الرئيسية / مقالات متنوعة / هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام

هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام

هبة السماء رحلتي من المسيحية إلى الإسلام

علي الشيخ دار الصادقين

نغلقه كي لا نستمع إليه. فكنت أبغض الإسلام في نفسي، وكانت الصورة التي ارتسمت في ذهني عنه هو أنه ليس سوى خرافات وأباطيل جاء بها رجل من الجزيرة العربية اسمه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). وأن القرآن وهو الكتاب الذي يزعمون أنه سماوي ومقدس كان والدي يقول أنه من كتابة وتأليف محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه وينسبونه زورا إلى الله سبحان وتعالى. وأعتقد أن أغلب المسيحيين متفقون على هذا الاعتقاد.
وشاءت الأقدار الإلهية أن تشملني رحمة الرب الرحيم حيث جئت إلى إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة، فشملني هذا النور الإلهي الذي سطع في أرض إيران، على يد المصلح الإلهي في القرن العشرين الأمام الخميني (قدس سره)، فالصحوة الدينية التي أوجدتها، والحقائق والمعارف الإسلامية الحقيقية التي كشفتها هذه الثورة المعجزة، كانت السبب في عودتي إلى فطرتي وعقلي.
عندما جئت إلى إيران وابتعدت عن أهلي، سنحت لي فرصة طيبة للبحث المطالعة لبعض المسائل الدينية الإسلامية، واللقاء مع الكثير من العراقيين المسلمين في إيران أيضا، حيث كانت تدور بيننا النقاشات حول الإسلام والمسيحية ولم تكن تنتهي غالبا بهدوء، إذ أنهم كانوا يطرحون بعض الإشكالات و التساؤلات عن المسيحية كنت أعجز وأتحير في الإجابة عنها، ولكن كنت أدعي أن لكل هذه
(١١)
الإشكالات أجوبة وأن العلماء المسيحيين وآباء الكنيسة هم الذين يقدرون على الإجابة عنها، وكانوا غالبا ما يؤكدون بأن الاعتقادات المسيحية التي كنت أطرحها مخالفة للعقل ومتناقضة، كالبنوة والتجسيد والتثليث وغيرها وكنت أجيب بأن هذه الاعتقادات هي سر من أسرار المسيحية لا يستطيع فهمها وإدراكها إلا المسيحي المملوء بروح القدس. ومضيت في مطالعتي للعقائد الإسلامية، ومن ضمن الكتب التي كان يدفعني الشوق لقراءتها القرآن الكريم وخصوصا عندما عرفت أن في هذا الكتاب المقدس آيات كثيرة تتحدث عن قصة يسوع المسيح (عليه السلام) وأمه العذراء مريم (عليها السلام)، وشرعت في قراءة الكتاب السماوي (القرآن) ولا سيما الآيات التي تخص عيسى المسيح (عليه السلام) وأمه العذراء (عليها السلام)، فملكني الاعجاب عن الصفات العظيمة التي يصف القرآن الكريم بها المسيح (عليه السلام) وأمه، ولم أكد أصدق فأني كنت أعتقد أن المسلمين – وكما ذكرت – يسيئون إلى المسيح وأمه (عليهما السلام)، ولكني وجدت عكس ذلك، تماما، فالآيات القرآنية التي تتحدث عنهما تذكرهما بكل عظمة ووقار. كما بحثت عن الآيات التي تتحدث عن العقائد المسيحية الأخرى كالتثليث والبنوة والصلب والفداء وغيرها، فرأيت الأدلة القوية التي يقيمها القرآن الكريم على بطلانها. وفي الحقيقة وبعد هذه المطالعات بدأت أشعر في نفسي بميل نحو هذه الأفكار والمعتقدات التي يطرحها الإسلام.
(١٢)
ولكني أخفيت هذا الشعور في داخلي، وكنت أحاول قدر الإمكان من خلال لقاءاتي مع المسلمين السؤال عن الشبهات التي كانت تراودني ولكن بصورة لا يفهم منها هذا الميل والشعور.
ومرت الأيام وكنت كلما أطالع وأبحث كان هذا الميل يزداد، فبدأت أعيش قلقا وأجد في نفسي صراعا لكنني لا أدري ماذا أفعل.
وفي أحد الأيام سمعت أحد العلماء يتحدث عن موضوع هداية الإنسان وموانعها، وتلا آية قرآنية هزتني من أعماقي فكأنها تتحدث عن حالتي بالذات، وهي قوله تعالى * (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) * (1).
وبعدها اشتد هذا الصراع في داخلي أكثر، وملكني القلق والاضطراب، فقد بدأت أشعر بأن عقلي قد بدأ يستسلم لهذه الحجج والأدلة التي يطرحها الإسلام، وبدأت أحس أن هذه الاعتقادات الإسلامية هي أقرب إلى فطرتي من عقائد آبائي وأجدادي، وكذلك قلبي هو الآخر قد تغير، فبعد معاشرتي للمسلمين الملتزمين عن كثب انكشف لي حبهم وتعظيمهم ليسوع المسيح وأمه العذراء (عليهما السلام) ولا سيما من خلال النقاشات، فهم لم يكونوا يذكرون المسيح أو أمه إلا وأردفوهما ب‍: عليه السلام.
وأيضا بذكر هم الأحاديث الواردة عن نبي الإسلام وأئمة الدين

(1) سورة الزمر آية (17 – 18).
(١٣)
بحق المسيح وأمه (عليهما السلام) من حيث مدحهم وتعظيمهم كل ذلك أدى إلى أن تتحول تلك البغضاء وذلك الحقد إلى مودة وأنس.
فبدأت أعيش مزيجا من الفرح والخوف، ولا أبالغ لو قلت أنه كانت تجري في أعماقي معركة حقيقية بين جنود الرحمن وجنود الشيطان، فجنود الرحمن يدفعونني للاستسلام لنداء الفطرة والعقل واتباع الحق الذي انكشف لي، وفي المقابل كانت جنود الشيطان توسوس لي بأنك كيف تستطيع أن تترك دين آبائك وأجدادك؟ وهل حقا كانوا جميعهم على الباطل غافلين عن هذه الحقائق التي اكتشفتها أنت؟ وكذلك الأمر بالنسبة إلى أهلك فهل تستطيع أن تقنعهم بهذه الحقيقة؟ وهل يقبلونك فيما لو عرفوا بأنك قد تركت دينهم واعتنقت الإسلام وأنت تعلم شدة العداوة والبغضاء التي يحملونها إزاء الإسلام؟
فكل هذه الوساوس كانت تعيش في صدري وتقف حاجزا دون إذعاني للحق.
وراحت هذه المعركة تشتد في داخلي، حتى أذكر أني ولمدة ثلاثة أيام لم أكن أشتهي طعاما ولا شرابا فكنت لا آكل إلا إذا اشتد بي الجوع، وكذلك أصابتني حالة من الأرق في هذه المدة، وفقدت القدرة على اتخاذ القرار، لا سيما وأنا شاب واتخاذ قرار مصيري في هكذا ظرف يعتبر أمرا شبه مستحيل، وفي إحدى الليالي بدأت أتضرع إلى ربي وخالقي ببكاء وبصدق واطلب منه المعونة لإخراجي من هذا
(١٤)
الصراع ومن هذا الارتباك والقلق الذي أجهدني، وفي صباح اليوم التالي شعرت في نفسي بقوة عظيمة لم أعهدها من قبل، وأحسست انشراحا عجيبا في صدري، حطمت بها كل الحواجز والوساوس التي كان يضعها الشيطان في طريق هدايتي، واتخذت أصعب قرار في حياتي بكل سكينة واطمئنان وقررت أن اعتنق الإسلام واتبع سبيل الحق، وأترك دين آبائي وأجدادي التقليدي، فبدأت حياتي الجديدة بهذه الولادة السعيدة.
وعكفت بعد هذا ولسنين على البحث والمطالعة بشكل دقيق ومكثف، للتعمق في أصول الإسلام وفروعه وآرائه وأحكامه، وكذلك بالبحث والتدقيق في ديانتي السابقة وبتعمق أكثر، وقمت بالمقارنة بينهم من حيث العقائد والتعاليم فرأيت الحق واضحا جليا كنور الشمس، وأيقنت أن العقيدة التي كنت أحملها (المسيحية) فيها من التناقضات ما يأبى العقل عن قبولها فيما كنا نعتبرها أسرارا لأن العقل لا يدركها، كالتثليث والبنوة والتجسيد وغيرها من العقائد، وعلى العكس من هذا وجدت الإسلام، فكل عقائده تبتني على أدلة عقلية ولا سيما الأصل الذي تعتمد عليه وهو التوحيد إذ فيه من المعارف الإلهية ما يجعل الإنسان من خلال فهم تلك المعارف يعيش حياة توحيدية سعيدة في الدنيا قبل الآخرة.
وأعتقد أن التعصب الجهل واتباع الهوى والغفلة هي العوامل
(١٥)

إقرأ المزيد ..

الشباب البلجيكي يبعث برسالة الى قائد الثورة الاسلامية

نداءات الإمام الخامنئي إلى الشباب الغربي: نحو تشييد جبهة المقاومة العالميّة

الإمام الخامنئي يوجه رسالة إلى الطلاب الجامعيين في أمريكا المدافعين عن غزة

الإمام الخامنئي: الإعلام أكثر تأثيراً على العدو من الصواريخ والمسيّرات

السيد نصر الله: الكيان الصهيوني في أسوأ أيامه… يتحدثون عن خراب “الهيكل الثالث”

نحن قوم لا نخاف الحرب.. و”إسرائيل” ستزول على أيدي الأجيال الحاضرة في غزة والضفة وجبهات الإسناد

السيد نصر الله: سنخرج جميعًا من معركة طوفان الأقصى منتصرين شامخين

السيد الحوثي للنظام السعودي: التورط مع أميركا و”إسرائيل” فيه خسارة.. ولن نقبل بالتصعيد العدواني ضدّ اليمن

السيد الحوثي: دخول صاروخ “حاطم” في خط العمليات سيكون له تأثيرات كبيرة

السيد الحوثي: على الجميع أن يتجه للضغط على العدو الإسرائيلي لإيقاف جرائمه في غزة

ندعوكم لدعم موقع الولاية الإخبارية ماديا

رابط الدعوة تليجرام:https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

رابط الدعوة واتساب: https://chat.whatsapp.com/GHlusXbN812DtXhvNZZ2BU

رابط الدعوة ايتا :الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah

 

 هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام

في رحاب الملحمة الحسينية القسم 3 – 4 عبد الستار الجابري

 شلون تفرض احترامك – Ali Jaafar

الشهيد والشهادة – واجباتنا تجاه الشهداء

 القرآن ربيع القلوب

 أطائب الكلم في بيان صلة الرحم – الشيخ حسن الكركي

شبهات وردود – السيد سامي البدري -2

أطائب الكلم في بيان صلة الرحم – الشيخ حسن الكركي

مكيال المكارم – ميرزا محمد تقي الأصفهاني 

آداب الأسرة في الإسلام

 قصص الأنبياء – الراوندي

موسوعة الأحاديث الطبية – محمد الريشهري

عزاء طويريج دراسة تاريخية

لأكون مع الصادقين د. محمد التيجاني

الآداب الشرعية (معلومة)

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

 مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 3

 آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره

 قارون (الثري الإسرائيلي البخيل)

 

شاهد أيضاً

فصائل المقاومة تُدين جريمة استهداف المتضامنة الأميركية أيسينور إيجي

عقب استشهاد المتضامنة الأميركية من أصول تركية أيسينور إزجي إيجي، اليوم الجمعة 6 أيلول/سبتمبر 2024، ...