11
هذه الأجناس ، لتعذر هذه الأجناس على غيره .
وإذا علمه تعالى فكذلك علم استحالة ادراكه بشيء من الحواس ، لأن الادراك المعقول مختص بالمحدثات .
وعلم كذلك استحالة الاختصاص بالجهات والنقل فيها والمجأوزة والحلول وايجاب الاحكام والاحوال عليه سبحانه ، لكون ذلك من صفات الأجسام والأعراض المباينة له تعالى .
وبعلمه (1) عنها يستحيل عليه الحاجة لاختصاصها باجتلاب النفع ودفع الضرر واختصاص النفع والضر بمن يصح أن يألم ويكد(2)، واختصاص اللذة والألم بذي شهوة ونفار، وكونهما معنيين يفتقران إلى فعل ، وذلك لايجوز عليه لحدوث المحل وقدومه (3) سبحانه ، ولخلو الفعل من دليل على اثباته مسهيا(4) أو نافراً .
وإذا علم تخصصه تعالى بهذه الصفات من سائر الموجودات ، علمه(5) تعالى واحدا، لانهما لوكانا اثنين لوجب اشتراكهما في جميع الصفات الواجبة والجائزة، وذلك يوجب كون مقدورهما ومرادهما واحداً، مع حصول العلم الضروري بصحة إرادة أحد المتحيزين ما يكره الاخر أو لايريده ولايكرهه ، وقيام البرهان على استحالة تعلق مقدور واحد بقادرين ، وتقديرقديم ثان يقتضي نقض هذا المعلوم .
فثبت أنه تعالى واحدا لا ثاني له ، ولانه لادليل من جهة العقل على إثبات ثان ، وقد ورد السمع المقطوع بإضافته إليه سبحانه بنفي قديم ثان ، فوجب له القطع على كونه واحد .
* * *
____________
1 – كذا، ولعل الصواب : وبغناه .
2 – كذا، والظاهر أن الصواب : ويلذ.
3 – كذا، والظاهر أن الصواب : وقدمه .
4 – كذا، والظاهر أن الصواب : مشتهياً .
5 – كذا ، والظاهر أن الصواب : علم .
«فصل في مسائل العدل»
ثبوت ما بيناه من كونه تعالى عالماً لايصح أن يجهل شيئاً،غنياً لا يصح أن يحتاج إلى شيء ، يخقتضي كونه سبحانه عادلاً لايخل بواجب في حكمته سبحانه ولا يفعل قبيحاً، لقبح ذلك وتعذر وقوع القبيح من العالم به وبالغني (1)عنه ،وذلك فرع لكونه قادراً على القبيح .
وكونه تعالى قادرا لنفسه ، يقتضي كونه قادرا على الحسن ، يقتضي كونه قادرا على القييح ، اذ كان الحسن من جنس القبيح ، وذلك مانع من كونه مريدا للقبيح ، لأنا قد بينا أنه لا يكون مريداً إلا بإرادة يفعلها، وإرادة القبيح قبيحة، لأن كل من علم مريداً للقبيح علم قبح إرادته واستحقاقه الذم ، ومقتض لكونه مريدا لما فعله – تعالى – وكلَّفه ، لاستحالة فعله مالا غرض فيه ، وتكليفه مالا يريده ، وكارهاَ للقبيح لكونه غيرمريدله (وفساد حلوما كلفه)(2) ، واحسانه من الارادة والكرامة، لأن ذلك يلحقه بالمباح ، وموجب لكون المكلف قادراً على ما كلفه – فعلاً وتركاً- من متماثل الأجناس ومختلفها ومضادها قبل وقوع ذلك ، ومزيح لعلته بالتمكين من ذلك والعلم به واللطف فيه ، ومقتض لحسن أفعاله وتكاليفه ، لأن خلاف ذلك ينقض كونه عادلاً وقد أثبتناه .
ولا يعلم كون كل مكلم (3) قادراً لصحة الفعل منه ، ومتعلقا بالمتماثل والمختلف والمتضاد، لصحة وقوع ذلك من كل قادر .
وفاعلاً لوجوب وقوع التأثيرات المتعلقة به من الكتابة والبناء وغيرهما بحسب أحواله ، ولتوجيه المدح إليه على حسنها والذم على قبحها، وثبوت القادر على الفعل قبل وقوعه ، لثبوت حاجة المقدور في حال عدمه إلى حال القادر، واستغنائه في حال وجوده عنها كحال بقائه ، ومتمكناً بالايات (4) من جميع ما يفتقر إليها، وبكال العقل من العلم بذوات الأشياء واحكامها، وبالنظر من العلوم المكتسبة، بدليل حصول الأول
____________
1 – كذا، والظاهر أن الصواب : والغني .
2 – كذا في الأصل .
3 – كذا، ولعل الصواب : مكلف .
4 – كذا ، ولعل الصواب : بالآلات .