منهج التحقيق:
اعتمدت في تحقيقي للكتاب على نسختين:
الأولى: النسخة الموجودة في المكتبة المركزية في جامعة طهران، الكتاب 8 من المجموعة المرقمة 5923 من ص 242 إلى 262، وفي كل صفحة سبعة عشر سطرا، كتبت بخط النسخ في القرن العاشر أو الحادي عشر، وهي التي أرمز إليها في الهامش الكتاب ب (د).
والثانية: النسخة الموجودة في مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي – دام ظله – العامة في قم، الكتاب 3 من المجموعة المرقمة 990، من ورقة 94 إلى 102، في كل صفحة تسعة عشر سطرا، وأرمز إليها في هامش الكتاب ب (ش).
وقد لاحظت اتفاق النسختين في التصحيف والزيادة والنقيصة الواردة في الكتاب بصورة واضحة في أغلب الموارد، وقد سعيت جاهدا في سبيل إثبات نص صحيح للكتاب وذلك بمقابلة النسختين، ومقابلة النص مع ما نقله العلامة المجلسي في بحر الأنوار عن كتاب قضاء حقوق المؤمنين، فجعلت التصحيف الوارد في النسخ هامشا، مشيرا لصوابه، وقد يتفق أن يرد التصحيف في النسختين والبحار معا، كما هو الحال في الحديثين رقم 15 و 34 فراجع. علما بأن كل ما وضعته في المتن بين المعقوفين [] من دون الإشارة إليه في الهامش فهو من بحار الأنوار.
كما أتقدم بأسمى آيات الشكر والتقدير، لكل السادة الأفاضل الذين أتحفوني بملاحظاتهم القيمة، وأخص بالذكر الأخ الأستاذ أسد مولوي مسؤول لجنة ضبط النص في مؤسسة آل البيت عليهم السلام، وفق الله الجميع لخدمة تراث آل البيت.
وفي الختام، أحمد الله سبحانه لما حباني به من نعمة القيام بهذا العمل المتواضع معترفا بالتقصير، مؤمنا بأن المخلوق من عجل لا يخلو من الخطأ والزلل، وما أبرئ نفسي إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي.
حامد الخفاف 1 ربيع الثاني 1408 ه قم المقدسة
قضاء حقوق المؤمنين
إعلم أيها الطالب – أعانك الله على بلوغ درجة المؤمنين، والخروج من حزب المقلدين – أن الايمان شرط في استحقاق الثواب مع مشقة فعل ما امر به وترك ما نهى عنه، وكذلك الامن من الخلود في العقاب الدائم، يحصلان بوجودها، ويرتفعان بعدمها، وكذلك استحقاق ما يستحقه المؤمن على أخيه المؤمن في دار التكليف، من إيصال المنافع إليه والمسار، ودفع الهموم عنه والمضار، ومن لم يكن مؤمنا، لا يستحق ثوابا، ولا يأمن عقابا، ولا حق له على المؤمن، فيجب أن يكون كل واحد منهما – أعني المنعم والمنعم عليه – مؤمنا، ليختص به ما أذكره من الاخبار المروية عن الصادقين، محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين، عليهم أفضل الصلاة والسلام، ولا يستحقون شيئا من ذلك، إلا بشرط أن يكونوا مؤمنين، فإن الإشارة بها إليهم، وهي مقصورة عليهم، لا يشاركهم فيها غيرهم.
فإذا رغبت أيها الطالب أن تعرف المؤمن من هو بحقيقة الايمان، فإنك تقف منه على العلم بما أشرت إليه، ودللتك عليه، فيفصل بين ذلك بين من هو مؤمن، ومن ليس كذلك، فتميز المستحق ممن ليس بمستحق، فتعلم من قد رغب به عن النبي صلى الله عليه وآله، والأئمة الأطهار عليهم السلام إليه (1)، وحثوا المؤمنين عليه.
1 – قول النبي صلى الله عليه وآله: إن الله في عون المؤمن، ما دام المؤمن في عون أخيه المؤمن (1).
ومن نفس عن أخيه المؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه سبعين كربة من كرب الآخرة (2).
2 – وقال صلى الله عليه وآله: أحب الاعمال إلى الله عز وجل، سرور يدخله مؤمن على مؤمن، يطرد عنه جوعه، أو يكشف عنه كربه (3).
3 – وقال صلى الله عليه وآله: سباب المؤمن فسوق، (وقتال المؤمن كفر) (4) [و] أكل لحمه معصية الله، [و] حرمة ماله كحرمة الله (5).
4 – عدة المؤمن أخذ باليد (6).
يحث صلى الله عليه وآله على الوفاء بالمواعيد، والصدق فيها، يريد أن المؤمن إذا وعد كان الثقة بموعده كالثقة بالشئ إذا صار باليد.
5 – وقال صلى الله عليه وآله: المؤمنون عند شروطهم (7).
6 – نية المؤمن خير من عمله (8).
(٢) أخرجه المجلسي في البحار ج ٧٤ ص ٣١٢ ح ٦٩.
(٣) رواه الكليني في الكافي ج ٢ ص ١٥٣ ح ١١، والقمي في الغايات ص ٧٠ باختلاف يسير، والبحار ج ٧٤ ص ٣١٢ ح ٦٩.
(٤) في البحار: وقتاله كفر.
(٥) الكافي ج ٢ ص ٢٦٨ ح ٢، والزهد ص ١١ ح ٢٣، والفقيه ج ٤ ص ٢٧٢، وثواب الاعمال ص ٢٨٧ ح ٢، والمواعظ ص ٥١، والمحاسن ص ١٠٢ ح ٢٧، ومكارم الاخلاق ص ٤٧٠، ومشكاة الأنوار ص ١٠٠، واعلام الدين ص ٦٠، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٣٦٢ ح ٤٤ باختلاف يسير، والبحار ج ٧٥ ص ١٥٠ ح ١٦.
(٦) أخرجه السيوطي في الجامع الصغير ج ٢ ص ١٥٠ ح ٥٤٠٤، والبحار ج ٧٥ ص ٩٦ وص ١٥٠.
(٧) التهذيب ج ٧ ص ٣٧١ ذيل ح ٦٦، والاستبصار ج ٣ ص ٢٣٢ ذيل ح ٤، والخلاف ج ١ ص ٥٠٨، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٨ ح ٨٤، والبحار ج ٧٥ ص ٩٦ ح ١٨.
(٨) الكافي ج ٢ ص ٦٩ ح ٢، والمحاسن ص ٢٦٠ ح ٣١٥، والهداية ص ١٢، وفقه الرضا (ع) ص 51، وجامع الأحاديث للقمي ص 26، وعوالي اللآلي ج 1 ص 406 ح 67، والبحار ج 70 ص 211 ح 36.
8 – من عارض أخاه المؤمن في حديثه فكأنما خدش وجهه (2).
9 – وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلامه – فيما أوصى به رفاعة بن شداد البجلي قاضي الأهواز في رسالة إليه -: دار المؤمن ما استطعت، فإن ظهره حمى الله، ونفسه كريمة على الله، وله يكون ثواب الله، وظالمه خصم الله فلا تكن (3) خصمه (4).
10 – وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تحقروا ضعفاء إخوانكم، فإنه من احتقر مؤمنا لم يجمع الله بينهما في الجنة إلا أن يتوب (5).
11 – وقال صلى الله عليه وآله: لا يكلف المؤمن أخاه الطلب إليه إذا علم حاجته (6).
12 – وقال صلى الله عليه وآله مخاطبا للمؤمنين: تزاوروا (7) وتعاطفوا وتباذلوا، ولا تكونوا بمنزلة المنافق الذي يصف ما لا يفعل (8).
13 – وقال صلى الله عليه وآله: اطلب لأخيك عذرا، فإن لم تجد له عذرا فالتمس له عذرا (9).
14 – وقال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: ما من جبار إلا وعلى بابه
(٢) جامع الأحاديث للقمي ص ٢٤، وفقه الرضا (ع) ص ٤٨، ورواه الطبرسي في مشكاة الأنوار ص ١٨٩ باختلاف يسير، والبحار ج ٧٥ ص ١٥١.
(٣) في نسخة ش ود: يكن، وما في المتن من البحار.
(٤) رواه القاضي نعمان في دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٥ ح ١٥٥٣ والبحار ج ٧٤ ص ٢٣٠ ح ٢٨.
(٥) الخصال ص ٦١٤، وتحف العقول ص ٦٩، وفيهما: عن علي عليه السلام، والبحار ج ٧٥ ص ١٥١.
(٦) الخصال ص ٦١٤، وتحف العقول ص ٦٩، وفيهما: عن علي عليه السلام، ورواه الديلمي في اعلام الدين ص ٥٤ باختلاف يسير، والبحار ج ٧٤ ص ٢٣٠.
(٧) في الخصال: توازروا.
(٨) الخصال ص ٦١٤، وتحف العقول ص ٦٩، وفيهما: عن علي عليه السلام، والبحار ج ٧٤ ص ٢٣١.
(٩) الخصال ص ٦٢٢، ورواه ابن شعبة في تحف العقول ص ٧٤ باختلاف في ألفاظه.
15 – وقال عليه السلام: المؤمن المحتاج رسول الله تعالى إلى الغني القوي، فإذا خرج الرسول بغير حاجته، غفرت للرسول ذنوبه، وسلط الله على الغني القوي، شياطين تنهشه [قال: قلت: كيف تنهشه؟] (2) قال: يخلى بينه وبين أصحاب الدنيا، فلا يرضون بما عنده حتى يتكلف لهم: يدخل عليه (3) الشاعر فيسمعه فيعطيه ما شاء، فلا يؤجر عليه، فهذه الشياطين الذي تنهشه (4).
16 – وعنه عليه السلام أنه قال: ما على أحدكم أن ينال الخير كله باليسير، قال الراوي: قلت: بماذا جعلت فداك؟ قال: يسرنا بإدخال السرور على المؤمنين من شيعتنا (5).
17 – وعنه عليه السلام أنه قال لرفاعة بن موسى (6) وقد دخل عليه: يا رفاعة ألا أخبرك بأكثر الناس وزرا؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: من أعان على مؤمن بفضل كلمة ثم قال: ألا أخبركم بأقلهم أجرا؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: من ادخر عن أخيه شيئا مما يحتاج إليه في أمر آخرته ودنياه، ثم قال: ألا أخبركم بأوفرهم نصيبا من الاثم؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: من عاب عليه شيئا من قوله وفعله، أو رد عليه احتقارا له وتكبرا عليه.
ثم قال: أزيدك حرفا آخر يا رفاعة، ما آمن بالله، ولا بمحمد، ولا بعلي من إذا أتاه أخوه المؤمن في حاجة لم يضحك في وجهه، فإن كانت حاجته عنده سارع إلى
(٢) ما بين المعقوفين من مستدرك الوسائل.
(٣) في نسخة ش ود والبحار: عليهم، تصحيف، صوابه من مستدرك الوسائل.
(٤) أخرجه المجلسي في البحار ج ٧٥ ص ١٧٦ ح ١٢، وعنه في المستدرك ج ٢ ص ٤١٢ ب ٣٧ ح ١.
(٥) أخرجه المجلسي في البحار ج ٧٤ ص ٣١٢.
(٦) رفاعة بن موسى الأسدي النخاس، ثقة في الحديث، ذكره النجاشي بما يدل على علو شأنه، وجلالة قدره، وعده ممن يروي عن الصادق، والكاظم عليهما السلام، ووثقه الشيخ وعده من أصحاب الصادق عليه السلام انظر رجال النجاشي ص ١١٩، ورجال الطوسي ص ١٩٤ رقم ٣٧، والفهرست ص ٧١ رقم 286.