والثقافة والجهد على غير ما توافر في تراثنا الحضاري ومخزوننا الثقافي تجاه المرأة – رغم ما تواجه من عقبة التقاليد في مجتمعاتنا – اذ دخلت المرأة قبل أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن «بعقد البيعة» وهو اهم واخطر مقارناً بـ»عقد الانتخاب»..
كما ورد في كتابنا الكريم «إِنَّ الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم…}.. ولئن تصدّت المرأة في أميركا لوزارة الخارجية ما بين نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد العشرين فجاءت بكلٍّ من مادلين أولبرايت وگوندليزا رايس وهيلاري كلنتون فإنهن تعبيرٌ عن خيارات رؤساء وليس تعبيراً عن انتخاب الشعب.
لم يزل المجتمع يحتاج الى تراكم ثقافي بنّاء لتجاوز «العقدة الجنسية» والتحرر من «الذكورية» كالتراكم الذي أهّله لتجاوز «العقدة اللونية» ، فقياس التصدي النسوي في أميركا على غرار ما حصل لأختها في أوروبا ليس صحيحاً بسبب خلفيات المَلِكات اللاتي حكمن فيها والثقافة التي سبقت ذلك في أوساطها الاجتماعية.
ما حصدته هلاري كلنتون من أصوات مقابل الرئيس الفائز ترامب كان كثيراً ومن حيث عدد الأصوات كان الاكثر بـ(125000) صوت لكن خسارتها هو في عدد الولايات ،
ما جعلها ناجحةً في تحقيق اجتياز عقبات الصعود الى قمة الرئاسة وإن لم تحتلها والذي يعني أن ثقافة التحرر من «عقدة البطرياركية» قد عاد وشيكاً.
ومهما كانت النتيجة التي انتهت اليها الانتخابات فإننا كعراقيين ننظر من موقع الرصد المسؤول لكل ما يرتبط بالعالم ولبلدنا العزيز ونظراً لتشابك المصالح والمخاطر بينها جميعاً يهمّنا أن تسود فضاءات العالم الطمأنينة ويغمره السلم والخير العميم ،
ولقد دخلت دوائر التصدي الأُوَل (الرئاسات) وعلى صعيد عالمي في مقاسات الكفاءة والممارسة والخُلق والامتداد الجماهيري والتمسك بالعدالة الاجتماعية وهي ايذانٌ لفتح أبوابها لعموم ابناء الشعب وفي كلّ بلدان العالم دون أن تكون حكراً على أحد.
اذا كانت معايير الاستقطاب الانتخابي قد صاغت خطاب ترامب في «طقس الانتخابات» لجني الأصوات فإن أجواء الحكم تفرض واقعية التعامل العقلاني المراعي لحقوق الانسان والمتطلع للسلم والعدل والمواكب لحركة الشعوب وتجنيبها مغبة الحروب والازمات ومواجهة خطر الإرهاب المدمر الذي يهدد العالم كله وبمختلف اشكاله أفراداً ومنظمات وحكومات. *وزير الخارجية العراقي
2016-11-20