الحلقة الخامسة – طوفان الاقصى ووحدة الساحات
عند اندلاع طوفان الاقصى شاع استعمال اصطلاح وحدة الساحات، والذي ترجم من خلال بعض الاعلاميين المهتمين بشؤون محور المقاومة بانه دعم كل ساحة من ساحات المقاومة الساحة الاخرى بما يسعها فعله، ولذا عندما انجزت كتائب ا لقسام عمليتها البطولية في السابع من اكتوبر اعلن حزب الله في لبنان وانصار الله في اليمن وفصائل المقاومة العراقية وجمهورية ايران الاسلامية والجمهورية العربية السورية دعمهم الكامل للحق الفلسطيني،
وعملت كل ساحة بما وسعها فحزب الله خاض حرباً بالصواريخ والهاونات والكاتيوشا ضد الصهاينة في شمال الارض المحتلة، ومنع انصار الله السفن المتجه الى الكيان الصهيوني او التابعة له من الابحار في البحر الاحمر ثم دخل على الخط من خلال توجيه ضربات صاروخية الى الكيان الصهيوني،
والفصائل العراقية كانت تستهدف بالطائرات المسيرة والصواريخ اهدافاً في الكيان الصهيوني، وعملت ايران على الصعيد السياسي مضافاً الى جهودها السابقة في بناء الترسانة المسلحة لمحور المقاومة ورفدها بما يعزز كفائتها القتالية وارسال مستشاريها العسكريين الى سوريا ولبنان،
مضافاً الى قصفها للاراضي المحتلة مرتين بواسطة صواريخ ومسيرات اطلقت من اراضيها رداً على اعتداء الكيان الصهيوني على القنصلية الايرانية في دمشق ثم رداً على الهجوم الصهيوني الذي استهدف المنشآت الايرانية.
يمكن القول ان الشرق الاوسط شهد صراعاً حاداً بين المحاور الثلاثة، محور المقاومة، المحور الصهيوني الامريكي الغربي، المحور العربي التركي.
فمحور المقاومة كان يقف بما تيسر له مع المقاومين في غزة ويدعمهم بما امكنه وهو الذي سبق له ان نقل واقع المقاومة المسلحة في فلسطين من حالة اليد الخالية والمقاومة بالحجارة والاعلام الى القتال بالصواريخ والهاونات والعبوات،
كما سخرت الاحزاب المقاومة قدراتها العسكرية في دعم المقاومة الفلسطينية وقدموا لذلك تضحيات جسام، حيث كان القصف يوميا او شبه يومي من قبل فصائل المقاومة العراقية وحزب الله في لبنان وانصار الله في اليمن، واللافت للنظر ان الحكومة السورية لم تستخدم اراضيها لضرب الكيان الصهيوني، واكتفت بالموقف السياسي وكونها ممراً مهما لوصول السلاح والامداد الى حزب الله.
واما المحور الامريكي – الغربي فإنه تبنى الدفاع عن الكيان الصهيوني فبمجرد انطلاق عملية طوفان الاقصى ابحرت حاملات الطائرات الامريكية والبريطانية الى سواحل فلسطين المحتلة دعما للكيان الصهيوني وتحذيراً لحزب الله والحكومة السورية من القيام بعملية اقتحام للاراضي التي يحتلها الكيان الصهيوني، ولمنع الانهيار الداخلي بين القوات الصهيونية،
وعلى طول مدى الحرب التي شنها الكيان الغاصب على غزة وجنوب لبنان والهجمات التي نفذها طيرانه الحربي والمسير على سوريا والعراق واليمن لم تتوقف مخازن السلاح الغربية والامريكية عن تزويده بالسلاح والعتاد. كما ارسلت البوارج الامريكية والبريطانية الى البحر الامر لحماية السفن التي تمخر عبابه من صواريخ انصار الله،
وقامت بعمليات هجومية وحشية ضد انصار الله في اليمن، كما ارسلت امريكا والدول الاوربية بوارجها الحربية للتصدي للهجوم الصاروخي والمسير الايراني الذي استهدف الكيان الصهيوني.
واما المحور العربي التركي، فانهم اسندوا الكيان الصهيوني اسناداً لوجستيا فتركيا زادت من تبادلاتها التجارية مع الكيان الصهيوني وفتحت دول الخليج ممراً برياً لنقل البضائع الى اسرائيل بعد ان اغلق الحوثيون البحر الاحمر في وجه السفن التي تنقل البضائع الى الكيان الصهيوني وشلت المقاومة العراقية العمل في الموانئ التي تقع على البحر المتوسط.
كما ان البضائع الاردنية كانت تتدفق على الكيان الغاصب وشارك الطيران الحربي الاردني في الدفاع عن اسرائيل من خلال التصدي للصواريخ والطيران المسير الايراني الذي مر عبر الاجواء الاردنية.
فمن هذا العرض يتبين ان هناك ثلاث ساحات نمت وترعرعت خلال العقود الاربعة بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران سنة 1979 تطورت مع الزمن حتى اخذت صورتها الواضحة بعد السابع من اكتوبر، وهي ساحة المقاومة التي فقدت بعد سقوط نظام الاسد سوريا التي انتقلت من محور المقاومة الى الحضن التركي،
واصبحت مقسمة بين تركيا واسرائيل وامريكا، وساحة المحور العسكري الامريكي – الغربي – الصهيوني والتي فقدت في ايام بايدن المملكة العربية السعودية والامارات كجزء محرك نحو التصعيد العسكري ضد ايران واليمن، والمحور الداعم لوجستيا للمحور الامريكي الصهيوني الغربي وهو المحور العربي – التركي.