اكدت صحيفة “الاخبار” ان لدى حركة «أنصار الله» في اليمن ، سلاحا كاسرا للتوازن ، و كتبت في مقال نشرته اليوم الاربعاء قالت فيه : منذ ظهور المؤشرات على حصول توافق إيراني ـ أميركي ـ
أوروبي حول الملف النووي ، قرر آل سعود شنّ عدوانهم المجرم على اليمن ، لتتابع سلسلة من الاهداف، بينها، وليس أهمها، البعث برسالة احتجاج قوية الى الولايات المتحدة ، التي لم تكن لتقدر على منع العدوان ، و هي أصلاً صاحبة مصلحة فيه ، لكن ربما كانت تفضله بتوقيت آخر ، وبآليات مختلفة ، وبأهداف أخرى أيضاً .
و کتبت “الاخبار” اللبنانیة الیوم الاربعاء مقالا بقلم رئیس التحریر الزمیل إبراهیم الأمین ، جاء فیه : خلال الایام التی فصلت عن إعلان التفاهم الاولی بین طهران والغرب، حاول الجانبان الامیرکی والایرانی عدم الانصات الى الاصوات الآتیة من شمال وجنوب الجزیرة العربیة . لکل أسبابه . أمیرکا لا ترید وضعه بنداً یستغله المتشددون لإفشال المفاوضات الرئیسیة ، و إیران لا ترید الدخول فی بحث أی عنوان قبل التفاهم النووی.
کان الجمیع فی الغرب یعتقد أنه بهذه السیاسة إنما یمنح النظام السعودی الوقت لتحقیق أهداف عسکریة وسیاسیة. لکن سرعان ما ظهرت الامور على عکس ذلک. ولم تمض على عودة الوفد الایرانی الى طهران أیام قلیلة ، حتى تصدت طهران لمواجهة العدوان ولمواجهة احتمالاته کافة .
وارتفع الصوت على المنابر، وحشدت الاساطیل فی البحر، فکان أول اختراق أمیرکی ـ إیرانی دبلوماسی تمثل فی ساعات الاتصالات الطویلة بین وزیری الخارجیة الامیرکی جون کیری والایرانی محمد جواد ظریف، والتی انتهت الى إعلان الریاض وقف «عاصفة الحزم» .
لکن ، لا الولایات المتحدة ولا إیران کانتا فی وارد التصدیق أن العدوان توقف . وعلى الارض ، واصل «أنصار الله» ومن معهم فی الجیش والقوى الشعبیة استراتیجیة السیطرة على الارض ، وتحمل الضربات دون رد مباشر على المعتدی . وهو ما سمح بتحقیق نتائج کبیرة أفشلت خطة آل سعود لاحتلال جزء من أراضی الیمن ، ودفعتهم الى مزید من الجنون ، قبل أن تصل الامور الى مرحلة جدیدة، عندما قرر آل سعود الانتقال مباشرة الى الضرب المباشر للمدنیین وارتکاب المجازر بطریقة أکثر وحشیة من فعل الصهاینة .
فی هذا الوقت ، قرر «أنصار الله» اعتماد استراتیجیة جدیدة. استکملوا مع الجیش السیطرة على عدن ومحاصرة مأرب والاحتفاظ بالممرات الآمنة الى الجنوب فی تعز ، وبدأوا فی المقابل الإعداد لعملیات عبر الحدود تحت عنوان «غضب القبائل» .
وهذه السیاسة لها طریقتها ، ولها آلیات العمل الخاصة بها ، ولها أهدافها، وکان الاساس إعطاء الاشارة الى آل سعود أنفسهم، والى الغرب من خلفهم، بأن سیاسة الصبر لیست مفتوحة . ثم کانوا یعمدون الى تنفیس غضب قواعدهم المطالبة بردود قاسیة ، من خلال ضربات موجعة لکل جنود آل سعود المنتشرین على طول الحدود، وتوجیه رسائل صاروخیة الى المناطق المأهولة بالسکان وبالمنشآت الحیویة .
وفی الوقت الذی ردّ آل سعود بمزید من الجرائم ، کان على الغرب التحرک أکثر. هذه المرة ، لجأ الامیرکیون الى الضغط المباشر من خلال عنوان «الآثار الانسانیة» الکبیرة، التی لم یعد بإمکان العالم الصمت علیها . وکان من نتائجها تعزیز موقف الجیش الباکستانی الرافض للدخول فی الحرب، وکانت هناک خطوة أخرى ظلت بعیدة عن التداول ،
و تتمثل فی قرار مالیزی مبدئی بالمشارکة فی القوات البریة ، لکنه موقف عاد الى مربع التمهل والنقاش ، فی ضوء ما یحصل على الارض، سواء لجهة خسائر الجیش السعودی فی المیدان، أو لناحیة الجرائم الکبیرة التی ترتکب ضد المدنیین، إضافة الى تحذیر استخباری غربی من أن الذی یرید التحرک على الارض فی الیمن علیه «التعاون مع القاعدة».
و یعتقد آل سعود أن ما یقومون به براً وبحراً وجواً، یمکن أن یشکل حصاراً مطلقاً وتاماً على «أنصار الله» وعلى الجیش الیمنی . هم یرفضون الأخذ بتجارب الآخرین ، ولذلک، لم یکن بمقدورهم توقع أن یصل الى ید أنصار الله السلاح الکاسر للتوازن ، والمتمثل فی أمرین :
الاول ، سلاح یهدد طائرات آل سعود وحلفائهم، وکانت الباکورة فی إسقاط الطائرة المغربیة .
الثانی، صواریخ أرض ـ أرض من مدیات مختلفة قادرة على تحقیق إصابات مدمرة فی البنى التحتیة العسکریة والمدنیة والنفطیة لآل سعود.
وأیضاً هناک دعم سیاسی مفتوح، من خلال رفض ممارسة أی نوع من الضغوط علیه، جراء الاتصالات التی یقوم به وسطاء کثر.
وفی هذا السیاق ، علم أن کیری لم یتوقف عن التواصل مع نظیره الایرانی، حتى خلال الایام التی سبقت وتلت زیارته للریاض . وکان الهم الامیرکی الحصول على دعم إیرانی لمشروع الهدنة الانسانیة المقترح ، وهو ما حصل علیه الجمیع بإعلان «أنصار الله»، ومن ثم الرئیس السابق علی عبدالله صالح، ترحیبهما بالهدنة، مع العلم بأنه تم إیجاد آلیة تعفی الجمیع من الإحراج، من خلال تکلیف منظمات إنسانیة محلیة ودولیة مهمة الاشراف على تسلم المساعدات وتوزیعها فی الیمن. وهو فی حد ذاته لا یمثل حرجاً لأنصار الله، بینما مثل خیبة لآل سعود الذین اعتقدوا أنه بمقدورهم إدخال أنصارهم الى الیمن برفقة المساعدات.
لکنّ الهدنة الانسانیة لیست مضمونة الاستمرار حتى لخمسة أیام ، و إن کان الجمیع یرحب بها. لکن مشکلة آل سعود هی فی أن الولایات المتحدة ودولاً غربیة ترغب فی جعلها هدنة مفتوحة لوقت طویل ، على أمل إنتاج مبادرة سیاسیة تتیح إطلاق الحوار الیمنی ـ الیمنی قریباً ، بما یقود الى وقف العدوان وإیجاد حل لا تکون السعودیة فیه الطرف الخاسر . لکن الازمة تکمن فی أنه لا وجود لمبادرة مقبولة من الجمیع . وما بین یدی المبعوث الدولی الجدید الذی بدأ أمس اتصالاته فی صنعاء ، لا یعدو کونه نسخة عن الاوراق التی ترکها له المبعوث السابق ،
وهو ما ترفضه السعودیة . وبحسب المعطیات، فإن الولایات المتحدة التی ترغب فی التوصل الى حل، لا تمسک بأی ورقة یمکن أن تبیعها لإیران أو لـ«أنصار الله». فی المقابل، لا یجد «أنصار الله»، ولا إیران، ما یوجب إعطاء آل سعود بالسیاسة ما فشلوا فی أخذه بالحرب . وهذا وحده یشکل السبب الکافی لعدم توقّع حلول سریعة . بل على العکس ، فإن الخشیة عند جمیع الاطراف، وخصوصاً عند الامیرکیین، من أن یعمد آل سعود الى تفجیر الوضع، بحجة أو من دونها، ویکفی لهم رفض إقامة «أنصار الله» لحاجز فی عدن أو أن یطلق مقاتل یمنی النار على دجاجة على الحدود، حتى یطلقوا العنان من جدید لطائراتهم .
لکن، فی حال قرر آل سعود العودة بالأوضاع الى ما کانت علیه قبل سریان الهدنة، فهذا لا یعنی أن الطرف الآخر سوف یعود أیضاً الى ما کانت علیه الاوضاع. وسیاسة «غضب القبائل» لها أشکالها التی تجعلها تتدحرج صوب عملیة ثأر کبیرة سوف تدفع آل سعود الى الجنون، لکنها عملیة تقول إن ما مرّ قد مرّ، وإن ما هو قادم له اسم جدید …
فهل تقدر أمریکا على لجم آل سعود، أم سوف تکبر کرة النار؟