استقبل قائد الثورة الإسلامية، نواب مجلس الشورى الإسلامي وذلك بمناسبة بدء العام الثاني من أعمال الدورة الثانية عشرة للبرلمان.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء ببدء هذا اللقاء في أجواء روحانية صباح يوم الأربعاء في حسينية الإمام الخميني (رض)، بمشاركة نواب البرلمان، لمناقشة القضايا الراهنة والاستماع إلى توجيهات قائد الثورة.
وأعرب قائد الثورة الإسلامية، خلال لقائه مع أعضاء مجلس الشورى الإسلامي، عن تهانيه بحلول عيد الغدير، واصفاً إياه بـ “العيد العظيم” للأمة الإسلامية جمعاء.
وقال سماحته: “أبارك لكم عيد الغدير، فهو في الحقيقة عيد كبير للعالم الإسلامي. المفاهيم التي تبرز في واقعة الغدير مفاهيم واسعة وعميقة، تقود في جوهرها إلى فهمٍ أعمق للإسلام”.
وأضاف: “القضية لا تقتصر فقط على تعيين أمير المؤمنين (عليه السلام) في منصب الولاية، بل تحمل في طياتها مضامين عظيمة أخرى ذات أهمية كبرى”.
كما هنّأ قائد الثورة الأمة الإسلامية بمناسبة ذكرى ولادة الإمام الهادي (عليه السلام)، قائلاً: “أبارك أيضاً ذكرى ولادة الإمام الهادي (سلام الله عليه)”.
وأكّد قائد الثورة الإسلامية أن للمجلس معياراً إضافياً إلى جانب الوزن القانوني المعهود في جميع البرلمانات، يتمثل في “الوزن الحقيقي”، وهو ما لا يتوفر في كل زمان ومكان.
وقال سماحته: “بالنظر إلى هذا المعيار الحقيقي، يتّضح لنا موقع مجلس الشورى الإسلامي ضمن هيكل النظام الإسلامي. أريد أن أؤكد أن مكانتكم كمجلس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية فريدة من نوعها على مستوى العالم المعاصر؛ أنتم مجلس الشورى الإسلامي، وهذه صفة ذات دلالة عظيمة”.
وأضاف: “على النائب أن يرى نفسه مسؤولاً أمام الله وأمام القانون، ومقتضى هذه المسؤولية هو الابتعاد عن الأغراض الشخصية في اتخاذ القرار أو التصويت”.
وشدّد قائد الثورة على أن مجلس الشورى ينبغي أن يكون تجسيداً لعزيمة وإرادة الأمة، قائلاً: “مجلس الشورى الإسلامي يجب أن يكون مظهراً للإرادة الوطنية الجماعية”.
وفي جانب آخر من حديثه، دعا إلى تعزيز التعاون بين المجلس والحكومة، موضحاً: “من مظاهر هذا التعاون تقليل استدعاء المسؤولين الحكوميين إلى البرلمان، وتخفيف وتيرة الأسئلة الموجّهة إليهم. كما يجب الاكتفاء بالحد الأدنى في قضايا الاستجواب والتحقيقات البرلمانية”.
وأضاف، هناك مسألة أخرى، وهي مسألة مشروعات القوانين الاقتصادية. لقد أوصيتُ بها البرلمان عدة مرات. يجب أن يكون تعديل مشروعات القوانين الاقتصادية محدوداً، ولا ينبغي الإكثار من التغييرات.
وتابع، مشروع القانون الاقتصادي له بداية وله نهاية، له هيكل ومجموعة مترابطة، له بنية كلية وشكل متكامل. عندما تُجرى عليه الكثير من التعديلات، يفقد شكله الأساسي ويضعف تأثيره. وحين يُنفَّذ لاحقاً، لا يُثمر النتائج المرجوّة، وتُصبح المسؤوليات غير واضحة. تقول الحكومة: لو أن البرلمان أعاد لي المشروع كما قدّمته، وأقرّه، لكان قد أثمر نتيجة؛ فيُحمّل البرلمان المسؤولية، في حين أن البرلمان يرد بطريقة أخرى. وهذا غير مقبول. في رأيي، كلما قلّ التدخل في مشروعات القوانين الاقتصادية، كان ذلك أفضل.
واستهلّ سماحته اللقاء بتهنئة الأمة الإسلامية بعيد الغدير السعيد، معتبراً إياه عيداً عظيماً بحقّ ومليئاً بالمعاني العرفانية الإسلامية السامية، كما قدّم التهنئة للشعب الإيراني العزيز بمناسبة ميلاد الإمام علي الهادي (عليه السلام).
وأشار سماحته إلى أن الصفة القانونية للمجالس التشريعية في العالم واحدة وترجع إلى عظمة القانون، مضيفاً: القانون هو شرط أساسي للحياة الاجتماعية للبشر، ومن منظور عقلاني فإن القوانين الناتجة عن الفكر الجماعي والمشرعة من قبل ممثلي الشعب تحظى بقيمة واعتبار أرفع.
ورأى قائد الثورة أن الثقل الحقيقي للمجالس في العالم يختلف عن مكانتها القانونية، قائلاً: مكانة المجلس القائم على الدين والمكوّن من أشخاص أتقياء ونزيهين، والذي يسعى لتحقيق العدالة والدفاع عن المستضعفين والتصدي للمتغطرسين، لا يمكن مقارنته بمجلس يتكوّن من أشخاص لا مبالين، ويعمل على دعم الظلم والتمييز والفوارق الطبقية ومساندة مجرمين مثل قتلة أهل غزة.
وأكد سماحته أنه بهذا المعيار الجوهري، فإن مكانة مجلس الشورى الإسلامي ومقام النواب المنتخبين من قبل الشعب الإيراني لا نظير لها بين مجالس العالم، ولذلك كان الإمام الخميني (رضوان الله عليه) يعتبر المجلس “عصارة فضائل الأمة”.
وعلى الرغم من اختلاف التوجهات والأداء السياسي في الدورات المختلفة للمجلس، شدد قائد الثورة على أن مكانة مجلس الشورى الإسلامي تبقى متميزة ومتفردة، ويجب على الجميع احترامها.
ووصف سماحته المجلس بأنه مكان للعبادة، ومسجدٌ بُني على أساس التقوى، مشيراً إلى أن كل فكر وجهد وتشريع يصدر عن هذا المجلس النزيه يُعدّ نوعاً من العبادة.
وأضاف أن هذا الشرف والنقاء والمكانة الفريدة لا تستمر تلقائياً، بل يجب الحفاظ عليها من خلال العمل وفق الالتزامات والضوابط، وهذه مسؤولية تقع على عاتق النواب.
وهنّأ سماحته السيد محمد باقر قاليباف لإعادة انتخابه رئيساً للمجلس، مذكّراً النواب بأن عليهم أن يكونوا مسؤولين أمام الله والقانون، ويبتغوا رضا الله ومصلحة البلاد، وألا يخضعوا لتعارض المصالح.
ودعا إلى مراعاة تأثير كلمات النواب في الرأي العام والحذر من أن تُستغل ضد الوطن والنظام والمصالح الوطنية، مضيفاً: الكلمة التي تُلقى من منبر المجلس يجب أن تكون باعثة على الأمل وباعثة على الطمأنينة، وليس كما كان عليه الحال في بعض الفترات السابقة حين كان المنبر مصدراً للصراع والاختلاف.
وأكد سماحته أن كلمات النواب يجب أن تعكس العقلانية والتمسك بمبادئ الثورة الإسلامية، وأن لا تؤثر فيها مواقف الآخرين في هذا الطرف أو ذاك من العالم، بل يجب أن تكون تعبيراً عن الإرادة الوطنية القوية.
واعتبر سماحته صمود الشعب الإيراني وصراحته الفريدة في مواجهة ترهات واملاءات القوى الكبرى، والمشاركة الواسعة والحماسية للجماهير في مراسم الذكرى السنوية لرحيل الإمام الراحل ومسيرات انتصار الثورة – رغم الدعاية المكثفة ضد الإمام والثورة – شواهد واضحة على الاقتدار والعزم الوطني الراسخ، مضيفاً أن هذا الاقتدار يجب أن يظهر في مواقف النواب وفي رفضهم أو قبولهم للقوانين والأشخاص، وهي خصائص موجودة إلى حد كبير في مجلس الشورى الإسلامي.
وقال إن الحفاظ على التماسك الوطني اليوم أكثر ضرورة من أي وقت مضى، وإن تحويل الخلافات السياسية أو الشخصية إلى مشاحنات علنية يُعتبر أمراً بالغ الضرر.
وأشار إلى أهمية التنسيق بين رؤساء السلطات الثلاث، قائلاً إن الأجواء الحالية تتسم بانسجام نسبي يجب الحفاظ عليه وتفادي تحوّل منبر المجلس إلى وسيلة لإبراز الخلافات.
وفي توصياته التفصيلية، رأى أن بدء الدورة الثانية عشرة للمجلس بالتزامن مع بداية خطة التنمية السابعة فرصة مهمة يجب اغتنامها، مبدياً عدم رضاه عن ضعف تحقق الخطط السابقة، مؤكداً أن نسبة تحقيق الخطة السابعة يجب ألا تقل عن 90%، وأن تنفيذها يحتاج إلى تشريعات مناسبة.
وشدّد على ضرورة تنقيح القوانين، ودعا النواب إلى الحضور الفاعل في الجلسات العامة واللجان مع الجاهزية والدراسة، كما نصحهم بعدم إشغال مسؤولي الدولة بأسئلة واستدعاءات متكررة، وهو ما كانت تشكو منه الحكومات السابقة والحالية.
وأشار إلى أن حق المجلس في الرقابة والسؤال والتحقيق محفوظ، لكن يجب أن يُمارس في الضرورات فقط، مشدداً على أن العبث المفرط في اللوائح الاقتصادية يؤدي إلى الإخلال ببنيتها الأساسية، وخاصة لائحة الموازنة التي يجب الحفاظ على هيكليتها، مع إمكان إصلاح العيوب دون إدخال إيرادات وهمية أو غير قابلة للتحقيق.
وفي ختام كلمته، أعاد سماحته التأكيد على ضرورة النهج الثوري الحقيقي للمجلس، محذراً من الخطأ في فهم الثورية، مشيراً إلى أن الثورية ليست بالصراخ فقط، بل هي الالتزام بأهداف الثورة، والشجاعة في التعبير المحترم عن الرأي، والابتعاد عن الأهواء الشخصية والسياسية.
وأكد أن الموقف الثابت والقوي تجاه الإهانات أو الاتهامات الموجهة للجمهورية الإسلامية هو من واجبات النواب ومن أبرز مظاهر النهج الثوري.
/انتهى/