تسود تساؤلات عن دوافع وأهداف الولايات المتحدة الأميركية من قصف مواقع لعصابات داعش الارهابية في جنوب العاصمة العراقية بغداد للمرة الأولى ، و ذلك بالتزامن مع الاجتماعات الدولية التي تعقد لبلورة تحالف دولي لمواجهة هذا التنظيم آخرها اجتماع باريس الذي يشكل لقاء لتقاسم المهام و توزيع ادوار الحرب الاتية .
و بدأ بنك الأهداف الأمیرکیة بالاتساع رویداً رویداً على المساحة الجغرافیة للعراق حتى قبل تقاسم المهام بین الدول المشارکة فی مواجهة عصابات داعش . و لا شك أن أمیرکا تحاول من خلال توسیع مروحة عملیاتها العسکریة توجیه رسائل عدة لرفاق السلاح الذین سیواجهون داعش و ینتظرون الثمن فی المقابل .
و على رأس هؤلاء الحلیف الفرنسی الذی بدا نشطاً و أصرّ على رعایة اجتماع للتحالف الدولی فی حرکة وصفت “بالاستعراضیة” بعد أیام معدودة على اجتماع جدة . و یحاول فرنسوا هولاند الذی راح یتصدر المشهد من باریس الاعلان عن عودة فرنسا إلى المنطقة من جدید لاستعادة ما خسرته بعد حرب العراق عام 2003 من نفوذ ومصالح اقتصادیة . لکن هذا المشهد لا یروق کثیراً لإدارة أوباما التی بدأت بضرب داعش منفردة انطلاقاً من حمایة حدود أربیل .
أو حدود مصالحها الاستراتیجیة فی المنطقة ، کما یعبر بعض المراقبین ، وبهدف تثبیت نفوذها الذی خسرت أجزاءاً کبیرة منه فی الصراع على النفوذ فی العراق ، بعد سقوط الدکتاتور المقبور صدام ، تمهیداً للعودة إلى مشروع الشرق الأوسط الکبیر الذی طرحته قبل أعوام .
و بالتالی تکون الإدارة الأمیرکیة – إذن – أعلنت عن قیادة التحالف الدولی بلا منازع ، من خلال بدأ الضربات الجویة خارج محیط کردستان العراق ، و هی رسالة تفهمها فرنسا ودول أخرى بلا شک ، الأمر الذی سیخلف تباینات حول الأهداف ، و النتائج ظهرت أولى ملامحها فی مقررات اجتماعی جدة وباریس .
و شارکت فی الاجتماع الأخیر کل من روسیا و ترکیا ، بینما لم یحضرا فی الاجتماع الأول ، و بدت رغبة فرنسا فی حضور ایران جلیّة على لسان أحد مسؤولیها الذی أشار إلى معرکة حقیقیة تخوضها طهران ضد داعش فی العراق .. إلا أن الضغوط الأمیرکیة والخلیجیة حالت دون ذلك .
و لم یأت اجتماع باریس على ذکر الساحة السوریة لأن فرنسا غیر معنیة بفتح صراع مع الروس بعد تحذیرات لافرورف الجدیة ، لذا تحدث هولاند عن دعم المعارضة الدیمقراطیة ولیس المعتدلة التی تحدث عن دعمها وتدریبها اجتماع جدة.
وبالتوازی ، اعرب الرئیس العراقی من باریس أیضاً عن رفضه لعروض تدخل بقوات بریة تقدمت بها دول خلیجیة إلى الولایات المتحدة فی جدة …. و هکذا فان تباینات عدة تظهر تضارب المصالح من جهة ، و عدم الجدیة فی محاربة الارهاب من جهة أخرى.