الرئيسية / شخصيات اسلامية / ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام

ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام

عابس بن أبي شبيب الشاكري ( 2 )
هو عابس بن أبي شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب بن معاوية بن
كثير بن مالك بن جشم بن حاشد الهمداني الشاكري ، وبنو شاكر بطن من همدان .
كان عابس من رجال الشيعة رئيسا شجاعا خطيبا ناسكا متهجدا ، وكانت بنو شاكر
من المخلصين بولاء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وفيهم يقول ( عليه السلام ) يوم صفين : ” لو تمت عدتهم
ألفا لعبد الله حق عبادته ” وكانوا من شجعان العرب وحماتهم ، وكانوا يلقبون فتيان
الصباح ، فنزلوا في بني وادعة من همدان ، فقيل لها فتيان الصباح ، وقيل لعابس
الشاكري والوادعي .

قال أبو جعفر الطبري : قدم مسلم بن عقيل الكوفة فاجتمع عليه الشيعة في دار
المختار ، فقرأ عليهم كتاب الحسين ( عليه السلام ) فجعلوا يبكون ، فقام عابس بن أبي شبيب ،
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد ، فإني لا أخبرك عن الناس ، ولا أعلم ما في
أنفسهم ، وما أعرك منهم ، ولكن والله أخبرك بما أنا موطن نفسي عليه ، والله
لأجيبنكم إذا دعوتم ، ولأقاتلن معكم عدوكم ولأضربن بسيفي دونكم حتى ألقى
الله ، لا أريد بذلك إلا ما عند الله ( 1 ) .

فقام حبيب وقال لعابس ما قدمته في ترجمة حبيب .
وقال الطبري أيضا : إن مسلما لما بايعه الناس ثم تحول من دار المختار إلى دار
هاني بن عروة ، كتب إلى الحسين ( عليه السلام ) كتابا يقول فيه : أما بعد فإن الرائد لا يكذب
أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا ، فحيهلا بالإقبال حين يأتيك
كتابي ، فإن الناس كلهم معك ، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى ( 2 ) .
وأرسل الكتاب مع عابس فصحبه شوذب مولاه .

وروى أبو مخنف : أنه لما التحم القتال في يوم عاشوراء وقتل بعض أصحاب
الحسين ( عليه السلام ) جاء عابس الشاكري ومعه شوذب ، فقال لشوذب : يا شوذب ما في
نفسك أن تصنع ؟ قال : ما أصنع ؟ ! أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى
أقتل . فقال : ذلك الظن بك ، أما الآن فتقدم بين يدي أبي عبد الله حتى يحتسبك كما
احتسب غيرك من أصحابه ، وحتى أحتسبك أنا ، فإنه لو كان معي الساعة أحد أنا
أولى به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتى أحتسبه ، فإن هذا يوم ينبغي لنا أن
نطلب الأجر فيه بكل ما نقدر عليه ، فإنه لا عمل بعد اليوم ، وإنما هو الحساب ( 1 ) .
أقول : هذا مثل مقال العباس بن علي ( عليه السلام ) لإخوته في ذلك اليوم ، تقدموا
لأحتسبكم فإنه لا ولد لكم . يعني فينقطع نسلكم فيشتد بلائي ويعظم أجري .
وفهم بعض المؤرخين من هذا المقال أنه أراد : لأحوز ميراثكم لولدي ، وهو
اشتباه ، والعباس أجل قدرا من ذلك .
وروى أبو مخنف أيضا قال : فتقدم عابس إلى الحسين بعد مقالته لشوذب فسلم
عليه وقال : يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز
علي ولا أحب إلي منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بي أعز علي
من نفسي ودمي لفعلته ، السلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد أني على هداك وهدى
أبيك ، ثم مشى بالسيف مصلتا نحو القوم ، وبه ضربة على جبينه ، فطلب البراز ( 2 ) .

وروى أبو مخنف عن الربيع بن تميم الهمداني أنه قال : لما رأيت عابسا مقبلا
عرفته وكنت قد شاهدته في المغازي والحروب ، وكان أشجع الناس ، فصحت : أيها
الناس : هذا أسد الأسود ، هذا ابن أبي شبيب ، لا يخرجن إليه أحد منكم ، فأخذ
عابس ينادي : ألا رجل ألا رجل ؟ ! فلم يتقدم إليه أحد ، فنادى عمر بن سعد : ويلكم
ارضخوه بالحجارة . فرمي بالحجارة من كل جانب ، فلما رأى ذلك ألقى درعه
ومغفره خلفه ، ثم شد على الناس ، فوالله رأيته يكرد أكثر من مائتي من الناس ،
ثم إنهم تعطفوا عليه من حواليه ، فقتلوه واحتزوا رأسه ، فرأيت رأسه في أيدي رجال
ذوي عدة ، هذا يقول : أنا قتلته ، وهذا يقول : أنا قتلته ، فأتوا عمر بن سعد فقال : لا
تختصموا ، هذا لم يقتله إنسان ( 1 ) واحد ، كلكم قتله ، ففرقهم بهذا القول ( 2 ) .

( ضبط الغريب )
مما وقع في هذه الترجمة :
( إن الرائد لا يكذب أهله ) : هذا مثل مشهور ومعناه أن من يرسل أمام أهله
ليخبرهم عن مربع يليق بهم لا يكذب عليهم بخبره ويغرهم فإن المربع لهم وله وإن
أهله آتون فناظرون إليه .
( حيهلا ) : بتشديد الياء ، أي : أسرع حثيثا . ( يكرد ) : ويطرد سواء في المعنى .

شاهد أيضاً

ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام

الفائدة السادسة عشرة قتلت مع الحسين في يوم الطف امرأة واحدة وهي أم وهب النمرية ...