ثمة شخصيات عراقية زاوجت بين السياسة والفكر الاقتصادي، زد على ذلك إنها ورثت جينات عشق العمل السياسي ربما من جذورها العائلية القديمة التي كان لها دور معروف في الدولة العراقية الحديثة إبان تأسيسها وإعلان الملكية في مطلع القرن العشرين.
وزير النفط السابق، ورئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة عادل عبد المهدي، هو أحد تلك الشخصيات، واسمه الكامل عادل عبد المهدي المنتفكي من مواليد 1942 في منطقة البتاوين وسط بغداد، وشغل منصب نائب رئيس الجمهورية في البلاد منذ عام 2005.
وهو أحد قادة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، تبنى عدة أفكار واتجاهات سياسية مختلفة، كما أنه تدرج في كثير من المناصب بحياته، وصار وزيرا للنفط في الحكومة العراقية 2014.
ينحدر عبد المهدي من عائلة علوية برجوازية سكنت المنتفك (الناصرية حاليا) واصلها من الكوت وما يزال بيت العائلة الراجع لجد عادل عبد المهدي معروفا في الكوت كان أبوه وزيرا خلال عهد الملك فيصل الأول وكان أيضا نائبا في مجلس الأعيان العراقي ممثلا للمنتفك، والذي اكسبه لقب المنتفكي، وقد تأثر في شبابه بالأفكار القومية العربية وله صداقات طفولة مع أحمد الجلبي وإياد علاوي، وأكمل دراسته الثانوية في كلية بغداد الكائنة في منطقة الأعظمية شمالي بغداد.
في سنة 1968 غادر إلى فرنسا حيث كان يكمل زمالة دراسية وبقي فيها إلى عام 1972 حيث ذهب إلى سورية ومن ثم إلى لبنان التي بقي فيها إلى وقت الاجتياح الإسرائيلي وغادر بعدها إلى فرنسا مرة أخرى إلى ان رجع للعراق عام 2003 ولم يسكن في إيران كما يشاع، تبنى بعدها الفكر الاشتراكي في بادئ الأمر، إلى أن انتهى به الأمر بالفكر الإسلامي الشيعي المعتدل.
وعبد المهدي قيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وأسهم في تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي، وكان قد شغل منصب وزير المالية ممثلا لهذا المجلس في حكومة إياد علاوي، وقبل ذلك كان عضوا مناوبا عن عبد العزيز الحكيم في مجلس الحكم، وشارك مع الإدارة الأميركية في المفاوضات الخاصة بشطب الديون الخارجية العراقية وأقنع عددا من المانحين الدوليين أثناء توليه المنصب بإسقاط جزء كبير منها.
ويبرر عبد المهدي تحولاته الفكرية والسياسية بقوله، إن “الأمر استغرق 50 عاما وهي فترة طبيعية ليتغير المرء”، كما يصف نفسه بالسياسي الواقعي لكن مع الحفاظ على المبادئ.
في أواخر التسعينيات من القرن الماضي تسلم إدارة المجلس الأعلى في إقليم كردستان واستطاع بواسع علاقاته من تطوير عمل المجلس الأعلى في كردستان وعرض أجندة إسلامية معاصرة في إطار العمل العراقي المعارض على القيادات الكردية في كردستان.
أصدر عدة كتب، منها ما يتعلق بتطوير الاقتصاد العراقي المستقبلي، ومنها ما يتعلق بإنضاج الأطروحة السياسية للمعارضة العراقية، وساهم كذلك في وضع نظريات سياسية واقعية للمعارضة العراقية في فترة التسعينيات من القرن الماضي ساهمت في إيجاد آليات سياسية عراقية توافقية، حيث تم تبني أطروحات عدة منها في مؤتمرات المعارضة العراقية في لبنان ولندن ومكردستان العراق.
وتسنم إدارة بنك المعلومات العراقي بالاشتراك مع محمد الحيدري، وهو مؤسسة توثيقية تعنى بجمع الوثائق وإصدار دراسات عراقية مقرها في طهران ولها فرع في دمشق آنذاك تهتم بتغطية جهود المعارضة العراقية في المنفى، بالإضافة إلى وضع دراسات توثيق حول الشخصيات القيادية في حكومة صدام حسين آنذاك.
كما ساهم في تنظيم قاعدة بيانات واسعة للشخصيات السياسية العراقية منذ العهد الملكي وحتى عهد صدام حسين، وقد اصدر البنك عدة إصدارات رصينة بينها موسوعة الوزارات العراقية منذ العهد الملكي وحتى سقوط صدام حسين، وكذلك موسوعة تراجم الشخصيات السياسية العراقية وتغطي نفس المرحلة السابقة منذ العهد الملكي وحتى عهد صدام حسين بالإضافة إلى الشخصيات السياسية العراقية المعارضة.
واصدر عبد المهدي في فرنسا مجلة “ينابيع الحكمة” وهي مجلة فكرية إسلامية متخصصة تصدر باللغة الفرنسية وتبنى طباعتها على نفقته الخاصة، وقد ساهم في إثراءها كبار الكتاب والمفكرين العرب والمسلمين في فرنسا.
دعي إلى أغلب المؤتمرات التي تعنى بالفكر الإسلامي المعاصر وكان له سبق فيها، لاسيما تلك التي عقدت في عدة دول إسلامية.