أعمال أشهر النور شهر شعبان
بسم الله الرحمن الرحيم
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
من عرف حرمة رجب وشعبان ووصلهما بشهر رمضان شهر الله الأعظم شهدت له هذه الشهور يوم القيامة
تمهيد
بين أيديكم أختي الكريمة..أخي الحبيب.. بضع وريقات..
محاولة صغيرة لمساعدتكم على الإبحار في هذا اليمّ الرباني العابق بشذا الجنة….. عنينا به (أشهر النور):
رجب، شعبان وشهر رمضان المبارك
بين أيديكم أدلة أعمال خاصة بهذه الأشهر تعطي للعبادة حقها وللروح نصيبها من الاهتمام بين زحمة مشاغلكم اليومية..
في عالم بات يئن من قسوة المادة وهيمنتها على منطق الروح والقيم والفضائل الإنسانية.
وأنتم تقلبون أوراق هذه الأدلّة تذكروا:
في أمهات الكتب العبادية أوراد وعبادات تفوق عدد الدقائق والثواني الموجودة في الأشهر الثلاث ولكننا اخترنا لكم كمثل ما يغترف نورس بمنقاره من بحر وقد تركنا لكم حرية الاختيار والانتقاء من هذه الباقة بما يتناسب مع خصوصياتكم الشخصية وَالعملية..
فما المقصود إلا أن يأخذ المرء زهرة من بستان ودرهما من قنطار تكون بها نجاته في غد يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا..
هي دعوة صادقة للعمل والسعي وهمسة في أذن من كان حيا أوَألقى السمع وهوَ شهيد
“فعلى بركة الله نقلب صفحات هذه الأدلّة وكلنا أمل أن نكون حرفاً بين شفاهكم في ساعة إفطار أوَلحظة مناجاة أوَهدأة ليل والله من وراء القصد..”
فضيلة شهر شعبان
1- شهر شعبان دورة تدربية أخرى الى جانب شهر رجب الحرام ينبغي الاشتراك فيها للإستعداد لشهر الله تعالى.
2 – شهر شعبان هو الشهر المجاور لشهر الله تعالى شهر رمضان.
3 – شهر شعبان محطة كبرى في الطريق إلى الله ومنزل مميز لا بدّ من النزول فيه والتزوّد من بركاته لمن أراد الوصول.
4 – في النصوص ما يدلّ على أن شهر شعبان أفضل من شهر رجب الحرام.
5 – شهر شعبان هو شهر المصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم.
6 – النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، كان يولي شهر شعبان عناية خاصّة ويحثّ المسلمين على الإهتمام به.
7 – واجب الإقتداء بالمصطفى الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، يحتم
علينا أن نهتمّ بهذا الشهر الشريف فنعرف آدابه ونحرص على الإتيان بها.
8 – في شهر شعبان ليلة النصف منه والتي يشبه فضلها فضل ليلة القدر وهي ليلة ولادة مولانا الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
9 – النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لم يكتفِ بما كان يقوله للمسلمين عن عظمة هذا الشهر من خلال الخطبة والتوجيه في اللقاءات المتتالية في المسجد وغيره، بل عمد إلى أسلوب ملفت بأن أمر منادياً ينادي في شوارع المدينة وأزقتها ألا إنّ شعبان شهري رحم الله من أعانني على شهري، لينبه أهل المدينة والأجيال القادمة إلى أهمية اغتنام هذه الفرصة الالهية الفريدة.
وحول مجمل هذه المعاني المباركة لشهر شعبان تتمحور الرواية الواردة عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال:”حثَّ من في ناحيتك على صوم شعبان، فقلت: جعلت فداك ترى فيها شيئا؟ فقال عليه السلام: نعم، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رآى هلال شعبان أمر مناديا ينادي في المدينة: يا أهل يثرب إني رسول رسول الله إليكم ألا إن شعبان شهري فرحم الله من أعانني على شهري، ثم قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول:”ما فاتني صوم شعبان منذ سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينادي في شعبان، فلن تفوتني أيام حياتي صوم شعبان إن شاء الله..”.1
________________________________________
1- بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 94 – ص 79 – 83.
1- الاستعانة بالله تعالى والتوسل بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأهل البيت عليهم السلام للتوفيق في تحصيل رضا الله عز وجل في هذا الشهر.
2 – مراجعة مفاتيح الجنان باب أعمال شهر شعبان.
3 – قراءة مراقبات شهر شعبان من كتاب المراقبات للملكي التبريري.
4 – التشدد في مراعاة الصلاة أول الوقت.
5 – الاجتهاد في تهذيب النفس وتزكيتها بالاخلاق الحميدة و تنقيتها من مساوئ الأخلاق.
6- الحرص على الصيام وتشجيع الأرحام والجيران والزملاء وحثهم عليه.
7 – مراجعة منهج التعامل مع الأرحام والجيران وزملاء العمل وعامة المؤمنين وتحسينه.
8 – التسامح ممن أخطأنا بحقه خلال العام المنصرم.
9 – نزع الغل من القلب اتجاه الأرحام والجيران وزملاء العمل وتصفية النية.
شهرٌ العملُ فيه مضاعف!!
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وقد تذاكر أصحابه عنده فضائل شعبان – فقال: “شهر شريف وهو شهري، وحملة العرش تعظّمه، وتعرف حقه وهو شهر تُزاد فيه أرزاق المؤمنين لشهر رمضان، وتُزيّن فيه الجنان
وإنما سمّي شعبان لأنه يتشعب فيه أرزاق المؤمنين، وهو شهرٌ العمل فيه مضاعف:
الحسنة بسبعين
والسيئة محطوطة
والذنب مغفور
والحسنة مقبولة
والجبار جل جلاله يباهي فيه بعباده، وينظر صوامه وقوامه فيباهي بهم حملة العرش…”2
________________________________________
2 – السيد ابن طاوس، الإقبال 3/292 نقلاً عن ثواب الأعمال، والأمالي، وانظر: الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال 62 والأمالي 76 والنص مصحح على الأمالي بتصرف يسير.
الأعمال العامة في شهر شعبان
أولاً: الصوم
يستحب صوم شهر شعبان كله و وصله بصوم شهر رمضان مع الفصل بينهما بيوم أو يومين، وقد ورد بأن صومهما معاً توبة من الله تعالى، فعن الإمام الصادق عليه السلام قوله: “صوم شعبان ورمضان توبة من الله تعالى”3. وعن أبي جعفر عليه السلام: “كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم شعبان وشهر رمضان يصلهما، وينهى الناس أن يَصِلُوهُما، وكان يقول: هما شهرا الله وهما
________________________________________
3 – الشيخ الطوسي،مصباح المتهجد826
كفارة لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب”.4
وعن الصادق عليه السلام قال: “صيام شعبان ذخر للعبد يوم القيامة، وما من عبد يكثر الصيام في شعبان إلا أصلح الله له أمر معيشته، وكفاه شر عدوه، وإن أدنى ما يكون لمن يصوم يوما من شعبان أن تجب له الجنة”. وعن مالك ابن أنس قال: قلت للصادق عليه السلام: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما ثواب من صام يوما من شعبان ؟ فقال: “حدثني أبي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صام يوما من شعبان إيمانا واحتسابا غفر له”. 5
وفي ثواب صوم شعبان خاصة ورد “عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:…
________________________________________
4 – المصدر عن ثواب الأعمال للشيخ الصدوق.أنظر:ثواب الأعمال ص60
5 – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 94 – ص 68 – 73
– من صام أول يوم من شعبان كَتَب الله له سبعين حسنة، الحسنةُ تعدِلُ عبادة سنة.
– ومن صام يومين من شعبان حُطَّتْ عنه السيئة المُوبِقة.
– ومن صام ثلاثة أيام من شعبان رُفِعَ له سبعون درجة في الجنان من دُرًّ وياقوت.
– و من صام أربعة أيامٍ من شعبان وُسِّعَ عليه في الرزق.
– ومن صام خمسة أيامٍ من شعبان حُبِّبَ إلى العباد.
– ومن صام ستَّةَ أيامٍ من شعبان صُرِفَ عنه سبعون لوناً من البلاء.
– ومن صام سبعةَ أيامٍ من شعبان عُصِمَ من إبليس وجنوده دَهره وعُمره.
– ومن صام ثمانية أيامٍ من شعبان لم يخرج من الدنيا حتى يُسقى من حِياضِ القُدس.
– ومن صام تسعةَ أيامٍ من شعبان عَطَفَ عليه مُنكرٌ ونكير عندما يسائلانه.
– ومن صام عشرة أيامٍ من شعبان وَسَّعَ الله عليه قبره سبعين ذراعا.
– ومن صام أَحدَ عَشَر يَوماً من شعبان ضُربَ على قبره إحدى عشرةَ منارةً من نور.
– ومن صام اثني عشر يوماً من شعبان زاره في قبره كل يوم تسعون ألف مَلَكٍ إلى النفخ في الصور.
– ومن صام ثلاثة عشر يوماً من شعبان استغفرت له ملائكةُ سبعً سماوات.
– ومن صام أربعة عشر يوماً مِن شعبان أُلهمت الدواب والسباع حتى الحيتان في البحور أن يستغفروا له.
– ومن صام خمسة عشر يوماً من شعبان ناداه رب العزة: وعزتي وجلالي لا أُحرِقُكَ بالنار.
– ومن صام ستة عشر يوماً من شعبان أطفئ عنه سبعون بحراً من النيران.
– ومن صام سبعة عشر يوماً من شعبان غُلِّقَت عنه أبواب النيران كُلُّها.
– ومن صام ثمانية عشر يوماً من شعبان فُتِّحَت له أبواب الجنان كُلُّها.
– ومن صام تسعة عشر يوماً من شعبان أُعطِيَ سبعين ألف قصرٍ من الجنان من درٍّ وياقوت.
– ومن صام عشرين يوماً من شعبان زُوِّج سبعين ألف زوجة من الحور العين.
– ومن صام أحداً وعشرين يوماً من شعبان رَحَّبَت به الملائكة ومَسَحَتهُ بأجنحتها.
– ومن صام اثنين وعشرين يوماً من شعبان كُسِيَ سبعين حُلَّةً من سندس وإستبرق.
– ومن صام ثلاثة وعشرين يوماً من شعبان أُتِيَ بدابَّة من نور عند خروجه من قبره طيّاراً إلى الجنة.
– ومن صام أربعة وعشرين يوماً من شعبان شُفِّعَ في سبعين ألفاَ من أهل التوحيد.
– ومن صام خمسة وعشرين يوماً من شعبان أُعطِيَ براءةً من النفاق.
– ومن صام ستة وعشرين يوماً من شعبان كَتَبَ له عَزَّ وجلّ جوازاً على الصِّراط.
– ومن صام سبعة وعشرين يوماً من شعبان كَتَبَ الله له براءةً من النار.
– ومن صام ثمانية وعشرين يوماً من شعبان تهلل وجهُهُ يوم القيامة.
– ومن صام تسعة وعشرين يوماً من شعبان نال رضوان الله الأكبر.
– ومن صام ثلاثين يوماً من شعبان ناداه جبرئيل من قُدَّام العرش: يا هذا استأنف العمل عملاً جديداً فقد غُفِر لك ما مضى وما تقدم من ذنوبك، فالجليل عز وجلّ يقول: “لو كان ذنوبك عدد نجوم السماء وقَطْرَ الأمطار وورق الأشجار وعدد الرمل والثرى وأيام الدنيا لغفرتها وما ذلك على الله بعزيز…”6
ثانياً: الاكثار من الصلاة على النبي وآله صلوات الله عليهم
من الأعمال العامّة في شهر شعبان، الإكثار من الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد روي عن رسول
________________________________________
6 – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 94 – ص 68 – 70
الله صلى الله عليه وآله وسلم: “وأكثروا في شعبان من الصلاة على نبيّكم وأهله”. 7
ثالثاً: الصلاة الخاصة لكل ليلة
وقد أوردها السيد ابن طاووس عليه الرحمة في كتابه اقبال الأعمال لمن أراد أن يطلع عليها بالتفصيل.
رابعاً: الأدعية اليومية
1- الصلوات التي تقرأ في كل يوم عند الزوال.
و التي هي عبارة عن دعاء يقرأ في كلّ يوم عند الزوال، قال الشيخ الطوسي عليه الرحمة: كان علي
________________________________________
7 – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 94 – ص 77.
بن الحسين عليهما السلام يدعو عند كل زوال من أيام شعبان وفي ليلة النصف منه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الصلوات:
“اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ وَمُخْتَلَفِ المَلائِكَةِ وَمَعْدِنِ العِلْمِ وَأَهْلِ بَيْتِ الوَحْيِ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الفُلْكِ الجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الغامِرَةِ يَأْمَنُ مَنْ رَكِبَها وَيَغْرَقُ مَنْ تَرَكَها المُتَقَدِّمُ لَهُمْ مارِقٌ وَالمُتَأَخِرُ عَنْهُمْ زاهِقٌ وَاللازِمُ لَهُمْ لاحِقٌ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الكَهْفِ الحَصِينِ وَغِياثِ المُضْطَرِّ المُسْتَكِينِ وَمَلْجَاَ الهارِبِينَ وَعِصْمَةِ المُعْتَصِمينَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةً كَثِيرَةً تَكُونُ لَهُمْ رِضا وَلِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَداءً وَقَضاء بِحَوْلٍ مِنْكَ وَقُوَّةٍ
يا رَبَّ العالَمينَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَيِّبِينَ الاَبْرارِ الاَخْيارِ الَّذِينَ أَوْجَبْتَ حُقُوقَهُمْ وَفَرَضْتَ طاعَتَهُمْ وَوِلايَتَهُمْ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاعْمُرْ قَلْبِي بِطاعَتِكَ وَلا تُخْزِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَارْزُقْنِي مُواساةَ مَنْ قَتَّرْتَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ بِما وَسَّعْتَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ وَنَشَرْتَ عَلَيَّ مِنْ عَدْلِكَ وَأَحْيَيْتَنِي تَحْتَ ظِلِّكَ، وَهذا شَهْرُ نَبِيِّكَ سَيِّدِ رُسُلِكَ شَعْبانُ الَّذِي حَفَفْتَهُ مِنْكَ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ الَّذِي كانَ رَسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ يَدْأَبُ فِي صِيامِهِ وَقِيامِهِ فِي لَيالِيهِ وَأَيَّامِهِ بُخُوعاً لَكَ فِي إِكْرامِهِ وَإِعْظامِهِ إِلى مَحَلِّ حِمامِه، اللّهُمَّ فَأَعِنَّا عَلىالاسْتِنانِ بِسُنَّتِهِ فِيهِ وَنَيْلِ الشَّفاعَةِ لَدَيهِ، اللّهُمَّ وَاجْعَلْهُ لِي شَفِيعاً مُشَفَّعاً وَطَرِيقاً إِلَيْكَ مَهْيَعاً وَاجْعَلْنِي لَهُ مُتَّبِعاً حَتى أَلْقاكَ يَوْمَ القِيامَهِ
عَنِّي راضِياً وَعَنْ ذُنُوبِي غاضِياً قَدْ أَوْجَبْتَ لِي مِنْكَ الرَّحْمَةَ وَالرِّضْوانَ وَأَنْزَلْتَنِي دارَ القَرارِ وَمَحَلَّ الاَخْيارِ.” 8
2 – المناجاة الشعبانية
من الأعمال العامّة لشهر شعبان “المناجاة الشعبانية” وهذه المناجاة التي يدعى بها في كلّ يوم من هذا الشهر المبارك، بل ومطلقاً، هي غاية في الأهمية وقد ورد في الروايات أنّ الأئمة جميعاً عليهم السلام، كانوا يناجون الله تعالى بها في شهر شعبان وهي مناجاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:
“اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْمَعْ دُعائِي إذا دَعَوْتُكَ وَاسْمَعْ نِدائِي إِذا نادَيْتُك
________________________________________
8 – إقبال الأعمال – السيد ابن طاووس – ج 3 – ص 299 – 301
وَاقْبِلْ عَلَيَّ إِذا ناجَيْتُكَ، فَقَدْ هَرَبْتُ إِلَيْكَ وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُسْتَكِيناً لَكَ مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ راجِياً لِما لَدَيْكَ ثَوابي وَتَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَتَخْبُرُ حاجَتِي وَتَعْرِفُ ضَمِيرِي، وَلا يَخْفى عَلَيْكَ أَمْرُ مُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ وَما اُرِيدُ أَنْ أُبْدِيَ بِهِ مِنْ مَنْطِقِي وَأَتَفَوَّهُ بِهِ مِنْ طَلِبَتِي وَأَرْجُوهُ لِعاقِبَتِي، وَقَدْ جَرَتْ مَقادِيرُكَ عَلَيَّ يا سَيِّدِي فِيما يَكُونُ مِنِّي إِلى آخِرِ عُمرِي مِنْ سَرِيرَتِي وَعَلانِيَّتِي وَبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيادَتِي وَنَقْصِي وَنَفْعِي وَضَرِّي، إِلهِي إِنْ حَرَمْتَنِي فَمَنْ ذا الَّذِي يَرْزُقُنِي وَإِنْ خَذَلْتَنِي فَمَنْ ذا الَّذِي يَنْصُرُنِي، إِلهِي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَضَبِكَ وَحُلُولِ سَخَطِكَ، إِلهِي إِنْ كُنْتُ غَيْرَ مُسْتَأْهِلٍ لِرَحْمَتِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ أَنْ تَجُودَ عَلَيَّ بِفَضْلِ سَعَتِكَ، إِلهِي كَأَنِّي بِنَفْسِي وَاقِفَةٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَقَدْ أَظَلَّها حُسْنُ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ فَقُلتَ ما أَنْتَ
أَهْلُهُ وَتَغَمَّدْتَنِي بِعَفْوِكَ، إِلهِي إِنْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِذلِكَ وَإِنْ كانَ قَدْ دَنا أَجَلِي وَلَمْ يُدْنِنِي مِنْكَ عَمَلِي فَقَدْ جَعَلْتُ الاِقْرارَ بِالذَّنْبِ إِلَيْكَ وَسِيلَتِي، إِلهِي قَدْ جُرْتُ عَلى نَفْسِي فِي النَّظَرِ لَها فَلَها الوَيْلُ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَها، إِلهِي لَمْ يَزَلْ بِرُّكَ عَلَيَّ أَيَّامَ حَياتِي فَلا تَقْطَعْ بِرِّكَ عَنِّي فِي مَماتي، إِلهِي كَيْفَ آيَسُ مِنْ حُسْنِ نَظَرِكَ لِي بَعْدَ مَماتِي وَأَنْتَ لَمْ تُوَلِّنِي إِلاّ الجَمِيلَ فِي حَياتِي، إِلهِي تَوَلَّ مِنْ أَمْرِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ وَعُدْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ عَلى مُذْنِبٍ قَدْ غَمَرَهُ جَهْلُهُ، إِلهِي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيا وَأَنا أَحْوَجُ إِلى سَتْرِها عَلَيَّ مِنْكَ فِي الآخرى إِذْ لَمْ تُظْهِرْها لاَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ الصّالِحِينَ فَلا تَفْضَحْنِي يَوْمَ القِيامَةِ عَلى رؤوسِ الاَشْهادِ، إِلهِي جُودُكَ بَسَطَ أَمَلِي وَعَفْوُكَ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِي، إِلهِي فَسُرَّنِي بِلِقائِكَ يَوْمَ تَقْضِي فِيهِ بَيْنَ
عِبادِكَ، إِلهِي اعْتِذاري إِلَيْكَ اعْتذارُ مَنْ لَمْ يَسْتغْنِ عَنْ قَبُولِ عُذْرِهِ فَاقْبَلْ عُذْرِي يا أَكْرَمَ مَنْ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ المُسِيئُونَ، إِلهِي لا تَرُدَّ حاجَتِي وَلا تُخَيِّبْ طَمَعِي وَلا تَقْطَعْ مِنْكَ رَجائِي وَأَمَلِي، إِلهِي لَوْ أَرَدْتَ هَوانِي لَمْ تَهْدِنِي وَلَوْ أَرَدْتَ فَضِيحَتي لَمْ تُعافِنِي، إِلهِي ما أَظُنُّكَ تَرُدُّنِي فِي حاجَةٍ قَدْ أَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي طَلَبِها مِنْكَ، إِلهِي فَلَكَ الحَمْدُ أَبَداً أَبَداً دائِماً سَرْمَداً يَزِيدُ وَلا يَبِيدُ كَما تُحِبُّ وَتَرْضى، إِلهِي إِنْ أَخَذْتَنِي بِجُرْمِي أَخَذْتُكَ بِعَفْوِكَ وَإِنْ أَخَذْتَنِي بِذُنُوبِي أَخَذْتُكَ بِمَغْفِرَتِكَ وَإِنْ أَدْخَلْتَنِي النَّارَ أَعْلَمْتُ أَهْلَها أَنِّي اُحِبُّكَ، إِلهِي إِنْ كانَ صَغُرَ فِي جَنْبِ طاعَتِكَ عَمَلِي فَقَدْ كَبُرَ فِي جَنْبِ رَجائِكَ أَمَلِي، إِلهِي كَيْفَ أَنْقَلِبُ مِنْ عِنْدِكَ بِالخَيْبَةِ مَحْرُوماً وَقَدْ كانَ حُسْنُ ظَنِّي بِجُودِكَ أَنْ تَقْلِبَنِي بالنَّجاةِ مَرْحُوماً، إِلهِي وَقَدْ
أَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي شِرَّةِ السَّهْوِ عَنْكَ وَأَبْلَيْتُ شَبابِي فِي سَكْرَةِ التَّباعُدِ مِنْكَ فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ أَيَّامَ اغْتِرارِي بِكَ وَرُكُونِي إِلى سَبِيلِ سَخَطِكَ، إِلهِي وَأَنا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ قائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَوَسِّلُّ بِكَرَمِكَ إِلَيْكَ، إِلهِي أَنا عَبْدٌ أَتَنَصَّلُ إِلَيْكَ مِمَّا كُنْتُ أُواجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحيائِي مِنْ نَظَرِكَ وَأَطْلُبُ العَفْوَ مِنْكَ إِذِ العَفْوُ نَعْتٌ لِكَرَمِكَ، إِلهِي لَمْ يَكُنْ لِي حَوْلٌ فَأَنْتَقِل بِهِ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلاّ فِي وَقْتٍ أَيْقَظْتَنِي لِمَحَبَّتِكَ وَكَما أَرَدْتَ أَنْ أَكُونَ كُنْتُ فَشَكَرْتُكَ بإدْخالِي فِي كَرَمِكَ وَلِتَطْهِيرِ قَلْبِي مِنْ أَوْساخِ الغَفْلَةِ عَنْكَ. إِلهِي انْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَ مَنْ نادَيْتَهُ فَأَجابَكَ وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَأَطاعَكَ يا قَرِيباً لا يَبْعُدُ عَنْ المُغْتَرِّ بِهِ يا جَواداً لا يَبْخلُ عَمَّنْ رَجا ثَوابَهُ، إِلهِي هَبْ لِي قَلْبا يُدْنِيهِ مِنْكَ شَوْقُهُ وَلِساناً يُرْفَعُ إِلَيْكَ صِدْقُهُ وَنَظَراً يُقَرِّبُهُ مِنْكَ
حَقُّهُ، إِلهِي إِنَّ مَنْ تَعَرَّفَ بِكَ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَمِنْ لاذَ بِكَ غَيْرُ مخْذُولٍ وَمَنْ أَقْبَلْتَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ. إِلهِي إنَّ مَنْ انْتَهَجَ بِكَ لَمُسْتَنِيرٌ وَإِنَّ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ لَمُسْتَجِيرٌ وَقَدْ لُذْتُ بِكَ يا إِلهِي فَلا تُخَيِّبْ ظَنِّي مِنْ رَحْمَتِكَ وَلا تَحْجُبْنِي عَنْ رَأفَتِكَ، إِلهِي أَقِمْنِي فِي أَهْلِ وِلايَتِكَ مُقامَ مَنْ رَجا الزِّيادَةَ مِنْ محَبَّتِكَ، إِلهِي وَأَلْهِمْنِي وَلَها بِذِكْرِكَ إِلى ذِكْرِكَ وَهِمَّتِي فِي رَوْحِ نَجاحِ أَسْمائِكَ وَمَحَلِّ قُدْسِكَ. إِلهِي بِكَ عَلَيْكَ إِلاّ أَلْحَقْتَنِي بِمَحَلِّ أَهْلِ طاعَتِكَ وَالمَثْوى الصَّالِحِ مِنْ مَرْضاتَِك فَإِنِّي لا أَقْدِرُ لِنَفْسِي دَفْعاً وَلا أَمْلِكُ لَها نَفْعاً، إِلهِي أَنا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ المُذْنِبُ وَمَمْلُوكُكَ المُنِيبُ فَلا تَجْعَلْنِي مِمَّنْ صَرَفْتَ عَنْهُ وَجْهَكَ وَحَجَبَهُ سَهْوُهُ عَنْ عَفْوِكَ، إِلهِي هَبْ لِي كَمال الاِنقطاعِ إِلَيْكَ وَأَنِرْ أَبْصارَ قُلُوبنا بِضِياءِ نَظَرِها
إِلَيْكَ حَتّى تَخْرِقَ أَبْصارُ القُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إِلى مَعْدِنِ العَظَمَةِ وَتَصِيرَ أَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. إِلهِي وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَأَجابَكَ وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ فَناجَيْتَهُ سِرَّا وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً، إِلهِي لَمْ اُسَلِّطْ عَلى حُسْنِ ظَنِّي قُنُوطَ الاَياسِ وَلا انْقَطَعَ رَجائِي مِنْ جَميلِ كَرَمِكَ، إِلهِي إنْ كانَتِ الخَطايا قَدْ أَسْقَطَتْنِي لَدَيْكَ فَاصْفَحْ عَنِّي بِحُسْنِ تَوَكُّلِي عَلَيْكَ، إِلهِي إِنْ حَطَّتْنِي الذُّنُوبُ مِنْ مَكارِمِ لُطْفِكَ فَقَدْ نَبَّهَنِي اليَّقِينُ إِلى كَرَمِ عَطْفِكَ، إِلهِي إِنْ أَنامَتْنِي الغَفْلَةُ عَنِ الاِسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ فَقَدْ نَبَّهَتْنِي المَعْرِفَةُ بِكَرَمِ آلائِكَ، إِلهِي إِنْ دَعانِي إِلى النَّارِ عَظِيمُ عِقابِكَ فَقَدْ دَعانِي إِلى الجَنَّةِ جَزِيلُ ثَوابِكَ، إِلهِي فَلَكَ أَسْأَلُ وَإِلَيْكَ أَبْتَهِلُ وَأَرْغَبُ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّن
يُدِيمُ ذِكْرَكَ وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ وَلا يَغْفَلُ عَنْ شُكْرِكَ وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ، إِلهِي وَأَلْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الاَبْهَجِ فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ وَصلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.”.9
خامسا: الاستغفار
ورد في عدّة روايات التأكيد على الإستغفار في شهر شعبان.
فعن الإمام الرضا عليه السلام: “من استغفر الله تبارك وتعالى في شعبان سبعين مرة غفر الله ذنوبه ولو كانت مثل عدد النجوم”.10
________________________________________
9 – مفاتيح الجنان، الشيخ عباس القمّي، أعمال شهر شعبان.
10 – الشيخ الصدوق، الأمالي 68 وعيون أخبار الرضا عليه السلام 2/262 وعنه: الإقبال3/294. والحر العاملي، وسائل الشيعة 10/510.
وروي أيضاً عنه عليه السلام: “من قال في كلّ يوم من شعبان سبعين مرة أستغفر الله وأساله التوبة كتب الله له براءة من النار وجوازاً على الصراط وأدخله دار القرار”. 11
وفي رواية ثالثة عن الإمام الصادق عليه السلام: من قال في كلّ يوم من شعبان سبعين مرة “أستغفر الله الذي لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم، الحيّ القيوم وأتوب إليه كتبه الله تعالى في الأفق المبين”. قال الراوي: قلت وما الأفق المبين قال: “قاع بين يدي العرش فيه أنهار تطَّرد(تجري) فيه (أي في الأفق المبين) من القدحان (جمع قدح) عدد النجوم”. 12
________________________________________
11 – الحر العاملي، وسائل الشيعة10/510 عن المجالس والعيون (الأمالي، وعيون أخبار الرضا عليه السلام ).
12 – الشيخ الطوسي،مصباح المتهجد829و الإقبال3/295والحر العاملي،وسائل الشيعة10/ 510
وعن العباس بن هلال قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: “.. ومن استغفر الله في كل يوم من شعبان سبعين مرة حشر يوم القيامة في زمرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووجبت له من الله الكرامة..”. 13
وفي نص آخر يسأل الراوي الإمام الرضا عليه السلام: فما أفضل الدعاء في هذا الشهر؟ فقال عليه السلام: “الإستغفار.إن من استغفر في شعبان كل يوم سبعين مرة كان كمن استغفر في غيره من الشهور سبعين ألف مرة”، قلت: كيف أقول؟ قال عليه السلام: “قل: أستغفر الله وأسأله التوبة”. 14
________________________________________
13 – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 94 – ص 68 – 73
14 – الحر العاملي، وسائل الشيعة10/511.
سادساً: ذكر (لا اله الا الله)
ومن جملة الأعمال العامّة في شهر شعبان التي يؤتي بها في أيّ وقت، ذكر” لا إله إلاّ الله ” فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من قال في شعبان ألف مرة لا إله إلاّ الله ولا نعبد إلاّ إيّاه مخلصين له الدين ولو كره المشركون، كتب الله له عبادة ألف سنة، ومحى عنه ذنب ألف سنة،ويخرج من قبره يوم القيامة ووجهه يتلألأ مثل القمر ليلة البدر، وكتب عند الله صِدِّيقاَ”. 15
سابعاً: الصدقة
ومن الأعمال العامّة في شهر شعبان، الصدقة، وهي وإن كانت شديدة الأهمية في أيّ وقت، إلاّ أنّ
________________________________________
15 – الإقبال3/294 -295وعنه مختصراً:الوسائل10/511
هناك حديثاً خاصاً عن الصدقة في شهررجب كما تقدم، وعن الصدقة في شهر شعبان، فعن الإمام الصادق عليه السلام: ” من تصدق بصدقة في شعبان رباها الله جلّ وعز له كما يربي أحدكم فصيله (الفصيل ابن الناقة) حتّى توافي يوم القيامة وقد صارت له مثل جبل أحد”. 16
وقد أورد السيد ابن طاوس رحمه الله هذه الرواية مع إضافات هامّة تبين لنا أن للرواية تتمة وهي كما يلي عن داوود بن كثير الرقيّ قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، عن صوم رجب فقال: “أين أنتم عن صوم شعبان؟” فقلت يا ابن رسول الله ما ثواب من صام يوماً من شعبان؟ فقال: “الجنّة والله”! فقلت يا بن رسول الله ما أفضل ما
________________________________________
16 – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 49 – ص 91
يُفعل فيه؟ فقال: “الصدقة والإستغفار، ومن تصدق بصدقة في شعبان ربّاها الله تعالى كما يربي أحدكم فصيله حتّى يوافي يوم القيامة وقد صارت مثل أحد”. 17
________________________________________
17 – الإقبال3/295.
سمّاه ربّنا شعبان لتشعب الخيرات فيه
مرّ أمير المؤمنين عليه السلام على قوم من المسلمين..وهم جالسون في بعض المساجد في أول يوم من شعبان يخوضون في أمر القدر وغيره مما اختلف الناس فيه وقد ارتفعت أصواتهم واشتد في ذلك جدالهم فوقف عليهم وسلّم فردّوا عليه وأوسعوا له وقاموا طالبين منه الجلوس إليهم فلم يحفل بهم. ثمّ كلّمهم بكلامٍ طويل الى أن قال: “هذا يوم غرّة شعبان الكريم، سمّاه ربّنا شعبان لتشعب الخيرات فيه، قد فتح ربّكم فيه أبواب جنانه
وعرض عليكم قصورها وخيراتها بأرخص الأثمان وأسهل الأمور فأبيتموها، وعرض عليكم إبليس اللعين تشعب شروره وبلاياه فأنتم دائباً تنهمكون في الغي والطغيان، تتمسكون بشُعب إبليس وتحيدون عن شُعب الخير المفتوح لكم أبوابه”.
هذا غرة شعبان وشُعب خيراته:
الصلاة
والصوم
والزكاة
والامر بالمعروف
والنهي عن المنكر
وبر الوالدين
والقرابات والصوم
والقرابات والجيران وإصلاح ذات البين
والصدقة على الفقراء والمساكين18
________________________________________
18 – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 94 – ص 55 -56
محطات عبادية هامة في شعبان
الخميس من شعبان
لكلّ يوم خميس من شعبان أهمية خاصّة، فعن مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “تتزين السموات في كلّ خميس من شعبان فتقول الملائكة: إلهنا اغفر لصائميه وأجب دعاءهم فمن صلى فيه ركعتين، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و قل هو الله أحد مائة مرة، فإذا سلم صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائة مرة، قضى الله له كل
حاجة من أمر دينه ودنياه، ومن صام فيه يوماً واحداً حرم الله جسده على النار”. 19
الثالث من شعبان
مولد الإمام الحسين عليه السلام: اليوم الثالث من شعبان يوم ذكرى ولادة سيدنا ومولانا الإمام الحسين عليه السلام. 20
وُلد عزيز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعزيز أمير المؤمنين، والصديقة الكبرى الشهيدة، والإمام الحسن وأهل البيت جميعاً عليهم السلام الإمام الحسين عليه السلام، في المدينة المنوّرة في الثالث من شعبان على المشهور من السنة الرابعة للهجرة. قال الشيخ الطوسي رحمه الله: “اليوم الثالث فيه ولد الحسين بن علي عليهما السلام..”
________________________________________
19 – الإقبال3/301. وقد أورد هذه الروايات جميعاً الحر العاملي، في الوسائل ج10، ص 493.
20 – الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد 826، و852 والعلامة الحلي، تذكرة الفقهاء (ط.ق)1/278.
ويستحب في هذا اليوم:
1- الصيام
2- زيارة الحسين عليه السلام
3- قراءة دعاء: بحق المولود في هذا اليوم
ذكر هذا الدعاء، الشيخ الطوسي في المصباح والسيّد ابن طاوس في الإقبال، والشيخ الكفعمي في البلد الأمين، وأما الدعاء الذي يقرأ بعده مباشرةً، فقد قال عنه الشيخ الطوسي عليه الرحمة إنّ الإمام الحسين عليه السلام، دعا به يوم كُوثر، أي عندما تكاثر عليه الأعداء في يوم عاشوراء.
قال الشيخ الطوسي عليه الرحمة: خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد عليه السلام أن مولانا الحسين عليه السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان فصمه وادع فيه بهذا الدعاء:
“أللهم إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته، بكته السماء ومن فيها والأرض ومن عليها، ولمَّا يطأ لابَتَيْهَا قتيل العبرة وسيّد الأُسرة، الممدود بالنُصرة يوم الكَرَّة، المُعوَّض مِن قَتْلِهِ أنَّ الأئمة من نَسلِه، والشفاء في تربته، والفوز معه في أوبته، والأوصياء من عترته، بعد قائمهم وغيبته حتى يدركوا الأوتار ويثأروا الثار ويرضوا الجبار ويكونوا خير أنصار صلى الله عليهم مع اختلاف الليل والنهار، أللهم فبحقهم إليك أتوسل وأسأل سؤال مقترف معترف مسئ إلى نفسه مما فرط في يومه وأمسه، يسألك العصمة إلى محل رمسه، اللهم فصل على محمد وعترته واحشرنا في زمرته، وبوئنا معه دار الكرامة ومحل الإقامة. أللهم وكما أكرمتنا بمعرفته فأكرمنا بزلفته
وارزقنا مرافقته وسابقته واجعلنا ممن يسلِّم لأمره ويكثر الصلوة عليه عند ذكره وعلى جميع أوصيائه وأهل أصفيائه الممدودين منك بالعدد الإثني عشر، النجوم الزُّهر والحجج على جميع البشر، اللهم وهب لنا في هذا اليوم خير موهبة وأنجح لنا فيه كل طلبة كما وهبت الحسين لمحمد جده وعاذ فُطْرُسٌ بِمَهدِهِ فنحن عائذون بقبره من بعده نشهد تربته وننتظر أَوْبَتَهُ آمين رب العالمين”.
قال الشيخ الطوسي رحمه الله: ثم تدعو بعد ذلك بدعاء الحسين عليه السلام وهو آخر دعاء دعا به عليه السلام يوم كُوثر: ” أللهم متعالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المِحال، غنيٌّ عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ما تشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابغ النعمة، حسن البلاء، قريب
إذا دعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادر على ما أردت، ومدرك ما طلبت وشكورإذا شُكرت، وذَكورٌ إذا ذكرت، أدعوك محتاجاً، وأرغب إليك فقيراً، وأفزع إليك خائفاً، وأبكي إليك مكروباً، وأستعين بك ضعيفاً، وأتوكل عليك كافياً، احكم بيننا وبين قومنا فإنهم غرونا وخدعونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا، ونحن عترة نبيك الذي اصطفيته بالرسالة وائتمنته على وحيك، فاجعل لنا من أمرنا فرجاً ومخرجاً، برحمتك يا أرحم الراحمين”. 21 ثم الظاهر أن الدعاء الأخير إنما يتلوه الداعي إلى قوله: “احكم بيننا وبين قومنا ثم يذكر بعد ذلك حاجته”. 22
________________________________________
21 – الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد 826 -828. وعنه، السيد في الإقبال 303 -304.
22 – إقبال الأعمال 348 -349.
الرابع من شعبان
مولد أبي الفضـــل العباس عليه السلام: اليوم الرابع من شعبان، هو يوم ذكرى سيدنا ومولانا أبي الفضل العباس ابن أمير المؤمنين عليهما السلام.
حيث ولد أبو الفضل العبّاس في الرابع من شعبان سنة 26 للهجرة، ويكفي للدلالة على عظمة هذا المولود وسمو منزلته عند الله تعالى، ما روي عن الإمام السجاد عليه السلام، حيث يقول: ” رحم الله عمّي العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه فأبدله الله بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب وإنّ للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة”.23
ومن مهمات هذا اليوم زيارته عليه السلام بالمأثور.
________________________________________
23- الشيخ الصدوق، الأمالي ص548.
الخامس من شعبان
مولد الامام السجاد عليه السلام: اليوم الخامس من شعبان، هو يوم ذكرى مولد سيدنا ومولانا علي بن الحسين عليهما السلام وهو رابع أئمة أهل البيت الطاهر، المشهور بزين العابدين أو سيدهم، والسجاد، وذو الثفنات.
قال الزهري: ما رأيت قرشيا أفضل منه. ولقد تولى الإمامة بعد استشهاد أبيه الحسين عليه السلام في كربلاء، ومناقبه وكراماته وفضائله في مجالات شتى أكثر من أن تحصى كالعلم، والحلم، والجرأة والاقدام، وثبات الجنان، وشدة الكرم والسخاء، والورع، والزهد، والتقوى، وكثرة التهجد والتنفل، والفصاحة والبلاغة، وشدة هيبته بين الناس ومحبتهم له، وتربيته لجيل عظيم من الصحابة
والعلماء أوقفوا حياتهم في خدمة الإسلام، وغير ذلك مما لا يسعنا التعرض له هنا وقد ترك عليه السلام ثروة علمية وعرفانية، أهمها أدعيته التي رواها المحدثون بأسانيدهم المتضافرة، والتي جمعت بما أسمي بالصحيفة السجادية المنتشرة في العالم، وهي زبور آل محمد، والتي تمكن من خلالها عليه السلام وبقدرته الفائقة المسددة ان يمنح ادعيته – إلى جانب روحها التعبدية – محتوى اجتماعيا متعدد الجوانب، بما حملته من مفاهيم خصبة، وأفكار نابضة بالحياة.
وصفوة القول: إنها كانت أسلوبا مبتكرا في ايصال الفكر الإسلامي والمفاهيم الإسلامية الأصيلة إلى القلوب الظمأى، والأفئدة التي تهوى إليها لترتزق من ثمراتها، وتنهل من معينها، فكانت بحق عملية تربوية نموذجية من الطراز الأول.
ليلة النصف من شعبان
ولا بدّ من إهتمام خاص بنفس ليلة النصف من شعبان فهي أفضل ليلة في هذا الشهر وهي من ليالي القدر وإن لم تكن في شهر رمضان إلاّ أنّها كما في الروايات من ليالي تقدير الأمور وكأنّ الأمور تقدّر على مراحل، وإحدى مراحل التقدير تتمّ في ليلة النصف من شعبان، وقد ورد الحثّ الكبير على إحياء هذه الليلة.
والروايات التي تبيّن لنا أهمية ليلة النصف من شعبان كثيرة منها:
– عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل: “إن لله خياراً من كل ما خلقه.. فأما خياره من الليالي فليالي الجمع، وليلة النصف من شعبان وليلة القدر وليلتا العيدين…” 24
________________________________________
24 – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 93 – ص 373.
– وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: “من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمُت قلبه يوم تموت القلوب”. 25
– كذلك أورد الشيخ الطوسي والعلامة المجلسي رحمهما الله عن الإمام الباقر عليه السلام وقد سئل عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال عليه السلام: “هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله تعالى العباد فضله، ويغفر لهم بمنِّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله فيها، فإنها ليلة آلى الله تعالى على نفسه – أي أقسم الله تعالى على نفسه – أن لا يردّ سائلاً له فيها ما لم يسأل معصية، وإنها الليلة التي جعلها الله تعالى لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم، فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله تعالى عز وجل فإنه من
________________________________________
25 – الإقبال3/355و المجلسي، البحار88/132.
سبّح الله تعالى فيها مائة مرة وحمده مائة مرة وكبّره مائة مرة، غفر الله تعالى له ما سلف من معاصيه، وقضى له حوائج الدنيا والآخرة، ما التمسه منه – أي ما طلبه من الله عز وجل – وما علم حاجته إليه وإن لم يلتمسه منه، كرماً منه تعالى وتفضُّلاً لعباده”. 26
– ومن الروايات حول أهمية ليلة النصف من شعبان، عن الإمام الصادق عليه السلام “أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يعجبه أن يفرِّغ الرجل نفسه أربع ليالٍ من السنة، أول ليلة من رجب وليلة النحر وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان”. 27
كما أورد السيد ابن طاووس رضوان الله تعالى
________________________________________
26 – الشيخ الطوسي،الأمالي297،والمجلسي، البحار94/85.
27 – بحار الأنوار – العلامة المجلسي 88/123و128و94/36و39، نقلاًعن الصدوق في ثواب الأعمال94/84.
عليه رواية طويلة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاء فيها أن جبرائيل عليه السلام أخبره عن ليلة النصف من شعبان أنها ليلة “تفتّح فيها أبواب السماء، فتفتح فيها أبواب الرحمة، وباب الرضوان، وباب المغفرة، وباب الفضل، وباب التوبة، وباب النعمة، وباب الجود، وباب الإحسان، يعتق الله فيها بعدد شعور النّعم وأصوافها، ويُثبِت فيها الآجال، ويقسِّم فيها الأرزاق من السنة إلى السنة، وينزل ما يحدث في السنة كلها، يا محمد من أحياها بتسبيح وتهليل وتكبير ودعاء وصلاة وقراءة وتطوع واستغفار كانت الجنة له منزلاً ومقيلاً وغفر الله له ما تقدم من ذنوبه وما تأخّر.. فأحيها يا محمد، وَأْمُر أُمَّتَكَ بإحيائها والتقرب إلى الله تعالى بالعمل فيها فانها ليلة شريفة، لقد أتيتك يا محمد وما في السماء ملَك
إلا وقد صف قدميه في هذه الليلة بين يدي الله تعالى.. فهم بين راكع وقائم وساجد وداعٍ ومكبِّر ومستغفر ومسبِّح. يا محمد إن الله تعالى يطَّلع في هذه الليلة فيغفر لكل مؤمن قائم يصلي وقاعد يسبح وراكع وساجد وذاكر، وهي ليلة لا يدعو فيها داع إلا استجيب له، ولا سائل إلا أُعطي، ولا مستغفٌر إلا غفر له ولا تائب إلا يتوب عليه، من حُرم خيرها يا محمد فقد حرم”. 28
أما أعمال هذه الليلة فهي كثيرة، وفي مايلي قائمة بها:
1- الغسل: وهو يخفف الذنوب، وينبغي الحرص قدر الإمكان على الإتيان به في أول الليل. قال الشيخ المفيد
________________________________________
28 – الإقبال3/320 -321.
عليه الرحمة: ويستحب في هذه الليلة الغسل. 29
2- إحياء الليلة بالعبادة: فقد ورد أن من أحياها لم يمت قلبه يوم تموت القلوب. قال الشيخ المفيد: وإحياؤها بالصلاة والدعاء. 30
3- زيارة الإمام الحسين عليه السلام: وهي أفضل الأعمال في هذه الليلة. قال الشيخ المفيد: وفي هذه الليلة تكون زيارة سيدنا أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام..31 وقال الشيخ الطوسي: أفضل الأعمال فيها زيارة أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام. 32
________________________________________
29 – مسار الشيعة61.
30 – مسار الشيعة61.
31 – مسار الشيعة61 -62.
32 – مصباح المتهجد829.
4- دعاء مولد الحجة عليه السلام: قال الشيخ الطوسي: ويستحب أن يُدعى فيها بهذا الدعاء: “أللهم بحق ليلتنا ومولودها، وحجتك وموعودها التي قَرَنْتَ إلى فضلها فضلك فَتَمَّتْ كلمتك صدقاً وعدلاً، لا مبدل لكلماتك، ولا مُعقِّب لآياتك، نورُك المتألِّق وضِياؤُك المشرق، والعَلَم النور في طَخْياءِ الديجور، الغائب المستور جلّ مولِدُهُ وكَرُمَ محتَدُهُ والملائكةُ شُهَّدٌه، والله ناصره ومؤيدُه إذا آن ميعاده، والملائكة أَمْدَادُهُ، سيف الله الذي لا يَنْبُوْ ونوره الذي لا يَخْبُوْ وذو الحِلم الذي لا يَصْبُوْ مَدَارُ الدَّهر ونواميس العصر وَوُلاةُ الأمر والمُنَزَّلُ عليهم ما يُتَنَزَّلُ في ليلة القدر وأصحاب الحشر والنشر تراجمة وحيه وولاة أمره ونهيه، أللهم فصلِّ على خاتمهم وقائمهم المستور عن عوالمهم،
وأدرك بنا أيامه وظهوره وقيامه واجعلنا من أنصاره واقرُن ثارَنا بثارِهِ، واكتُبنا في أعوانِهِ وخلصائه وأحينا في دولته ناعمين وبصحبته غانمين وبحقه قائمين ومن السوء سالمين يا أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلى أهل بيته الصادقين، وعترته الناطقين، والعن جميع الظالمين، واحكم بيننا وبينهم يا أحكم الحاكمين”. 33
5- دعاء علمه الإمام الصادق عليه السلام: قال الشيخ: وروى إسمعيل بن الفضل الهاشمي قال: علمني أبو عبد الله عليه السلام دعاء أدعو به ليلة النصف من شعبان: ” أللهم أنت الحي القيوم العلي العظيم الخالق الرازق المحيي المميت البدئ البديع
________________________________________
33 – مصباح المتهجد 842 -843.
لك الجلال ولك الفضل، ولك الحمد ولك المنّ، ولك الجُودٌ ولك الكَرَم، ولك الأمر ولك المَجْد ولك الشُكر، وحدك لا شريك لك، يا واحد، يا أحد، يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُواً أحد، صلّ على محمّد وآل محمّد واغْفِر لي وارحمني واكفني ما أهمني واقض دَينِي وَوَسِّع عَلَيَّ في رزقي فإنَّك في هذه الليلة كل أمر حكيم تَفرُق، ومن تشاء من خَلقِك ترزُق فارزُقني وأنت خير الرازقين، فإنك قلت وأنت خير القائلين الناطقين: (واسألوا الله من فضله)، فمن فضلك أَسأَل وإياك قَصَدْت وَابْنَ نَبيِّك اعتمدت، ولك رَجَوْت فارحمني يا أرحم الراحمين”. 34
6- دعاء “أللهم اقسم لنا من خشيتك”: فقد ورد حوله: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو في ليلة
________________________________________
34 – مصباح المتهجد 843.
النصف من شعبان، فيقول: ” أللهم اقسِمْ لنا من خشيتك ما يَحولُ بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تُبلِّغنا به رضوانك، ومن اليقين ما يَهُونُ علينا به مُصيبات الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقُوَّتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا. واجعل ثارنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همِّنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلِّط علينا من لا يرحمنا، برحمتك يا أرحم الراحمين”.
7- صلاة وأذكار: وورد في رواية حول أن ليلة النصف أفضل ليلة بعد ليلة القدر، قال الراوي: فقلت لسيدنا الصادق عليه السلام، وأي شئ أفضل الأدعية؟ فقال: “إذا أنت صليت العشاء الآخرة فصل ركعتين تقرأ في الأولى الحمد مرة، وسورة الجحد وهي قل يا أيها الكافرون،
واقرأ في الركعة الثانية الحمد، وسورة التوحيد وهي قل هو الله أحد فإذا سلمت قلت: سبحان الله ثلاثاً وثلثين مرة، والحمد لله ثلاثاً وثلثين مرة، والله أكبر أربعاً وثلثين مرة، ثم قل: يا مَنْ إِلَيْهِ مَلْجأُ العِبادِ فِي المُهِمَّاِت وَإِلّيْهِ يَفْزَعُ الخَلْقُ فِي المُلِمَّاتِ يا عالِمَ الجَهْرِ وَالخَفِيَّاتِ يا مَنْ لا تَخْفى عَلَيْهِ خَواطِرُ الاَوْهامِ وَتَصرُّفُ الخَطَراتِ يارَبَّ الخَلائِقِ وَالبَرِيَّاِت يا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الأَرْضِينَ وَالسَّماواتِ، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ أَمُتُّ إِلَيْكَ بِلا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ فَيا لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ اجْعَلْنِي فِي هذِهِ الليْلَةِ مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ وَسَمِعْتَ دُعائَهُ فَأَجَبْتَهُ وَعَلِمْتَ اسْتِقالَتَهُ فَأَقَلْتَهُ وَتَجاوَزْتَ عَنْ سالِفِ خَطِيئَتِهِ وَعَظِيمِ جَرِيرَتِهِ فَقَدْ اسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْ ذُنُوبِي وَلَجَأْتُ إِلَيْكَ فِي سَتْرِ عُيُوبِي، اللّهُمَّ فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ وَاحْطُطْ خَطايايَ بِحِلْمِكَ وَعَفْوِكَ وَتَغَمَّدْنِي
فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ بِسابِغِ كَرامَتِكَ وَاجْعَلْنِي فِيها مِنْ أَوْلِيائِكَ الَّذِينَ اجْتَبَيْتَهُمْ لِطاعَتِكَ وَاخْتَرْتَهُمْ لِعِبادَتِكَ وَجَعَلْتَهُمْ خالِصَتَكَ وَصَفْوَتَكَ، اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ سَعَدَ جَدُّهُ وَتَوَفَّرَ مِنَ الخَيْراتِ حَظُّهُ وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ سَلِمَ فَنَعِمَ وَفازَ فَغَنِمَ وَاكْفِنِي شَرَّ ما أَسْلَفْتُ وَاعْصِمْنِي مِنَ الازْدِيادِ فِي مَعْصِيَتِكَ وَحَبِّبْ إِلَيَّ طاعَتَكَ وَما يُقَرِّبُنِي مِنْكَ وَيُزْلِفُنِي عِنْدَكَ. سَيِّدِي، إِلَيْكَ يَلْجَأُ الهارِبُ وَمِنْكَ يَلْتَمِسُ الطَّالِبُ وَعَلى كَرَمِكَ يَعِّولُ المُسْتَقِيلُ التائبُ أَدَّبْتَ عِبادَكَ بِالتَّكَرُّمِ وَأَنْتَ أَكْرَمُ الاَكْرَمِينَ وَأَمَرْتَ بِالعَفْوِ عِبادَكَ وَأَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، اللّهُمَّ فَلا تَحْرِمْنِي ما رَجَوْتُ مِنْ كَرَمِكَ وَلا تُؤْيِسْنِي مِنْ سابِغِ نِعَمِكَ وَلا تُخَيِّبْنِي مِنْ جَزِيلِ قِسَمِكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ لاَهْلِ طاعَتِكَ وَاجْعَلْنِي فِي جَنَّةٍ مِنْ شِرارِ بَرِيَّتِكَ. رَبِّ، إِنْ لْم أَكُنْ مِنْ أَهْلِ ذلِكَ فَأَنْتَ أَهْلُ
الكَرَمِ وَالعَفْوِ وَالمَغْفِرَةِ وَجُدْ عَلَيَّ بِما أَنْتَ أَهْلُهُ لا بِما أَسْتَحِقُّهُ فَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِكَ وَتَحَقَّقَ رَجائِي لَكَ وَعَلِقَتْ نَفْسِي بِكَرَمِكَ فَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَأَكْرَمُ الاَكْرَمِينَ، اللّهُمَّ وَاخْصُصْنِي مِنْ كَرَمِكَ بِجَزِيلِ قسمِكَ وَأَعوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَاغْفِرْ لِي الذَّنْبَ الَّذِي يَحْبِسُ عَلَيَّ الخُلُقَ وَيُضيِّقُ عَلَيَّ الرِّزْقَ حَتّى أَقُومَ بصالِحِ رِضاكَ وَانْعَمَ بِجَزِيلِ عَطائِكَ وَأَسْعَدَ بِسابِغِ نَعْمائِكَ، فَقَدْ لُذْتُ بِحَرَمِكَ وَتَعَرَّضْتُ لِكَرَمِكَ وَاسْتَعَذْتُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وبِحِلْمِكَ مِنْ غَضَبِكَ فَجُدْ بِما سَأَلْتُكَ وَأَنِلْ ما التَمَسْتُ مِنْكَ أَسْأَلُكَ بِكَ لا بِشَيٍْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ. “فو الله لو سألت بها بعدد القطر لبلغك الله عزوجل إياها بكرمه وفضله”. 35
________________________________________
35 – الشيخ الطوسي،مصباح المتهجد830 -831 والإقبال3/315 -316.
8- تكرار الباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله والله أكبر) مائة مرة: أورد ذلك الشيخ الطوسي في رواية عن الإمام الباقر، جاء فيها قوله عليه السلام:”فإنه من سبَّح الله تعالى فيها مائة مرة، وحمده مائة مرة وكبره مائة مرة، غفر الله له ما سلف من معاصيه وقضي له حوائج الدنيا والآخرة ما التمسه وما علم حاجته إليه وإن لم يلتمسه منة وتفضلا على عباده”. 36
9- قراءة دعاء: إلهي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون: وقد أورده الشيخ الطوسي بعد الصلاة المتقدمة التي تتضمن دعاء “يامن إليه ملجأ العباد” فقال بعده مباشرة: وتقول: “إلهي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون وقصدك فيه القاصدون وأمل فضلك
________________________________________
36 – الشيخ الطوسي،مصباح المتهجد 831.
ومعروفك الطالبون، ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا ومواهب تمن بها على من تشاء من عبادك وتمنعها من لم تسبق له العناية منك، وها أنا ذا عُبيدك الفقير إليك المؤمل فضلك ومعروفك، فإن كنت يا مولاي تفضلت في هذه الليلة على أحد من خلقك وعدت عليه بعائدة من عطفك، فصل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الخيرين الفاضلين وجد علي بطَوْلِكَ ومعروفك يا رب العالمين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين وسلم تسليما إن الله حميد مجيد، اللهم إني أدعوك كما أمرت فاستجب لي كما وعدت إنك لا تخلف الميعاد”. 37
10- دعاء السجود: كان يدعو به النبي صلى الله عليه وآله وسلم،في سجوده ليلة النصف من شعبان. “سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك
________________________________________
37 – الشيخ الطوسي،مصباح المتهجد 833.
فؤادي، هذه يداي وما جنيته على نفسي، يا عظيم ترجي لكل عظيم، اغفر لي العظيم فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم”. ثم رفع رأسه ثم عاد ساجداً يقول: “أعوذ بنور وجهك الذي أضاءت له السموات والأرضون، وانكشفت له الظلمات وصلح عليه أمر الأولين والآخرين من فجاءة نقمتك ومن تحويل عافيتك ومن زوال نعمتك، اللهم ارزقني قلباً تقياً نقياً ومن الشرك بريئاً لا كافرا ولا شقيا”. 38
11- صلاة مائة ركعة: ورد التأكيد عليها كثيراً، بحيث أن من يطلع على الثواب الكبير الذي ورد على هذه الصلاة، يبذل أقصى جهد ممكن لئلا تفوته. وكل ركعتين منها بتسليمة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد عشر مرات، فإذا فرغ من الصلاة – أي أنهي
________________________________________
38 – الشيخ الطوسي،مصباح المتهجد841 -842.
المائة ركعة – قرأ آية الكرسي عشر مرات وفاتحة الكتاب عشر مرات وسبح الله مائة مرة. وفي عظيم ثواب هذه الصلاة نقرأ مايلي:”من صلى (هذه الصلاة) غفر الله له مائة كبيرة موبقة موجبة للنار وأعطاه بكل سورة وتسبيحة قصراً في الجنة وشفّعه الله في مائة من أهل بيته وشركه في ثواب الشهداء وأعطاه ما يعطي صائمي هذا الشهر وقائمي هذه الليلة من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً”. 39
12- قراءة دعاء كميل: ورد الحث في هذه الليلة على قراءة دعاء كميل وأن له فضلاً عظيماً.قال الشيخ الطوسي: روي أن كميل بن زياد النخعي رأي أمير المؤمنين عليه السلام ساجداً يدعو بهذا الدعاء في ليلة النصف من شعبان. 40
________________________________________
39 – الإقبال3/320.
40 – مصباح المتهجد844.
وقال السيد ابن طاوس: ووجدت في رواية أخرى ما هذا لفظه: قال كميل بن زياد: “كنت جالساً مع مولاي أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد البصرة ومعه جماعة من أصحابه فقال بعضهم: ما معنى قول الله عز وجل: فيها يفرق كل امر حكيم؟ قال عليه السلام: ليلة النصف من شعبان، والذي نفس علي بيده إنه ما من عبدٍ إلا وجميع ما يجري عليه من خير وشر مقسوم له في ليلة النصف من شعبان الى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة، وما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر عليه السلام إلا أجيب له. فلما انصرف طرقته ليلاً، فقال عليه السلام: ما جاء بك يا كميل؟ قلت: يا أمير المؤمنين دعاء الخضر، فقال: أجلس يا كميل، إذا حفظت هذا الدعاء فادع به كل ليلة جمعة أو في الشهر مرة أو في السنة مرة أو في
عمرك مرة تُكْفَ وتُنْصَرْ وتُرزق ولن تُعدم المغفرة، يا كميل أوجب لك طول الصحبة لنا أن نجود لك بما سألت، ثم قال: اكتب: “أللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شئ، وبقوتك التي قهرت بها كل شئ..”41. وأورد الدعاء بتمامه.
13- صلاة جعفر الطيار رضوان الله تعالى عليه: وهي أربَع ركعات بتشهّدتين وَتَسليمين يقرأ في الركعة الأولى سُورَة الحَمدُ و(اِذا زلزلت الأرض)، وَفي الركعة الثّانية سُورَة الحَمدُ والعاديات، وَفي الثّالثة الحَمدُ و(إِذا جاءَ نَصرُ الله)، وَفي الرّابعة الحَمدُ و(قُل هُوَ الله أَحَدٌ) فإذا فرغ من القراءة في كُلِّ ركعة فَليَقُل قَبلَ الرُكوع خمس عشرة مَرَّة: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ.
________________________________________
41 – الإقبال3/330.
ويقولَها في ركوعه عشراً وإِذا استوى من الرُّكوع قائِماً قالَها عشراً، فإذا سجد قالها عشراً، فإذا جَلَسَ بين السّجدتين قالَها عشراً، فإذا سَجَدَ الثّانية قالَها عشراً، فإذا جَلَسَ ليَقوم قالَها قبل أَن يقومُ عشراً يفعل ذلكَ في الأربع ركعات فتكون ثلاثمائة تسبيحة.
فقد أورد الشيخ الطوسي أن الراوي قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام عن ليلة النصف من شعبان قال: “هي ليلة يعتق الله فيها الرقاب من النار ويغفر فيها الذنوب الكبار”، قلت: فهل فيها صلاة زيادة على سائر الليالي؟ قال: “ليس فيها شئ موظف، ولكن إن أحببت أن تتطوع فيها بشئ فعليك بصلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام وأكثر فيها من ذكر الله تعالى ومن الاستغفار والدعاء فإن أبي عليه السلام كان يقول: الدعاء فيها مستجاب”. 42
________________________________________
42 – مصباح المتهجد838.
14- دعاء صلوات كل يوم من أيام شعبان عند الزوال: أورد الشيخ الطوسي والسيد ابن طاوس رواية جاء فيها: “كان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو عند كل زوال من أيام شعبان وفي ليلة النصف منه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الصلوات: اللهم صل على محمد وآل محمد شجرة النبوة وموضع الرسالة..”. 43
15- صلاة أربع ركعات: قال الشيخ المفيد عليه الرحمة والرضوان: وقد روي عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، أنه قال: “إذا كان ليلة النصف من شعبان أذن الله تعالى للملائكة بالنزول من السماء إلى الارض، وفتح فيها أبواب الجنان، وأجيب فيها الدعاء، فليُصلِّ العبد فيها أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وسورة الاخلاص مائة مرة، فإذ فرغ
________________________________________
43 – الإقبال3/299 -300.وتجد الدعاء في مفاتيح الجنان.
منها بسط يديه للدعاء وقال في دعائه: “أاللهم إني اليك فقير، وبك عائذ، ومنك خائف، وبك مستجير، رب لا تبدل اسمي ولا تغير جسمي، وأعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من عذابك إنك كما أثنيت على نفسك، وفوق ما يقول القائلون، صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا، ويسأل حوائجه، وروي أن من صلى هذه الصلاة ليلة النصف من شعبان غفر الله سبحانه ذنوبه، وقضى حوائجه، وأعطاه سؤله”. 44
16- صلاة مروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: “ومن صلى في الليلة الخامسة عشر من شعبان بين العشاءين (بين صلاة المغرب والعشاء) أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل
________________________________________
44 – الشيخ المفيد، مسار الشيعة 62. وقد أورد الشيخ الطوسي، مضباح المتهجد837 -838 هذه الصلاة ولكنه ذكر بدل المائة مرة قل هو الله أحد، مائتين وخمسن مرة في كل ركعة، وفي الدعاء أورد الشيخ عبارة، “أنت كما أثنيت على نفسك” وهو المشهور.
هو الله أحد، عشر مرات، وفي رواية إحدى عشر مرة فإذا فرغ قال يا رب اغفر لنا، (عشر مرات)، يا رب ارحمنا، (عشر مرات)، يا رب تُب علينا، (عشر مرات)، ويقرأ قل هو الله أحد إحدى وعشرين مرة ثم يقول سبحان الله الذي يحيي الموتى ويميت الأحياء وهو على كل شيء قدير(عشر مرات) استجاب الله تعالى له وقضى حوائجه في الدنيا والاخرة، وأعطاه الله كتابه بيمينه، وكان في حفظ الله تعالى إلى قابل”. 45
17- صلاة الليل: بكيفية خاصة بليلة النصف من شعبان، أوردها الشيخ الطوسي وأوردها السيد في الإقبال46، وتتميز بأدعية خاصة بعد كل ركعتين ودعاء بعد الوتر.47
________________________________________
45 – الإقبال. 3/313 -314.
46 – مصباح المتهجد842 -843.
47 – الإقبال3/351 -354.
يوم الخامس عشر من شعبان
يوم النصف من شعبان، غاية في الأهمية، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم التأكيد عليه وعلى ليلته48 وأعماله قليلة وربما كان السبب أن ليلة الخامس عشر ليلة إحياء وهذا أمر يستدعي التخفيف عمّن أحيا هذه الليلة فلا يكلف بأعمال مرهقة في يومها.
وأهم أعماله:
1- الصوم فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا صار النصف من شعبان فاقضوا ليلته بالعبادة ويومه بالصيام”.
2- زيارة الإمام الحسين عليه السلام والإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف.
وينبغي الالتفات إلى أن هذا اليوم هو يوم فرحة بولادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
________________________________________
48 – البحار94/65.
الجمعة الأخيرة من شعبان وأسبوع المسجد
ينبغي أن يكون واضحاً أنّ آخر شهر شعبان أهمّ من أوّله، وإذا لم يوفق أحدنا لخيرات شعبان المباركة، فلا أقلّ من اغتنام فرصة العشر الأواخر التي يمكن فيها تدارك ما فات.
والأسبوع الأخير من هذا الشهر هو أسبوع المسجد وهو فرصة حقيقية لتجديد العلاقة ببيت الله تعالى وتفعيل الحضور فيه تمهيداً لشهر رمضان المبارك الذي هو شهر المسجد وشهر العبادة وربيع القرآن.
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلِّ خطوة سبعون ألف حسنة، ويُرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك وكّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره، ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتى يُبعث”.
إن الله تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقابا من النار
عن الهروي قال: دخلت على الرضا عليه السلام في آخر جمعة من شعبان، فقال: “يا أبا الصلت إن شعبان قد مضى أكثره وهذا آخر جمعة فيه:
1- فتدارك فيما بقي منه تقصيرك فيما مضى منه
2- وعليك بالاقبال على ما يعنيك
3- وأكثر من الدعاء والاستغفار، وتلاوة القرآن
4- وتب إلى الله من ذنوبك ليقبل شهر الله إليك وأنت مخلص لله عز وجل
5- ولا تدعن أمانة في عنقك إلا أديتها ولا في قلبك حقدا على مؤمن إلا نزعته
6- ولا ذنبا أنت مرتكبه إلا قلعت عنه
7- واتق الله، وتوكل عليه في سر أمرك وعلانيته، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدراً.
8- وأكثر من أن تقول فيما بقي من هذا الشهر (اللهم إن لم تكن غفرت لنا فيما مضى من شعبان، فاغفر لنا فيما بقي منه) فإن الله تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقابا من النار لحرمة شهر رمضان. 49
________________________________________
49 – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 94 – ص 68 – 73
خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
في استقبال شهر رمضان في اطار الإستعداد لشهر رمضان في شهر شعبان تأتي الخطبة الشهيرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتي خطبها في آخر شهر شعبان ليكون هناك متسع من الوقت فيستعدّ المسلمون فيما بقي من الشهر لاستقبال شهر رمضان بحيث يكونون أهلاً لضيافة الرحمن وقد ارتأينا ايراد الخطبة بتمامها، كما يلي:عن الإمام علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه السيد
الشهيد الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبنا ذات يوم فقال:
“أيُّها الناس، إنه قد أَقبَلَ إِلَيكُم شهرُ الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولَيَاليه أَفضلُ اللَّيالي، وساعاته أفضل الساعات، وهو شهرٌ دُعِيتُم فيه إلى ضيافة الله، وجُعِلتُم فيهِ من أهلِ كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومُكُم فيه عبادة، وعَمَلُكُم فيه مقبول، ودُعَاؤُكُم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربكم بِنِيَّات صادقة وقلوبٍ طاهرة، أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإنَّ الشَّقيَّ من حُرِمَ غُفرانَ الله في هذا الشهر العَظيم.
واذكروا بجوعِكُم وعَطَشِكُم فيه جُوعَ يوم القيامة وعطشه، وتصدَّقوا على فقرائكم ومساكينكم،
وَوَقِّروا كِبارَكُم، وارحموا صِغَارَكم، وصِلوا أرحامَكُم، واحفظوا ألسنتكم، وغُضُّوا عمَّا لا يَحِلُّ النظر إليه أبصاركم، وعما لا يَحِلُّ الإستماع إليه أسماعكم، وتحنَّنوا على أيتام الناس يُتَحَنَن على أَيتَامِكُم، وتوبوا الى الله من ذنوبكم، وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم، فإنَّها أَفضل السَّاعات، يَنْظُر الله عز وجلّ فيها بالرَّحمة الى عباده، ويُجيبُهم إذا ناجوه، ويُلَبِّيهم إذا نَادُوه ويَستَجيبُ لهم إذا دَعُوه.
أيُّها الناس، إن أنفسكم مرهونه بأعمالكم، فَفُكُّوها باستغفاركُم، وظُهورَكُم ثَقِيلَةٌ مِن أَوْزَارِكُم، فَخَفِّفُوا عنها بِطُول سُجُودِكم، واعلموا أن الله عزوجل ذِكْرُهُ أقسم بعزّته أن لا يعذّب المصلين والساجدين، وأن لا يروِّعهم بالنار، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
أيُّها الناس، من فطَّر منكم صائماً مؤمناً في هذا
الشهر كان له بذلك عند الله عِتقُ رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه. فقيل: يا رسول الله وليس كلنا نقدر على ذلك؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إتقوا النار ولو بشقِّ تمرةٍ، إتقوا النار ولو بِشُربَةٍ من ماء.
أيُّها الناس، من حسَّن منكم في هذا الشهر خُلُقَه كان له جوازٌ على الصراط يوم تَزِلُّ فيه الأقدام، ومن خفَّفَ منكم في هذا الشهر عمَّا مَلَكَتْ يمينه خفَّف الله عليه حسابه، ومن كفَّ فيه شرَّه كفَّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وَصَلَ فيه رَحِمَهُ وَصَلَهُ الله برحمته يوم يلقاه، ومن قَطَعَ فيه رَحِمَهُ قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تَطَوَّع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، ومن أدى فيه فرضاً كان له ثواب من أدى
سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، ومن أكثر فيه من الصلاة عَلَيَّ ثقّل الله ميزانه يوم تَخِفُّ الموازين، ومن تَلَا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.
أيُّها الناس، إن أبواب الجنان في هذا الشهر مُفَتَّحَة فاسألوا ربكم أن لا يُغلِقَهَا عَلَيكُم، وأبواب النيران مُغَلَّقة فاسألوا ربكم أن لا يَفتَحَها عليكم، والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم ألا يُسَلِّطَها عليكم.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: فَقُمتُ وقلت: يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الوَرَعَ عن محارم الله عز وجل، ثم بكى. فقلت: يا رسول الله، ما يبكيك ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا عليّ، لما يستحل منك في هذا
الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك، وقد انبعث اشقى الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك تخضب منها لحيتك. قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟ فقال عليه السلام: في سلامة من دينك، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي، من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سَبَّك فقد سبَّني، لأنَّك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، إن الله عز وجل خلقني وإياك، واصطفاني وإياك، واختارني للنبوة واختارك للإمامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوَّتي. يا علي أنت وصيي، وأبو وُلدي، وزوج ابنتي، وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، أمرك
أمري، ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية، أنك حجة الله على خلقه وأمينه على سره وخليفته في عباده”. 50
________________________________________
50 – السيد ابن طاوس، الإقبال 1/25 -27
وداع شهر شعبان
ها هو شهر شعبان قد أقلنا الى باب شهر الله تعالى؟
وفي القلب لوعة القصور وحسرة التقصير..
وفي النفس يختلج أنين العتاب وأسى التضيع..
فطوبى للشعبانيين الذي يُقبلون الى شهر الله وقد استعدوا له حق الاستعداد وكان لانقضاء شعبان في نفوسهم الوقع الكبير..
فليس شهر رسول الرحمة والانسانية كغيره من الشهور..
وليس للخروج من ضيافة صاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وآله وسلم عزاء الا شرف الدخول في ضيافة شهر الكريم المطلق شهر الله تعالى.
فوداعاً يا شهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وداعاً يا شعبان..والقلب يلهج في استقبال ربيع العبادة:..الحمد الله الذي حَبَانَا بدينه، واختصَّنا بملته، وسبّلنا في سُبُل إحسانه لنسلكها بمنه إلى رضوانه..والحمد لله الذي جعل من تلك السُبُلِ شهره، شهر رمضان، شهرالصيام، وشهر الاسلام، وشهر الطَهور، وشهر التمحيص وشهر القيام.. اللهم صل على محمد وآله، وألهمنا معرفة فضله، وإجلال حرمته، والتحفظ مما حظرت فيه، وأعنا على صيامه بكف الجوارح عن معاصيك، واستعمالها
فيه بما يرضيك، حتى لا نُصغِيَ بأسماعنا إلى لغو، ولا نُسرِعَ بأبصارنا إلى لهو، وحتى لا نَبسِطَ أيدينا إلى محظور، ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور، وحتى لا تَعيَ بطوننا إلا ما أحللت، ولا تَنطِقَ ألسنتنا إلا بما مَثَّلت ولا نتكلف إلا ما يُدنِي من ثوابك، ولا نتعاطى إلا الذي يَقِيَ من عقابك، ثم خَلِّص ذلك كله من رياء المرائين، وسمعة المُسمِعين، لا نشرك فيه أحداً دونك، ولا نَبتَغي به مراداً سواك… 51
________________________________________
51 – الصحيفة السجادية (ابطحي) – الإمام زين العابدين عليه السلام – ص 209 – 213
صُمْتَ شَهري؟