الرئيسية / من / طرائف الحكم / مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم 17

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم 17

وقال: كيف يناصحه الولاية؟ قال: يا بن أبي يعفور إذا كان منه بتلك المنزلة بثه همه ففرح لفرحه إن هو فرح وحزن لحزنه إن هو حزن، وإن كان عنده ما يفرج عنه، فرج عنه وإلا دعا الله له.
قال ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) ثلاث لكم، وثلاث لنا: أن تعرفوا فضلنا، وأن تطأوا عقبنا، وتنتظروا عاقبتنا، فمن كان هكذا كان بين يدي الله عز وجل، فيستضئ بنورهم من هو أسفل منهم وأما الذين عن يمين الله فلو أنهم يراهم من دونهم لم يهنئهم العيش مما يرون من فضلهم، فقال ابن أبي يعفور: وما لهم لا يرون وهم عن يمين الله!
فقال (عليه السلام) يا بن أبي يعفور إنهم محجوبون بنور الله أما بلغك الحديث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: إن لله خلقا عن يمين العرش بين يدي الله، وعن يمين الله وجوههم أبيض من الثلج، وأضوء من الشمس الضاحية، يسأل السائل ما هؤلاء فيقال: هؤلاء الذين تحابوا في جلال الله.
أمره بالمعروف: يأتي ما يناسبه في نهيه عن المنكر.
استجابة دعائنا ببركة وجوده. إعلم أن من جملة نعم الله تعالى العظيمة علينا إذنه لنا في الدعاء ومسألة حاجاتنا منه تبارك وتعالى واستجابة دعائنا بمنه وكرمه ولما ثبت أن وصول جميع نعمه إلينا إنما يكون ببركة وجود إمام زماننا (عليه السلام)، وثبت أن إجابة الدعاء من أجل النعم بل أعظمها إذ به يتوصل إلى سائر نعمه، تحقق عظمة حق مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) علينا بسبب كون وجوده وسيلة لحصول هذه النعمة الجسيمة، والموهبة العظيمة فيجب علينا تلافي ذلك بالدعاء له (عليه السلام) وبسائر ما يحصل به شكر ذلك الإنعام.
ومما يدل بالخصوص على كون وجود الإمام سببا واسطة لحصول هذا الإنعام بالنسبة إلى كافة الأنام، ما رواه الصفار في بصائر الدرجات بإسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) قال: قال رسول الله لأمير المؤمنين (عليه السلام): أكتب ما أملي عليك، قال علي: يا نبي الله وتخاف النسيان؟
قال (صلى الله عليه وآله): لست أخاف عليك النسيان وقد دعوت الله لك أن يحفظك فلا ينساك، لكن اكتب لشركائك، قال: قلت: ومن شركائي يا نبي الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): الأئمة من ولدك بهم تسقى أمتي الغيث، وبهم يستجاب دعاؤهم، وبهم يصرف البلاء عنهم، وبهم تنزل الرحمة من السماء

١ – بصائر الدرجات: ١٢ / 167.
(٤٥)
وهذا أولهم، وأومأ بيده إلى الحسن (عليه السلام) – ثم أومأ بيده إلى الحسين – ثم قال (صلى الله عليه وآله): الأئمة من ولدك.
أقول: وهذا الحديث بملاحظة سائر عباراته صريح في ما ذكرناه كما لا يخفى إحسانه إلينا بالدعاء ودفع الأعداء، وكشف البأساء، وسائر ما نشير إلى جملة منها إن شاء الله.
وقد قال الله تعالى: * (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) * والإحسان باعث للدعاء بحكم العقل والشرع، ومقتضى الجبلة الإنسانية، أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، فطالما استعبد الإنسان إحسان، إباحة ما في أيدينا من حقوقه لنا.
– ففي الكافي (1) عن مسمع، عن الصادق (عليه السلام) في حديث طويل: يا أبا سيار، إن الأرض كلها لنا، فما أخرج الله منها من شئ فهو لنا. فقلت له: وأن أحمل إليك المال كله؟ فقال (عليه السلام):
يا أبا سيار فقد طيبناه لك، وأحللناك منه، فضم إليك مالك وكل ما في أيدي شيعتنا من الأرض، فهم فيه محللون حتى يقوم قائمنا (عليه السلام)، فيجبيهم طسق (2) ما كان في أيديهم، ويترك الأرض في أيديهم. وأما ما كان في أيدي غيرهم، فإن كسبهم من الأرض حرام عليهم، حتى يقوم قائمنا، فيأخذ الأرض من أيديهم، ويخرجهم صغرة – الحديث.
استنصاره – يأتي في حرف الظاء المعجمة، وفي شباهاته بجده الشهيد أبي عبد الله الحسين عليهم السلام، في حرف الكاف، وفي نداءاته من حرف النون، إن شاء الله تعالى.
إغاثة الملهوفين منا – ففي توقيعه (3) إلى الشيخ المفيد: إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، لولا ذلك لنزل بكم اللأواء، واصطلمكم الأعداء، الخ.
– ويعجبني هنا نقل واقعة مما ذكره العالم الفاضل الرباني الحاج ميرزا حسين النوري، ضاعف الله له النور، وأعلى درجته في الدار السرور في كتاب جنة المأوى (4)، في ذكر من فاز بلقاء الحجة (عليه السلام)، أو معجزته في الغيبة الكبرى، قال: حدثني العالم الجليل والحبر النبيل،

١ – الكافي: ١ / 407 باب أن الأرض كلها للإمام ح 3.
2 – الطسق: الوظيفة من الخراج.
3 – الإحتجاج: 2 / 323.
4 – جنة المأوى: 292 / حكاية 47.
(٤٦)

شاهد أيضاً

الأذان بين الأصالة والتحريف – للسّيّد علي الشهرستاني

الأذان بين الأصالة والتحريف / الصفحات: ٣٤١ – ٣٦٠ مجريات الأحداث، ومنها الوقوف على صحّة ...