الوقت- أشارت وسائل إعلام إذربيجانية إلى الانخفاض المستمر في عائدات النفط. ومن المتوقع أن تصل إیرادات البلاد من مبيعات النفط هذا العام ما يقارب 5 مليارات دولار في حال كان مؤشر إيرادات العام الماضي قد تجاوز 6 مليارات دولار، بالإضافة لذلك من المتوقع أن يستمر انخفاض الدخل النفطي لجمهورية أذربيجان بشكل طفيف في السنوات القادمة، الأمر الذي يمكن تفسيره بانخفاض إنتاج النفط الأذربيجاني.
وفي السنوات الأخيرة، كثيرا ما تحدث مسؤولو الحكومة الأذربيجانية عن النمو المرتفع لصادرات أذربيجان غير النفطية؛ لكن الأرقام تظهر صورة مختلفة، ومن المؤشرات التي أعلنتها لجنة الدولة للجمارك في هذا البلد للأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، يتضح أن صادرات أذربيجان غير النفطية انخفضت بمقدار 239 مليون دولار، أي ما يعادل 22%، العام الماضي.
الاعتماد الأذربيجاني على موارد النفط
تجدر الإشارة إلى أن إنتاج النفط أمر حيوي بالنسبة لاقتصاد الجمهورية الأذربيجانية، حيث إن نصف صادرات البلاد تقريباً تعود من بيع النفط الخام، ومن الجدير بالذكر، أن أذربيجان تشتهر بتوافر رواسب النفط والغاز بكثرة، فثلثا مناطق الجمهورية غنية بالنفط والغاز، ويعد حقل “أذري-جيراق-غونشيلي” (ACG)، الذي يقع على بعد حوالي 100 كيلومتر شرق باكو، أكبر حقل نفط في الجزء الأذربيجاني من حوض قزوين.
وترتبط الأغلبية المطلقة من دخل قطاع الطاقة في البلاد بهذا المجال، وفقا لمعلومات وزارة الطاقة الأذربيجانية، منذ استغلال حقول ACG حتى الأول من سبتمبر من هذا العام، تم استخراج 579 مليون طن من النفط وأكثر من 212 مليار متر مكعب من الغاز، وفي الفترة من عام 2001 إلى 1 سبتمبر من هذا العام، بلغ حجم الإيرادات من بيع النفط الربحي من ACG 168.6 مليار دولار، وفي 9 أشهر فقط من العام الجاري، تم الحصول على 4 مليارات و728 مليون دولار من هذه الاحتياطيات.
ويتضح من توقعات الحكومة الأذربيجانية بشأن إنتاج وإيرادات النفط والغاز في عام 2024 أن ACG ستظل الأمل الرئيسي للاقتصاد الأذربيجاني في السنوات المقبلة، وعلى الرغم من أن حقول “أذري-شيراق-غونشيلي” تلعب دورًا مهمًا في اقتصاد جمهورية أذربيجان، إلا أن الإنتاج في ACG يتناقص عامًا بعد عام، وتنعكس آثار هذا التخفيض بالفعل على النمو الاقتصادي.
على سبيل المثال في الشهر الحادي عشر من عام 2023، نما اقتصاد أذربيجان بنسبة 0.8٪. وكان السبب الرئيسي وراء هذا النمو الصغير هو انخفاض إنتاج النفط. من الأرقام التي نشرتها وزارة المالية في هذا البلد، يمكن ملاحظة أنه منذ عام 2015، كان هناك انخفاض مستمر في إنتاج النفط في ACG.
في عام 2015، تم إنتاج 232 مليون برميل من النفط من هذه الحقول، ووصل هذا المؤشر إلى 134 مليون برميل بنهاية عام 2023، وهذا يعني أنه منذ عام 2015، انخفض إنتاج النفط في ACG بنسبة 42٪، وتسارع انخفاض الإنتاج في السنوات الأخيرة.
وتتوقع وزارة المالية في الجمهورية الأذربيجانية أن يستمر هذا الانخفاض في السنوات القادمة، ومن المتوقع أن تنتج ACG 119 مليون برميل من النفط في عام 2026، وهذا ما يقرب من النصف في 10 سنوات.
ما يتوجب على الحكومة الأذربيجانية فعله؟
حسب وكالة أنباء توران، قال مظهر أفندييف، عضو لجنة السياسة الاقتصادية والصناعة وريادة الأعمال بالجمعية الوطنية الأذربيجانية: إنتاج النفط يتناقص وهذا يؤثر على الميزانية، وفي العام الماضي، عندما تم إعداد ميزانية الحكومة، شهدنا انخفاضًا قدره 2 مليار مانات في عائدات النفط.
مؤكدا أن أحد التوجهات ذات الأولوية بالنسبة لجمهورية أذربيجان في السنوات العشر الماضية هي تطوير القطاع غير النفطي، وتابع: كما لوحظ تقدم كبير في هذا المجال في أذربيجان، وتقابل عائدات النفط، التي تساعد في دعم ميزانية الحكومة، إيرادات القطاع غير النفطي.
وأكد أفندييف: بالإضافة إلى التعويضات فإن فلسفة السياسة الاقتصادية للحكومة الأذربيجانية هي تقليل الاعتماد على النفط في ميزانية الحكومة من خلال تحويله من صندوق النفط إلى الميزانية، ومن الممكن تحقيق هذا النجاح عاما بعد عام، وفي هذا الصدد، ستقوم الحكومة بتنويع أنشطتها، وحاليا تشهد البلاد ارتفاعاً في إنتاج وتصدير المنتجات الصناعية، ومع تعميق الإصلاحات، ستصبح عائدات الضرائب أكثر شفافية، الأمر الذي من شأنه أن يخلق الظروف الملائمة لمزيد من النمو الاقتصادي.
من جانب آخر يقول الاقتصادي الأذربيجاني ناطق جعفرلي: في السنوات الـ 15 إلى 20 الماضية، لم ترتفع حصة القطاع غير النفطي في صادرات أذربيجان من حيث النسبة المئوية، حيث إن هذه النسبة قبل 15 عامًا كانت حوالي 10% والآن ما زالت 10% تقريباً، وهذا يدل على عدم وجود أي نمو في إنتاج وتصدير القطاع غير النفطي في أذربيجان.
ويرى الخبير الاقتصادي أن هناك تذبذباً مستمراً في مساهمة القطاع الزراعي بين ارتفاع وانخفاض، أي إن الحكومة الأذربيجانية لم تتمكن من التركيز على الاتجاه الذي يطور القطاع غير النفطي بشكل مستدام، ويعود ذلك إلى انخفاض الإنتاج وانخفاض الإنتاجية.
وفي إشارة إلى المشاكل التي يعاني منها السوق الأذربيجاني، يقول الخبير الاقتصادي: كنا دائمًا نتبع للسوق الروسي، فيما شكل السوق الروسي مشكلات كبيرة لنا، فبمجرد وجود خلاف في الرأي بين جمهورية أذربيجان وروسيا حول بعض القضايا، يتم وضع عقبات أمام وصول المنتجات الأذربيجانية إلى السوق الروسية.
ويعتقد جعفرلي: من أجل زيادة القدرة التصديرية للقطاع غير النفطي في أذربيجان، يجب على هذا البلد دخول أسواق أخرى، الآن لا توجد ظروف ملائمة لزيادة الإنتاج المحلي، لأنه لا يوجد سوق آخر.
وأكد هذا الخبير: هناك مشكلة أخرى تعيق تطوير القطاع غير النفطي في أذربيجان وهي الإدارة، في بلدنا، يعود الإنتاج بشكل أساسي إلى الاستثمار الحكومي، ولا نرى مشاركة للقطاع الخاص، لأن القطاع الخاص لا يتمتع بالحصانة فيما يتعلق بالاستثمار.