أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 17
16 يونيو,2019
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
695 زيارة
وأما الحصر والحصار المعنوي فهو ما لجأ إليه من تنفير وسخرية
بطالب العلم الديني وبأستاذه وبالتفرقة بين أستاذي الدين ، والمواد
الأخرى . في كل شئ بفرقة مرسومة مقصودة ثم بالتفرقة بين
خريج المعاهد والكليات الدينية وبين زملائه في الكليات الأخرى
فمناصب المعاهد والكليات الدينية محدودة ، متواضعة في المظهر وفي
الأجر . ومناصب المعاهد والكليات الأخرى عديدة كثيرة فارهة المظهر ،
والأجر . وفي اللاشعور يرسب ذلك كله .
نفورا من الدين
وإقبالا على غير الدين
من حيث لا يدري الطالب الصغير أو الكبير ومن حيث لا يشعر .
وأما السبيل الثاني . فكان الابتعاث إلى الخارج إلى الدول
غير الاسلامية وحقق ذلك الابتعاث نتائجه الباهرة المقصودة .
فهو أولا يزيد طالب التعليم العام جهالة بدينه وقيمه ومثله ويزيده
تعلقا بقيم الغرب أو الشرق ومثله وهو من ناحية أخرى يبدأ بتطبيعه
بطباع غير إسلامية ثم يصير التطبع مع الزمن طبعا وينسلخ الطالب
من حيث لا يشعر حتى من تقاليده في الملبس والمأكل والمشرب وطريقة
التعامل ويغدو غربيا أو شرقيا ربما أكثر من الغربي أو من
الشرقي .
وحول هذا المعنى يقول أحد الكتاب الغربيين ” فبينما يترك الحكام
الغربيون منطقة الشرق الأدنى تتحول هذه المنطقة فتصبح أكثر غربية
ويواجه الزعماء العرب طريقين .
” فهم يطردون الغرب سياسيا ويسحبون الكتل الشعبية إلى الغرب
ثقافيا ( 1 ) ” .
ولقد بدأ هذا السبيل مبكرا
ربما ليسارعوا إلى تخريج الأساتذة التي تجري ” تفريخ ” مبادئهم
بعد ذلك في بلادهم بغير حاجة إلى ابتعاث الجدد ، وبغير حاجة إلى جهد
غير وطني . وهو ما يصرح به نفس الكاتب السابق حين يقول
” أما الآن فقد قبلت التأثيرات الغربية في الشرق الأدنى إلى
درجة تجعل من الصعب التحقق من أن امرءا ما قد ذهب أو لم يذهب
إلى أوروبا أصلا ، فقد أصبح العرب ” متغربين بدون أن يتكلفوا عبء
الذهاب إلى أوروبا ” .
ومثل ذلك هو الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي الذي ابتعث إلى
باريس خمس سنوات ( 1826 – 1831 ) ليعود بعدها يصرح بأن الرقص
الغربي ( الذي تتلاصق فيه الأجساد وتختلط الأنفاس وتتلاقى النظرات )
بأن هذا الرقص لون من العياقة والشلبنة ( أي الفتوة ) ثم ينادي
بالفرعونية ( وهي في ميزان الاسلام جاهلية وعصبية منتنة ) ينادي
بها بديلا عن الاسلام .
ومن بعد رافع كان طه حسين وكتاباته في مستقبل الثقافة
في مصر وفي مرآة الاسلام ومن قبلها في الشعر الجاهلي لا تحتاج
إلى تعليق لكل ذي بصر إسلامي
ومع طه حسين قاسم أمين الذي نادى في مصر بتحرير المرأة
وإن نسب البعض كتابته إلى الشيخ محمد عبده ” والزعيم ” سعد زغلول
وقد خشي الزعيمان على شعبيتهما فحملا قاسم العبء وحمله أنه
كان ظلوما جهولا
كل هؤلاء لم تكن ثقافتهم ولا تربيتهم محلية
ومن ثم فلم يكن غريبا ما صرحوا به أو أذاعوه .
بل كان ذلك جزءا من مخطط رهيب أثيم لهدم قيم الاسلام ومثله .
ولا يزال الابتعاث رغم ما خرج من أساتذة يقومون بنفس
الدور . لا يزال له دوره وبخاصة في البلاد التي تسمى ” نامية ”
والتي يخشى أن تتجه بصدق إلى الاسلام لا يزال الابتعاث يولي
أهمية كبرى لهذه البلاد باعتبارها بكرا ” ويصل الاهتمام إلى حد نزول
الابتعاث من مرحلة ما بعد الجامعة إلى مرحلة ما بعد الثانوية العامة
حيث سن المراهقة الخطير ينتقل فيه الشاب من المجتمع المغلق إلى
المجتمع المفتوح ، والمفتوح جدا . فتنقلب موازين عقله بعد موازين
قلبه ، كما حدث في درس رفاعة راعف الطهطاوي ( الصعيدي ) .
كما يصل الاهتمام حد الحرص على إيفاد المبعوث سنة كاملة
كل خمس سنوات بعد عودته من بعثته المباركة وتوليه أهم المناصب .
وهكذا يستمر الرضاع بين الأم ووليدها دون فطام
وهكذا يتولد ضمان استمرار ” الولاء ” و ” الوفاء ” أو ما هو
أشد من الولاء والوفاء
2019-06-16