اعتداءات “إسرائيل” على لبنان تتوسع.. أي أهداف تخطط لها؟
صحيح أن العدوّ “الإسرائيلي” لم يوقف مسار اعتداءاته على لبنان، وذلك منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، والذي رعته الولايات المتحدة الأميركية بمشاركة فرنسا والأمم المتحدة عبر قوات “اليونيفيل” العاملة جنوب لبنان، وصحيح أيضًا أنه (العدو الإسرائيلي) لم يوقف مسلسل اغتيالاته داخل الأراضي اللبنانية لكوادر من المقاومة أو لمدنيين من بيئتها أو لمدنيين لبنانيين غير مرتبطين بحزب الله، وكلّ ذلك بحجج واهية لمهاجمة بنى تحتية عسكرية، ولكن كان لافتًا بالأمس، إعادة إدخاله أسلوبًا جديدًا – قديمًا في مناورته العدوانية، استعمله سابقًا في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب وشرق لبنان، ويستعمله حاليًّا في شمال قطاع غزّة، وذلك من خلال نشر تحذيرات لإخلاء مساكن ومبانٍ محدّدة داخل بعض البلدات الجنوبية (ميس الجبل، برج قلاويه والشهابية)، مدّعيًا أنها تحوي بنية عسكرية لحزب الله، ليستهدفها مباشرة بعد انتهاء مدة التحذير، موقعًا شهداء ومصابين ومسببًا دمارًا واسعًا.
في الواقع، لقد أصبح واضحًا أن لـ”إسرائيل” أهدافًا أخرى أبعد من نزع سلاح حزب الله، ولا يبدو أنها سوف تكتفي فقط بإلزام السلطة اللبنانية بإنهاء كلّ ما يمكن أن يشكّل نواة أو هيكلية للمقاومة.
فما هي الأهداف “الإسرائيلية” البعيدة التي تخطط “إسرائيل” لها تجاه لبنان؟ وهل ما زال يوجد إمكانية لحماية لبنان من هذه الاعتداءات ومن هذه المخطّطات “الإسرائيلية”؟.
اليوم، ومقارنة مع مسار المناورة “الإسرائيلية” في سورية، السياسية والعسكرية، لا شك أن الاحتلال، وبمعزل عن إستراتيجيته الثابتة البعيدة لفرض اتفاق تطبيع مع كلّ من لبنان وسورية، فهو يخطط لفرض اتفاق أمني على لبنان، غير بعيد عمّا اقترب من فرضه على سورية، وهو خلق منطقة منزوعة السلاح بين لبنان وفلسطين المحتلة، وإذا كانت ملامح هذه المنطقة في سورية بدأت تتحدد بكامل الجنوب السوري، مباشرة من حدود دمشق الجنوبية والجنوبية الشرقية وحتّى الحدود مع الأردن ومع فلسطين المحتلة، وامتدادًا شرقًا إلى مثلث الحدود الأردنية السورية العراقية، فهي لم تتحدد بعد مع لبنان (كما يخطط العدوّ عمليًا)، والتي لن تكون بأقل من جنوب نهر الليطاني كحد أدنى، مع احتمال كبير بأنها (“إسرائيل”) لن تقبل بأن تكون أقل عرضًا من مثيلتها في جنوب سورية (حوالي ٨٠ كلم)، أي حتّى نهر الأولي على الأقل.
طبعًا، هذه المنطقة الأمنية التي تعمل “إسرائيل” لفرضها على لبنان، لن تقتصر طبعًا على أسلحة المقاومة – فهي حتمًا لن تقبل بأن يكون داخل هذه المنطقة مع الجيش اللبناني أي سلاح نوعي ولو تقليدي، مثل الصواريخ المتواضعة المضادة للمدرعات التي يملكها حاليًّا الجيش اللبناني، طبعًا مع فرض حظر كامل على وجود أي صاروخ مضاد للطائرات أو للطوافات مهما كان مستواه، أو أي صاروخ أرض أرض مهما كان نوعه أو مهما كانت مميزاته حتّى المتواضع منها، وهذه القيود لناحية الأسلحة، كانت قد فرضتها “إسرائيل” سابقًا على مصر في سيناء، ضمن بنود ما سمي بـ”اتفاقية السلام” معها عام 1979.
من هنا، يمكن تلمس المخطّط “الإسرائيلي” تجاه لبنان، ومن هنا يمكن فهم استمرار “إسرائيل” في ضغوطها العدوانية، بالاغتيالات وبالتدمير، متجاوزة كلّ بنود ومندرجات اتفاق وقف إطلاق النار معها نهاية عام ٢٠٢٤.
ليبقى السؤال المحوري والذي بدأ يفرض نفسه يومًا بعد يوم، ومواكبة مع مسار الاعتداءات “الإسرائيلية” على لبنان الذي لم يتوقف ولا يبدو أنه سوف يتوقف، والذي تجاوز كلّ الخطوط والقيود والقوانين وهو:
ما هي الضمانة لوقف هذه الاعتداءات وهذه الاستباحة “الإسرائيلية” لكل شيء في لبنان؟.
وهل يبقى ما يجبرها على وقف هذا التغول الإجرامي ضدّ لبنان بعد إلغاء الرادع الوحيد لذلك، مع تسليم السلاح الذي طالما شكل منفذ الحماية الوحيد ولو جزئيًا بمواجهة الاحتلال واعتداءاته؟.