في قلب التاريخ، تتكرر المآسي التي تؤكد أن الأمة الإسلامية المستضعفة تعيش اليوم أوج محنتها، حيث تتعاظم التحديات، وتتصاعد المخاطر التي تواجه قضيتها المركزية، فلسطين وجرائم حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة . وفي ظل هذه الأحداث الموجعة، يقف الشعب اليمني بقيادة الثوريةو علمائه وقواه الحية، شامخًا، موحدًا، مؤمنًا بعدالة قضيته، ومعبّرًا عن رفضه التام لكل أشكال التخاذل والخيانة، ومؤكدًا أن موقفه من القدس وفلسطين هو موقف إيماني ووطني لا يقبل المزاحمة أو التنصل وتوحدًا شعبيًا غير مسبوق، حيث حضر مؤتمراً علمائيًا كبيرًا من جميع محافظات الجمهورية، برعاية قيادات دينية ووطنية، وجمع بين الحكمة والوعي، ليعلن أن اليمن، شعبًا وقيادة، يقف اليوم وبقوة مع إخوانهم في غزة ولبنان، والوقوف ضد كل من يطعن في ظهر المقاومة، ومن يطالب بنزع سلاح حماس وحزب الله، معتبرًا ذلك خيانة عظميّة وصفعةٌ لقضايا الأمة، وتقديم خدمة مجانية للكيان الصهيوني وأعداء الأمة. وقد أكد المشاركون أن تحرير فلسطين، ودعم المقاومة، هو واجب شرعي وإنساني، ويجب على العالم الإسلامي أن يتحرك بشكل جماعي، ويعلن الجهاد المقدس، عبر وسائل الإعلام، والخطابة، والندوات، والأنشطة الجماهيرية، لإنقاذ ما تبقى من القدس والأقصى، مجددين عهد الولاء للمسجد الأقصى، مؤمنين أن عروش الطغاة لا تغطي عورة المجد، وأن وحدتهم تجاوزت الخلافات، وأكدت أن الخيانة لا مكان لها في صفوف أحرار الأمة. وجهت كلمات العلماء نداءً حاسمًا لشعوب الأمة، أن يدركوا أن المقاومة حق مشروع، وأن سلاحها وسندها هو عزتهم وكرامتهم، مبينين أن من يطالب بنزع السلاح أو تذليل المقاومة هو يخدم يقينًا أهداف الاحتلال، ويخدم أطماع المبررين، ويقود الأمة إلى الهوان والذل. وقالوا إن استسلام الحكام وخضوعهم للضغوط، فتنة عظمى، وأن التعاون مع الكيان المحتل، أو التطبيع معه، هو جريمة تتضاعف اتساعًا وإجرامًا مع كل مجزرة ومأساة. كما أكد المشاركون أن أسرلة القضية الفلسطينية، والخنوع، لن يُعقَّل أو يُنهَض بها، وأن أسلحة المقاومة، بما فيها السلاح، موجهة لله، وستبقى جوهر القوة والكرامة، داعين إلى التمسك بها، والإصرار على استعادتها، لأنها إرث أمة حية، ومصدر عزها وكرامتها شدد العلامة شمس الدين شرف الدين، مفتي اليمن، على أن العالم الذي يتجاهل جريمة مجازر غزة وفلسطين، إنما يكون بلا قلب، ولا ينتمي إلى دين الحق، مؤكداً أن الطاعة لله ليست مرهونة بسياسات الحكام الخونة، ومن غير المقبول أن تصل الأمة إلى مرحلة الصمت والخنوع، إذ أن شجاعة الدعوة والجهاد، ودور العلماء، يجب أن يكونا مصدراً للأمل والوعي. وتوجّه العلامة شرف الدين إلى المجاهدين في غزة، قائلاً إن الله لا ينسى الصابرين، وأن التاريخ لن ينسى تضحياتهم، وأن شعب الإيمان والوعي بجانبهم، مؤكدًا أن مسؤولية العلماء، والدول، والأمة تتضاعف مع تواصل المذبحة، وأن الأمة مطالبة بمراجعة نفسها، وتحمل المسؤولية، والوقوف في وجه الطغاة. ودعا البيان إلى نبذ كل أشكال الفرقة والنزاعات المذهبية، معتبرًا أن من أولويات الأمة اليوم الوحدة، والتكاتف، ورص الصفوف، لمواجهة المؤامرات التي تحاك ضدها، مؤكدًا أن “السلاح الحقيقي” هو وحدة الأمة، ووعيها، واستعدادها لنصرة مقدساتها وطرد العدو المحتل. كما أكد البيان على أن مسؤولية العلماء والخطباء والثقاة، تكمن في العمل على تعزيز الوعي، وتحشيد الجماهير، وتعزيز الروح الجهادية، بأساليب مدروسة ومحكمة، وأن يبذلوا جهدهم في كشف الحقيقة، وتبيين مظالم الأمة، وتحفيز الشعوب على الانتصار لقضاياها العادلة. فالمجتمع لا يُنهض إلا بقادته العلماء، الذين يعبرون عن صوت الحق، ويعملون على تجديد أدوار الأمة، وتعزيز إصرارها على مقاومة الاحتلال والتصدي للمخططات العدوانية. وفي خضم هذه المعركة الكبرى، يظل المسجد، والعلم، والكلمة، سلاح الأمة الأشد فاعلية، فبالعلم والعمل، تنطلق جيوش الأمة نحو استعادة كرامتها وحقوقها. وتجدر الإشارة إلى أن التعاون والتآزر بين جميع فئات الشعب، خاصة المثقفين والخطباء والأئمة، هو ما يصنع الفارق في إحداث نهضة حقيقية، تؤكد إرادة الأمة وتصون مستقبله ، فإن مسؤولية الدفاع عن القدس وفلسطين، وتحقيق الوحدة الوطنية، ومواجهة كل أشكال الفساد والخيانة، تنطلق من قناعة راسخة بأن الأمة لن تنتصر إلا بمقاومة عادلة، بالعلم والعمل، مع استلهام قيم الشجاعة والصبر والوفاء. ومع تضحيات المجاهدين ووعي الشعوب، ستكتب صفحات المجد وتُسطّر ملاحم البطولة، مؤمنة أن النصر قادم بإذن الله، وأن الحق سيظل دائمًا هو العاقبة، فالأمة لا يُهزمها إلا التفريط في حقها ووحدتها.