سارة عليان
يشهد المجتمع اللبناني حاليًا واقعًا دقيقًا وهشًّا أمام ما يبثه العدو الصهيوني من حملات إعلامية ضخمة لتضليل الرأي العام، وتمهيد الطريق نحو حالة من التقبل والتسليم للأفكار والمظاهر الحياتية والاجتماعية التي تتقاطع مع مشروعه. وفي المقابل، فإن حملات المقاطعة تسعى جهدها لنشر الوعي حول حقيقة هذه المظاهر، منبهة إلى خطر هذا الواقع على المجتمع اللبناني ككل.
في مشهد متجدد، رصدت حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان، وجود بضائع إسرائيلية في الأسواق اللبنانية، وفي هذا السياق أشارت عضو الحملة، روان حرشي، إلى أن من أهداف الحملة الأساسية جعل مبدأ المقاطعة نمط حياة لا مجرد رد فعل آني. وكانت الحملة أنشأت منذ أكثر من سنة مجموعة على تطبيق “whatsapp” لضم كل الأفراد الذين يؤمنون بأن المقاطعة شكل من أشكال المقاومة، ولبناء نمط حياة تكون المقاطعة في صميمه، موضحةً أن هذه المبادرة تتيح للأفراد طرحَ أسئلة حول كل ما يرتبط بالمقاطعة والمنتجات المنتشرة في السوق اللبنانية.
هذا الأمر وفقًا لـ “حرشي”، جعل الحملة أكثر إحاطة بالمنتجات الاستهلاكية الموجودة في السوق اللبنانية، وقد تحرت، بناء على سؤال المتابعين، عن منتج غذائي يُعرف باسم ” Elephant Snacks” التابع لشركة “ALKA” لبيع المنتجات الغذائية وهي شركة تملكها عائلة “Krenzia” الإسرائيلية، فضلًا عن شركة “DOONA” المتخصصة ببيع عربات الأطفال وهي أيضًا شركة أسسها الإسرائيلي “يوآف مزار .”
وضمن خطة العمل المتبعة في الحملة، بدأت عملية البحث وفقًا للمعايير التي تعتمدها لتصنيف المنتجات ضمن دليلها الخاص للشركات الداعمة للكيان. ونتيجة لذلك تبين أن بعض هذه المنتجات تابعة فعلًا لشركات “إسرائيلية”، وبعضها الآخر لشركات أسسها “إسرائيليون”. وكإجراء أولي، سلكت الحملة المسار القانوني، لأن القانون اللبناني يمنع ويحظر وجود بضائع “إسرائيلية” في السوق المحلية، وذلك عبر التوجه الى مكتب دائرة المقاطعة في وزارة الاقتصاد، حيث تم تسليم الملفات للمعنيين قبل أشهر، بانتظار اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. ومع الأسف فإنه حتى كتابة هذا التقرير، لم تتلقّ الحملة أي جواب رسمي من مكتب المقاطعة حول هذه الشركات.
عضو حملة المقاطعة أكدت في هذا الشأن أن الخطوة الطبيعية التالية كانت التوجه للفت انتباه الناس وتوعيتهم حول وجود مثل هذه البضائع في الأسواق اللبنانية، ليكون لهم هم أيضًا تأثيرهم في الضغط لتفعيل دور المؤسسات الرسمية المعنيّة، مشيدةً بدورهم وبدور المتطوعين في الحملة، والذين يقومون على نحو مستمر بالبحث عن مصادر المنتجات وحركتها في السوق اللبنانية وفق الإمكانات والطاقات المتوفرة.
جهود حملة مقاطعة داعمي “إسرائيل” في لبنان كانت قد اصطدمت سابقًا بتقاعس مكتب المقاطعة عن القيام بالإجراءات القانونية اللازمة لمنع عرض فيلم “سنو وايت” في صالات العرض اللبنانية، وهو فيلم من بطولة المجندة السابقة في جيش الاحتلال “غال غادوت،” ولم تتضح حتى الآن أسباب عدم منع العرض والجهة التي أعطت الإذن بعرضه.
الأستاذة حرشي لفتت إلى أنه سبق أن جرى رصد منتج باسم ” TEVIA” وهو دواء تابع لشركة “إسرائيلية” يباع في الصيدليات اللبنانية، وقد تم فعلًا سحب هذا الدواء من الصيدليات. وهذه النتيجة أتت بعد جهود أعضاء الحملة في عملية البحث والمتابعة. لكن التحدي الأكبر اليوم هو دخول بضائع “إسرائيلية” المصدر، ولكنها لا تلفت النظر بسهولة، إذ لا كتابة عبرية عليها، ما يتطلب جهوداً حثيثة من المتابعة والبحث والترصّد.
عضو الحملة أكدت ختامًا أن دور حملة المقاطعة يبرز أيضًا في محاربة محاولات الحديث عن التطبيع في لبنان، لا سيما بعد الحرب الدموية الأخيرة التي شهدناها، وأن الحملة تعوّل بشكل كبير على الوعي الشعبي وتعتبره أساسًا يبنى عليه، لا سيما مع إبرام اتفاقيات التطبيع والاستسلام التي سمحت بدخول المنتجات “الإسرائيلية” الى أسواق الدول العربية المطبّعة، وانتشار منتجات هذه الأخيرة في الكيان المحتل. وهنا تكون المراهنة على المسؤولية المجتمعية المدركة لأهمية حملات وحركات المقاطعة بكل أشكالها.