الرئيسية / زاد الاخرة / الإنفاق في سبيل الله \عز الدين بحر العلوم

الإنفاق في سبيل الله \عز الدين بحر العلوم

١ ـ الأنفاق الإلزامي

ويشتمل على أمرين :
أ ـ الضرائب المترتبة على الأموال .
ب ـ الضرائب المترتبة على الأعمال
أ ـ الضرائب المترتبة على الأموا ل ….. وهي على قسمين :
١ ـ الزكاة .

٢ ـ الخمس .

أولاً .. الزكاة ..

الزكاة في اللغة هي : النماء ، والطهارة ، وزكا الشيء نماء وتكاثر ، وزكت النفس طهرت ،
ومنه قوله تعالى :
. (١) ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )
تطهرهم من البخل والسحة وحب المال .
وتزكيهم بنماء أموالهم وحسناتهم ، وتهذيب نفوسهم ، وبذلك
____________
(١) سورة التوبة | آية ١٠٣ .

===============
( ٢٨ )

. (١) يرتفعون إلى منازل المخلصين الطيبين
أما الزكاة في المصطلح الشرعي فهي :
. (٢) « أسم لحق يجب في المال يعتبر في وبجوه النصاب »
وعندما نعبر عن الزكاة بأنها ضريبة على المال الذي يحصل عليه الإنسان أو لحق يجب قي
المال فلا ينافي هذا التعبير انها في الوقت نفسه عبادة مالية يتوخى الشارع من فرضها تنظيم
الاقتصاد وترتيب الحياة بشكل متوازن بلا تخمة ولا حرمان بل حد وسط بين هذين الشبحين
المرعبين .

يقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
« إنما وضعت الزكاة اختباراً للأغنياء ومعونة للفقراء ، ولو أن الناس أدوا زكاة أموالهم ما
بقي مسلم فقير محتاجاً ، ولا ستغنى بما فرض االله له وأن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا
. (٣) جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الأغنياء »
وإذا ما أردنا أن نعرف ما للزكاة من أهمية في نظر المشرع رجعنا إلى القران الكريم والسنة
لنرى اللآيات ، والأحاديث قد أمرت باخراجها مقترنة بالأمر باقامة الصلاة في أكثر من عشرين
آية ، وفي أحاديث عديدة حيث دأبت الآيات تكرر قوله تعالى : « أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة » .
وفي الحديث الذي بيّن فيه أمير المؤمنين ( عليه السلام )
____________
(١) أقرب الموارد : مادة « زكى » .
(٢) جوهر الكلام ١٥ | ٣ .
(٣) وسائل الشيعة ٦ | ٤ .

===============
( ٢٩ )

دعائم الإسلام قال :
. (١) « وهي دعائم أولها الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام » إلى آخر الحديث
فجاء ترتيبها بعد الصلاة مقدمة على الصيام .
وفي حديث آخر عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) انه قال :
« عشر من لقى االله بهن دخل الجنة : شهادة ان لا إله إلا االله ، وأن محمداً رسول االله ،
. (٢) والاقرار بما جاء من عند االله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ـ الخ ـ »
ولسنا في صدد ما للصلاة من أهمية في نظر المشرع ، وإنها من أهم أركان الإسلام ولكن
على نحو العرض السريع نقول :
لقد نوهت الأحاديث بعظمة الصلاة في كثير من الموارد ، وبينت إنها عمود الدين ، وأنها إن
قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها ، وأنها لا تترك بحال ، وحتى في حال الغرق لا بد
من الاتيان بها ولو بالايماء بالعينين .
هذا الواجب العبادي ، وبهذا النحو من الأهمية نرى الشارع المقدس قد قرن معه الزكاة .
وبأكثر من هذا فقد دأبت الأحاديث الكريمة تصرح بأن بين أداء الزكاة وإقامة الصلاة نحو
إرتباط .
فقد جاء عن النبي ( صلى االله عليه وآله ) قوله :

____________
(١) وسائل الشيعة ١ | .١٨
(٢) وسائل الشيعة ١ | .١٩

===============
( ٣٠ )

. (١) « أيها المسلمون زكوا أموالكم تقبل صلاتكم »
وهل يستعظم الإنسان هذا النوع من الأرتباط فكيف ان من صلى ولم يزك أمواله لم تقبل
صلاته مع أنه تقبل بحسب الموازين الشرعية ، ويأتي الإيضاح عن الإمام الباقر ( عليه السلام )
في حديث له يقول فيه :
« إن االله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فمن أقام الصلاة
. (٢) ، ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة »
وإذاً : فالارتباط بين إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أرتباط تنزيلي ، ويفهم من قوله « فكأنه لم يقم
الصلاة » بمعنى أن تارك الزكاة صلاته ليست تلك الصلاة التي ينظر إليها االله بنحو من الأهمية ،
والأعتبار .
وعلى الصعيد الأجتماعي لو تأملنا هذه المقارنة لرأينا من خلال كل هذه الآيات والأحاديث أن
الشارع المقدس يتوخى من الأمر بهذين الواجبين على نحو الأرتباط ولو تنزيلاً أن يجعل المكلف
إنساناً مهذباً كاملاً .
فبصلاته : ينشد إلى خالقه يسبحه ويحمده ويعترف بالعبودية له ، وبذلك تصفو نفسه شفافة
تنطبع فيها كل سمات الخير والرحمة .
وبزكاته : ينشد الفرد إلى المجتمع ليتحسس بأحاسيس أفراده من الضعفاء والمعوزين فيمد لهم
يد المساعدة ويبعد عنهم شبح
____________
(١) وسائل الشيعة ٦ | ٣ .
(٢) وسائل الشيعة ٦ | ١١ .

===============
( ٣١ )

الفقر وآلام الجوع .

وبهذا الصدد يقول الإمام الرضا ( عليه السلام ) :
« إن علة الزكاة من أجل قوت الفقراء وتحصين أموال الأعنياء ، لأن االله عزوجل كلف أهل
والبلوى كما قال االله تعالى : (١) الصحة القيام بشؤون أهل الزمانة
« لتبلون في أموالكم وأنفسكم » .
في أموالكم : أخراج الزكاة ، وفي أنفسكم : توطين النفس على الصبر مع ما في ذلك من أداء
الشكر لنعم االله عزوجل ، والطمع في الزيادة مع ما فيه من الزيادة والرأفة والرحمة لأهل
الضعف والعطف على أهل المسكنة والحث لهم على المواساة ، وتقوية الفقراء والمعونة لهم على
. (٢) أمر الدين »
وقد نقلنا من الحديث هذا القدر لنعرض من خلاله ما يتوخاه الإمام ( عليه السلام ) من شد
الأغنياء والتحامهم بالفقراء وبيان أن االله سبحانه في الوقت الذي يريد من عبده أن يتقرب إليه
وتسمو نفسه فتسبح في الرحاب الأعلى بصلاته كذلك يريد منه أن لا يبعد فينقطع عن المجتمع بل
لينزل إلى معترك الحياة ليعمل ويقدم من نتاج عمله إلى من أنهكهم الفقر ، وبذلك يكون قد جنب
الفقير ويلات الحرمان وما يجره العوز عليه من إرهاصات قد تخرجه من وضعه الطبيعي فيجرم
في حق الأخرين .
____________
(١) الزمانه : العاهة : وأهل الزمانه أصحاب العاهات .
(٢) وسائل الشيعة ٦ | ٥ .

===============
( ٣٢ )

ونبقى نحن وجزاء من أقام الصلاة وآتى الزكاة لنهرع إلى القرآن الكريم لنراه يقرر ما جاء
في قوله تعالى :
( والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون باالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجراً
. . (١) عظيما )
« اولئك سنؤتيهم أجراً عظيماً » وإذا كان التعبير بالعظيم له أهمية لو جاء على لسان البشر
فكيف به وقد جاء على لسان االله عزوجل وهوالرحيم بعباده .
: (٢) من تجب عليه الزكاة
تجب الزكاة على الأشخاص التالية صفاتهم :
١ ـ البالغ .
٢ ـ العاقل .

٣ ـ الحر .
٤ ـ المالك للمال .
____________
(١) سورة النساء | .آية : ١٦٢ .
(٢) لما كانت فكرة البحث من هذا الكتاب هي بيان موارد الانفاق ، وانها من ابرز صور التكافل الاجتماعي واعطاء
صورة مشوقة فيما يخص هذه الجهة لذا لا يسعنا الخوض على نحو من التفصيل فيما يتعلق ببحث الضرائب المالية
من الزكاة والخمس وبقية الموارد من الكفارات ، وغيرها ، بل نحيل القاريء الكريم على مصادر الفقه خوفاً من
الأطالة والخروج عن الخط البحث لذلك نقتصر على هذا القدر مما يتعلق بهذه العناوين من الناحية الفقهية .

===============
( ٣٣ )

٥ ـ التمكن من التصرف .
من غير فرق بين الذكر والأنثى . .
ما تجب فيه الزكاة :
تجب الزكاة في :
١ ـ الأنعام الثلاثة : وهي الابل والبقر والغنم .
٢ ـ الذهب والفضة المسكوكين .
٣ ـ في الغلات الأربع : هي الحنطة والشعير والتمر والزبيب .
وتستحب فيما عدا ذلك مما تنبت الأرض مما يكال أو يوزن عدا الخضر .
أما أموال التجارات فقد اختلفوا فيها على قولين :
أحدهما : الوجوب .
. (١) ثانيهما : الاستحباب
من تصرف إليه الزكاة :
وقد ذكرتهم الآية الشريفة في قوله تعالى :
( إنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين
. (٢) وفي سبيل االله وابن السبيل فريضةً من االله واالله عليم حكيم )
____________
(١) راجع لذلك كتاب الزكاة من جواهر الكلام بحث ما تجب فيه الزكاة .
(٢) سورة التوبة | آية : ٦٠ .

===============

شاهد أيضاً

نفحات من القران

وتارة يقول: «للمتقين». وتارة يقول: «لكل صبّار شكور». وهذه اشارة الى ان هذه الفرق ـ ...