الرئيسية / بحوث اسلامية / الشيعة وفلسطين – عبد الستار الجابري – الحلقة الثانية عشر

الشيعة وفلسطين – عبد الستار الجابري – الحلقة الثانية عشر

الشيعة وفلسطين
عبد الستار الجابري
الحلقة الثانية عشر – المقطع الاخير3
الامر الثالث الاشارة الضمنية في خطاب المرجعية العليا الى ان الحق الفلسطيني في الارض الفلسطينية يقرر على اساس الحق الثابت في تلك الارض قبل تغيير الواقع السياسي والاجتماعي فيها بعد وعد بلفور، حيث اشار البيان الى ان المأساة مستمرة منذ سبعة عقود، وهذه الاشارة التاريخية تتناسب مع مرحلة ما قبل 1948، مضافاً الى ربط الاستقرار في المنطقة وفي الارض المحتلة الى ازالة الاحتلال عن الاراضي المغتصبة، وفيه اشارة الى الحق الاسلامي الثابت وعدم مجاملة المرجعية العليا للشيعة على هذا الحق، وان الاحتلال يجب ان يزال عن الارض الفلسطينية المغتصبة بتمامها وكمالها قبل تسرب الصهاينة الى فلسطين واقامة كيانهم الغاصب فيها، وما تضمنه البيان من اشارات ينسجم انسجاماً كاملاً مع الموقف العلمائي الشيعي منذ بداية الحركة الصهيونية في ممارسة نشاطها في الارض الفلسطينية في ثلاثينات القرن الماضي وشهدت له البيانات والخطب والفتاوى المتعددة من الشخصيات والمرجعيات الدينية الشيعية التي اعلنت بصراحة فتاوى الجهاد ضد الصهاينة ودفاعها عن الحق الفلسيطيني في الارض الفلسطينية.
والمرجعية الدينية في هذا المقطع تنبه على طبيعة الصراع الدائر في الارض الفلسطينية وانه في الواقع صراع حضاري وامني وثقافي على صعيد الصراع بين الامم والحضارات، وان الكيان الصهيوني ليس سوى حلقة له دور مرسوم من قبل الدول الكبرى في الصراع الدائر بين الحضارات الثلاث – الشرقية والغربية والاسلامية – المتنافسة والمتصارعة عبر القرون ، وان الكيان الصهيوني المدعوم غربياً وشرقياً يحقق اهداف القطبين العالميين ضد القطب الثالث الذي يستشعران خطره الوجودي عليهما، وان الحروب والفتن والخلافات التي تقع بين المسلمين سببها الاساس العداء المضمر من قبل الشرق والغرب للامة الاسلامية، والتنافس الحاد الظاهر بين المعسكرين الشرقي والغربي، وان اسرائيل عنصر مهم في منع قيام كيان او كيانات مسلمة من شأنها ان تفرض قراراً سياسياً او اقتصادياً او امنياً يحقق تغييراً جوهرياً في واقع السياسية والاقتصاد الاقليمي والعالمي، مضافاً الى دور اسرائيل في ا دامة التشتت بين البلدان المسلمة الذي سهم بالحفاظ على المنطقة كمستهلك كبير للمنتجات الشرقية والغربية، ولا يكون لهذه المنطقة الغنية بمصادر الطاقة والمواد الاولية سوى دور هامشي في الواقع العالمي، وان الذي يحقق لطرفي الصراع الدولي ذلك هو قيادات سياسية في البلدان المسلمة ترتبط بالمخابرات الدولية وتهيمن على قرارها السيادي والسياسي والامني المخابرات الاسرائيلية والدول الراعية لها، وان التطبيع من الكيان الصهيوني والسعي نحو اقامة كيان سياسي وحضاري وثقافي جديد يصهر هوية المنطقة المسلمة مع الهوية الصهيونية في ما اطلق عليه بالديانة الابراهيمية لايجاد مركب حضاري جديد يستهدف ثقافة شعوب المنطقة، بعد ان صدعوا رؤوس ابنائها بالاشتراكية منذ خمسينات وحتى تسعينات القرن الماضي، ثم بالديموقراطية منذ تسعينات القرن الماضي وحتى عشرينات القرن الحادي والعشرين، والتي ثبت للمجتمع المسلم عدم جدواها وفشلها في نقل الواقع الاجتماعي الى الافضل وتوسع الشرخ بين ابناء البلد الواحد والمجتمع الواحد، فجاءت اطروحتهم الجديدة المبشرة بالشرق الاوسط الجديد الذي سيكون لاسرائيل – صديقة الشرق والغرب – الدور ا لمحوري فيه، والذي سيكون دورها فيه دور الضامن لعدم قيام كيان او كيانات مسلمة تهدد الاستقرار العالمي في الشرق والغرب، كما تضمن للغرب التفوق في السوق الشرقي على صعيد الطاقة والسوق الاستهلاكية والمنع من قيام صناعات متطورة في المنطقة من شأنها التأثير على الاقتصاد في البلدان الكبرى المنتجة.
فالمقطع الاخير من بيان مكتب المرجع الديني الاعلى يشير الى ان اول خطوة لحل مشاكل الشعب الفلسطيني والعالم الاسلامي بل وتخفيف التنافس والصراع الدولي المتزايد يتوقف على زوال الاحتلال من الاراضي الفلسطينية المغتصبة والذي سيترتب عليه اقامة علاقات متوازنة بين الدول المسلمة بعد تجربة طويلة من الصراع بين المسلمين برعاية غربية وشرقية ليتحقق بذلك تقارب سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي بين البلدان الاسلامية وصولاً الى تحقيق مجتمع اسلامي متكامل له صوته المؤثر في مجالات السياسة والاقتصاد والامن الاقليمي والدولي.

 

 

شاهد أيضاً

شهادة الزهراء – شيخ زمان الحستاوي

. أقرأ ايضا: أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي وإذا أراد الأميركي وقف ...