الرئيسية / تقاريـــر / في رحاب الملحمة الحسينية7 – 8  عبد الستار الجابري

في رحاب الملحمة الحسينية7 – 8  عبد الستار الجابري

في رحاب الملحمة الحسينية7 – 8  عبد الستار الجابري


آثار الثورة3
الرابع: ان السنة الالهية جارية في تحقيق الاهداف السامية على المدى البعيد، وان السرعة في الوصول الى الهدف ليست هدفاً في حد ذاته، بل الهدف هو بناء الانسان وان يسير الانسان نحو الحق بارادة وتصميم واختيار، وان الغاية من خلقه هو ابتلاؤه ليختار عاقبة امره، ﴿الم نجعل له عينين ولساناً وشفتين وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة فك رقبة او اطعام في يوم ذي مسبغة يتيماً ذا مقربة او مسكيناً ذا متربة ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة﴾ ، فما لم ينعتق الانسان من هوى نفسه ويقدم الحق على نزعاته، بما وهبه الله تعالى من قدرة التمييز بين الحق والباطل اذ اوجد فيه وسائل ومقدمات الادراك من عينين يراقب بهما الافعال واذنين يسمع بهما الاقوال ولساناً ينطق به بما يجول في خاطره ويعكس خفايا نفسه، بعد ان يأخذ الحق من منبعه ليميز الصحيح من السقيم على ضوء مشاهداته بعد معرفته سبل الحق، ثم يتنزه عن الاندكاك في الدنيا ويتحرر من قيودها بان يجعل ما بين يديه سبيلاً لنيل رضا الرب تبارك وتعالى ليكون مهيئاً بعد ذلك ليكون مصداقاً لمن آمن واتقى وامتثل ما اراده الله تعالى.
ومن الطبيعي ان يكون الانسان في صراع بين دعوة الله وتسويلات الشيطان وهوى النفس، ويعيش صراعه الداخلي حتى تتغلب احدى الدعوتين فاما ان يكون من رجال الله او من جنود الشيطان.
الخامس: ان مساحة التخيير واختيار طريق الحق التي جعلها الله تعالى مناطاً في تكليف الفرد والمجتمع تفسر لنا اسباب انهيار سلطة الحق وهيمنة سلطة الباطل، فالله تعالى لا يلزم الناس بما لا يريدون، مادام عدم بلوغ الانحراف الاجتماعي الى مرحلة الى الفساد مطلق كما حصل مع قوم نوح (عليه السلام) وبقية الاقوام الاخر التي ابادها الله تعالى، فما دام الصراع قائماً بين الحق والباطل، وللحق علم واضح وله اتباع، فالله تعالى يجري الامور على اساس التدخل غير المباشر من قوى الغيب، وهذا ما جرى منذ فتح مكة ورحيل النبي (صلى الله عليه واله) واستمر من بعده، ومن اوضح مصاديقه تنازل الامام الحسن (عليه السلام) عن السلطة وشهادة الامام الحسين (عليه السلام)، فان هذان الحدثان يكشفان كما كشف ازواء امير المؤمنين (عليه السلام) عن السلطة بعد النبي (صلى الله عليه واله) واقع المجتمع وخذلانه للحق واهله، كما ان تولي الامام امير المؤمنين (عليه السلام) الحكم تكشف عن استمرار الصراع بين قوى الحق والباطل في المجتمع، وثورة الامام الحسين (عليه السلام) تكشف عن السنة الالهية في بث روح الدفاع عن الحق في وجدان الامة بعد ان يصل الامر الى مندرج خطير يكاد ان يهوي بمنهجية الحق وهيمنة الباطل في الواقع الاجتماعي، بحيث يكون الدين غير الدين وتغير سبل الحق والحقيقة وتكتم انفاس اهل الحق ويتتبعوا حتى يقضى عليهم فلا يبقى من دعاة الحق احد.
السادس: ان النظر في مسير الواقع الاجتماعي منذ رحيل النبي (صلى الله عليه واله) والى يومنا هذا يكشف عما تقدم، من الامور التي تمت الاشارة اليها، وان الحق ببركة دماء سيد الشهداء (عليه السلام) اخذ مساره في الحياة الاجتماعية وان قوى الضلال والانحراف تعرضت لانحسار كبير في مختلف مبانيها وان الصراع قائم ومستمر بين اتجاهي الحق والباطل حتى يتحقق وعد الله تعالى ﴿كتب الله لاغلبن انا ورسلي﴾ وقوله تعالى ﴿والله بالغ امره﴾، فمسيرة الانحراف التي شرعت بعد رحيل النبي (صلى الله عليه واله) كان اول تصحيح لها في تولي امير المؤمنين (عليه السلام) للحكم فادى ذلك الى تحرر في المجتمع العراقي لم يشهده اي مجتمع اخر فلذا كان العراق على خلاف اتجاهاته الفكرية شوكة في حلق بني امية، وجاءت ثورة الامام الحسين (عليه السلام) لتدق الاسفين في المنهج الانحرافي الذي اسس له معاوية بن ابي سفيان فثورة الامام الحسين افقدت النهج الاموي مشروعيته وكشفت الزيف التي كان يلتحف به من اتبع مخالفوا امير المؤمنين (عليه السلام) وانهم دعاة سلطة فحسب. واسست ثورة الامام الحسين (عليه السلام) لمشروعية الثورة ضد الظلم والانحراف في المجتمع المسلم وانهت اسطورة قدسية الحاكم وصلاحه وعدالته، وبمرور الايام اثبت ثورة الامام الحسين (عليه السلام) اثرها في الطيف الاجتماعي الواسع، فبعد ان تمكن القوم خلال اربعة وعشرين سنة من تهميش دور امير المؤمنين (عليه السلام) في الحياة الاجتماعية ثم تلاهم معاوية في نشر النصب والعداء لامير المؤمنين (عليه السلام) حتى اوجب سبه على المنابر بعد الاذان مائة مرة وبعد صلاة الجمعة الف مرة، لم يلبث هذا المنهج الناصبي ان انهار بعد ثورة الامام الحسين (عليه السلام) وقد ادرك عمر بن عبد العزيز ذلك وايقن ان سب امير المؤمنين (عليه السلام) على المنابر سيكون ضرره على العرش الاموي اعظم من نفعه فامر بايقاف سنة معاوية واستبدل ذلك بجمع غث الروايات وسمينها صحيحها وموضوعها صادقها ومكذوبها لتكون تراثاً يتبع من بعده بلا تنقيح ولا تصحيح كي يستمر المشروع المناوئ لاهل البيت (عليهم السلام) من خلال استمرار التأثير في العقلية الاجتماعية، ثم تلاهم العباسيون الذين سعوا الى تمذهب الدولة بما يتعارض مع منهج اهل البيت (عليهم السلام)، ولم تمض القرون طويلاً حتى اصبح مذهب اهل البيت (عليهم السلام) يوازي في مجالس الدرس والتدريس والافتاء المذاهب الاخرى بعد ان فسح البويهيون مجال الحرية الفكرية للجميع في القرنين الرابع والخامس الهجريين، وعلى الرغم من سعي السلاجقة الى اطفاء شعلة مجتمع الحق الوقادة الا انهم فشلوا في ذلك لان مجتمع الايمان قد رسخت جذوره فكرياً واجتماعياً، وما نشهده اليوم من الدعوة الى الحرية الفكرية والعودة الى الكتاب العزيز والسنة الصحيحة ورفض ما فرضه المتقدمون من مناهج ذات ابعاد سياسية اسس لها الامويون ومن التف بعبائتهم ممن تقدمهم او تاخر عنهم كاشف عن مدى تأثير ثورة الامام الحسين (عليه السلام) التي هي منهج الحق المتسلسل من رسول الله (صلى الله عليه واله) والساري في اهل بيته (عليهم السلام) على الرغم من ان اولئك الدعاة الى التحرر لم يعتنقوا مذهب التشيع الا ان انطلاقتهم في الدعوة الى نبذ تقليد المنهج الاموي والعودة الى الاسلام الحق هي احدى الثمار غير المباشرة لثورة سيد الشهداء (عليه السلام) التي هدفها تحرير الانسان من عبودية الباطل والاخذ بيده لعبادة الحق.

 

 في رحاب الملحمة الحسينية8  عبد الستار الجابري

ابتلاء الحسين (عليه السلام) والابتلاء به
ابتدأ التحرك العلني للامام الحسين (عليه السلام) ضد السلطة الاموية في رجب سنة 60ه بعد هلاك معاوية وتضييق يزيد على الامام الحسين (عليه السلام)، غادر الامام الحسين (عليه السلام) المدينة الى مكة بعد جدل كلامي بينه وبين والي المدينة، وبقي في مكة نهاية رجب الى الثامن من ذي الحجة المعروف بيوم التروية، واثناء هذه الفترة كان الامام الحسين (عليه السلام) يدعو الناس للخروج على الظلم والطغيان ورفض حكم يزيد لتجاهره بالفسق والفجور ووضوح عدم اهليته لادارة شؤون المسلمين، ففي هذه الفترة شهد المعتمرون من مختلف بقاع العالم الذي يسكنه المسلمون في ذلك الوقت وكذلك من جاء لاداء فريضة الحج دعوة الامام الحسين (عليه السلام) للثورة على السلطان الجائر هذا فضلاً عن اهل مكة والمدينة واهل الكوفة والبصرة لانهم كانوا على المحك مع قضية الامام الحسين (عليه السلام)، فمن هنا يكون جميع العالم الاسلامي قد ابتلي بالامام الحسين (عليه السلام) فالمعتمرون والحجاج مضافاً الى اهل الحجاز والعراقيين كانوا على اطلاع بما دعى اليه سيد الشهداء (عليه السلام)، وفي طريقه من مكة الى العراق كان يدعو اهل المناطق التي يمر بها الى نصرته فتبعه عدد كبير من الناس فلما علموا باستشهاد رسل الامام الحسين (عليه السلام) الى الكوفة والبصرة انفضوا عن سيد الشهداء (عليه السلام)، فهذا القطاع الكبير من المجتمع ابتلي بدعوة الامام الحسين (عليه السلام) وفشل في الاختبار الرباني له اذ تخلى عن نصرة سيد الشهداء (عليه السلام) ودعوته الى اقامة العدل والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهم امتداد للمجتمع الذي تخلى عن امير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله)، وفي مقابل اولئك رافق سيد الشهداء (عليه السلام) اهل بيته من آل ابي طالب (عليه السلام) وخلص اصحابه ونساء اهل بيته الذين عملوا تحت راية سيد الشهداء (عليه السلام) لايقاف حركة الانحراف في الواقع الاجتماعي واعادة البوصلة الاجتماعية الى جادة الصواب. هذا على صعيد الابتلاء الاجتماعي.
واما على صعيد ابتلاء السلطة فهم ايضاً ابتلاهم الله تعالى بحركة الامام الحسين (عليه السلام) وكان عليهم اتخاذ الموقف اما بالاستجابة لسيد الشهداء (عليه السلام) او الدخول معه في حرب دفاعاً عن منهجهم الانحرافي ومصالحهم الدنيوية، وقد اختار البلاط الاموي واتباعه منافعهم ومصالحهم ونهجهم الفاسد على اجابة دعوة الحق.
وفي المقابل ابتلي الامام الحسين (عليه السلام) بالامة فقد وصل الانحراف عن جادة الحق والشرع والعدل الى مستوى لا يمكن اغفاله فاما ان يسكت ويترك للباطل ان يتنصر فيمسخ الاسلام كما مسخت الاديان الاخرى على يد السلطات المنحرفة وفقهاء البلاط، فلا يبقى من الدين الا اسمه، او ان يعلن الثورة على الظلم والعدوان في ظرف معلوم النتيجة من الناحية الميدانية خاصة وان النبي (صلى الله عليه واله) قد اخبر باستشهاده (صلوات الله عليه) فاختار (عليه السلام) اداء واجبه تجاه مبادئ الدين وقيمه ولانقاذ المجتمع من براثن الضلال والانحراف وعبادة الطاغوت.

 

إقرأ المزيد ..

قائد الثورة الاسلامية يؤم الصلاة على جثمان الشهيد اسماعيل هنية

قائد الثورة الاسلامية يستقبل الشيخ نعيم قاسم

قائد الثورة: استقبال العراق لاعداد هائلة من زوار الأربعين وضمان أمنهم عمل عظيم للغاية

الإمام الخامنئي: لدينا أولويات في السياسة الخارجية إحداها دول الجوار.. المقاومة في غزة تتعاظم

قائد الثورة: الحراك العالمي الداعم لفلسطين نابع من روح الثورة الاسلامية

الشباب البلجيكي يبعث برسالة الى قائد الثورة الاسلامية

نداءات الإمام الخامنئي إلى الشباب الغربي: نحو تشييد جبهة المقاومة العالميّة

الإمام الخامنئي يوجه رسالة إلى الطلاب الجامعيين في أمريكا المدافعين عن غزة

الإمام الخامنئي: الإعلام أكثر تأثيراً على العدو من الصواريخ والمسيّرات

السيد نصر الله لكيان العدوّ: اضحكوا قليلا وستبكون كثيرا.. رد المقاومة أمر محسوم

السيد نصر الله: الكيان الصهيوني في أسوأ أيامه… يتحدثون عن خراب “الهيكل الثالث”

نحن قوم لا نخاف الحرب.. و”إسرائيل” ستزول على أيدي الأجيال الحاضرة في غزة والضفة وجبهات الإسناد

السيد نصر الله: سنخرج جميعًا من معركة طوفان الأقصى منتصرين شامخين

السيد الحوثي يعزي في استشهاد إسماعيل هنية وفؤاد شكر ويتوعد العدو بالانتقام

السيد الحوثي: الرد على العدوان الإسرائيلي آتٍ وعملياتنا مستمرة لدعم فلسطين

السيد الحوثي للنظام السعودي: التورط مع أميركا و”إسرائيل” فيه خسارة.. ولن نقبل بالتصعيد العدواني ضدّ اليمن

السيد الحوثي: دخول صاروخ “حاطم” في خط العمليات سيكون له تأثيرات كبيرة

السيد الحوثي: على الجميع أن يتجه للضغط على العدو الإسرائيلي لإيقاف جرائمه في غزة

ندعوكم لدعم موقع الولاية الإخبارية ماديا

رابط الدعوة تليجرام:https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

رابط الدعوة واتساب: https://chat.whatsapp.com/GHlusXbN812DtXhvNZZ2BU

رابط الدعوة ايتا :الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah

 

……

خطيب صلاة الجمعة بطهران: اغتيال الشهيد هنية تم بضوء أخضر أميركي/كابوس الانتقام اظلم أيام

ممثلية إيران في الامم المتحدة: رد حزب الله على الهجوم الإسرائيلي لبيروت سيكون له أهداف وعمقا أكثر

 

الشهيد والشهادة – واجباتنا تجاه الشهداء

 القرآن ربيع القلوب

 أطائب الكلم في بيان صلة الرحم – الشيخ حسن الكركي

شبهات وردود – السيد سامي البدري 

أطائب الكلم في بيان صلة الرحم – الشيخ حسن الكركي

مكيال المكارم – ميرزا محمد تقي الأصفهاني 

آداب الأسرة في الإسلام

 قصص الأنبياء – الراوندي

موسوعة الأحاديث الطبية – محمد الريشهري

عزاء طويريج دراسة تاريخية

لأكون مع الصادقين د. محمد التيجاني

الآداب الشرعية (معلومة)

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

 مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 3

 آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره

 قارون (الثري الإسرائيلي البخيل)

 

شاهد أيضاً

رسائل الانتخابات الأردنية

ناصر قنديل – شكّلت نتائج الانتخابات البرلمانية الأردنيّة وسوف تشكل مادة سياسيّة حيويّة تُسهم في ...