عندما ايقنت امريكا، الحامي والراعي للكيان الصهيوني، ان محور المقاومة، الممتد من ايران الى سوريا وحزب الله، يشكل تهديدا حقيقيا و وجوديا، على الكيان اللقيط الذي زرعه الغرب في قلب العالم الاسلامي، كما بدا واضحا في انتصار التحرير عام 2000 و حرب تموز عام 2006،
وفرض هذا المحور معادلة الرعب على الكيان الغاصب، اخذت بزرع فتنة الصراع “السني-الشيعي” بالتواطؤ مع انظمة عربية رجعية في مقدمتها السعودية صاحبة اخطر سلاح طائفي عرفه المسلمون منذ قرون وهو سلاح الوهابية.
ايقنت امريكا وربيبتها “اسرائيل” ان حزب الله يعتبر “خطرا” يتميز بشكل كبير عن باقي “المخاطر” التي واجهتها “اسرائيل” حتى اليوم، بفضل الدعم الهائل الذي يتلقاه هذا الحزب من قبل ايران وسوريا والقوى الاسلامية والوطنية في الامة، وبفضل القيادة الحكيمة والشجاعة لهذا الحزب، وبفضل تضحيات مقاتليه الابطال، الذين اذاقوا العدو الصهيونية ذل الهزيمة اكثر من مرة.
الدوائر الاستكبارية والصهيونية توصلت الى نتيجة مفادها ان زوال “اسرائيل” مؤكد على يد ابطال حزب الله ومحور المقاومة، فكان لابد من الاسراع في ايجاد “الضد النوعي” الذي يمكن ان يكون فيه الخلاص لـ”اسرائيل” من مصيرها المحتوم، فكان هذا الضد هو “الوهابية” و المجموعات التكفيرية المنبثقة عنها، بمختلف انواعها ومسمياتها، بدء بالقاعدة وانتهاء ب”داعش”، وتم اشعال المنطقة بالفتنة “السنية الشيعية”، التي تم تصنيعها في المختبرات الامريكية الغربية، عبر استخدام سموم وهابية صهيونية.
انفجار المنطقة بالتنظيمات التكفيرية الوهابية، والتنسيق الواضح لهذه المجموعات مع الصهيونية، والناتو، والانظمة الخليجية المتخلفة، كشف ان الهدف الاول والرئيسي من الصراع “السني الشيعي”، الذي يحاول التحالف الصهيوامريكي العربي الرجعي، تسويقه على شعوب المنطقة، هو انقاذ “اسرائيل”، وكل ما يقال عن اهداف اخرى لهذه الفتنة الكارثية التي نزلت بالامة غير هذا، هو محاولة للتغطية على هذا الهدف الحقيقي، وتحريض العرب والمسلمين على بعضهم البعض.
قبل الفتنة الوهابية الصهيونية التي تشهدها المنطقة، كان الكيان الصهيوني يحسب الف حساب للجيوش العربية، وكان زعماء هذا الكيان يستخدمون كل نفوذهم في الغرب والعالم، من اجل ابقاء هذه الجيوش ضعيفة، عبر الضغط من اجل عدم تسليحها باسلحة حديثة ومتطورة، والتي يمكن ان تشكل خطرا على الكيان الصهيوني، الا ان هذا الخوف الصهيوني من الجيوش العربية تلاشى، بعد ان عاثت العصابات التكفيرية الوهابية فسادا في العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن وغيرها، حيث تم انهاك هذه الجيوش في حروب عبثية القاتل والمقتول فيها هم من المسلمين، والسلاح الذي يستخدم فيها هو سلاح المسلمين، والثروات التي تهدر كل يوم فيها هي ثروات المسلمين.
بعد كل هذه الفتنة التي نزلت ببلداننا، وبعد ان كان الكيان الصهيوني يتوجس خوفا من الجيوش العربية والاسلامية، نرى اليوم زعما هذا الكيان اللقيط، يتبجحون، ان العرب، لاسيما الانظمة الخليجية، تطالبهم بقيام تحالف “اسرائيلي عربي خليجي” من اجل مواجهة ايران، ومن اجل اسقاط الحكومة السورية، ومن اجل تقسيم العراق وليبيا واليمن، وانه لم يعد هناك ادنى خوف من العرب على “اسرائيل”.
آخر هذه التاكيدات الصهيونية في هذا المجال جاءت على لسان وزير الحرب الصهيوني موشيه يعالون، في كلمة القاها فبل يومين امام مؤتمر «هرتسليا» السنوي، انه لم يعد هناك ادنى خطر من الجيوش العربية على “اسرائيل” بفضل حالة عدم الاستقرار الذي تعيشه الدول العربية بسبب ما وصفه ب”الانقسام السني ـ الشيعي” في المنطقة .
فرحة يعالون بضعف الجيوش العربية، بسبب انشغال هذه الجيوش مع المجموعات التكفيرية التي تعمل بالوكالة لصالح الصهيونية العالمية، هذه الفرحة يمكن تلمسها عند الجانب الخليجي وفي مقدمتها السعودية وقطر، ويكفي تتبع قناتي “العربية” السعودية و “الجزيرة” القطرية، لدقائق فقط، لترى الفرحة العارمة على هاتين الشاشتين وهما تنقلان اخبار مقتل عدد من الجنود العراقيين والسوريين والليبيين والتونسييين على ايدي التنظيمات التكفيرية، بل ان هذه الفرحة تتضاعف عندما تذكر القناتان عدد قتلى مقاتلي حزب الله في داخل لبنان او الحدود الدولية مع سوريا او داخل سوريا نفسها، في تصديه للمجموعات والزمر التكفيرية، حيث يشعر المشاهد بحجم التشفي والفرحة التي تستشهرها القناتان.
“لا خوف على اسرائيل من الجيوش العربية”، المقولة التي قالها وزير الحرب الصهيوني يعالون، وان كانت تكشف حجم التواطؤ الوهابي السعودي مع امريكا والغرب والكيان الصهيوني، الا انها تشكل جانبا بسيطا من حجم الحالة المزرية التي تعيشها الامة، التي وصلت الى حالة استجداء الدعم من العدو الصهيوني الغاصب للقدس والمقدسات الاسلامية، ضد محور اسلامي عربي، هدفه الاول والاخير هو القضاء على الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين والقدس من براثن الاحتلال الصهيوني.