اللهوف في قتلى الطفوف
42 دقيقة مضت
زاد الاخرة
6 زيارة
بايعه إلى حرب عبيد الله بن زياد فتحصن منه الشام بقصر دار الامارة واقتتل أصحابه وأصحاب مسلم وجعل أصحاب عبيد الله الذين معه في القصر يتشرفون منه ويحذرون أصحاب مسلم ويتوعدونهم بأجناد الشام فلم يزالوا كذلك، حتى جاء الليل فجعل أصحاب مسلم يتفرقون عنه ويقول بعضهم لبعض ما نصنع بتعجيل الفتنة أن نقعد في منازلنا وندع هؤلاء القوم حتى يصلح الله ذات بينهم فلم يبق معه سوى عشرة أنفس، فدخل مسلم المسجد ليصلي المغرب فتفرق العشرة عنه فلما رأى ذلك خرج وحيدا في دروب الكوفة حتى وقف على باب امرأة يقال لها طوعة فطلب منها ماء فسقته ثم استجارها فأجارته فعلم به ولدها فوشى الخبر بطريقة إلى ابن زياد فأحضر محمد بن الأشعت وضم إليه جماعة وأنفذه لاحضار مسلم فلما بلغوا دار المرأة وسمع مسلم وقع حوافر الخيل لبس درعه وركب فرسه وجعل يحارب أصحاب عبيد الله حتى قتل منهم جماعة فنادى إليه محمد بن الأشعث وقال: يا مسلم لك الأمان.
فقال مسلم: وأي أمان للغدرة الفجرة ثم أقبل يقاتلهم ويرتجز بأبيات حمران بن مالك الخثعمي يوم القرن:
أقسمت لا أقتل إلا حرا * وإن رأيت الموت شيئا نكرا أكره أن أخدع أو أغرا * أو أخلط البارد سخنا مرا
(٣٤)
كل امرئ يوما يلاقى شرا * أضربكم ولا أخاف ضرا فنادوا إليه إنه لا يكذب ولا يغر فلم يلتفت إلى ذلك وتكاثروا عليه بعد أن أثخن بالجراح فطعنه رجل من خلفه فخر إلى الأرض فأخذ أسيرا فلما أدخل على عبيد الله لم يسلم عليه فقال له الحرس. سلم على الأمير فقال له: أسكت ويحك والله ما هو لي بأمير فقال ابن زياد، لا عليك، سلمت أم لم تسلم فإنك مقتول فقال له مسلم: إن قتلتني فلقد قتل من هو شر منك من هو خير منى وبعد فإنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السريرة ولوم الغلبة لا أحد أولى بها منك، فقال ابن زياد: يا عاق يا شاق خرجت على إمامك وشققت عصا المسلمين وألحقت الفتنة، فقال مسلم: كذبت يا بن زياد! إنما شق عصا المسلمين معاوية وابنه يزيد وأما الفتنة فإنما ألحقها أنت وأبوك زياد بن عبيد عبد بنى علاج من ثقيف وأنا أرجو أن يرزقني الله الشهادة على يدي شر بريته فقال ابن زياد: منتك نفسك أمرا حال الله دونه وجعله لأهله، فقال له مسلم: ومن يا ابن مرجانة؟ فقال أهله يزيد بن معاوية. فقال مسلم: الحمد لله رضينا بالله حكما بيننا وبينكم. فقال له ابن زياد: أتظن ان لك في
(٣٥)
2025-12-09