الشهيد سلام محمد رضا المرشد أبصرت عيناه النور في مدينة الحي عام1968م، وفي أسرة عريقة معروفة بتدينها والتزامها وبحبها وولائها الصادق لأهل البيت عليهمالسلام وكانت ضريبة ذلك الحب والولاء أن قدمت تلك الأسرة عدة شهداء من أبنائها الثائرين ضد الطغمة الفاسدة الحاڪمة في بغداد.
بدأ دراسته هناك وواصلها حتى الصف الثالث المتوسط، وكان خلال مدة الدراسة من المتفوقين ومن المؤمنين النشطين.
كان يحث أصدقاءه للتصدي لنظام صدام الدموي ويستغل كل مناسبة لفضح أفعاله وإجرامه بحق شعبنا المظلوم، وكان شديد التأثر في سلوكه بأخويه (رعد وحيدر)، اللذَيْن أعدمهما النظام لنشاطهما الديني في مدينة الحي، واعتقل الشهيد أبوداود لهذا السبب لمدة شهرين في أمن الحي.
أبعدت أسرته إلى إيران في آذار 1984م، ضمن حملة طالت آلاف الأسر المظلومة.
التحق بإخوانه المجاهدين في قوات بدر ضمن الدورة التاسعة بتاريخ27/7/1984م، ونُسِّب إلى أحد الأفواج، واشترك في معظم الواجبات والدوريات القتالية داخل هور الحويزة، وكان خلال تلك الفترة مثالا للمجاهد الصابر المتفاني في سبيل الله.
امتاز بطيبة قلبه وصفاء نيته، لايحمل غيظ على أحد، ولطالما كان يُقبِّل من يرى من إخوانه، ويطلب منهم أن يبرئوا ذمته ويسامحوه، مع أنه لم يفعل شيئا يوجب طلبه هذا. كان يطيل السجود والبكاء، حتى يعجب من يراه لهذا الخشوع الذي يصدر من هذا الشاب اليافع. كان تربة طيبة وأرضا صالحة، سرعان ما امتزج مع أجواء الجهاد والعبادة، حتى صارت ملامح وجهه مرآة تعكس باطنه الطاهر، وروحه الشفافة.
عاش بين قصب الهور وأجوائه القاسية، فاعدَّ لهذا الجو عدته النفسية وصبرّها، ثم أهّلها لنيل الشهادة في سبيل مرضاة الله سبحانه.
كان شديد البِر بأهله خصوصا والديه، وفي آخر رسالة أرسلها طلب منهم أن يبرؤوا له الذمَّة، وكأنه كان يشعر أن هذه هي رسالته الأخيرة إليهم، وكذلك كان فلم تمر فترة طويلة حتى التحق بركب الشهداء الأبرار، وذلك بتاريخ31/7/1985م، في أثناء وجوده في الكمين المتقدم في بحيرة أم النعاج فقد أصيب برصاصتين غادرتين في صدره الشريف، فعرجت روحه إلى بارئها راضية مرضية.
قال من كان معه تلك الليلة (كنت أراه كثير الحركة، غير مستقر، وكأنه ينتظر شيئا، نعم إنه كان ينتظر الشهادة).
ومن وصيته رحمهالله (أنا لاأعرف كيف أشكر ربي جلّ جلاله على نعمته علينا، بالأمس حيث هُجِّرنا من بلدنا العراق بكل ذكرياته إلى إيران، فبقينا على سلامة من ديننا، ثم أشكره مرة أخرى أن هدانا إلى نعمة الجهاد المقدس، للحفاظ على بيضة الإسلام والذب عن ثغوره المهددة…إن الحسين عليهالسلام قدوتنا في هذه الحياة، حيث مضى على استشهاده أڪثر من ألف وأربعمائة عام ولكنه ما زال خالدا على الخالدين، إذن طريق الحسينعليهالسلام هو أفضل الطرق إلى مرضاة الله، لذا أعتبر نفسي من أسعد السعداء لو تكرَّم عليَّ ربي ورفع قدري لدرجة شهيد).
سلام عليك أبا داود وطوبى وحُسْن مآب
مراسيم تشييع الشهيد أبو داود الأسدي في قم المقدسة- 1985م.