المرأة والأسرة في فكر الإمام الخامنئي
4 يوليو,2019
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
983 زيارة
أوصيكم ببعض الوصايا:
وصيّتي الأولى حول الأُسَر. هؤلاء الأخوات العزيزات اللواتي هنّ زوجاتكم وبناتكم، هنّ شريكات لكم في الأجر والثواب المعنويّ، لأنّهنّ يُقاسين ألم البعد والقلق عليكم وعذاب الفراق. وهذه الآلام كلّها لها أجر عند الله. ما من شدّة أو صعوبة إلّا ويقابلها شيء ثمين في خزانة العطاء والرحمة الإلهية. ولا يوجد أعلى من هذا. أنتم حين تخرجون من البيت، هذه السيّدة في المنزل (بأي عمل كانت مشغولة) هي قلقة عليكم. هذا القلق والاضطراب هو محنة كبيرة، وإذا جئتم إلى هنا من محافظات أخرى فإنّ مقاساة المحيط الغريب والمجهول، يضاعف هذا القلق والاضطراب. وهذه المعاناة لها عند الله أجر كذلك. حسنا فحيث إنّ هذه المشقّات التي تعانيها السيّدات، زوجات وبنات وأمهات- إذا كنّ برفقتكم- لها أجر، أفلا يكون عليكم واجب مقابل هذه المشقّات؟ هل ينتهي الأمر بقولنا أجرها على الله؟ كلا. فهناك مهمّة ثقيلة ملقاة على عاتقكم. أنا أريد أن أوصي كلّ واحد منكم فرداً فرداً، أيّها الأعزاء العاملون في مجال الجهاد بشكل خاصّ، إذا كان غيركم[1] يتواصلون مع أسرهم ويحسنون العشرة والسلوك بأيّ مقدار كان، أمّا أنتم فينبغي أن يكون تقيّدكم بهذه الأعمال بقدر مضاعف.
أيّها المجاهدون الأعزّاء! أيّها الشباب الأعزّاء! لا بدّ أن بعضكم – يرى نفسه – قد عبر سنوات الشباب، لكن برأينا كلّكم شباب وأعتبركم جميعاً مثل أبنائي، أنتم وزوجاتكم وأبناؤكم.
وأوّل وصيّة أبويّة لكم منّي هي أن تنظّموا سلوكيّاتكم داخل المنزل بتعقّل.
السلوك العقلانيّ كيف يكون؟ إنّه بالرحمة والحضور داخل المنزل بالقدر المتيسّر مع الصدق والتواصل الفعّال، وليس بالإهمال والعبوس.
لا بدّ في وضح النهار، وحين يكون الأولاد مستيقظين، أن توجّهوا أبناءكم حتّى فيما يتعلّق بمشاهدة التلفاز.. هذا الفيلم شاهدوه وذاك الفيلم لا تشاهدوه.
أقول لكم أيّها المجاهدون الأعزّاء: يجب أن تكونوا حتماً الأنموذج في الحياة الزوجيّة.
لا تغرقوا أنفسكم في العمل بحيث لا يبقى وقت كافٍ للمرأة والأولاد.
أعزّائي، افهموا شبّانكم، افهموا زوجاتكم، خصّصوا لهم وقتاً. هذا مهمّ جدّاً.. أولوا شبّانكم العناية وأعطوهم من وقتكم، لا تعودوا إلى بيوتكم متعبين، فحينما تعودون منهكين وبلا حيوية ويطلّ عليكم بناتكم وأبناؤكم ستقابلونهم بالعبوس واللامبالاة. هذا ليس صحيحاً.
أصلحوا هذا الأمر منذ هذه الليلة ولا مجال للتردّد. هذا الأمر قطعيّ، ولذا، فإنّني أصرّ عليه.
اعتنوا بوعي أولادكم وزوجاتكم. اهتمّوا به.
وصيّتي (الأولى) لكم، والتي هي في غاية الأهمية، هي أن تسعوا قدر المستطاع بسلوككم داخل المنزل لجبران آلام البعد والقلق التي تعانيها زوجاتكم وأبناؤكم وأسركم. اعتنوا بأبنائكم الأعزّاء – صغارهم وكبارهم. هذا الجيل الشاب، الذي يسمّى بالجيل الثالث والرابع، هو نفس أولادكم وأعزائكم، يجب أن تنَشِّئوه وفق الفكر السليم.
أولوا شبّانكم الاهتمام. فلو أنّكم، لا سمح الله، لم تولوهم العناية ولم تأخذوا بعين الاعتبار الخطاب ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾[2] و ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾[3], أنظروا كم أنّ المسألة مهمّة في الواقع. قوا يعني احفظوا، وأنفسكم يعني ذواتكم وأهليكم، أي أهلكم وأبناءكم ونساءكم وعائلتكم، احفظوهم من أي شيء؟ “ناراً“، من نار الضلالة والغضب الإلهيّ، نار جهنّم. لا تتصوّروا أنّ ذاك الشاب فقط هو الذي يفسد ويضلّ ويهلك، كلّا، فهو يترك أثراً بنحو ما، شئتم أم أبيتم، على تفكيركم وتوجيهكم. بالطبع الناس مختلفون لكن يمكن القول بشكل عام إنّه يترك أثرا، قلّ أو كثر.
وعليه، أنا اليوم أعتبر أنّ المجاهدة الضرورية والمهمّة لكم – أيّها القادة الأعزّاء، أيّها الرجال المضحّون الشرفاء الذين اتّخذتم نهج الحسين بن عليّ عليه السلام أسوة لطريق حياتكم- هي الرجوع إلى النفس وتهذيبها وتزكيتها على المستوى الشخصيّ وعلى المستوى العمليّ في المؤسّسة وعلى مستوى الأسرة.
[1] عامة الناس أو غير المتدينين.
[2] سورة الشعراء، الآية 214.
[3] سورة التحريم، الآية 6.
2019-07-04