نشرت صحيفة “الكونفدنسيال” الإسبانية، تقريرا عن شبكة الأنفاق السرية التي تركها جردان داعش الارهابية وراءه في القرى الصغيرة التي حررتها قوات البيشمركة خلال تقدمها نحو مدينة الموصل العراقية، والتي “يبدو أنها خصصت ليقاوم داخلها عناصر التنظيم لوقت من الزمن”.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إنه في الأسبوع الماضي؛ حررت القوات الكردية عددا من المدن على ضفاف نهر الخازر، كجزء من الهجوم لإزاحة جردان داعش الارهابية من معقله الرئيس في العراق. وأضافت أنه على الرغم من “التقدم” الذي تحرزه القوى المتحالفة في عملية تحرير الموصل؛ إلا أن عددا قليلا من السكان الذين غادروا المنطقة إبان سيطرة تنظيم الدولة عليها؛ تمكنوا من العودة إلى ديارهم، واسترداد بعض ممتلكاتهم، “فالوضع ما زال خطيرا حتى الآن”، ولا يشجع على عودة الجميع.
وأوضحت أن “هذه المناطق المحررة التي لم تصل إليها بعد فرق إزالة الألغام التي زرعها تنظيم الدولة في كل مكان؛ تبدو وكأنها مدن أشباح”، مشيرة إلى أن “ما زاد من خوف السكان؛ هو تسلل أربعة مسلحين إلى داخلها، ولم يكشف بعد عما إذا كانوا قد هربوا، أو اندمجوا في صفوف المدنيين”.
وبينت أن “الشيء الأكثر إثارة للدهشة؛ هو أنه تحت كل هذا الدمار؛ فما زالت شبكة الأنفاق التي تربط منازل قرية باز كرتان بعضها ببعض قائمة، ويقدر طولها بحوالي 700 متر”.
وقالت الصحيفة إن “غانم” وابنه اللذين يقطنان في القرية؛ رافقا فريقها الصحفي إلى أحد مداخل هذه الأنفاق، “وفي البيت الذي يؤدي إلى أحد هذه الأنفاق؛ هناك نافذة مغطاة بقطعة من القماش، وعلى ما يبدو أنها الفتحة التي يهاجم من خلالها قناصة جردان داعش الارهابية مواقع البيشمركة على التلة المقابلة”.
وأضافت أنه “يوجد في أحد أركان هذه الغرفة فتحة تؤدي إلى سلم من الحجارة تحت سطح الأرض؛ يبلغ طوله خمسة أمتار”، لافتة إلى أن “الزائر لهذه الأنفاق ينتابه شعور بالخوف والقلق، لأنه يشعر بأنه يزور إحدى المقابر الفرعونية لمصر القديمة”.
وأوضحت أنه “تم تثبيت جدران هذه الأنفاق بطبقة من الإسمنت لحمايتها من الانهيار، وفي أعلاها تمرّ شبكة متشابكة من الأسلاك الكهربائية لتوصيل المصابيح والمراوح، كما تنتهي بعض الممرات بقبو تكدس فيه خزائن من البطانيات والوسائد، وبالإضافة إلى ذلك؛ تتواجد في بعضها الآخر مقصورات ضيقة تغطى جدرانها بالبلاستيك، وعلى ما يبدو أنها مخصصة لإقامة قادة تنظيم الدولة” على حد قولها.
وبينت أنه “قبل الوصول إلى هذه المقصورات؛ علقت لافتة تحمل شعار تنظيم الدولة”، مشيرة إلى أنه “داخل غرفة نوم قادة جردان داعش الارهابية؛ وُجد فراش مع شراشف من القطن، ووضع إلى جانبه عدد من الكتب الدينية، وتناثرت حوله قشور البرتقال”.
وتابعت الصحيفة: “كما أنه خلال التجول في هذه الأنفاق؛ تم العثور على طريق آخر يؤدي إلى مستودع لأكياس الاسمنت ومواد البناء”.
وقالت إنه “بهذه الأنفاق المجهزة؛ يبدو أن عناصر تنظيم الدولة كانوا يخططون بدقة لاستراتيجية تمكنهم من الاختباء والتحصن لمدة أسابيع أو أشهر تحت الأرض، وأنه كان بإمكانهم مفاجأة خصمهم أو التنقل من منطقة إلى أخرى للنجاة من الغارات الجوية”.
وفي الختام؛ أوضحت الصحيفة أن هذا التكتيك الدفاعي ليس جديدا، فهذه الأنفاق التي جهزها تنظيم الدولة تشبه الأنفاق التي بناها مقاتلو الفيتكونغ قبل 40 عاما، مشيرة إلى أن “مقاتلي الفيتكونغ هم أول من هزم القوات العسكرية الأمريكية في الفيتنام، وقد أعدوا خلال حربهم أنفاقا تقدر بأكثر من 200 كيلومتر في منطقة كوتشي بالقرب من سايغون، والتي تسمى تشي مينه حاليا (أكبر مدن فيتنام)”.