حيدري نظر
السؤال مهم وحساس ويعكس ما نشهده من تحولات شعبية في مواقف الشعوب الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية. لنتناول الأمر من جوانبه المختلفة:
1. هل الشارع الأوروبي يؤثر على الأنظمة الحاكمة؟
الإجابة: نعم، ولكن بدرجات متفاوتة.
✅ نعم يؤثر عندما:
-
تكون الاحتجاجات كبيرة، مستمرة، ومنظمة.
-
يصاحبها ضغط سياسي وإعلامي، مثل حملات المقاطعة، عرائض برلمانية، أو تغطية إعلامية واسعة.
-
ترتبط بقضايا داخلية تهم المواطن، مثل حقوق الإنسان، أو الموقف من الاستعمار والعنصرية.
-
تكون في فترات الانتخابات، حيث تسعى الأحزاب لاسترضاء الناخبين المتعاطفين مع القضية.
❌ لكن التأثير محدود عندما:
-
تكون الحكومات مرتبطة بتحالفات استراتيجية واقتصادية قوية، مثل العلاقات مع الولايات المتحدة أو إسرائيل.
-
يكون الشارع منقسمًا، أو صوت الاحتجاجات محصورًا في فئات محددة (اليسار، الطلاب، الجاليات المسلمة…).
-
لا تترجم المظاهرات إلى أدوات ضغط سياسية حقيقية.
2. أمثلة حديثة على التأثير:
-
ألمانيا: رغم التشدد الرسمي، بدأت تظهر أصوات إعلامية وأكاديمية تشكك في الدعم غير المشروط لإسرائيل.
-
إيرلندا وإسبانيا وبلجيكا: شهدت مواقف رسمية أكثر جرأة، مدفوعة بتأثير الرأي العام.
-
الجامعات البريطانية والأمريكية: الاعتصامات الطلابية دفعت إدارات بعض الجامعات لمراجعة استثماراتها، وهذا ضغط فعلي.
3. كيف يمكن أن يتحول التعاطف الشعبي إلى تغيير سياسي؟
-
التنظيم والاستمرارية: تحويل الغضب إلى حراك مدني منظم (مثلاً، لوبيات سياسية، حملات مقاطعة).
-
التحالف مع قوى مؤثرة: مثل نقابات، جمعيات حقوقية، أو أحزاب سياسية.
-
تركيز الخطاب على القيم الأوروبية: الحرية، العدالة، مناهضة العنصرية.
-
استخدام القانون والبرلمانات: من خلال عرائض، محاكم، أو طرح قضايا في الهيئات التشريعية.
الشارع الأوروبي يمكن أن يؤثر على الأنظمة الحاكمة، لكن التأثير ليس مباشرًا أو فوريًا. يعتمد على حجم الحراك، قدرته على الاستمرار، وترجمته إلى أدوات ضغط حقيقية. ومع تصاعد الوعي، هناك فرص حقيقية لتحويل التعاطف إلى تغيير ملموس في السياسات.