منهج في الإنتماء المذهبي – صائب عبد الحميد
14 أكتوبر,2024
الاسلام والحياة
69 زيارة
والثانية: إشارة موجزة إلى بداية قصتي في هذه الرحلة.
وهناك ركائز منهجية اعتمدناها تجدر الإشارة إلى بعضها، فمنها:
1 – تجنب النقل بالواسطة، والاقتصار على ما نقف عليه مباشرة ما تيسر ذلك.
2 – التحقيق في أسانيد الأحاديث المنتخبة، أو اعتماد حكم أرباب هذا الفن فيها. وقد ذكرنا نبذا من ذلك في مواضع الضرورة فقط، وأعرضنا عما سواها تجنبا للإطالة.
3 – لملاحظة اختلاف النسخ المتعددة للمصدر الواحد، ذكرنا تعريفا بالنسخة المعتمدة في فهرس المصادر.
4 – ألحقنا بالكتاب فهارس مفصلة تيسيرا للحصول على المطالب، وقد تضمنت:
الآيات، والأحاديث، والأعلام، والأشعار، والمصادر، ومحتوى الكتاب.
والله ولي التوفيق.
صائب عبد الحميد
(١٤)
الانتماء المذهبي بين الواقع والمسؤولية * لماذا هذا التجافي بين أبناء المذاهب الإسلامية؟
* هل انتخب كل منا مذهبه عن وعي وإدراك، وبعد الدرس والتحقيق؟
أم كيف حصل هذا الانتماء؟
بين هذين السؤالين تدور أشياء كثيرة، منها ما هو بديهي، ومنها ما يتطلب بعض العمليات العقلية، وما لم نمتلك الروح الموضوعية في مواجهة القضايا، فسوف تغيب عنا حتى تلك الأمور البديهية.
ولا بد أن نعترف مقدما بأن هذه الموضوعية ستكون أمرا صعبا للغاية عندما نواجه قضايا تتعلق بالعقائد والتقاليد والموروثات التي تشبعت بها العروق، وألفتها النفوس.
وسوف تكون أشد وأصعب عندما يدور الحديث بين تلك العقائد والموروثات من جهة، وبين ما يقابلها لدى الآخرين من جهة أخرى، فالانحياز الفوري نحو المألوف هو النتيجة المتوقعة دائما، بينما يبقى الموقف الموضوعي أمرا نادر الحصول.
* كيف نشأ هذا الموقف الانحيازي؟
(١٥)
وما هو نصيبه من الصحة؟
وما هو أثره في الوجود الاجتماعي لهذه الأمة؟
وكيف ينبغي أن نواجهه؟
سنطرق هذه المواضيع من جوانبها النفسية، بدلا من عواملها التاريخية..
– أذكر يوما أني قد أديت خدمة ما إلى مجموعة من الناس، فيهم السني وفيهم الشيعي، فأراد بعضهم أن يشكر لي جهدي، فقبلني بحرارة، وقال – معبرا عن امتنانه الكبير -: سأدعو لك عند ضريح أمير المؤمنين، وأبي عبد الله الحسين وتلاه آخر، فقبلني بلهفة، وهو يقول: سأدعو لك عند الشيخ عبد القادر الكيلاني، وأبي حنيفة.
لا أشك أن كلا منهما قد كشف عن المعاني التي يقدسها، في لحظات كانت تهيج فيها مشاعره، وتنطق براءته بلا أي تكلف، فهي عبارات تعبر عن شعور بالقرب من المعاني التي تعيش في أعماقه إن لم نقل بالاتحاد النفسي معها والسؤال الذي برز إلى ذهني حينها، هو: من أي شئ حصلت هذه الفوارق في الارتباطات النفسية؟
إنه لا ينبغي أن يثيرنا سؤال واحد يجب أن نضعه أمام أنفسنا لأجل البحث عن سر اختلافنا، وهذا التجافي الحاصل بيننا. ولعلنا سوف نمسك بطرف من أطراف الاتفاق، ونقترب خطوة نحو الموضوعية لو ابتدأنا من هذه الملاحظة البسيطة:
فلو أنك سألت شابا ولد في مدينة (النجف) فقلت له: هل ستكون شيعيا لو حصل أنك ولدت في (حلب) من أبوين سنيين؟
وهكذا لو سألت الحلبي، هل ترى أنك ستكون سنيا بهذه الطريقة، لو أنك ولدت في (النجف)، في أسرة شيعية؟
(١٦)
هنا سوف لا يختلف منا اثنان حول الجواب الذي سنسمعه، بل يمكننا أن نضع الجواب مقدما، متفقين على أنه من المسلمات التي لا خلاف فيها.
وهذه الملاحظة وحدها تكفي لأن تضعنا أمام الحقيقة كلها، وتكفي لأن تبعث فينا الاستغراب لهذا التجافي والتنافر الحاصل بيننا، كما تسمح لنا هذه الملاحظة أيضا أن نطرح مزيدا من الأسئلة اللازمة، لنقترب أكثر نحو الموضوعية كلما استطعنا أن نزيح شيئا من دواعي الانحياز الوهمية المتراكمة فينا.
ولنبدأ بالسؤال حول الانحياز نفسه، والعصبية ذاتها:
فهل سيرضى أحدنا لو وجد آخر يتعصب ضده من غير دواع حقيقية، وبدون أن يتعرف على حقيقة مواقفه وآرائه؟
فإذا كان الجواب بالنفي بديهيا لدى هذا الشخص، فماذا نتوقع أن يكون موقف أشخاص محايدين، نفترض أنهم يراقبون هذا المشهد قطعا إنهم سيؤاخذون المتعصب على تعصبه.
إذن، فعند الجميع كان التعصب لذاته شيئا ممقوتا.
أفلا يكون من التناقض إذن أن نحمل بين جوانحنا أشياء نمقتها لدى الآخرين، ونمقتها بالأصل؟!
فلماذا لا نكون إذن على مستوى تقبل الطرح العلمي والموضوعي الذي يتناول شيئا من مواقفنا تجاه الأشياء والقضايا المبدئية، وتجاه بعضنا؟
وماذا في الأمر؟ فما دام الطرح موضوعيا وعلميا، فإنه سيثبتنا على ما نحن عليه، إن وافقنا الأصل والصواب، أو أنه سيرشدنا إلى ما هو أحق وأهدى، إن لم نكن قد وافقناه.
ألسنا جميعا من دعاة الحق، وطلابه؟
ولكن السر كله يمكن ها هنا، فثمة حقيقة نستطيع أن نطلق عليها:
(١٧)
رابط الدعوة ايتا :الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah
2024-10-14