تُثبِت أُصول هذه العقيدة، وتردع من يدَّعي كونها وهماً أو من نسج خيال الشيعة، أو من موروثات اليهوديَّة التي تسرَّبت إلى العقيدة الشيعيَّة.
هذا الكتاب الذي بين يديك، استعرض فيه مؤلِّفه (رحمه الله) روايات كثيرة تخصُّ هذه القضيَّة العظيمة، ومن كُتُب القوم، سار به على طريقة ما كتبه المقدسي في عقد دُرَّره، ليُضيف أدلَّة من كُتُب القوم على صحَّتها، ليكون ملزماً للآخر في أنْ لا يُنكِرها، أو يُشكِّك بها، وحينها لن يكون هناك مبرِّر للآخر في إنكارها أو التشكيك بها سوى العناد الأعمى، والضلال المبين.
ونحن إذ نُقدِّم هذا الكتاب بطبعته الثانية، ندعو الباحثين إلى أنْ يهتمُّوا بهذه القضيَّة، وأنْ يُعطوها حصَّة من أوقاتهم وجهودهم، كونها تُمثِّل عقيدة حيويَّة، تعيش في وجدان المؤمن يوميًّا، وأملاً ينير الدرب أمام طالبي الحقيقة ومظلومي العالم.
نسأل الله تعالى أنْ يُوفِّقنا لخدمة الدِّين والمذهب، وأنْ يجعل ما نُقدِّمه بعين قبوله، وأنْ يُمتِّعنا بنظرة من مولانا الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، إنَّه سميع مجيب.
مركز الدراسات التخصُّصيَّة في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدَّمة المركز للطبعة الأولى:
تحرص الأُمَم والمجتمعات على رسم خارطة طريق لمستقبلها وتطوُّرها وتصحيح المعوجِّ ولملمة المتبعثر من حاضرها وفق المخزون التراثي والمعرفي من تاريخها بحسب عراقتها وأصالتها التليدة أو الحديثة، إذ حتَّى الدول ذات الحضارات الناشئة والوليدة نجد أنَّها تحاول التشبُّت بمثل هكذا مخزون تراثي – وإنْ كان قليلاً – لترسم معالم حاضرها وتُؤسِّس لمستقبلها.
من هنا فإنَّ الاهتمام بالتراث ورفع الغبار عنه وتعريفه لحاضر المجتمع إنَّما هو بالواقع تجسير لأزمنة الأُمَّة في الماضي والحاضر والمستقبل، بل هو تأسيس لثقافتها وتأصيل لوعيها وما تحمل بين جنباتها من رؤية ثقافيَّة وعقائديَّة وأخلاقيَّة.
إذن فالاهتمام بالتراث يُشكِّل حلقة وصل بكلِّ ما تعني الكلمة من معنى لقِيَم المجتمع الحاضرة.
ويزداد الأمر أهمّيَّةً فيما إذا كان الحاضر يُشكِّل مرحلة عقديَّة حسَّاسة وخطرة في ذهنيَّة الفرد، ويُشغِل حيِّزاً واسعاً من تفاصيل حياته العقديَّة والسلوكيَّة في مختلف مجالات الحياة الاجتماعيَّة.