الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / المرأة والأسرة

المرأة والأسرة

الفصل الثاني:النموذج النسائيّ المعاصر

النقاط المحوريّة

  • السيدة بنت الهدى.

  • المرأة الإيرانية.

 

السيّدة بنت الهدى

في عصرنا هذا استطاعت امرأة شجاعة عالمة مفكّرة بارعة في مقتبل العمر اسمها السيّدة بنت الهدى ـ أُخت الشهيد الصدر[1] ـ أن تترك بصماتها على التاريخ، وأن تؤدّي دوراً في العراق المظلوم إلى أن استشهدت. عظمة مثل هذه المرأة لا تقلّ عن عظمة أيّ من الرجال الشجعان والعظماء. لقد كان موقفها موقفاً نسوياً وموقف ذلك الرجل (أخيها الشهيد محمد باقر الصدر) موقفاً رجولياً، ولكن كلاهما

يَنِمّان عن حركة تكاملية ويعبّران عن عظمة وتألّق جوهر هذا الإنسان. وهكذا فلتربَّ النساء.

 

وفي مجتمعنا أيضاً كان لدينا الكثير من أمثال هذه النساء حتّى في عهود الكبت، وفي عهود المواجهة. ولدينا من بعد قيام النظام الإسلاميّ نساء عظيمات استطعن تربية أبناء مستعدين للبذل والتضحية، وقدّمن أبناءهن وأزواجهنّ للدفاع عن البلد وعن الثورة، وللدفاع عن كيان وكرامة الشعب، ومثل هذا العمل الكبير استطاعت أن تنجزه المرأة. وقد شاهدتُ أنا بنفسي حالات متعدّدة من هذا القبيل[2].

 

المرأة الإيرانية[3]

آلاف النسوة الشهيدات، اللواتي أدّين دوراً كبيراً في تغيير مسار التاريخ الإسلاميّ. هذا الجيش من الملائكة اللواتي ضحّين بأرواحهنّ المقدسة في سبيل الإسلام، لم يبالين وسرن في طريق العمل وظهرن كبانيات لصرح إيران الجديدة. هنّ نسوة عظيمات قدّمن للشرق والغرب تعريفاً جديداً لـ”المرأة“.

 

فغالباً ما تقدّم المرأة في النظم الشرقية كعنصر هامشيّ لا دور لها في صناعة التاريخ، وفي النظم الغربيّة باعتبارها موجوداً

يتفوّق جنسه على إنسانيته ووسيلة جنسية بيد الرجال، وفي خدمة الرأسمالية الجديدة. فالنسوة الإيرانيات الشجاعات في الثورة والدفاع المقدّس قدّمن نموذجاً ثالثاً جديداً.

 

لقد فتحت المرأة الإيرانيّة المسلمة تاريخاً جديداً أمام أعين النساء في العالم، وأثبتت أنّه يمكن للمرأة أن تكون امرأة وعفيفة ومحجبة وشريفة، وتمارس في الوقت ذاته دورها في مركز الأحداث. يمكنها أن تحافظ على طهارة خندق العائلة، وأن تبني خنادق جديدة في الميادين السياسية والاجتماعيّة وتحقق الكثير من الفتوحات والإنجازات الكبرى. هنّ نسوة مزجن بين ذروة المشاعر والرقّة والرحمة النسوية وبين روح الجهاد والشهادة والمقاومة، وخضن بشجاعة وإخلاص وتضحية أكثر السوح رجوليّة.

 

لقد ظهرت في الثورة الإسلاميّة والدفاع المقدّس نسوة يمكنهنّ أن يقدّمن للعالم تعريف المرأة وحضورها في ساحات الرشد والتهذيب وفي ساحة حفظ سلامة المنزل والعائلة المتوازنة، وفي ساحة الولاية الاجتماعيّة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد الاجتماعيّ، ويستطعن تحطيم واقتحام أكبر الطرق المسدودة.

 

لقد ظهرت حالة جديدة من الاقتدار والهيبة بفضل دماء هؤلاء النسوة المجاهدات في العصر الحديث، تركت تأثيراتها أولاً على المرأة في العالم الإسلاميّ، وسوف تترك تأثيراتها عاجلاً أم آجلاً على مصير مكانة المرأة في العالم.

طالما بقيت شمس سيّدتنا خديجة الكبرى المتألّقة، وسيّدتنا فاطمة الزهراء، وسيّدتنا زينب الكبرى ساطعة مشرقة، فإنّ المخطّطات القديمة والجديدة المعادية للمرأة سوف لن تنتج شيئاً.

 

وإنّ الآلاف من نسائنا الكربلائيات لم يحطّمن الخطوط السوداء للظلم الظاهريّ وحسب، بل وفضحن أيضاً حالات الظلم الحديث ضدّ المرأة، وأثبتن أنّ حقّ المرأة في الكرامة الإلهية هو أعلى حقوق المرأة، وهو حقّ غير معروف بالمرّة في العالم الذي يسمّى بالحديث، وقد آن الأوان اليوم لمعرفته.

 

وستكون المرأة المسلمة الإيرانية المجاهدة المعلّم الثاني لنساء العالم، بعد المعلّم الأول لهنّ وهو نساء صدر الإسلام.

 

سلام الله على سيّدة الإسلام العظيمة فاطمة الزهراء، وعلى كلّ نساء صدر الإسلام العظيمات وعلى النسوة المضحّيات في إيران الإسلاميّة[4].

[1] ولدت الشهيدة الخالدة آمنة بنت آية الله السيد حيدر الصدر (بنت الهدى) عام 1356ه- 1937م في مدينة الكاظمية، في بيت عريق في العلم والجهاد والتقوى. وكانت أصغر شقيقيها وأختهما الوحيدة.

ولم يختلف حالها عن حال باقي أسرتها في مكابدة الفقر والحرمان، وتحمل الصعاب والمشاق، بروح غمرها الإيمان والقناعة بأدنى ضروريات الحياة.

لم تر بنت الهدى أباها ولا تتذكره وكأنها ولدت يتيمة، إلا أن الله عز وجل عوضها عن ذلك بأخويها المرحوم السيد إسماعيل الصدر والشهيد السيد محمد باقر الصدر – رضوان الله عليهم جميعاً – فقد أغدقا عليها حناناً ومحبة تفوق ما يتوقع اليتامى، وربّياها بما لم يربّ أب فلذة كبده.

تعلمت الشهيدة بنت الهدى القراءة والكتابة في البيت على يد والدتها – رحمها الله – فكانت الأم هي المعلم الأول، وكانت والدتها تثني على ابنتها وقدرتها على التعلم والاستيعاب والفهم، ثم استكملت مراحل تعليمها القراءة والكتابة على يد أخويها، وشمل ذلك علوم العربية في أكثر جوانبها، حتى تمكنت من كتابة الشعر في السنوات المبكرة من عمرها.

وكانت الشهيدة بنت الهدى – رحمها الله – حريصة على تثقيف نفسها ثقافة إسلامية رفيعة، سواء في مراحل حياتها الأولى أو فترة ما قبل الاستشهاد. فتمكنت من توسيع أفق ثقافتها توسعاً شاملاً متعدد الأبعاد، وكتاباتها في مجلة الأضواء في تلك الفترة (1966م) تعكس لنا جوانب من تلك الأبعاد، ذلك أن مجلة الأضواء التي كانت تصدرها جماعة العلماء في النجف الأشرف لم تكن منبراً إلا للنتاجات المتميزة فقط، وكانت بنت الهدى ــ رحمها الله ــ من أبرز من كتب فيها بل كانت الرائدة الأولى في الكتابة والتأليف.

[2] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة الصديقة الطاهرة عليها السلام ويوم المرأة، في طهران – ملعب الحرية الرياضي، بحضور جموع غفيرة من النساء المؤمنات، بتاريخ 19/06/1418ه.ق.

[3] رسالة الإمام الخامنئي دام ظله إلى ملتقى 7000 شهيدة إيرانية، في طهران، بتاريخ 06/03/2013م.

[4] رسالة الإمام الخامنئي دام ظله إلى ملتقى 7000 شهيدة إيرانية، في طهران، بتاريخ 06/03/2013م.

 

 

وصلنا

نهاية الكتاب

المرأة والأسرة

في فكر الإمام الخامنئي دام ظله

 

شاهد أيضاً

صلاة ليالة 10 من شهر رمضان المبارك