الرئيسية / الاسلام والحياة / جِهَادُ التَبْيين في فكر الإمام الخامنئيّ(دام ظله)

جِهَادُ التَبْيين في فكر الإمام الخامنئيّ(دام ظله)

الفصل الخامس: جهاد التبيين – خصائصه وعقباته

خصائص جهاد التبيين

  1. الخصائص الاعتقاديّة

أ. الإيمان بالله تعالى

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «الذي يثبّت أقدامنا أمام مؤامرات الأعداء هو الإيمان بالله»[1]، وهنا يشير الإمام الخامنئيّ (دام ظله) إلى الأمور التي تعزّز الإيمان عند الإنسان المؤمن، وهي:

ب. اعتماد التعاليم القرآنيّة

يرى الإمام الخامنئيّ(دام ظله) أنّه لا بدّ من أن يتمّ التبيين على أساس التعاليم القرآنيّة؛ لأنّ التبيين مفهوم قرآنيّ كما تقدّم؛ إذ يقول: «وعليكم أن تستثمروا هذه المحافل والاجتماعات القرآنيّة… قوموا بإرشاد شعوبكم وتوعيتها على أساس التعاليم القرآنيّة، والجهاد القرآنيّ، والتبيين الذي ينشده القرآن: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ﴾[2]»[3].

ج. الإيمان والثقة بالوعد الإلهيّ بالنصر

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «اليوم -أيضًا- إذا عملتم بلوازم النصر فسوف تنتصرون، لا شكّ في هذا. ما يثبّت أقدامنا أمام مؤامرات الأعداء هو الإيمان بالله، والثقة بالوعد الإلهيّ. والوعد الإلهيّ هو: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ﴾[4]، مَن ينصر دين الله، ومَن يوظّف -طبقًا للأمر الإلهيّ- طاقاته في سبيل النجاح والفلاح والصلاح، فإنّ الله تعالى لن يتركه وحيدًا، بل سيوفّقه وينصره. وهذا ما تدلّ عليه تجربتنا»[5].

  1. الخصائص الأخلاقيّة

أ. الابتعاد عن الخداع والكذب

يرى الإمام الخامنئيّ (دام ظله) أنّ جهاد التبيين ينبغي أن يتمّ باتّباع منهج إسلاميّ أخلاقيّ، بعيدًا عن الخداع والكذب، يقول سماحته: «بالطبع، إنّ المبدأ الحاسم في هذا الشأن هو ضرورة اتّباع نهج أخلاقيّ في أداء هذا العمل، فعلينا أن نجتنّب بشدّة ما يفعله بعضهم في الفضاء المجازيّ أو المطبوعات والمقالات، وهنا وهناك من مواجهة للرأي العامّ بالسباب والافتراء والخداع والكذب»[6].

وفي معرض ذمّه للنهج غير الأخلاقيّ في التعاطي مع القضايا، يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «إنّني أشاهد، أحيانًا، جماعةً وأناسًا وشبابًا قد يتّسمون بالإيمان والصلاح، ولكنّهم إذا ما عارضوا شخصًا أو اجتماعًا، أثاروا الضجيج والصخب، وقاموا بإطلاق الشعارات والهتافات. وأنا لا أؤيّد مثل هذه الممارسات التي لا طائل من ورائها، ولطالما أوصيت الذين يقومون بهذه الأعمال بالإعراض عنها منذ زمن بعيد. فإن تُشاركوا في مجلس، ولأنّكم لا تقبلون بالمحاضر -وقد يكون الحقّ معكم أو قد لا يكون- تعملوا على إفشاله وتعطيله، وبعثرة الأمور فيه، فهذه ممارسات لا فائدة ولا جدوى فيها، وإنّما الفائدة تكمن في التبيين، والعمل الصائب المتّسم بالحنكة والفطنة، وهذا هو الذي يجلب النفع والفائدة. وأحيانًا ما، يقوم بعضهم بهذه الممارسات عن سوء نيّة، ويحمّلون مسؤوليّتها الشباب المؤمن الولائيّ، فكونوا على حيطة وحذر تجاه

ذلك»[7]. ويقول (دام ظله): «إنّ أيّ حركة تنويريّة يجب أن تتمّ بعيدًا عن أيّ صخب وضوضاء؛ لأنّ ذلك يؤثّر سلبًا على الكلام المنطقيّ أيضًا»[8].

ب. إبعاد فريضة التبيين عن التعلّقات الدنيويّة

يرى الإمام الخامنئيّ (دام ظله)، أنّ جهاد التبيين هو أمر حسّاس، ينبغي الحذر من التقصير في أدائه، خشية أن يتمّ استغلاله من أهل الدنيا الذين يوظّفون الدين لمآربهم الشخصيّة، فهو يقول: «إذا لم يتمّ أداء جهاد التبيين، بصورة صحيحة، فسيستخدم أهل الدنيا الدينَ -أيضًا- كوسيلة لتلبية الرغبات والشهوات…»[9]. واستشهد سماحته بكلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، في خطابه لمالك الأشتر: «فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ نَظَراً بَلِيغاً، فَإِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ كَانَ أَسِيراً فِي أَيْدِي الْأَشْرَارِ، يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى، وَتُطْلَبُ بِهِ الدُّنْيَا»[10].

لهذه الغاية، وحذرًا من استغلال هذه الفريضة المقدّسة، يرى الإمام الخامنئيّ (دام ظله) أنّه من الخطأ تخصيص موازنة ضخمة لأداء هذه الفريضة؛ إذ يقول سماحته: «إنّ طبيعة هذا العمل تقتضي أنّه من الخطأ تخصيص موازنة ضخمة تحت عنوان جهاد التبيين»[11].

ج. إخلاص النبيّة

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «فإنْ جاهدنا وتحرّكنا، وأخلصنا النيّة، فإنّ الله سيعيننا»[12].

د. الأسلوب الحكيم

يقول الإمام الخامنئيّ(دام ظله): «الأساليب مهمّة للغاية، نرى في الآية المباركة: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ﴾، أنّ الله أشار إلى أسلوب الخطاب الحكيم، يعني الخطاب المحكَم، الخطاب غير المتشابه، الخطاب اللاواهن وغير الضعيف، الحكمة تشمل كلّ هذه الصفات؛ أي العبرة القوّة في الكلام، والصلابة في مواجهة المتشابهات، ﴿وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ﴾[13]، الحوار، التفاوض، التعامل مع الأفكار المختلفة، مخاطبة الأذهان والقلوب، التبيين باللسان واللغة، والتكلّم بأسلوب أخويّ. هذه الأمور كلّها هي أمور مهمّة للغاية»[14].

هـ. الابتعاد عن التعامل بالمثل

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «ولا يقولنّ أحدكم بما أنّهم يهاجمون الحكومة، وينتقدونها انتقادًا مغرضًا، يجب علينا -أيضًا- أن نتعامل معهم بهذا النحو. لا، بيّنوا واشرحوا لهم، فتبيين الأمور لازم وضروريّ. وسبيل التبيّن هو أن تشرحوا وتوضّحوا ذلك في اللقاءات العامّة للناس، يسألونكم وتجيبون، فتتوضّح الأمور، وتنشر -أيضًا- في وسائل الإعلام»[15].

  1. الخصائص السياسيّة

أ. العمل ضمن نطاق توجيهات القائد

إنّ على المؤمن المجاهد أن يعمل ضمن نطاق توجيهات قائد الثورة الإسلاميّة، وفي إطار استكمال الخريطة العامّة لحركة

الثورة. لذلك، فإنّه وفي مسألة جهاد التبيين، وفي مسألة وضع الموضوع العصريّ الرئيس على جدول الأعمال، يجب الارتباط بخطابات قائد المجتمع وأهدافه وتوجيهاته.

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «توصيتي للهيئات واللجان الطبلّابيّة في الجامعات أن يبيّنوا هذه المفردات الأساسيّة الأصليّة بنحو صحيح، واستفيدوا في ذلك من كلمات الإمام الخمينيّ وما شابهها»[16]، ويقول أيضاً: «الأسلوب الصحيح للاستنباط هو أن نأخذ جميع الأقوال والكلمات بنظر الاعتبار، ونضعها بجانب بعضها. في هذه الأقول، هناك العامّ والخاصّ، والمطلق والمقيّد، ينبغي مقارنة الأقوال ببعضها، وستكون المحصّلة رأي الإمام… شكّلوا فرق عمل تتوزّع على مجالات مختلفة، واستنبطوا آراء الإمام من أقواله»[17].

ب. الصراحة

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «الحلّ عبارة عن الصراحة في تبيين الحقّ، الصراحة في إظهار الحقّ»[18].

ج. البُعد عن الجدل والضجيج

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «أرى أحيانًا أنّ جماعة من الأفراد والشباب، وربّما كانوا من الصالحين والمؤمنين، يختلفون مع شخص أو يعارضون اجتماعًا أو جلسة معيّنة، فيبادرون لإثارة الضجيج والفوضى ورفع الشعارات. إنّني لا أوافق على هذه الأعمال، فلا فائدة منها أبدًا. هذا ما أوصيت به دائمًا، ومنذ زمن قديم، الأشخاص الذين ينخرطون في مثل هذه الأعمال، أن يذهبوا

إلى اجتماع؛ لأنّ فلانًا يلقي كلمة فيه وأنتم لا توافقونه -وقد يكون الحقّ معكم أو لا يكون- نذهب ونفسد ذلك الاجتماع ونخرّبه؛ لا، هذا لا فائدة منه أبدًا. الفائدة في التبيين، والفائدة في العمل الصاحيح والعمل الواعي، هذا هو النافع»[19].

  1. الخصائص العمليّة

أ. الحضور الشخصيّ

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «النقطة الأخرى هي ضرورة الحضور الجسديّ والفكريّ في القضايا العامّة للبلاد»[20].

ب. الإقناع القلبيّ

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «إنّنا في مواجهة مع الأفكار والقلوب. والقلوب هي التي يجب أن تقتنع. إذا لم تقتنع القلوب؛ فلن تتحرّك الأجسام ولن تعمل. هذا هو الفرق بين الفكر الإسلاميّ، والأفكار غير الإسلاميّة»[21].

ج. أهمّيّة السؤال والنقد، وضرورة الإجابة

قد يتراءى لبعضهم أنّ نقد الآخر له يؤدّي إلى إضعاف عمله أو طريقة إدارته ومكانته في المجتمع، إلّا أنّ الإمام الخامنئيّ (دام ظله) يرى خلاف ذلك، فهو يرى أنّ النقد مسألة ضروريّة تسهم في تبيين الحقائق، وتنوير الأذهان وتطويرها. لذلك، ولخطورة المسألة، فإنّه لا يكتفي بدعوة المسؤولين إلى تقبّل النقد والإجابة عنه،
بل يدعوهم إلى أن يضعوا أنفسهم موضع

النقد، ويستفيدوا من تلك الفرصة، فيقول: «على المسؤولين أن يضعوا أنفسهم موضع النقد والانتقاد، ويجيبوا عن تلك الانتقادات، ويبيّنوا الأمور… فهذه فرص يستطيعون من خلالها تنوير الأذهان، وبيان حقائق الأمور. وهذا أمر جيّد»[22].

بعد ذلك، يبدي الإمام الخامنئيّ (دام ظله) اهتمامًا خاصًّا بقضيّة طرح الأسئلة، ولزوم تأمين الإجابة عنها، فيقول: «اليوم، لدى شبابنا أسئلة متنوّعة، لديهم أسئلة حول نمط الحياة، لديهم أسئلة حول القضايا الأساسيّة، أسئلة في مكانها. إنّ سبيل مواجهة السؤال هو التفكير والإجابة. يجب أن يتمّ ذلك… المركز المهمّ لهذا العمل هو هذه المجالس، للإجابة عن كثير من الأسئلة التي تطرأ يومًا بعد يوم. فلا مانع من السؤال، لكن على صاحب السؤال أن يعلم بإمكانيّة أن يبدّل جهله وقلّة معرفته إلى معرفة، إلى علم، إلى اطّلاع. فمَن لديه سؤال، لا ينبغي أن يجعله يتصوّر أن كلّ شيء مقلوب. كلّا! لا بدّ من طرح السؤال، فلا مانع في ذلك، ويجب الإجابة عنه، والإجابة لا بدّ من أن تكون في مراكز العلم والمعرفة»[23]. ثمّ يطرح سماحته هيئة العزاء مثالًا لتلك المراكز.

د. اختيار الزمان والظرف المناسبَين والأكثر حاجة

ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال في ذكر فضائل رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بَعَثَهُ وَالناسُ ضُلّالٌ في حَيرَةٍ، وحاطِبُونَ في فِتنَةٍ… فَبالَغَ (صلى الله عليه وآله) فِي النصيحَةِ، وَمَضى عَلى الطريقَةِ، ودَعا إلَى الحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ»[24].

فالزمان الذي اختاره الله تعالى لبعثة النبيّ (صلى الله عليه وآله) هو حين تاهوا

في ضلال الحيرة، واشتدّت عليهم الفتنة. من هنا، يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «الزمان والمكان الأمثل للتبليغ هو حيث توجد الفِتَن، فأكثر المصاعب كانت في صدر الإسلام هي مواجهة النبيّ (صلى الله عليه وآله) للمنافقين، والتحدّي الذي خاضه أمير المؤمنين في وجه مَن يدّعون الإسلام… فالأمر الأصعب والأكثر إشكاليّة هو وقوع الأفراد في الشبهات، ونحن رأينا أصحاب عبد الله بن مسعود قد قالوا للأمير (عليه السلام): «إنّا قد شككنا في هذا القتال»؛ وهذا شكّ الخواصّ، الذي يقضم الحركة الصحيحة في المجتمع كالنمل الأبيض! من هنا، لا بدّ لنا أن ننظر داخل مجتمعنا. والتبيين ضروريّ»[25].

هـ. ضرورة الفَهم والمعرفة قبل التبيين

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «وبالنسبة إليكم، بصفتكم مجموعات طلّابيّة جامعيّة، إن كان ثمّة أمر غير واضح، عليكم إدراكه وفهمه؛ ليصبح واضحًا لديكم، فإنْ صار واضحًا، قوموا بتبيينه للمجموعة الطلّابيّة… هذه الاستدلالات قويّة ومتينة، ولا يمكن إبطالها بهذه البساطة. فإن توصّلتم أنتم إلى هذه الاستدلالات، ويمكنكم أن تتوصّلوا إليها، قوموا بتبيينها»[26].

كما دعا الإمام الخامنئيّ (دام ظله) الشباب إلى الإعداد الجيّد لأداء هذه الفريضة، كونهم يملكون المؤهّلات اللازمة؛ إذ يقول: «إنّ شبابنا مجهّزون اليوم -بحمد الله- بالفكر والعقلانيّة والوعي الكبير، ويمكنهم بذل الكثير في هذه المجالات. أعدّوا أنفسكم، وعزّزوا هذه الوسائل داخلكم، وجهّزوا أنفسكم بالمعنى الحقيقيّ للكلمة، وادخلوا هذا الميدان، ميدان التبيين والكشف؛ أي الطريق الذي سلكته زينب الكبرى (عليها السلام) في الأربعين يومًا»[27].

ويقول (دام ظله) في موردٍ آخر: «عليكم أن تفعّلوا العلاقات العامّة لديكم في مختلف الاتّجاهات… تعلّموا وسائل البيان وأنواعه؛ إذ إنّ بعض الوسائل لا يحصل منه فائدة، وهذا -حتمًا- نقص ينبغي جبرانه»[28].

و. المبادرة

يحثّ الإمام الخامنئيّ (دام ظله) على أن يكون التبيين بطريقة البحث عن المخاطَبين، كالطبيب الدوّار، لا أن يكون الإنسان في حال انتظار مبادرات الآخرين أو وقوع الأزمات، فيقول: «المتوقّع منكم أن تكونوا كالطبيب الدوّار بطبّه، الباحث عن مرضاه، فيتعرّف إليهم، ويسعى لتأمين العلاج المناسب لهم»[29].

ز. تجنّب نشر الشائعات

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله) في معرض حديثه عن وسائل الإعلام المرئيّ والمسموع والمكتوب: «ينبغي عدم بثّ الإشاعات، فهذا ما يريده الأعداء، يريد الأعداء أن تنتشر الشائعات»[30]، ويؤكّد أنّ هذه الشائعات تؤدّي إلى:

ح. التبيين والعمل توأمان

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «تواصلوا وتحادثوا، وتداولوا الأخبار، وبثّوا المعنويات واستلهموها، واشرحوا الحقائق حول الاستكبار والمستكبرين، والمعاندين والمعارضين، ولديكم تجربة ثلاثين سنة للإخوة الذين وفدوا إلى هذه الساحة لتوّهم. والذين لا قدرة لهم على البيان والكلام وما إلى ذلك، فليدعوا الناس بسلوكهم، كونوا دعاة الناس بغير ألسنتكم… يمكن دعوة الناس باللسان، لكنّ الدعوة الأقوى والأفضل هي بالعمل»[31].

  1. الخصائص المضمونيّة

أ. التبيين المنطقيّ والعلميّ

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله) في معرض حديثه عن التبيين: «وهذا ما يتحقّق بالكلام والتبيين اللازم، التبيين المنطقيّ والعلميّ،

والبعيد عن أنواع التطرّف والتمادي، وبلغة صحيحة، ولسان علميّ منطقيّ»[32].

ب. فصاحة اللسان

يشير الإمام الخامنئيّ (دام ظله) إلى ضرورة أن تمتاز حركة التبيين بفصاحة اللسان، فيقول: «ما يحتاج تبيينها إلى… لسان فصيح»[33].

ج. حُسن القول

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «أحد الأمور المهمّة الحفاظ على الأدب الإسلاميّ في الكلام الذي -ومع الأسف- يكاد يُصبح باهتًا مع انتشار الفضاء المجازيّ. يجب القضاء على اللغة المسيئة، والكلام النابي وأمثاله في المجتمع. اليوم، يسعى بعضهم أو يتغاضى عن انتشار هذا في المجتمع، وخاصّة في بعض وسائل الإعلام، سواء منها المرئيّ والمسموع، وفي الفضاء الافتراضيّ. عليكم أن تعملوا في كلامكم، وفي أسلوب عملكم، بطريقة تَحُدّ من انتشار الكلام المسيء والنابي. فمدرسة الأئمّة والمدرسة العلويّة والفاطميّة بريئة من هذه الأشياء. انظروا إلى فاطمة الزهراء فقد ألقت خطبتَين عاصفتَين… وكانتا مليئتَين بالمعاني المهمّة والمعارضة، محذّرتَين من التعرُّض لبعض المفاهيم الإسلاميّة التي كانت تشعر فاطمة الزهراء (عليها السلام) إزاءها بالخطر. لم يكن هناك أيّ كلمة مسيئة، وأيّ هتك… وكلّ الكلمات كانت محكمة، فيما كان البيان بليغًا ومتقَنًا»[34].

د. قوّة خطاب التبيين ومتانته

يرى الإمام الخامنئيّ (دام ظله) أنّ التبيين ونشر الفكر الإسلاميّ يحتاجان إلى خطاب قويّ وعميق ومتقَن؛ إذ يقول سماحته: «لا بدّ من نشر الحقائق بمنطق قويّ وخطاب متين وعقلانيّة تامّة، مع تزيينه بالعاطفة والمشاعر الإنسانيّة وتطبيق الأخلاق. علينا جميعًا، اليوم، أن نتحرّك في هذا الميدان، كلّ واحد بطريقةٍ وبالسهم الذي لدينا في هذا الطريق»[35]. وحول أهمية عمق الفكرة في التبيين، يقول (دام ظله): «حاولوا بالغور والتعمّق إيصال الأذهان إلى أعماق الحقائق والمسائل»[36].

هـ. الإتقان في التبيين

يؤكّد الإمام الخامنئيّ (دام ظله) أهمّيّة الإتقان في التبيين، وأنّ التبيين من دون إتقان لا يمكن أن يكون محطّ قبول: «فمن دون التبيين المتقَن، لا يمكن ترويج أيّ فكر متقَن، كما أنّه لن يجد قَبولًا عامًّا، فعليكم في عمليّة التبيين ألّا تغفلوا عن عنصر الإتقان، فهو مهمّ جدًّا»[37].

و. التبيين التوعويّ والتنبيهيّ

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «الشكل الذي يخلق فتنة ومعركة ليس شكلًا محبّذًا، والشكل الذي يوفّر للشعب التوعية والمعرفة، ويحقّق للمسؤولين التنبّه والتفطّن لوسائل الحلّ، ذلك هو الشكل المحبّذ جدًّا»[38].

ز. أنْ يتمثّل التبيين بحركة عامّة معقولة ومنضبطة

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «في مسألة جهاد التبيين… لاحظوا والتفتوا جيّدًا، حركة عامّة، معقولة، ومنضبطة، وحينما نقول منضبطة، فنعني ألّا تكون حركة فوضويّة وهرجًا، ومرجًا. أحيانًا، تترافق التحرّكات العامّة مع الفوضى والاضطراب والغوغائيّة، وهذه لا قيمة لها؛ أمّا إذا أريد لها أن تُنجز بصورة صحيحة ومنتظمة وعقلائيّة، فهي بحاجة إلى أمور عدّة:

– تحتاج إلى معرفة بالساحة. ينبغي للأشخاص الذين يقومون بهذه الحركة أن يعرفوا الساحة جيّدًا، ويعرفوا العناصر الموجودة في هذه الساحة.

– أن يكون لها اتجاه محدّد، اتجاه منطقيّ ومقبول، والاتجاه الذي نقترحه للشعب الإيرانيّ هو الاتجاه والتوجّه نحو المجتمع الإسلاميّ أو الحضارة الإسلاميّة؛ أي إنّنا نصبوا نحو تشكيل مجتمع إسلاميّ.

– وجود العامل الباعث على الأمل والتفاؤل… والنقطة المضيئة عبارة عن الطاقات الوطنيّة.

– لا بدّ لكلّ مرحلة من المراحل من أساليب، ووسائل عمليّة. ففي كلّ مرحلة من الزمن تبرز الحاجة إلى وسائل وأساليب عمليّة»[39].

عقبات أمام جهاد التبيين

  1. بثُّ اليأس والإيحاء بالعجز

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «أهمّ العقبات الخارجيّة بثُّ اليأس والإيحاء بالعجز…»[40].

  1. الركون إلى الكسل

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «وإن ركنّا إلى الكسل، ولم ننهض بالأعمال الملقاة على عواتقنا، فمن الطبيعيّ أن لا ننتظر المعونة الإلهيّة»[41].

  1. تبيين الفتنة والمشاكل والاعتراضات

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظله): «التبيين والإيضاح يمكن أن يتمّا بأوجه وأنحاء مختلفة. ذلك النحو الذي يخلق فتنة ومعركة ليس هو النحو المطلوب»[42].

  1. العجز عن تشخيص المصلحة

يشير الإمام الخامنئيّ (دام ظله)، في معرض حديثه عن أهمّيّة الوعي والبصيرة، إلى أنّ جهاد التبيين تواجهه مشكلة العجز عن تشخيص المصلحة، فيقول: «تشير الروايات إلى أنّ نفرًا من أصحاب عبد الله بن مسعود… جاؤوا إلى الإمام عليّ بن أبي طالب، وقالوا: يا أمير المؤمنين -وكانوا يعترفون به أميرًا للمؤمنين-: إنّا قد شككنا في هذا القتال. لقد شكّكنا في هذه الحرب، فابعثنا إلى الحدود والثغور لكي لا نشترك في هذا القتال. هذا الاعتزال هو في

حدّ ذاته «ضرعٌ فيُحلَب»[43] و«ظهرٌ فيُركَب»[44]. الصمت والاعتزال وعدم التحدّث، تتحوّل أحيانًا إلى ممارسات تساعد على الفتنة. في الفتنة على الجميع ممارسة التنوير والإرشاد، وعلى الجميع التحلّي بالبصيرة»[45].

[1]  كلمته (دام ظله) في لقاء مسؤولي النظام، بتاريخ 25/11/2003م.

[2]  سورة آل عمران، الآية 187.

[3] كلمته (دام ظله) في استقباله المشاركين في الدورة 33 للمسابقات الدوليّة للقرآن الكريم، بتاريخ 18/05/2016م.

[4]  سورة الحج، الآية 40.

[5] كلمته (دام ظله) في لقاء مسؤولي النظام، بتاريخ 25/11/2003م.

[6] كلمته (دام ظله) في لقاء ممثّلي الهيئات الطالبيّة الجامعيّة، بتاريخ 27/09/2021.

[7]  كلمته (دام ظله) في مراسم تخريج دفعة من الضبّاط في جامعة الإمام الحسين (عليه السلام)، بتاريخ 24/05/2016م.

[8]  كلمته (دام ظله) في لقاء قادة حرس الثورة الإسلاميّة ومسؤولي ممثّليّات الوليّ الفقيه في الحرس، بتاريخ 04/07/2011م.

[9] كلمته (دام ظله) في لقاء أعضاء مجلس خبراء القيادة، بتاريخ 10/03/2022م.

[10]  السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص435، الكتاب 53.

[11] كلمته (دام ظله) في لقاء أعضاء مجلس خبراء القيادة، بتاريخ 10/03/2022م.

[12]  كلمته (دام ظله) في لقاء المشاركين في مسابقات القرآن الكريم الدولية، بتاريخ 18/05/2016م.

[13] سورة النحل، الآية 125.

[14] كلمته (دام ظله) في لقاء عدد من علماء الدين، بتاريخ 23/12/1997م.

[15] كلمته (دام ظله) في لقاء رئيس الجمهوريّة وأعضاء الحكومة، بتاريخ 28/08/2011م.

[16] كلمته (دام ظله) في لقاء عدد من الطلّاب، بتاريخ 07/06/2017م.

[17]  كلمته (دام ظله) في لقاء عدد من الطلّاب، بتاريخ 27/09/2008م.

[18] كلمته (دام ظله) في لقاء أعضاء المجلس التنسيقيّ للإعلام الإسلاميّ، بتاريخ 19/01/2010م.

[19] كلمته (دام ظله) في جامعة الإمام الحسين(عليه السلام) لحرس الثورة الإسلاميّة، بتاريخ 23/05/2016م.

[20] كلمته (دام ظله) في لقاء وفود طلّابيّة، بتاريخ 06/08/2018م.

[21] كلمته (دام ظله) في لقاء وفود طلّابيّة، بتاريخ 02/07/2016م.

[22]  كلمته (دام ظله) في خطبة صلاة الجمعة – طهران، بتاريخ 19/06/2009م.

[23] كلمته (دام ظله) في لقاء عدد من مدّاحي أهل البيت (عليهم السلام)، بتاريخ 25/01/2022م.

[24] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص140، الخطبة 95.

[25] كلمته (دام ظله) في لقاء جمع من الطلّاب وعلماء الدين، بتاريخ 13/12/2009م.

[26]  كلمته (دام ظله) في اللقاء الرمضاني مع طلّاب الجامعات، بتاريخ 05/07/2016م.

[27] كلمته (دام ظله) في لقاء ممثّلي الهيئات الطالبيّة الجامعيّة، بتاريخ 27/09/2021م.

[28]  كلمته (دام ظله) في لقاء أعضاء هيئة الحكومة والمديرين التنفيذيّين، بتاريخ 31/08/2007م.

[29]  كلمته (دام ظله) في لقاء أئمّة الجمعة بتاريخ 16/09/1991م.

[30] كلمته (دام ظله) في لقاء وفود تعبويّة من أنحاد البلاد، بتاريخ 24/11/2009م، وكلمته في خطبة صلاة عيد الفطر السعيد، بتاريخ 19/09/2009م.

[31]  كلمته (دام ظله) في لقاء المشرفين على مراسم الحجّ، بتاريخ 01/10/2011م.

[32]  كلمته (دام ظله) في لقاء أعضاء مجلس خبراء القيادة، بتاريخ 05/03/2014م.

[33] كلمته (دام ظله) في لقاء عدد من الطلّاب، بتاريخ 21/05/2019م.

[34]  كلمته (دام ظله) في لقاء مسؤولي النظام، بتاريخ 01/11/2003م.

[35] كلمته (دام ظله) في لقاء ممثّلي الهيئات الطالبيّة الجامعيّة، بتاريخ 27/09/2021م.

[36]  كلمته (دام ظله) في مراسم تخريج دفعة من الضبّاط في جامعة الإمام الحسين (عليه السلام)، بتاريخ 24/05/2016م.

[37]  كلمته (دام ظله) في لقاء مسؤولي مؤسّسة رواية سيرة الشهداء، بتاريخ 05/07/2010م.

[38] كلمته (دام ظله) في لقاء رئيس وأعضاء مجلس خبراء القيادة، بتاريخ 11/03/2016م.

[39] كلمته (دام ظله) في لقاء عدد من الطلّاب، بتاريخ 22/05/2019م.

[40]  كلمته (دام ظله) في حديث مُتلفز بمناسبة عيد المبعث، بتاريخ 27/05/2018م.

[41] كلمته (دام ظله) في خطبة صلاة الجمعة، بتاريخ 28/07/1999م.

[42] كلمته (دام ظله) في لقاء الرئيس والأعضاء في مجلس خبراء القيادة، بتاريخ 10/03/2016م.

[43] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص469، الحكمة الأولى.

[44]  المصدر نفسه.

[45] كلمته (دام ظله) في لقاء أعضاء مجلس خبراء القيادة، بتاريخ 22/09/2009م.

 

 

ياراحلا من بيننا وانت مغفور الذنوب

سنعود إلى خيارات أخرى إذا لم تلتزم إسرائيل بالاتفاق وإذا لم تقم الدولة بالنتيجة المطلوبة

الشيخ قاسم: السيد نصر الله قاد الأمة إلى المقاومة.. والمقاومة باقية ومستمرة

السيد الحوثي: يوم القدس يذكّر الأمة بمسؤوليتها اتجاه المقدسات والمظلوميّة الكبرى للشعب الفلسطيني

المحاضرة الرمضانية التاسعة عشرة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي

السيد الحوثي: ما يقدّمه حزب الله إنجاز عظيم

السيد الحوثي: عملياتنا العسكرية مستمرة ضد أهداف تابعة للعدو الإسرائيلي في عمق فلسطين المحتلة

ندعوكم لدعم موقع الولاية الإخبارية ماديارابط الدعوة تليجرام:

https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

رابط الدعوة واتساب:

https://chat.whatsapp.com/GHlusXbN812DtXhvNZZ2BU

رابط الدعوة ايتا :الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah

….

إمام جمعة بغداد: تسليم السلاح سيكون بداية لسقوط الكرامة

مقاومة اليمن… درع فلسطين في مواجهة أمريكا و”إسرائيل”

القدرات الصاروخية لليمن والخنوع الأمريكي الإسرائيلي تجاه صنعاء

أي دور أميركي في اغتيال السيد نصر الله؟

قادتنا كيف نعرفهم (١)

في رحاب الشيعة – الشيخ باقر شريف القرشي 03

هبة السماء ، رحلتي من المسيحية إلى الإسلام

الصراط المستقيم

على خطى الحسين (عليه السلام) د. أحمد راسم النفيس

لفتات قرآنية  ليلة القدر مولد القرآن

مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 11

========

نفحات من القران

تفسير غريب القرآن

الوجيز في علوم القرآن

علوم القرآن محاضرات القاها حجة الاسلام السيد محمد باقر الحكيم

تفسير الميزان : السيد الطباطبائي

الختمة السريعة للقرآن الكريم – بصوت القاريء الإيراني معتز آقايى

حزب الله وافاق المستقبل – عبد الستار الجابري

وصول الأخيار إلى أصول الأخبار

صحيفة الامام – تراث الامام الخميني

فاسألوا أهل الذكر – الدكتور محمد التيجاني

شبهات وردود – السيد سامي البدري – 11

الإحتجاج (ج1) / للطبرسي

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم

==========

أوضاع المرأة المسلمة ودورها الإجتماعي من منظور إسلامي

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

قصيدة (( اعْلَمْ بِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ أَتىٰ )) – القصيدة من ديوان مدائح الأطهار

[ صَدّامُ عارٌ وَخَبِيثٌ وَلَئيمْ ]

قصص المعصومين (عليهم السلام )

انا على العهد

الكَلمَةُ الأخْلاقيةُ الأُسْبوعيّةُ – لفضيلة حجة الاسلام الشيخ الدقاق

آداب الصلاة – الشيخ حسين الكوراني الحلقة 1

 

الإنفاق في سبيل الله \عز الدين بحر العلوم

جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع 6

شاهد أيضاً

التعبئة في رحاب الولي

 بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة “إنّني أطلب من الله سبحانه وتعالى أن يحشرني يوم القيامة ...