الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / قصص و خواطر من اخلاقيات علماء الدين

قصص و خواطر من اخلاقيات علماء الدين

ارتقاء وانتفاع

من يرتقي سلم الكمالات الروحية و يرتفع نحو المعارف السماوية يرى الدنيا حوله صغيرة أما جربت ذلك في صورته المادية حينما تنظر إلى الأرض من نافذة الطائرة

كان آية الله السيد محمد كاظم المدرسي قدس سره واحدا ممن شملته العناية الإلهية في ارتقائه الروحي وارتفاعه السماوي لقد عرفته من قرب بعض الشيىء وكان يأبى أن يظهر لأحد أسراره العبادية وملكاته العرفانية ولكني لمست من زهده العجيب وتواضعه وتسامحه والمواظبة على إخفاء عباداته بعض رشحاتها ومن باب الأثر يدل على المؤثر

فقد كنت أسمع كثيرا عن تهجده في آناء الليل وذات مرة وفي ليلة من ليالي شهر شعبان (1414هـ) أي قبل وفاته بشهرين نمت بداره في مدينة قم إذ كنت قادما من مشهدالمقدسة زائرا ولمتابعة تأليف هذا الكتاب فقمت في منتصف الليل قاصدا حرم السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام فشعرت بأن السيد يصلي في زواية من ساحة الدار إلى جانب سريره الخشبي القديم مكثت لحظات على السلم لأستمع إلى مناجاته مع الله تعالى ولكني فوجئت به في الظلام ينادي :من على السلم هناك ؟!
علما أن السلم يقع في الخلف من مكان صلاته بمسافة ستة أمتار تقريبا فاضطررت إلى أن أقول :أنا يا (أغا جان ) وهو الاسم العائلي للسيد ولما نزلت قال إلى أين تذهب ؟
قلت :إلى الحرم
قال :لا تنساني من الدعاء
قلت :ومثلك يا سيد يسألني الدعاء فأنا أحوج إلى دعاك

ودعته ولم أتمكن من اكتشاف حتى دقائق من بعض ليلته تلك وسمعت من أكثر مقربيه أنه كان شديد الحرص على كتمان عباداته الخاصة وحالاته المعنوية
يقول أهله منذ سنوات طويلة لم تكن تفوته صلاة الليل قط وحتى آخر ليلة من حياته قام للتهجد وهو في غرفة ( العناية القصوى ) في المستشفى بطهران نقل لي ابن أختي الأخ الكريم حسن أحمد دام عزه إذ كان مع المرحوم في المستشفى في تلك الليلة قال إنه طلب مني ساعة
قلت له :ما حاجتك إليها وأنت في هذه الحالة ؟
قال :هذه ليلة هامة جدا أريد معرفة ساعاتها فأعطيته ساعتي وتبين انه كان يريد قيام الليل للتهجد والعبادة .

ولقد قال طبيبه أنه في تلك الليلة سمع السيد حينما كان يسبغ الوضوء لصلاة الليل يخاطب نفسه قائلا : ( ياكاظم كفاك هذا العمر لا تخف إنه الطريق الذي سلكه الاخرون يا كاظم فهذه ليلتك الأخيرة قوِ إيمانك بالله ولا تخف )
وهكذا جاءته المنية مستبشرا برحلته الأبدية إلى نعيم الجنة وهو في حال قنوت صلاة الصبح
يقول نجله الأكبر آية الله سماحة الحاج السيد محمد تقي المدرسي تلك الليلة رجعنا إلى البيت في ساعة متأخرة وكنا مرهقين فصليت صلاة الصبح تزامنا مع الأذان وغفوت بعدها غفوة وكأني أسمع هاتفا يقول :محمد كاظم المدرسي ذهب إلى جنان الله
ولما اتصلوا بي من المستشفى وأخبروني أن والدك انتقل إلى رحمة الله سألتهم متى ؟
قالوا :قبل نصف ساعة يعني وقت سماعي ذلك الهتاف كان هو لحظات عروج روحه الكبيرة

سبحاااان الله

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...