دفاع عن الحقيقه – الدكتوراحمد الوئلى
24 يناير,2017
الاسلام والحياة
874 زيارة
القسم الثاني
دفاع عن الحقيقه تاليف: الدكتوراحمد الوئلى معاداه التشيع والافتراء عليه
اسباب هذا الموقف ما هى؟
نماذج من المفتريات المنسوبه للشيعه
النموذج الاول: فريه القول بتحريف القرآن
النموذج الثانى: فريه القول بان جبرئيل(ع) اخطا بنزوله
بالوحىعلىمحمد(ص)
النموذج الثالث: فريه الغلو فى الائمه(ع):
وليس موقف اهل الشام من النسائى ببعيد عن الاذهان، عندما سالوه عن المقارنه بين على ومعاويه، فقال:
وهل يصل معاويه الى ان يكون راسا براس مع على، فضلا عن ان يفضل عليه، فوطوه ورضوه حتى مات.
ولكن مع ذلك تبقى امانه التاريخ ومسووليه الكلمه وقول كلمه الحق كلها داعيه لحمله الفكر واهل الدين ان يصدعوا بالحق، ويضعوا النقاط على الحروف، ويدفعهم الشعور بمصلحه الامه الاسلاميه، ورفع شانها، ووحده كلمتها، الى ان يستسهلوا الصعب ويشتروا وجه اللّه تعالى والدار الاخره، والمكاسب الناتجه من وحده المسلمين لو تحققت، فذلك امل يداعب كل نفس خلت من اوضار العصبيه، واخلصت للّه تعالى، وهو وان يكن امرا عسير المنال، فان كل مكسب لا يحصل بدون تخطى العقبات، وخوض الصعاب، لا سيما ان الحقائق ظهرت بفضل انتشار وسائل الاعلام، وتوفر مصادر المعرفه عن الفكر الشيعى، واختلاط المسلمين بعضهم ببعض.
ان كل ذلك كان لتبديد الظلام والتعرف على الواقع، افلا يكفى مرور اربعه عشر قرنا على دعوى وجود قرآن خاص للشيعه للعثور على نسخه منه، واذا تعذر الحصول على نسخه واحده منه فها هى مصادر احكام الشيعه، وكتب فقه الشيعه ميسره ويمكن التعرف على مداركها فهى واضحه، ذلك لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد.
اذ خلاصه هذا الوجه الاخير، هو ان معاداه الشيعه والافتراء عليهم هى حركه ناتجه عن قوه الاستمرار فى حركه من ارادوا ابعادهم عن الساحه.
نماذج من المفتريات المنسوبه للشيعه
بعد هذه المقدمه سادخل فى صلب الموضوع الذى ينصب عليه هدفى، وهو تقديم نماذج مما نسب الى الشيعه بهدف اخراجهم عن الاسلام وتنفير المسلمين منهم، والاجهاز عليهم حتى النفس الاخير، وساقتصر على ثلاثه نماذج لتكون موضوعا يقاس عليه كثير مما نسب لهم:
النموذج الاول: فريه القولبتحريف القرآن
القرآن الكريم هو كتاب اللّه المنزلالذى لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،و هو مصدر حضارتنا ودستورنا والنبع الذى تنهل منه الامه، وللقرآن فى نفس كل مسلم قداسه لا تعادل بشىء، ولما كان هو مصدر التشريع الاسلامى الرئيس، والذى تنتهى اليه كل مصادر التشريع الاخرى، فلايمكن ان يطمئن المسلم الى سلامه كل حكم من الاحكام الشرعيه معالقول بوقوع التحريف فيه ، زياده او نقيصه،او العبث بجمله ومفرداته (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)، ونظرا لمكانه القرآنهذه فى نفوس المسلمين فان اى فئه تذهب الى القول بالتحريف فيه ستكون جسما غريبا فى هيكل هذه الامه، وستكون موضع (النقمه).
من اجل ذلك كان فى طليعه ما طبخته مطابخ الحكم، واوكلت الى وكلائها القيام بتسويقه هو نسبه القول بالتحريف فى القرآن الكريم الى الشيعه. وسنرى ان شاء اللّه تعالى مدى صحه هذه النسبه، ومدى مساحه القول بذلك عند اهل السنه ليتضح لنا مدى صحه ما ينسب للشيعه.
لقد تضافرت آراء فقهائنا ومفسرينا على نفى هذه النسبه لنا، ودحض هذه الفريه فى اكثر من مرجع من كتب الشيعه، بحيث لا تمر بكتاب يتحدث عن مواضيع وعلوم القرآن عند الشيعه، الا وترى فيه (بحثا) يدحض ما نسب للقرآن من كونه محرفا.
ولما لم يكن من هدفى هنا استقصاء ما كتب، وانما توجيه القارىء الى جمله من المصادر التى تبين راى الاماميه بوضوح، وبمقدار كاف للتدليل على ذلك فساذكر ما يفى بالمقام.
ان راى جمهور الشيعه على ان القرآن الكريم محفوظ لم ينله تحريف من زياده او نقيصه فى آياته وسوره وحروفه، بل هو الموجود بين الدفتين، ويتداوله المسلمون، ويمكن التاكد من ذلك بالرجوع الى مقدمه تفسير التبيان للشيخ الطوسى، ومقدمه مجمع البيان للطبرسى، وكشف الغطاء للشيخ استاذ الفقهاء الشيخ جعفر فى باب بحث القرآن، وحق اليقين للملا محسن الفيض الشهير بالمحدث الكاشانى، وآلاء الرحمن للشيخ محمد جواد البلاغى، والبيان فى مقدمه تفسير القرآن لايه اللّه الخوئى ابى القاسم، وهو راى المفيد والبهائى والقاضى نور اللّه بل وكل المحققين، واما ما ينسب للشيخ الكلينى ثقه الاسلام فى الكافى، من ايراده للروايات التى تذكر وقوع التحريف، فهو ينفيها بنفسه ويوكد ذلك الامور التاليه:
1 – ان الاحاديث الموهمه للتحريف ذكرها الكلينى فى باب النوادر، ومعنى النوادر هو معنى الشواذ، وهو ما لا يعمل به، فان الشاذ من الاحاديث اذا خالف الكتاب والسنه، او كان صحيحا فى نفسه ولكنه معارض بروايه هى اشهر منه بين الرواه، لا يعمل به، هذا ما يقرره علماونا فى باب التعادل والتراجيح، ولما كانت روايه التحريف مخالفه للكتاب والسنه ومعارضه بما هو اشهر وارجح منه فلا يعمل بها.
2 – انه ذكر فى التميز بين الروايه الصحيحه وغيرها ان تعرض على الكتاب والسنه فما وافقهما يوخذ به وما خالفهما يطرح، وفى هذا دليل على انه لا ياخذ بتلك الروايات، وانما رواها كما روى البخارى ومسلم اخبار التحريف.
3 – انه ذكر روايه سعد الخير فى روضه الكافى، وهى صريحه فى نفى النقص فى القرآن. اذ قال الباقر لسعد الخير: (وكان من نبذهم الكتاب ان اقاموا حروفه وحرفوا حدوده) وهى صريحه بتمام حروف القرآن.
4 – ليس كل راو لروايه قائل بمضمونها، كما هو المعلوم فى مختلف ابعاد العلوم.
هذه مجرد فكره موجزه عن تحريف الكتاب المجيد وموقف الشيعه من ذلك، وهو بمنتهى الوضوح، وعندنا من الارقام التى تنص على ان الشيعه لا يقولون بالتحريف، بل الذين يقولون بتحريف القرآن بمعنى الزياده والنقيصه غيرهم، اما التحريف بمعنى تحريف معانى الكلمات والايات واسباب النزول، فان للشيعه راى صريح بذلك، فهم يذهبون الى ان التحريف بهذا المعنى قد حصل عند كثير من الرواه والمفسرين لاسباب لا تخفى.
ونعود بعد ذلك الى راى اهل السنه بالتحريف بمعنى النقيصه:
«راى رعيل من اهل السنه تبعا لمصادرهم»:
من الغريب ان القائلين بالتحريف هم اهل السنه، وآراوهم صريحه بنقص القرآن الموجود بين ايدى المسلمين – بغض النظر عما اذا كانوا يقولون بلوازم هذا الراى ام لا- فقد عودونا انهم فى كثير من الامور لا يلتزمون بلوازم القول، وليس هذا موضع البرهنه على ذلك، فان له مكانا وبحثا آخر، قد نتطرق اليه ان شاء اللّه، اقول ان آراءهم صريحه بذلك، ولكنهم يرمون بذلك غيرهم كما سترد علينا امثله لذلك، ولنستعرض بعض اقوالهم فى ذلك بما يكون مجرد نماذج لذلك، ونشير بعد ذلك لبعض المصادر لمن اراد التوسع فى ذلك.
1 – ذهب السيوطى فى كتاب الاتقان فى علوم القرآن باب عدد سور وكلمات وحروف القرآن، الى روايات عن الخليفه عمر بن الخطاب، انه كان يقول ان حروف القرآن الف الف وسبعه وعشرون الف حرف، كما اخرج ذلك مرفوعا عن عمر بن الخطاب الطبرانى بسند موثق.
2 – ذكر صاحب منتخب كنز العمال بروايته عن زربن حبيش قال: قال لى ابى يا زر كيف تقرا سوره الاحزاب قلت ثلاث وسبعين آيه. قال: ان كانت لتضاهى سوره البقره او هى اطول من سوره البقره. ومفاد هاتين الروايتين هو فى راى الخليفه كما ينسب له ان حروف القرآن الموجوده اقل من الثلث، ومفاد الروايه الثانيه عن ابى ان سوره الاحزاب الموجوده اقل من ثلث السوره المنزله.
3 – ذكر اهل السنه ان سورتى (الحفد) والخلع من السور الصغار لم تثبت فى القرآن وكانتا مما يقنت بهما الخليفه عمربن الخطاب وهما على النحو التالى: (اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك). (اللهم اياك نعبد ولك نصلى ونسجد واليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى نقمتك ان عذابك بالكافرين ملحق)، انظر السيوطى فى باب عدد السور، فقد روى ذلك بطرق عديده مع ان السورتين غير موجودتين بالقرآن.
4 – ذكر الامام احمد بن حنبل فى الجزء الاول من مسنده بسند عن ابن عباس عن عمربن الخطاب انه قال: ان اللّه بعث محمدا بالحق وانزل معه الكتاب فكان مما انزل اليه آيه الرجم فرجم رسول اللّه ورجمنا بعده، وكنا نقرا (ولا ترغبوا عن آبائكم ان كفرا بكم ان ترغبوا عن آبائكم)، والايه ليست موجوده فى القرآن.
5 – ذكر السيوطى فى الاتقان بروايه نافع عن ابن عمر: لا يقولن احدكم قد اخذت القرآن كله، وما يدريه ما كله، قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل قد اخذت منه ما ظهر.
كما روى عن عائشه زوج النبى(ص) كانت سوره الاحزاب تقرا فى زمن النبى مائتى آيه، فلما كتب عثمان المصاحف، لم نقرا منها الا ما هو الان، والروايتان فى منتهى الصراحه.
6 – روى الامام مسلم فى صحيحه الجزء الثالث، بسنده عن ابى حرب بن ابى الاسود ان ابا موسى الاشعرى، قال لقراء اهل البصره: انا كنا نقرا سوره كنا نشبهها فى الطول والشده ببراءه (فانسيتها) غير انى قد حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا، ولا يملا جوف ابن آدم الا التراب، وكنا نقرا سوره كنا نشبهها باحدى المسبحات فانسيتها غير انى حفظت منها: يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهاده فى اعناقكم فتسالون عنها يوم القيامه وليس للسورتين او الايتين اللتين ذكرهما وجود فى القرآن، فقد سقطت على رايه بالاضافه لما قدمناه من نماذج، فان طريقه جمع القرآن كما يرويها، اهل السنه وطريقه كتابته، وذهابهم الى نسخ التلاوه فى كثير من آيات القرآن، سواء نسخ الحكم ام لم ينسخ، كل ذلك موداه تحريف القرآن بمعنى النقصان.
7 – اخرج ابن ماجه عن عائشه زوج النبى(ص) قالت: نزلت آيه الرجم ورضاعه الكبير عشرا، وقد كانا فى صحيفه تحت سريرى، فلما مات النبى(ص) تشاغلنا بموته فدخل داجن فاكلها، ورواه كذلك الدميرى فى حياه الحيوان فى- داجن-.
وقد افاض علماونا فى موارد عديده بمناقشتهم للقائلين بالتحريف، ودحض اقوالهم، وبالامكان الرجوع الى ما ذكرناه من مصادر سابقه، ومع ذلك كله فى ما قدمناه مجرد نماذج صغيره ولدينا من المصادر الاخرى ما يكفى لتسويد كتب وكتب فى آراء اهل السنه وذهابهم الى القول بالتحريف، ولكن مع ذلك كله كما اسلفنا لا تقف الافتراءات عند حدودها بل هى مستمره على طريقه رمتنى بدائها وانسلت.
وانا اعتقد واومن بان ما نكتبه ونشرحه من دحض هذه الافتراءات لا ينفع الا القليل من الموضوعيين المخلصين الذين ينشدون الحق، اما الاغلب من قومنا فهم ليسوا بطلاب حقائق ولهم من الاصرار على الباطل والمماحكه ما يصلون به الى مستوى تسميه الشمس بالحجاره السوداء. ولكن عزاءنا اننا نضع جهدنا بين يدى من ينشد الحقيقه فلعل اللّه تعالى ينفع به من اراد.
2017-01-24