الاجتماع الشيعي في عصر الإمام علي
علي المؤمن
في يوم «السقيفة» تأسّس نظام سياسي رسمي يقف على رأسه الخليفة الأول، وسمّي فيما بعد بنظام السنة، أي نظام سنة الخلفاء، وقد انبثقت عن هذا النظام فرقاً ومذاهب كلامية وفقهية، هي الفرق والمذاهب السنية. وفي الوقت نفسه تأسس نظام اجتماعي ديني يقوده الإمام على بن أبي طالب، هو الذي سُمّي بالشيعة، أي مجتمع شيعة علي، أو المجتمع الديني الموالي لعلي بن ابي طالب. أي أن القاعدة التي تأسس عليها نظام الخلافة هي قاعدة سياسية بشرية، وتتم دراسته في إطار الاجتماع السياسي، في حين أن النظام الاجتماعي الديني الشيعي أو نظام الإمامة تأسس على قاعدة دينية، وتتم دراسته في إطار الاجتماع الديني.
واستمرت هذه الثنائية حتى خلال سنوات الخلافة الزمنية للإمام على بن ابي طالب؛ إذ التحق حينها أغلب الصحابة والتابعين بالإمام علي، بوصفه الخليفة الرابع وليس بوصفه الوصي المٌنَصّب من الرسول وفق ما يرى الشيعة؛ فقد كان القادة العسكريون ورجال السياسة والإدارة، من الصحابة والتابعين، جزءاً من جهاز الدولة في عصر الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان، ثم التحقوا بالإمام علي، كونهم جزء من جهاز الدولة أو بوصفهم مسلمين يرون الشرعية في الخليفة حصراً، أيا كان، بغض النظر عن الخلافات العقدية والاصطفافات السياسية بين المسلمين، ولم يكن التحاقهم بالامام علي بصفته إماماً منصوص عليه من قبل الرسول؛ إذ كان الإمام علي بالنسبة لهم الخليفة الرابع فقط. وقد استشهد كثير منهم في حروب الجمل وصفين والنهروان. وبالتالي؛ فهؤلاء كانوا ضمن الاجتماع السياسي للدولة وليسوا ضمن الاجتماع الديني الشيعي، أي أنهم كانوا على سنة الخلفاء وليسوا من شيعة علي، وعلاقتهم بالإمام علي لم تكن عقدية، بل سياسية ـ قانونية، أي علاقة المواطن والموظف برئيسه في العمل أو برئيس الدولة.
وكان الاجتماع الديني الشيعي، قد توسّع أفقياً وعمودياً في عهد أبي بكر وعمر وعثمان، وخاصةً في عهد عثمان، وأصبح له حضوره الفاعل في بلدان المسلمين وفي الأحداث، من مصر وحتى ايران. ولذلك؛ فإن الإمام علي عندما استلم زمام الخلافة الزمنية، كان لديه جيش من العقائديين المعتقدين بإمامته ووصايته. وحينها؛ تكرّس الفرق بين العقائديين التابعين أساساً لإمامة الإمام علي، وبين جهاز الدولة الذي انتقل للإمام على بعد مقتل الخليفة عثمان. وقد أصبح العقائديون جيشاً كبيراً صمد مع الإمام علي ثم مع ابنه الحسن، وبقي لصيقاً بالإمام الحسين بعد وفاة الإمام الحسن. في حين توزع جهاز الدولة بعد انتهاء خلافة الإمام الحسن، بين سلطات معاوية وعبد الله بن الزبير ثم المختار الثقفي. أي أن الاندماج السياسي بين النظام السياسي للدولة والنظام الاجتماعي الشيعي في عهد خلافة الإمام علي؛ عاد الى الانفصال الى سابق عهده بعد سقوط دولة الإمام الحسن واختطاف الأُمويين للدولة؛ فكان انفصالاً حازماً وحاداً بين النظامين، ولا يزال مستمراً حتى الآن.
وبرغم ما أفرزته نهضة الإمام الحسين من حراكات سياسية وجهادية واجتماعية محلية وعالمية، لها مدخلية مباشرة في نشوء مظاهر جديدة للنظام الاجتماعي الديني الشيعي، إلّا أنها تبقى حلقة متصلة بحراك الإمام على بن ابي طالب، وليس مفصلاً تاريخياً مستقلاً؛ فقد بدأت حلقات هذه السلسلة في يوم السقيفة، ثم حكم الخلفاء الثلاثة المتصل به، وصعود بني أمية خلاله، ثم ما مر على الإمام علي في فترة حكمه، وخاصة خروج معاوية عليه، والذي أدى الى سقوط دولة الامام الحسن من جهة واستخلاف يزيد لأبيه معاوية من جهة أخرى، وهو ما أدى الى رفض الإمام الحسين لبيعته، وتصاعد نهضته، وصولاً الى استشهاده.
وقد كانت هذه النكبة عنواناً لسيرة الإمامين السجاد والباقر، وحتى نهاية المقطع الأول من حياة الإمام الصادق. أي أن مسيرة الإمام زين العابدين والإمام الباقر، وصولاً الى نهاية المرحلة الأولى من حياة الإمام الصادق، تمثل أيضاً امتداداً لعصر الإمام علي وحراك العصر الأول؛ فهذا المسار كله مرحلة تاريخية واحدة، في حين أن الانتقال للمرحلة الثانية، أي حراك الإمام جعفر الصادق هو انتقال الى حراك مستقل، حراك منفصل بانعطافته الكبيرة. ولذلك؛ تمثل نهضة الإمام الصادق المرحلة الثانية من مراحل تأسيس النظام الاجتماعي الديني الشيعي.
وهذه في الواقع معايير لها علاقة بالمنهجية التاريخية؛ فكل عصر أو مرحلة تبدأ بظهور قائد يقوم بعمل مفصلي كبير ويوصله الى الذروة، ثم تبدأ المرحلة بالأفول، حتى تنتهي، ثم يظهر رمز جديد يؤسس لعصر جديد، وهكذا. وربما يستمر كل عصر مائة عام أو ثلاثمائة عام أو اربعمائة عام؛ فالنهاية لها علاقة بظهور رمزية جديدة. ولذلك؛ فإنّ العصر الأول أسّسه الامام على بن أبي طالب، وأن حياة الائمة الأربعة من بعده، كانت مرتبطة بالعصر نفسه، حتى جاء الإمام الصادق وأسّس لعصر جديد.
هذا العصر الجديد استمرّ حتى بداية الغيبة الصغرى وظهور الشيخ عثمان العمري الذي أسّس لعصر شيعي جديد، هو العصر الثالث، ثم أسس الشيخ الطوسي العصر الرابع، وأعقبه السيد اسماعيل الصفوي بتأسيس العصر الخامس، وأخيراً العصر السادس الذي يعيشه الشيعة اليوم، والذي أسسه الإمام الخميني.
@followers @highlight
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمتابعة “كتابات علي المؤمن” الجديدة وارشيف مقالاته ومؤلفاته بنسخة (Pdf) على تلغرام: https://t.me/alialmomen64
إقرأ المزيد ..
الإمام الخامنئي: انتصار الشعب الفلسطيني أمرٌ محتّم
نداءات الإمام الخامنئي إلى الشباب الغربي: نحو تشييد جبهة المقاومة العالميّة
الإمام الخامنئي: عملية طوفان الأقصى كانت ضربة قاصمة للكيان الصهيوني
الإمام الخامنئي يوجه رسالة إلى الطلاب الجامعيين في أمريكا المدافعين عن غزة
الإمام الخامنئي: الإعلام أكثر تأثيراً على العدو من الصواريخ والمسيّرات
السيد نصر الله: إذا فرضت الحرب فالمقاومة ستقاتل بلا ضوابط وقواعد وأسقف
السيد نصر الله: هذه المعركة تعني مستقبل لبنان والثروة والسيادة اللبنانية
السيد الحوثي: دخول صاروخ “حاطم” في خط العمليات سيكون له تأثيرات كبيرة
السيد الحوثي: على الجميع أن يتجه للضغط على العدو الإسرائيلي لإيقاف جرائمه في غزة
ندعوكم لدعم موقع الولاية الإخبارية ماديا
رابط الدعوة تليجرام:https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk
رابط الدعوة واتساب: https://chat.whatsapp.com/GHlusXbN812DtXhvNZZ2BU
رابط الدعوة ايتا :الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah
هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام
رسائل ومقالات – الشيخ جعفر السبحاني
أطائب الكلم في بيان صلة الرحم – الشيخ حسن الكركي
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
في رحاب الولي الخامنئي – التعبئة 04 \ 22
شبهات وردود – السيد سامي البدري -2
أوائل المقالات في المذاهب والمختارات – للشيخ المفيد
ألف سؤال وإشكال (المجلد الأول) / الصفحات: ٢٦١ – ٢٨٠
مكيال المكارم – ميرزا محمد تقي الأصفهاني 04
أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي
أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام
الادب العربي – الأمثال العربية: محمد رضا المظفر
هل تريد السعادة إقرأ وصايا لقمان
موسوعة الأحاديث الطبية – محمد الريشهري
أدعية أهل البيت عليهم السلام في تعقيب الصلوات
الغارات – إبراهيم بن محمد الثقفي ج ١
نداءات الإمام الخامنئي إلى الشباب الغربي: نحو تشييد جبهة المقاومة العالميّة
[ هٰذا الْخُمَيْنِيُّ الَّذِي هُوَ أُمَّةٌ ] قصيدةٌ من ديوان الإنسان الذّهبيّ في الشّعر العربيّ
ذكرى استشهاد الإمام الصادق (ع)… معجزة الدنيا الخالدة ومفخرة الانسانية الباقية
قراءة القرآن وآداب تلاوته ومقاصده
لماذا يُعتبر عيد الغدير هو عيد الله الأكبر؟
..
..